رواية صقر الصعيد صقر وجالان كاملة جميع الفصول

رواية صقر الصعيد صقر وجالان للكاتبة نور زيزو هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية صقر الصعيد، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية صقر الصعيد صقر وجالان كاملة جميع الفصول

رواية صقر الصعيد من الفصل الاول للاخير بقلم نور زيزو

في القاهرة بأحدي عماراتها دلفت جالان شقتها في تمام الساعة الثامنة مساءً، وضعت حقائبها على أول مقعد قابلها بتعب ورأته يقف هناك يضع يديه في جيبه بغضب ظاهر في ملامحه، ركضت نحوه مبتسمة بوجه طفولي يبدو عليه الأرق وعانقته بسعادة وهي تهتف بدفء: –
– واحشتني
أبعدها عنه بقوة وهو يقول بأنفعال: -.
– ماهو مش معقول كدة، دي مش تصرفات واحدة متجوزة كل يوم أرجع وأستن ست الحسن والجمال لما تتنازل وتحن عليا وترجع من شغلها دي مبقتش عيشة
تحولت ملامح وجهها المُبتسم آلي اللا مبالاة وبرود شديد وقالت ببرود: –
– يعني عايزني أعمل إيه أسيب شغلي وأقعد في البيت أربي العيال اللي هم مش موجودين أصلا، أنت مبتتعبش يا حسام من الخناق بسبب الشغل، إحنا بقالنا 3 شهور متجوزين مفيش يوم مفهوش خناق..
صرخ بها بأنفعال وهو يمسك ذراعها بقوة ويجذبها نحوه حتى أصطدمت بصدره من قوته قائلاً: –
– ماهو أنتي لو ست زي الستات خايفة على بيتك وجوزك مكنتيش عملتي كدة على الاقل كنتي خليتي بيتك وجوزك رقم واحد في حياتك
نزعت ذراعها من قبضته وقالت بشجاعة: -.
– أنت عارف كويس آن بيتي وجوزي أهم حاجة في حياتي بس ده ميعنيش آني اقعد من الشغل وبعدين أنت واخدني بشتغل ايه الجديد بقي ومتفقين على الشغل من الأول لزومه ايه خناق كل يوم انا تعبت وأتخقنت من الخناق اللي مبخلصش
– معلش يا جناب السفيرة المفروض اجهزلك العشاء واستني جنابك لما ترجعي
قالها بغضب شديد، فهتفت بهدوء وهي ترسم بسمة مزيفة قائلة: –
– لا يا حسام نص ساعة والعشاء يكون جاهز.
كادت أن تذهب من أمامه فأوقفها وهو يمسك يدها ثم يردف قائلاً: –
– مش عايز اطفح شبعت من نكدك وقرفك أنتي مش هترتاحي غير لما اتجوز عليك وتشوفي الستات بتعمل ايه
رمقته بنظرة حادة ثم صرخت به بأنفعاله: –
– روح أتجوز وشوف واحدة تستحملك زي ده لو لاقيت أصلا
خرجت شهقة قوية من بين ضلوعها حين صفعها على وجهها بقوة ويردف بغضب: –
– تستحملني يابنت طب روحي وأنتي طالق يلا.
أتسعت عيناها الزرقاء على مصراعيها بصدمة، بعد أن طلقها للمرة الثالثة كبتت غضبها وأخذت شنطتها وصرخت بقوة حين مسكها من حجابها بقوة يخرجها من الشقة كما عادت…
• جالان: – فتاة شابة تملك من العمر ال 26 عام تعمل صحفية في إحدى الجرائد المهتمة بالموضة، يتيمة الوالدين ووحيدتهما، تزوجت من حسام عن حب منذ ثلاث شهور، شابة فاتنة الجمال وملامحها بريئة عكس شخصيتها قوية ولا تقبل الإهانة من أحد، عنيدة لأبعد الحدود…
• حسام: – رجل في مقبل عمره ذات ال 30 عام يعمل موظف حكومي بأحدي الشركات، يمتاز بعصبيته وعدم سيطرته عليها، يعشق جالان عشق جنوني وطلقها ثلاث مرات في ثلاث شهور زواج بسبب آنفعاله، ذات أصل صعيدي طرد من الصعيد لأسباب..
أستيقظت قمر على صوت جرس الباب، وجدت نفسها على الأريكة وبجوارها طفلتها الصغيرة ذات الخمس سنوات ملك غارقة في نومها ببراءة الأطفال مُتشبثة بها وعلى صدرها تنام طفلتها الصغيرة الأخرى توأمها مكة ، أبعدت مكة عنها بخفوت شديد حتى لا تستيقظ من النوم وذهبت تفتح الباب ووجدت جالان على الباب وتبكي، دلفت للداخل وهي تسألها بدهشة: –
– حصل إيه، حسام زعلك
– لا وأنتي الصادقة طلقني الثلاثة.
قالتها وهي تجلس على أقرب كرسي، صدمت قمر من حديثها ثم جلست بجوارها مُردفة بذهول: –
– الثلاثة ابن المجنونة، كدة مفيش رد لعصمته تاني، حصل إيه عشان يعملها، إحنا مش حذرناه ميعملهاش ويبطل عصبية
– ده حيوان أزاي يمد أيده عليا ويطلقني ده آنا هخرب بيته الناس تقول عليا إيه عروسة ثلاثة شهور وتطلق ثلاثة مرات، وكل ده عشان الشغل…
قالتها وهي تخلع جاكيتها بأنفعال من صدمتها وحجابها، هتفت قمر بحنان تؤاسيها قائلة: -.
– طب قومي ارتاحي ياحبيبتي، لما نشوف هيجي بكرة المجنون ده يبرر مصيبته بأيه وتعملي حسابك نروح للمأذون بسرعة خلينا نخلص منه وأياكي أسمع كلمة بحبه دي كفاية كدة…
دلفت لغرفتها بغضب شديد من فعلته وصدمتها، حملت قمر أطفالها ودخلت بهم لغرفتها…
• قمر: – إبن خالة جالان عمرها 27 عام، أرملة توفى زوجها بعد ولادتها لتوأمها بعام واحد، أمتنعت عن الزواج بعد وفاته لتربية أطفالها الصغار ملك ومكة.
في مكان بعيد عن القاهرة بمحافظة قنا وسط صعيد مصر وجمال أرضيه وأهله تحديداً بنجع أبو الذهب سُمي بهذا الإسم نسبة إلى كبيره ناجي أبو الذهب منذ زمن بعيد، بأخر البلدة توجد سراية ل صقر أبو الذهب تنازل عن حكم النجع كما كان يفعل والده وجده وأجداده ليباشر عمله المُستقل، سراية أقل ما يقال عنها متحف أثري أو قصر فرعون لأحد الملوك القدم، بدأ من بوابة كبيرة حديدية ومساحة كبيرة خضراء من الحدائق مزينة ببعض الطاولات وحولها مقاعد خشبية وفي زواية أخرى توجد أريكة أرجوحة تحت مظلة خشيبة وأمامها طاولة دائرية وبعض الكتب وسط الكثير من أشجار الفاكهة وهناك بعيداً مشتل للورود تبث منه رائحتهم الطيبة، أما أمام القصر هناك نافورة كبيرة دائرية تنبع منها الماء، بكل مكان بالحدائق يوجد حشد من رجاله بالملابس الصعيدية آما بداخل السراية الكثير من التحف والنجف والدرج مقابل الباب في نهاية الساحة وبينهم صالونات كثيرة و خالية من الخدم والحشم لا يدخلها أي شخص سوي واحد فقط عوض يلبي طلباته، تسكن معه أخته الصغري فريدة وتقوم بجميع الأعمال المنزلية…
هناك غرفة على اليسار كان يخرج منها صوته العالي وهو يتحدث في الهاتف بغضب وأنفعال شديد قائلاً: –
– أنت جنت فعجلك ياحسام كيف تطلجها التلاتة، كومان عايز ترجعها كيف دي الله يكسف كسفتنا جدام أهل مصر
قالها بغيظ شديد جالساً بغرفة مكتبه على كرسيه صاحب العجلات من الأسفل، ماسكاً بيده نبوته الفضي من الأعلي وأسود من الأسفل ثم أكمل حديثه بصوت جهوري قوي: -.
– طب أنا هجيلك ونشوف المصيبة دي هنعملوا فيها إيه اللي يحرجك على الصبح…
ومن ثم أغلق الهاتف بغيظ من أفعال ابن عمه المستهتر…
•صقر أبو الذهب: – رجل صعيد أصيل عمره 32 عام، يرفض الزواج بعد حبه الأول الذي ذهب هباً لأسباب، يكره الروتين، درس بجامعة سوهاج كلية الهندسة وبعد تخرجه عمل ببعض الشركات كمهندس بجانب دراسة دبلومة أدارة الشركات وعندما أخذ ورثه بعد وفأة والده فتح شركة له بالقاهرة في مجال العقارات والبناء يذهب بنهاية كل أسبوع لمتابعة عمله بها، يعشق حياته في الصعيد ويكره الخروج منه لأي بلد أخرى حتى القاهرة يذهب لعمله فقط، أبن عم حسام يساعده بعد أن طرد من الصعيد وقطعت العائلة صلتهم به.
• فريدة آبو الذهب: – أخت صقر الصغري عمرها 25 عام أنهت دبلومها، تعشق حسام لحد بعيد لكنها لم تستطيع الوصول له بعد أن طرد، وتعلم أخبره من أخيها
• عوض: – أحد رجال صقر ورئيسهم بمثابة ذراعه الأيمن يخدمه منذ أن كان طفل…
دق جرس الباب، تتنهدت قمر بهدوء لكي تستطيع الحديث معه وهي تعلم من يدق الباب جيداً، أدخلت أطفالها لغرفتها ونظرت ل جالان فأشارت إليها بنعم وهي تجلس على المقعد وترتشف الكابتشينو وتل فل حجابها بسرعة فهي محرمة عليه الأن، فتحت الباب ووجدت حسام هادئ تماماً وعلى وجهه تعابير الندم والأسف أكثر من أي مرة سابقة، فهتف ببرود وهي تضع يدها على الباب تمنعه من الدخول قائلة: –
– نعم جاي ليه بعد عملتك السودة دي.
– ممكن أقابل جالان
قالها بندم وهو ينظر لها بأسف وأحراج، فصرخت به بغضب وهي تقول: –
– تقابل مين، دي خلاص متحللكش ولا تنفع ترجع او تسامح خلاص يابابا متلزمناش
أتاها صوت جالان من الخلف عاقدة ذراعيها أمام صدرها تقول: –
– دخليه يا قمر
أدخلته ثم أغلقت الباب وقالت بحزم وهي تنظر له ببرود مُستفز: –
– نعم جاي ليه
– جالان أنا اسف ياحبيبتي مكنش قصدي خالص.
قالها وهو يمسكها من ذراعيها بأسف فنزعت يديه بعيد عنها ثم قالت بإنفعال شديد: –
– اسف دي هتعمل ايه أن شاء الله، آنا بقيت محرمة عليك للأبد ومبقاش من حقك تحبني، مش كنت عايز تتجوز روح أتجوز وأنا هتجوز وأعيش حياتي بعيد عنك
أزدرد لعوبه بصعوبة يجمع شجاعته ثم هتف بحب: –
– لا مش للأبد ياحبيبتي في محلل اتجوزيه يوم واحد بس وأرجعلي تاني.
أتسعت عيناها بصدمة من حديثه، شعرت بأن لسانها شل ولم يستطيع الحديث ثم هتفت بتلعثم من صدمتها: –
– محلل أنت مجنون
مسح على رأسها بحنان ثم قال بهدوء: –
– متخافيش ياحبيبتي ده واحد آنا بثق فيه ومش هيأذيكي
صرخت قمر به بأنفعال ثم قالت: –
– أنت أكيد أتجننت رسمي أطلع برا ياحسام بدل ما اصوت والم عليك الناس
خرج من الشقة بهدوء فنظرت ل جالان بدهشة وقالت: –
– ده مجنون.
دلفت لغرفتها وظلت اليوم بأكمله تفكر بحديثه وبشئ أخر هام، وإذا وافقت هل ستعود له ولأهانته المستمرة لها وشجارهم، رن هاتفها مساءاً بأسمه فأغمضت عيناها بأستسلام ثم فتحت الخط وأجابته عليه بجدية ووافقته.
في اليوم التالي توقفت السيارة أمام بوابة السراية وضغط على البوق ففتح له البوابة الرجال فدلف بسيارته وهي تجلس في الأمام بجواره وفي الخلف تجلس قمر وأطفالها الصغار غاضبة من قرار جالان ، جلست تتفحص المكان وتشاهد الحديقة بأنبهار وذهول والرجال في كل مكان، أوقف السيارة أمام النافورة ووجد فريدة في أستقبالهم ورحبت ب حسام بأشتاق و رؤيته بعد كل هذه السنوات، هتفت فريدة متجاهلة جالان و قمر قائلة: -.
– طلع الشنط فوج ياعوض.
تفحصتها جالان ببرود وهي تمسك في يد حسام فتاة بعمرها شعرها أسود مموج طويل وعيناها بني غامق وبشرتها حنطية، جسدها ممشوق طويلة نسبياً مُرتدية عباية أستقبال زرقاء وعلى رأسها حاجب بسيط يزينها دون لفه وأخفاء شعرها، لم تشعر بغيرة عليه أو أي شيء فقد أكتفت من أهانته والفضل له بأفعاله بردت مشاعر وتقمص حبها حتى بدأ في التلاشي من قلبها لكنها جاءت هنا ووافقته لهدف أخر ترغب به وحدها، دخلت وهي تمسك بيدها ملك وخلفها قمر تمسك طفلتها الأخري، تأملت السرايا من الداخل بنظرها بذهول وصعدت مع فريدة إلى الاعلي صامتة لم تنطق بحرف…
في غرفة مكتبه كان يقف مستمعاً لحديثه وأقتراحه حتى صاح به مُستدير له…
صرخ صقر به وهو يرمقه بنظرات شرسة قائلاً: –
– مش بجولك انت جنيت على الاخير، طب جول أجوزها واحد من الرجالة لكن أنا ده جنان رسمي…
هتف حسام بهدوء قائلاً: –
– أنا مأمنش حد من رجالتك على مراتي، لكن أنت آنا واثق آنك مش هتلمسها ولا هتقرب منها ابدا.
– ده على اساس ان المحلل ده لعبة ده جواز يعني لازم يكمل سواء انا او غيري ومادام بتحبها أكده بتطلجها ليه الثلاثة يا مفتري
قالها صقر بحزم وهو يجلس على كرسيه…
ساعات قليلة ودق باب غرفتها ففتحت قمر ووجدت فريدة تحمل بيدها دفتر المأذون وصور قسيمة الزواج، مضيت جالان وهي تقرأ أسمه بحذر صقر ، خرجت فريدة ثم دلفت جالان إلى حمام غرفتها وأخذت حمامها ثم خرجت وجلست أمام المرآة تصفف شعرها وتجففه بالأستشوار، فسألتها قمر بحيرة من صمتها وموافقتها للزواج من محلل: –
– وأخرت الهدوء والسكوت ده ايه، ناوية على ايه يا جالان.
وقفت من مكانها ترتدي حذاء بيتي بقدمها ثم رفعت نظرها لها وقالت بجدية وتحدي: –
– ناوية أربي حسام وأدفعه تمن كل الاهانات دي واخرتها تمن القلم اللي ضربهولي وسُمعتي اللي دمرها وسط الناس بكلمة انتي طالق اللي بيقولها
وقفت قمر بذهول وقالت: –
– قصدك إيه
– قصدي اني اللي يحسره ويكسره اني اتمم الجوازة دي وأنا ناوية أذيله، عن أذنك عشان الحق جوزي قبل ما ينام.
قالتها بأستعجال وتحدي، أوقفتها قمر وهي تمسك يدها تمنعها من الخروج قائلة: –
– أنتي هتروحي لحسام اوضته باللبس ده
أبعدت يدها عنها وقالت بغرور وكبرياء: –
– انا جوزي أسمه صقر ياقمر أفتكري أسمه كويس وأتعودي عليه.
خرجت من الغرفة وأتجهت لغرفته ووجدت عوض يقف أمام باب غرفته دهشت من وجوده أهذا المُدعو بزوجها ينام وعلى باب غرفته حارس، كادت أن تدخل لكن منعها عوض وهو يقف أمام الباب مُتحاشي النظر لها وهي بملابسها هذه ناظراً للأرض ثم قال: –
– جنابك ممسموحلكيش تفوتي على اوضة جناب البيه
هتفت بثقة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بكبرياء قائلة: –
– وجنابك عندك أوامر تمنع مراته من الدخول.
صمت لوهلة دون النظر لها، فأبعدته عن طريقها دلفت للداخل…
وقف أمام سريره بتعب من عمل اليوم وتلك الكارثة آلتي فعلها بزواجه من امرأة لا يعلم عنها شئ أو كيف مظهرها حتى آو شخصيتها ماهي، نزع عمامته ثم عبايته عن أكتافه وكاد أن خلع عبايته لكنه سمع صوت عوض من الخارج أستدار وتسمر مكانه بذهول حين رأها أمامه…
أستدار وتسمر مكانه بذهول حين رأها أمامه، تقف هناك بجوار باب غرفته فسألها بذهول وهو يقترب منها بحزم قائلاً: –
– أنتي مين، أنتي من بنات مصر صوح، مين فيهم
أعتقد بأنها أحدي ضيفاته فحين رأى أخته تصعد لهم بالعصير كانت تحمل أربعة كأسات فلم يدري بأن هناك طفلتين منهم صغار، كان يعتقد بأنها أخطأت في دخول غرفته، لكنها أوقفته مكانه حين قالت بكبرياء عاقدة ذراعيها أمام صدرها: -.
– أنت بقي صقر، أنا جالان مراتك وحطي تحتها مليون خط.
تسمر مكانه بعد جملتها أهذه هي زوجته التي جعلت ابن عمه يجن بها، أهو جن بها لشخصيتها القوية آما لجمالها، تفحصها بهدوء شديد فتاة شديدة الجمال فاتنة وكأنها أجمل امرأة في العالم وحازت على لقب ملكة ملكات الجمال في العالم، قصيرة إلى حد ما تقريباً في حدود 150سم لكنها نحيفة مما جعلها ضئيلة جداً أمامه مُرتدية بيجامتها القطني بنطلون واسع طويل وتيشرت بنص كم ضيق قليلاً مرسوم عليه ورود، شعرها البني حرير ناعم بغزارة طويل يصل لنهاية ظهرها وعيناها الزرقاتين واسعتين وأنف صغيرة وشفتين بلون الفراولة وبشرة بيضاء، سأل نفسه أجملها من جعل حسام يصر على زواجه هو منها خوفاً من أن يطمع بيها أخر يتزوجها ويحرمه من ردها له، أزدرد لعوبه بصعوبة من توتره بوجودها وجمالها الفائقة ثم سألها بخفوت: -.
– وجاية اهنا ليه؟
– آنا مش عايزة أطلق
قالتها وهي واقفة كما هي، أتسعت عيناه بذهول من طلبها كان يعتقد بأنها تحب حسام لذلك وافقت على هذا الزواج فسألها بذهول وهو يكمل خطواته نحوها حتى وصل أمامها: –
– ليه مش ده جوزك واللي جاله انكم بتحبوا بعض
هتفت بغضب وهي تضغط بأصابعها على صدره قائلة: –
– أنت جوزي، وأنا مش عاوزه أطلق ومش طالبه منك حاجة أعتبرني ضيفة عندك فترة وهمشي بعدها
– وحسام.
سألها بهدوء وهو يضع يديه خلف ظهره، فأجابته بأنفعال: –
– هو أنا مش دلوقتي مراتك وعلى ذمتك، ازاي تتكلم معايا عن راجل تاني عادي كدة، هو مش أنت راجل صعيدي واللي أعرفه عن الصعايدة انهم رجالة اللي يبص لمراتهم بفتحه فيها بحور دم، ولا انت مش صعيدي بقي وحتى لو مش صعيدي ازاي تتكلم مع مراتك عن راجل تاني فين رجولتك ونخوتك.
غضب من حديثها وهي تتحدث معه وتهين رجولته وتقلل منها، كاد أن يقتلها بعد هذا الحديث عنه لكنه صدم حين دلف حسام لغرفته وخلفه عوض يمنعه من الدخول فأشار إليه بالخروج
هتف حسام بغضب وغيرة عليها من وجودها أمام رجل أخر هكذا وفي غرفة نومه قائلاً: –
– بتعملي إيه هنا يا جالان وأزاي تخرجي من أوضتك كدة
– واحدة في اوضة نوم جوزها هتكون بتعمل إيه وبعدين أنت مالك كنت واصي عليا ولا من باقية عائلتي ياسيدي.
قالتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بتحدي مُستفز، فمسكها من ذراعها بقوة وتأوهت من قبضته بألم وهو يقول: –
– جوزك مين، أنتي أتجننتي ياجالان
صدم حسام حين صفعته على وجهه بقوة بيدها الأخر بقوة وهي تقول بحذر: –
– أنت زبالة وسافل وأياك تاني مرة تلمسني وأعتبر ده جزء من اللي ليك عندي.
صدم صقر من رد فعلها عليه وصفعتها له صمت وهو يحاول أن يفهم شخصية هذه المرأة، جذبت ذراعها من يده ثم أكملت حديثها بكبرياء كان يجب أن يحذر منه حين أهانها بحديثه وضربه لها: -.
– لتكون فاكر أني طاوعتك وجيت هنا عشان ارجعلك ده نجوم السماء أقربلك، أنا جيت هنا عشان أذلك وإربيك وأدفعك تمن كل اللي عملته فيا وضربك ليا كأني جارية عندك، والراجل اللي أنت أختارته بنفسك هيكوني جوزي غصب عنك وأنت مش هتقدر تعمل حاجة وأتفضل برا بقي عشان أنت محرم عليا ومينفعش تشوفني كدة.
أتسعت عيناه على مصراعيها بصدمة من حديثها له وهي تخبره بأن لن تعود له وستتزوج من من أختاره بنفسه، فأشتغل غضبه وزادت عصبيته كعادته وصرخ بها: –
– تذليني وتربني أنا يابنت بعد كل ده
رفع يده ليصفعها مجدداً، أغمضت عيناها بخوف منه بعد أن تلاشي كبرياءها ونظرات تحديها له وشعرت بأرتطام رأسها بشي صلب دافئ، صدم حين مسك صقر يده بعد أن جذبها لصدره وعيناه تشع غضب، وقال بصوت خشن قوي: -.
– لحد أهنا وكفاية، آنا هملتك تحدد وياها وأنت خابر زين أن عندينا أهنا مفيش راجل بيتحد ويا مرتك كيف مانا هملتك تتحد وياها لكن توصل آنك تفكر تمد يدك عليها يبجي الله يرحمك وأنت خابر دا.
فتحت عيناها بأرتباك من قربه هكذا منها وهي تسمع حديثه مع حسام رفعت رأسها له تتأمل ملامح وجهه وهو غاضب وظهرت خطوط على جبينه عاقداً حاجبيه وعيناه العسلية ضيقة ولحيته البسيطة مع بشرة حنطية طويل للغاية بجانبها فيما يقارب 185سم وعريض القامة وصدره صلب ممشوق بعناية شعرت بعضلات بطنه البارزة ظلت تتأمله وهي بين ذراعه ولم تنتبه لشجاره مع حسام بسببها، جذبها من ذراعها بخفوت وأبعدها عنه وهو يمسك حسام من ذراعه ويخرجه خارج الغرفة وهي تقف بمنتصف الغرفة تتابعه وهو كوحش يدافع عنها ويحميها من الأغراب، صرخ حسام مُحدثها وهو يخرجه من الغرفة: -.
– لما تخرجيلي يا جالان أنا اللي هربيكي
أغلق باب الغرفة ثم تتنهد بقوة وزفر من وجودهما بعد أن أقتحموا حياته الهادئة وأستدار لها وجدها تضحك بسعادة طفولية أعتقد بأنها لبوة شرسة لا تعلم شئ عن الضحك أو البراءة لكنها مثل كل البنات بداخلها طفلة تظهر وقت سعادتها، أزدردت لعوبها بخجل منه وهو يرمقها بنظره ومن ثم أقترب منها بإنفعال وقال: –
– عجبك عمايلك دي، مين جالك تدخلي أهنا وبخلجاتك دي.
رفعت رأسها له بشراسة بعد أن تلاشي خجلها وضحكتها وعادت تصيح به بقوة: –
– عمايلي إيه، آنا في أوضة جوزي هو اللي دخل زي الحمار من غير أذن هتلومني آنا ليه
– جوزك، ده جواز مزور ولا مؤخداش بالك من ده يعني جدام ربنا باطل وغير شرعي
قالها بسخرية من أصرارها على كونه زوجها وهو يجلس على السرير، هتفت بجدية وهي تقف أمامه قائلة: -.
– عارفة مزور وأنت اللي زورته مع حسام لكن قدام الناس أنا أطلقت من ثلاث شهور، زورتوا قسيمة طلاقي يعني خلوتني مطلقة الثلاثة طلقات في أسبوعين جواز والله متشكرين على سمعتي اللي دمرتوه
رفع نظره لها بشفقة على حالها ونصيبها الذي أوقعها في أبن عمه المستهتر بكل شئ فقال بحدة وصوت جهوري: –
– آنا مزورتش حاجة يابنت الحلال حسام اللي زور جسيمة طلاجك في مصر مش أنا.
– عشان كدة عايزك تكمل جميلك وتمم الجوازة دي قدام حسام
قالتها بتحدي، نظر لها بصدمة من طلبها وصمت لوهلة، كانت ترمقه بنظرها منتظرة رده، مسك نبوته بحيرة يحركه أمامه ثم قال: –
– أتممه كيف دي حتى لو بالحديد جدام حسام…
صمت لوهلة ثم أكمل حديثه بحيرة…
هتف صقر بتهكم مُتكي على نبوته بحيرة شديدة من حديثها قائلاً: -.
– إحنا جوازنا باطل ولا موخداش بالك انك أتطلجتي إمبارح والنهاردة على ذمة رجل تاني من غير شهور عدة
جلست بجواره على السرير بهدوء وقالت بنظرة تحدي قائلة: –
– عارفة، بس حسام مأخدش باله من دي عشان عايز يرجعني بسرعة له، وبصراحة مش عايزه يأخد باله عشان أربيه.
رفع نظره لها بحيرة من هذه المرأة ماذا تريد أن تفعل به وبطليقها، أهي جرحت منه بتلك القوة لدرجة أنها تريد الإنتقام منه مهما كلفها الأنتقام ثم هتف بجدية ووقف بوقاره وصوت جهوري خشن قائلاً: –
– وجوزك هيسكت على ده، بلاش تتدخلوني في خناجاتكم لاني مصغيرش مشان تلعبوا بيا كورة، أنا لما بجول كلمة واحدة بتجفلي بلاد وسلطات بتترمي تحت رجلي هتجوا أنتوا على أخر الزمان تصغروني جدام الخلج.
وقفت هي الأخري معاه وقالت بخفوت وهدوء: –
– لا طبعا مفيش واحدة بتصغر جوزها وأنا عمري ما هصغرك انا طالبة منك تساعدني وتقف معي أعتبرني زي أختك ومحتاجة مساعدتك مش أكتر، وبعدين انت اللي بتصغر نفسك بنفسك
أستدار لها يرمقها بنظرة غضب مُشتعل بداخله من جملتها الأخيرة وقال: –
– كيف دي آنا عمري ما هصغر نفسي لاني تعبت جوي في تكوين مكانتي دي.
نظرت له بتحدي وقالت بجراءة دون أن تخشي نظرته الغاضبة وعيون الصقر المصلطة عليها كفريسته تبث منها نار غضب تكاد تلتهمها: –
– لما تقول جوزك على واحد مش جوزي يبقي بتصغر نفسك، جوازنا باطل او سليم أنت جوزي وأنا مراتك وفي قسيمة جواز تثبت دا تزوروها أنتوا دي متخصنيش، حسام طليقي ياصقر بلاش تصغر نفسك بنفسك
مسكها من ذراعها بغضب وقوة وهو يجذبها له حتى أرتطم جسدها الضئيل بصدره وهو يرمقها بغضب أكبر ويقول: -.
– أنتي عاوزه ايه بالظبط بحديدك ده
نظرت له بتحدي وكبرياء لم يراه بأمراة غيرها من قبل، فلم يجرأ أحد على تحديه سواء كان رجل او أمراة ثم أردفت بشجاعة: –
– أنا هقولك أنا عاوزة آيه، أنا عاوزك أنت.
أنتفض جسده من طلبها وسقطت يده من ذراعها يتركها بصدمة قوية وأبتعد خطوة عنها للخلف، رمقته بتحدي ونظرة سخرية من صدمته التي ألجمته من طلبها التي ترغب به، دهشت من صدمته فأبتسمت بخفوت شديد وخجل من تفكيره الواضح بملامحه ثم أكملت حديثها بخجل منه توضح له ما تريده قائلة: -.
– أنت دماغك راحت لإيه آنا عاوزك أنت بمعني انك تطلقني حالا وبكرة الصبح تطلع قسيمة طلاق وبعد شهور العدة تتجوزني او تروح لشيخ تقوله أننا اتجوزنا من غير عدة وجوازنا باطل وعايزينه يكون سليم وشوف هيقولك ايه ونعملوا وكل ده من غير ما حسام يعرف خليه فاهم إن كل آنا مراتك.
أزدرد لعوبه بأحراج من تفكيره وهو يتأمل خجلها وحديثها برقة لم يراها من قبل سوي هذه الدقائق وجعلته حائراً بها حد الجنون اهي شرسة متكبرة ام طفلة صغيرة تخشي العنف ام امرأة حاجدة تستطيع أخذ حقها وثمن أهاناتها ام فتاة تخشي الله وتريده معاها مساندها، تخجل ام تعرف الكبرياء فقط، متكبرة ام تصطنع القوة لتحمي نفسها من غدر البشر، جميلة روحها كجمال جسدها ام شريرة عنيفة…
لم يشعر بتلك الحيرة في أمراة من قبل، تخجل وتتشاجر وتصارع وتتكبر وتخاف وتضحك وغيرهم كثير في أن واحد، سألها بهدوء متحاشي النظر لها بسبب توتره وحيرته: –
– وأنا إيه اللي يخليني اوافجك، طب مانا ممكن اروح دلوجت اجول لحسام واد عمي على طلباتك دي
ضحكت بصوت عالي ساخرة من حديثه ثم قالت وهي تقترب منه أكثر بجراءة قائلة: -.
– واد عمك اللي خليك كوبري، خروف بينه وبين مراته السابقة عشان يرجعها، أنت مش واخد بالك ان حسام دمر سمعتك ورجولتك، بالمحلل دي خليك ربع راجل
كانت تتحدث بشجاعة تامة مُعتقدة بأنها ستكسره وتجبره على الموافقة بحديثها لكنه صدمها حين مسكها من أكتافه بيديه وضغط عليهم بقوة وقال بعين تبث شر يكاد يلتهمها بين كفيه: –
– واضح إن اللي عمله حسام فيكي مكسركيش صوح وأنا اللي هكسرك بيدي على طولة لسانك دي.
كان يجب أن تعلم مع من تتحدث ومن تريده يلعب معاها، كان يجب أن تحذر من شخصيته فهو تماماً كالصقر وهي أمامه مجرد فريسة لا أكثر يفعل بها ما يريد، دهشت من قوة شخصيته الذي لا تعلم عنها شي ويبدو أنها بجواره نقطة في بحر من القوة، تألمت من قبضته ولكنها أصنعت القوة والصمود وقالت: –
– أنا بطلب منك تكون راجل بدل كوبري، تتجوزني بمزاجي مش ليلة واحدة والصبح تطلق، اعتبرني بردلك كرامتك ورجولتك اللي حسام نزلهم الأرض.
كان صامتاً ناظراً لعيناها الزرقاء تماماً كما فعلت هي ورفعت نظرها لعيناه مباشرة والأول مرة تشعر بقشعريرة تسير في أنحاء جسدها بأكمله من عيناه تماماً كالذي يسقط بحادث لكن رغم روعته وبشعته وقوته لم تطلب المساعدة من هذا الحادث فعيناه بأجمل حادث قد تراه في حياتها رغم قوته وشراسته لم تحاول مقاومة أسر يديه لأكتافها أو حتى الصراخ لينقذها أحد من قبضته كانت تشعر بسحر عيناه المصلط على عيناها يسحرهما له فبقيت ساكنة بين يديه ناظراً لحادثها الجميل، أما هو كان يشعر برعشة جسدها التي تدل على قشعريرته الزائدة لكنها ساكنة بهدوء رائع بين يديه وناظرة له بعيناها الزرقاء، يشعر وكأنه ينظر للبحر المتشابه مع عيناها في لونه وصفاءه أو للسماء لحظة هدوءها وهي خالية من الغيوم والسحب، حاول أبعاد يده عنها أو خروج عيناه من أسر عيناها وجمالهما لكنه لم يستطيع الحركة كأنه تجمد مكانه بأمر منها مُنتظر أمر أخر من ملكته لكي يبعدهما، شعرت بحرارة جسدها تزداد ووجنته تكاد تنفجر من السخونة وحرارتها المرتفعة تعلم بأنهم الأن في شدة أحمرارهم بسبب خجلها من نظرته، أنزلت نظرها بعيداً عن عيناه فإذا به يفوق من سحرها ويتركها بخجل وأحراج مُستديراً بسرعة البرق، مسحت على رأسها بأرتباك وقالت بتلثعم: -.
– ياريت، تفكر في، كلامي
مرت من جانبه لكي تخرج فأوقفها بحديثه: –
– أستني، هوصلك
قالها وهو يتذكر حديث حسام وأنه سينتظرها خارجاً…
كان ينتظرها في الخارج بجوار عوض وكل دقيقة تمر عليه كان يزداد غضب وأنفعال حتى فلتت كل أعصابه، فتح باب الغرفة وخرج منها هو أولا يشير ل عوض بالنزول في الأسفل وفور نزوله، خرجت هي مُرتدية عبايته ووشاحه على رأسها كحجاب لها مما زاد من غضب حسام فقال بغيظ وهو يقترب منها: –
– إيه القرف اللي لابسه ده، أقلعيهم من عليكي
كاد إن يلمسها فوقف صقر أمامه بجدية يرمقه بنظرة غضب وقال: -.
– أنا لسه مطلجتش ولحد ما أعملها دي مرتي وأنت خابر اني راجل صعيدي ودمي حامي هبابه فحذري تلمسها
ثم أبعده عن باب غرفتها المقابل لغرفته ودق عليه أولا يخبر من بالداخل أنه سيفتح ومن ثم فتح الباب وأدخلها دون النظر بداخل الغرفة وعيناه على حسام تخبره برسالة واحدة ( إياك والاقتراب من عرضي ومرتي )، مسكه حسام من ذراعه لكي ينزل به للأسفل، فنزع ذراعه بغضب وعدل من هيئته ونزل للأسفل بوقاره وهيبته…
وقفت قمر بهلع حين دلفت بملابسه وقالت: –
– عملتي إيه؟ وايه اللي لبسك الهدوم دي.
لم تجيب عليها وأنزلت وشاحه عن رأسها إلى عنقها ثم أتجه للأريكة السرير ومددت جسدها عليه مُستلقية على ظهرها ناظرة للسقف بهيام وهي تفكر بهذا الصقر حين غضب على حسام ومنعه من ضربها وقبضته القوية وعيناه الساحرة كانت تعتقد بأنها قوية لكنها مجرد نقطة ببحر قوته وشراسته، رفعت يدها إلى ملابسه تتشبث بهما بقوة وهي شاردة به حين أخبرته بأنها محجبة وكيف حذرها من الخروج هكذا مجدداً من غرفتها حتى أمامه قائلاً: -.
– تاني مرة مطلعيش من أوضتك أكدة تاني حتى جدامي إحنا جوازنا باطل لحد ما أشوف هعمل ايه فالموضوع دا
أغمضت عيناها واضعة يديها على وجهها وهي تضحك بخجل وتذكرت كيف أوصلها لباب غرفتها مُعززة مُكرمة، كانت تفكر به وكأنها لأول مرة تري رجل حقًا ولم تحب رجل من قبل او لم تقابل رجل بحياتها بالأحرى لم تقابل صقراً في حياتها الماضية، ضربتها قمر على كتفها تقظها من أحلام اليقظة التي تحلمها تقول: –
– عملتي إيه.
أجابتها وهي تجلس أمامها بهدوء: –
– معرفش آنا كنت بزعق وبتخانق وتشوفني تقولي عاصفة الهلاك فجأة بقيت زي اللي عايش في الجنة بين نعمها وجمالها وكأني حورية من حوريات الجنة
رفعت قمر حاجبها لها بذهول ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت: –
– سلامتك ودا من إيه
– صقر، من صقر، وعين صقر، نزل عليا بعيناه وقوته أفترس قلبي وعقلي.
قالتها وهي تضم قدميها لصدرها بحنان وأمامها عيناه فقط وهو ينظر بهما داخل عالم عيناها الزرقاء، فضربت قمر رأسها بقوة حتى صرخت بدون إرادتها من الألم وقالت: –
– إيه في إيه
– أنتي مخك لسع صح، راحة تتخانقي وجاية تقوليلي قلبي وعقلي وحسام ياست الحسن مش كنت كل ما أكلمك تقولي بحبه
قالتها قمر بصراخ تذكرها بما سبق، فضحكت ساخرة وردت عليها بحسرة وحزن: -.
– حسام، حسام من كتر اهانته ليا وضربه خلاني أكرهه، من كتر الخناق وتقليله مني ومن كياني حتى من انوثتي كان بيقلل منها خلاه مشاعري تبرد من ناحيته لحد ما الحب اختفي من قلبي، حسام اللي خسرني الحب، ده عمره ما حسسني أنه بحبني كل شوية يقولي مجنون بيك واسف ومقدرش أعيش من غيرك بس يشتم ويهين ويطلق بسهولة، افعاله معايا كرهتني فيه وأنا قولتها وهقولها آنا جيت هنا عشان اربيه وأذيله وادفعه تمن كل حاجة عملها فيا، وبعدها أقوله مع السلامة متلزمنيش، حسام كرهني فيه بدل ما يحتويني ويحببني فيه أكتر.
كانت تتحدث وهي تجهش في البكاء تتذكر ماضيها معه، أنهمرت دموعها الحارة على وجنتها وهي ترتجف مع شهقاتها القوية، أزدردت قمر لعوبها بأحراج بعد أن ضغطت على جرحها فضمتها لها تربت على ظهرها بحنان وتؤاسيها…
– ده اللي أتفقنا عليه، أنت يا صقر بتسرق مراتي مني
قالها حسام بأنفعال شديد ووجه أحمر من قمة غضبه وغيظه، فهتف صقر بهدوء: –
– أولاً دي مش مرتك دلوجت، تانياً آنا مسرجتهاش أنت جولت أطلق الصبح وأنا عند وعدي وهطلج الصبح لكن…
وقف من مقعده بأنفعال شديد يكمل حديثه بغضب بعد أن أهانة حسام رجولته بالكامل قائلاً: -.
– لكن تجتحم أوضتي بطريجتك دي مسمحش، تفكر آنك تلمس مرتي وهي على ذمتي حتى لو ساعات يبجي لا، عجلك يصورلك ان ممكن تمد يدك عليها وتضربها وأنا واجف يبجي متعرفش آنا مين، تتخيل ان مرتي من حجك لمسها وضربها مهما كانت…
لم يكمل حديثه بعد أن بتر حسام الحديث من فمه بلكمة قوية على وجه صقر نزلت بسبب تكراره كلمة ( مرتي ) على حبيبته وينسبها له، رفع صقر نظره له بصدمة ألجمته ثم مسكه من لياقة تيشرته وقال بشراسة: -.
– انا لحد دلوجت معتبر آنك في داري وأستحمل جرفك طول السنين دي، تخرب وأنا أصلح وأجول من العيلة ميصحش أهمله، لكن على الآخر الزمان تعملني كوبري مشان ترجع مراتك جولت معلش وأجف جاره واد عمي وملهوش غيري، ترفع يدك تضربها جدامي أجول مصدوم، لكن تمد يدك عليا أنت اكدة هدمت كل رجولتي اللي متعرفهاش انت واصل، ونظير كل ده مالكش حاجة عندي ومرتي مهطلجهاش فاهم مهطلجهاش…
قال كلمته الأخيرة بتحدي وقوة يستعيد بهم ما هدره حسام منه بسبب حبه لها..
دلف عوض للداخل على صوت صراخه العالي ووجد أنفه تسيل منها الدماء، كاد أن يقترب وهو يقول: –
– يا جناب البيه…
بتر صقر حديثه وهو يدفع له حسام بقوة ويردف قائلاً: –
– طلعه برا معاوزش أشوف خلجته في السرايا تاني، لو شوفت خلجته هيبجي يومك أسود
ثم دلف إلى مكتبه، أخذه عوض من ذراعه بخوف من هذا الصقر الشرس وأخرجه للخارج وهو يصرخ يناديها قائلاً: –
– جالان، صقر أديني مراتي، يا جالان آنا بحبك صدقني، جالان…
كانت واقفة في شرفة غرفتها تراه وهو يُطرد وينادها، تمسكت بقرارها دون أن تشفق عليه أو يحن قلبها له فهو الأن يطرق أبواب قلب رجل أخر تريد أن تحبه حقاً، أغلقت شرفتها ودلفت للداخل مُبتسمة بسعادة على صقرها القوي وكأنه حقاً أصبح ملكها وحدها فضحكت بخفوت فطالما قررت أن يكون لها فستفعل كل شئ ليكون لها…
في صباح اليوم التالي، في أحد منازل الصعيد دلف كامل المنزل وهو يقول: –
– يابويا عرف مين وصل النجع
فأجابه فاتح رجل في الستينات من عمره وهو يحتس كوب من الشاي بالنعناع قائلاً: –
– لا معرفش، مين اللي وصل المحافظ
فجلس كامل بجواره وقال بسعادة قصوي: –
– اللي مستنينوا من زمان يابويا، حسام ابو الدهب ووياه مراته
تتنهد فاتح بحسرة ثم قال بتهكم: -.
– ياولدي انسي ابو الدهب وسلسالهم، حجنا خدنا خلاص وجدام البلد كلتها، ربنا ينتجم من اللي كان السبب
– لا مخدنهوش يابويا وحجنا هنأخد والنهاردة كمان مهستناش
قالها كامل بغضب وأنفعال وهو يقف ثم خرج من بيته كما عاد لكن هذه المرة ليحصل على حقه…
• فاتح ابو زيد: – رجل في الستينات من عمره يملك أراضي زراعية كثير من أعيان النجع، له حق قوي مع حسام وقد يكون سبب طرده من العائلة والصعيد بأكمله
• كامل فاتح ابو زيد: – ابن فاتح ويعمل معه في الزراعة، ينتظر لحظة مقابلة حسام وأخذ حقه منه…
نزل من الأعلي وهو يتنحنح بهدوء وهو يسمع أصوات بالأسفل ماسكاً بيده نبوته وبالأخري عبايته، هبط للأسفل ودهش حين وقف أمامه طفلتين صغيرتين مُبتسمين له بعفوية وبراءة يشبهان بعضهم البعض بشده لا يفرقها شئ حتى ملابسهم مثل بعضهم، فقالت ملك ببراءة وهي تشير عليه بسبابتها: –
– أنت عمه صقر صح
أشار إليها بنعم وهو لا يعلم من هما ومن أين يعرفوا، فهتف مكة باسمة له: -.
– خالته جالان حذرتني منعملش دوشة عشان حضرتك متزعلش وتمشينا من البيت الجميل ده
أبتسم لهم فعلم من هم أولاد أختها مادامت هي خالتهم فجثو على ركبته وقال باسماً: –
– عجبكم الدار يعني زينة
نظرتا الطفلتان لبعضهم بأستغراب لهجته ورفع أكتافهم له للأعلي بعدم الفهم والمعرفة، أتاه صوت أنوثي من الخلف هادي قائلة: –
– معلش أصلهم مبيفهمش لهجتك، عمه قاصده البيت حلو
– جميل جدا يامامي أنا حبيته.
قالتها مكة بسعادة وفرح طفولي، تلاشت بسمته مع ظهورها لا يعلم من هي لكن حتماً أختها فعاد لوقاره بدون بسمة على وجهه ووقف معتدل، فقالت قمر: –
– أنا قمر بنت خالة جالان، عن أذنك هفطر الولاد
صعدت للإعلي بهم، سمع صوت بالمطبخ أعتقد بأنها أخته فدلف لها كعادته يقول: –
– فريدة أعمليلي جهو…
لم يكمل جملته حين وجدها هي وليست أخته، تقف هناك أمام البوتاجاز وتعد الفطار لهم مُرتدية فستان سيموني اللون بسيط بحزام من الخصر وبكم طويل مُنتهي بأسورة حول معصمها، تلف حجابها الذهبي تخفي به شعرها الجميل، تسمر مكانه وهو يتأملها بحجابها لأول مرة يراها، كانت به كحورية الجنة وهبطت على أرضه ومن ثم شعر بخفقات هادئة في قلبه، فاق من شروده بها حين هتفت بعفوية مُبتسمة له: –
– حاضر هعملك قهوة تحبها إيه.
أشاح نظره عنها بهدوء وقال بتوتر ملحوظ: –
– شكرا متتعبيش حالك هشربها مع الرجال
أستدار لكي يخرج فركضت خلفه بسعادة تناديه قائلة: –
– صقر أستني، صقر
نظر لها بهدوء يحاول أن يصطنعه لكي يخفي خلفه أرتباكه منها وضربات قلبه لها، فسألته بخفوت شديد ناظرة لعيناه مباشرة: –
– أنت مقولتيش هتعمل إيه، هطلقني ولا هتروح للشيخ ولا ايه
– أنا مبطلجش يابت الحلال، وهعملك اللي عاوزه مشان أعلم حسام كيف يتحداني ويتجرأ عليا.
قالها وهو يضرب بنبوته في الأرض بهدوء وأستدار ليذهب لكنها أوقفته تلك المرة وهي تمسك يده وتلف تقف أمامه ثم قالت باسمة له: –
– يعني أعتبر دلوقتي أنك خطيبي والثلاثة شهور دول خطوبة
شعر بالكهرباء تسير في جسده بأكمله مع لمستها ليده وتشبثها به، فأزدرد لعوبه بأرتباك وقال متحاشي النظر لها: –
– اه بس دا بيني وبينك بس جدام الناس أنتي مرتي وخصوصاً حسام ده لو شوفتيه.
إكتفت ببسمة مُشرقة على وجهها ثم تركت يده فخرج تاركها خلفه واقفة مكانها تنظر عليه وهو يرحل بهيام ثم تنفست الصعداء براحة وإمان، شعرت بيد تربت على كتفها بأستنكار، نظرت ووجدت فريدة فقالت باسمة لها فهي الأن أخت زوجها: –
– نعم، تفطري معايا
– أنا معايزش أشوف خلجتك برا أوضتك طول ما صجر مموجدش في الدار، شوفتك بتعصبني وتجبلي الضغط، إحنا نجلنا أغراضك في أوضة صجر.
قالتها فريدة بأستنكار وأستياء، فأبتسمت جالان لها وقالت بغرور عاقدة ذراعيها أمامها: –
– مش المثل بيقولك من القلب للقلب رسول، أنا طالعة أفطر مع قمر عن أذنك وياريت لما الولاد ينزلوا متضايقهمش عشان محبش أدوش صقر بمشاكلنا.
وقرصت ذقنها بأستنكار تهددها بأخباره، ثم دلفت للمطبخ وأخذت صنية الفطار وصعدت، جلسوا الأطفال يفطروا سويا وذهبت هي و قمر للغرفته تعيد أغراضها لغرفتها بعد أن أخبرت قمر ما ستفعله معه وأنها فمكانة خطيبته فقط ليست زوجته، ثم أخذت قمر أطفالها ونزلت بيهم للحديقة تاركها بمفردها…
كان يبحث عن سبب يجعلها تخرج من السراية ليأخذها عاقداً بأنها حقه وحده وهو من جلبها ويجب أن يعود بها فهي قلبه وعقله، تتنهد بقوة وهو يفكر بجده وسرعان ما طرد فكرته من عقله وذهب للسرايا لكي يعيدها حتى لو بالسرقة كما سرقها صقر منه…
نزلت كالطير بهلع تبحث عنها بعد أن وجدت غرفتها فارغة وتناديها: –
– جالان، جالان
خرجت فريدة من المطبخ على صوتها وتقول: –
– بتزعجي ليه
– جالان فين مشوفتهاش أنا مش لاقيها
قالتها قمر بخوف وهي تتذكر حديثها صباحاً حين إخبرتها عن طرده ل حسام وموافقته على زواجهما، سقط الطبق من يد فريدة بخوف من أخاها وقالت: –
– كيف دي ملجيهاش، صجر لو عاود وملجهاش هيجتلنا كلتنا، دوري عليها زين، عوض ياعوض.
دلف عوض راكضاً لها فسألته بهلع: –
– جالان هانم في الجنينة برا
– لا جنابك مطلعتش من السرايا واصل
قالها وهو ينظر للأرض مُتحاشي النظر لهم، ضربت بيدها على فخديها بصدمة وهي تقول: –
– يادي النهار اللي مفيتش، ياوجعة مربربة، غور دور عليها أنت ورجالك لازم اتلجوها جبل ما صجر يعاود ويجتلنا كلتنا غور
– ندور برا السرايا كمان
قالها بهدوء فصاحت به بأنفعال قائلة: –
– دوروا في اي داهية تأخدكم المهم تلجوها بسرعة.
خرج مُسرعاً ليفعل ما طلبته، جلست قمر تبكي بخوف عليها في هذا النجع الجديد عليها، وقفت فريدة بحيرة وخوف وتنظر في ساعتها من تارة لأخري خوفاً من أن يعود قبل أن يجدها عوض والرجال…
كانت جالسة على الأرض مقيدة اليدين مُرتدية فستانها وشعرها منسدل على ظهرها، جسدها يرتجف ولكنها تخفي خوفها بجراءتها تعلم بأن حسام من فعل ذلك بها ولن يستطيع أذيتها أبدا أكثر من ضربها كالمعتاد منه، حاولت لملمت فستانها من الأسفل بعد أن أنشق وهم يخرجوها من شرفة غرفتها بالقوة بدأ من ركبتها إلى الأسفل، حاولت أخفاء قدمها العارية بخوف من الرجلين الواقفين هناك، سمعت صوت خطوة تقترب منها فرفعت نظرها وأذا به رجل لا تعرفه…
عاد للسرايا ولم يجد رجاله بأمكانه، دهش في بدأ الأمر ودلف للداخل ووجد أخته تتحرك هناك ذهاباً وأياباً ووجهها شاحب، و قمر تجلس على الأريكة وبجوارها أطفالها ويبكون ثلاثتهم، فسأل بهدوء: –
– في ايه يافريدة بيبكوا ليه
نظرت نحوه بهلع من وصوله وهي لم تجدها حتى الآن، علمت بأن الجحيم سيفتح أبوابه على الجميع بسبب وصوله قبل عودتها، فقالت بتلعثم شديد: –
– أصل، أصل جالان مجلينهاش في السرايا…
لم تستطيع أن تكمل حديثها، نظر حوله ولم يجدها فسأل بهدوء مُتجاهل حديثها: –
– جالان فين؟
– بجولك ملجيهاش ياصجر في السرايا كلتها، جالان مموجداش
قالتها فريدة بخوف منه وهو يقف أمامها وقد تحولت ملامحه للغضب الشديد مكتوم بداخله، أعاد سؤاله مجدداً وهو لا يصدق ما قالته: –
– جالان فين يافريدة
أزدردت لعوبها بخوف شديد منه ومن غضبه الذي يكاد يلتهمها هي ثم هتفت بخفوت شديد: -.
– ملجيهاش في السرايا كلتها، آخر مرة جالت طالعة أوضتها ومن وجتها منزلتش ولا شوفتها
أغلق قبضته بغضب مكتوم وهو يصرخ منادياً عوض قائلا: –
– عوض أنت يازفت ياعوض
دلف عوض من الخارج له بهلع من عصبيته، فأستدار لها مجدداً وعقله يكاد يجن من القلق عليها حائراً لا يعلم أين هي؟ أخرجت ولم تستطيع العودة وحدها؟ آما أخذها حسام بالقوة من بيته؟ يردف بأهتياج قائلاً: –
– حسام فين.
– من ساعة ما طردته الصبح معاودش تاني السرايا..
أجابته بخفوت شديد متجنبة قسوته وغضبه الناري، أغمض عيناه بضيق وهو يعض شفتيه من الغضب بعد أن أكادت له بأن حسام مُختفي هو الأخر فبالتأكيد هو من أخذها بالقوة…
– أنت مين وعاوز مني إيه؟
قالتها بجراءة تخفي خلفها خوفها من هذا المكان ومن الرجال الموجودين حولها، فأجابها الشاب كامل قائلاً: –
– آنا واحد متعرفهوش بس ليا حج عنديك
نظرت له بأستغراب وسألته بأستفسار: –
– ليك حقي عندي آنا عمري شوفتك عشان يبقالك حق عندي.
– ليا كتير، آنا مين لما تجبلي وجه كريم هتجابلي واحدة أسمها زهرة أبجي أسأليها آنا مين وجوليلها أخوكي خد تارك من ولد ابو الدهب وعرفيها كيف جتلك زي ما جوزك جتلها
قالها وهو يخرج مسدسه من جيبه ومن ثم يصوبه عليها، أزدردت لعوبه بصعوبة وخوف منه ظهر أخيراً كانت تخفيه خلف شجاعتها وهتفت بتلعثم: –
– صقر قاتل
أتسعت عيناه بذهول ممزوج بصدمة وقال وهو ينزل مسدسه بخوف: -.
– انتي مرت صجر، صجر ممتجوزش، أنت مرت حسام مش اكده
– حسام قاتل
قالتها بصدمة ألجمتها من حديثه، فهل كانت تعيش مع قاتل وتهوم نفسها بحبه، فإجابها بغضب مُشتعل وهو يجذبها من ذراعها يوقفها ومن ثم يهزها بقوة: –
– ايوة جاتل، جتل خيتي بعد ما سلبها شرفها وضحك عليها، جتلها من تسع سنين زي مانا ما هجتلك دلوجت وأحسره عليكي.
صرخت بوجهه بغضب ممزوج بخوف يستحوذ عليها وهو يخبرها بأنه سيقتلها وأنها كانت تعيش مع قاتل مُغتصب لشرف البنات قائلة: –
– أنا مرات صقر مش حسام، حسام مش جوزي
أتسعت عيناه بصدمه على مصراعيها وخوف من غضب صقر الصعيد فجميعهم يلقبه بهذا القلب فهو هادي تماماً ولا يهتم لأمور النجع ولكن حينما يقترب أحد من أملاكه يفترسه حد الموت كالصقر حين يفترس فريسته، رفع يده بصدمة إلجمته يضعها خلف رأسه ويقول: –
– صجر لا مستحيل.
دفعها للرجل الذي يقف بجوار الباب بغضب وقوة ثم يقول بحيرة وهلع: –
– نيمها لحد ما نشوف هنعمل ايه في المصيبة دي الله يحرجكم
أتسعت عيناها بخوف وبدأ جسدها في الأرتجاف أكثر حين أخرج الرجل حقنة من جيب جلابيته ومسك ذراعها يعطيها لها، رأت الأخر يفتح الباب ويدخل فدفعته بقوة وركضت للخارج بعد أن أخذت جرعة كبيرة من المخدر وبدأت تبكي بخوف…
– الله يحرقكم كلتكم
قالها صقر وهو يخرج من السرايا فوجد عوض يأتي نحوه ماسكاً ب حسام معه رجل أخر من رجاله فهتف بهدوء: –
– بدر لاجيه جنابك بيطلع على الشجرة عاوز يفوت لاوضة الهانم
علم بأنها ليست معه وإلا ما كان جاء إلى هنا ويريد الدخول خلسة لغرفتها فقال وهو يركب سيارته: –
– لجحه في البدرون لغاية ما أعاود.
ثم خرج بسيارته يبحث عنها تحت أحتمال بأنها خرجت ولم تستطيع العودة وحدها والمكان جديد عليها، كان يبحث بأنظاره عنها يميناً ويساراً ويقود بسرعة جنونية بجوار النيل لكي يصل لها بأسرع وقت، وكل دقيقة تمر يخبره قلبه بأن هناك خطر عليها يخشاه ويكاد يفقدها كحبه السابق، مسح جبينه بيده بتوتر وخوف من فقدها ويتذكر كيف مسكت يده صباحاً وأبتسمت له وكيف أقتحمت غرفته أمس وقوتها وكبرياءها، أغمض عيناه للوهلة بعجز في أيجادها…
خرجت من هذا المكان تركض وهي تبكي ووجدت نفسها بكوخ خشبي وسط أراضي زراعية، ركضت بسرعة جنونية وهي تراهم خلفها باكية من الخوف وتلعن حسام على كل ما يحدث بها بسببه، ألم يكتفي من تدميرها حتى الآن والآن يطلبوا بحياتها بسبب جريمة فعلها هو، بدأ المخدر مفعوله بجسدها فسقطت أرضاً مما أدى لجرح قدمها اليسري العارية ولكنها وقفت بهلع من أقترابهم أكثر منها وأكملت ركضها تتمنى ظهور اي شخص يساعدها ويأخذها ل صقر لكي يحميها من هؤلاء القتلة الذين يريدون حياتها، كانوا يركضوا خلفها بخوف من أن تهرب وتذهب ل صقر وتخبره بما فعله بها ويقتلهم جميعاً مقابل خطف زوجته ومحاولة قتلها وأقتحم منزله، أخرج أحدهما مسدسه ويصوبه تجاهها وأطلق رصاصة ولحسن حظها رفع صديقه يده لتخرج الرصاصة بالهواء فئ الأعلى وقال بخوف: -.
– لو جتلتها هتجول لصجر ايه إحنا عاوزنا حية
أنتفض جسدها بهلع حين سمعت صوت الرصاصة وخرجت منها صرخة قوية وقد بدأت تشعر بضعف حركتها وركضها من المخدر وبدأت في الأهتزاز حتى رأت سيارة تمر على الطريق حاولت مقاومة المخدر وأسرعت في ركضها لكنها فشلت…
كآن يقود سيارته بسرعة جنونية يريد أن يصل لقلب النجع والسوق على أمل أن تكون ذهبت لشراء شئ وسمع صوت رصاصة نظر بملل وهو قلق عليها وصدم حين راها هي تركض هناك وخلفها رجلين، ضغط على فرامل سيارته فجأة وترجل منها بصدمة…
كانت تركض بضعف ورؤيتها مُشوشة على الأخير أستسلمت في النهاية لمفعول المخدر وأذا بها تسقط لكن ليس أرضاً بل في أحضانه بين ذراعيه، توقف الرجال فجأة بخوف حين ظهر صقر الصعيد وملامحه الغاضبة ووجهه الأحمر ينذرهم بحتفهم الذي سيلقوه، شعرت بيد تمسكها بقوة حتى لا تسقط أرضاً وسط الزرع فرفعت عيناها شبه مغلقتين ولم تستطيع تحديد من هذا ومن ثم فقدت وعيها بين ذراعيه، جلس بها أرضاً فوق الزرع يتفحصها بدهشة لا تصدق، بدون حجابها وملابسها ممزقة وأقدامها عارية أحدهم مجروحة وتسيل دماءها لوثت ملابسها، أبعد شعرها عن وجهها وهو يضم رأسها لصدره بخوف ورفع رأسه لهم فقال كامل بتلعثم وخوف: -.
– والله ما لمسناها ولا جربنا منيها خالص
حملها على ذراعيه وعاد لسيارته بهدوء ما قبل العاصفة يريد أن يجعلها بأمان اولاً ويطمئن عليها، وضعها بسيارته ثم ركب بجوارها وعاد للسراية بها، هلعت قمر بخوف من مظهرها هذا فوضعها بفراشها وخرج صامتاً…
أخذت حمامها بتعب في رأسها من الصداع الناتج من المخدر ثم غيرت ملابسها مُرتدية عباية أستقبال صفراء اللون ولفت حجابها بعد أن جففت شعرها بالأستشوار وخرجت من الغرفة فجذبتها فريدة من يدها تمنعها من النزول وأشارت للأسفل فنظرت ووجدته يجلس مع الرجال مُنفعل مُتكي على نبوته ويقول بغضب: -.
– أنا ليا عنديك حج عرب يافاتح بيه، زمان أنا لا جتلت ولا أتعديت على شرفك وخليتني أجدم كفني جدام البلد كلتها وأتصالحنا، لكن ولدك يتهجم على داري في غيابي ويخطف مرتي وعاوز يجتلها كمان ده اللي هسمحش بيه واصل
– حجك على رأسي من فوج ياصجر بيه، ولدي غلط ويستاهل كل اللي تجول عليه بس بلاش الدم كفاينا دم لحد أكدة، أنا مستعد أحب على رأس الهانم وأتسفلها كمان.
قالها فاتح بكسرة أمام أعيان النجع جميعاً، فهتف صقر بتهكم قائلاً: –
– ميلزمنيش أسفك أنت راجل كبير وجد أبويا وانا مشان خابر زين أن ملكش ذنب في تهور ولدك هرضي باللي يحكم بيه الرجالة مشان محدش يجول ظلمتك
– يبجي تدفع 100000 جنيه لصجر و محصول أرضك تبيعه بعيد عنينا عرفت يبجي خير وبركة معرفتش يبجي سيبه يبوظ ويعفن وده مشان ولدك معرفش هي مين ومشان تربى ولادك زين ميتهجمش على بيوت الخلج ويجرب من حريمهم.
قالها كبير الأعيان بحجود قلب، فهتف صجر بهدوء قائلاً: –
– بلاش المحصول كفاية 100000 جنيه ده باب رزجه وأكل عيشه ميرضنيش أجطعه بسبب أستهتار ولده
كانت تقف في الأعلي مُبتسمة تعلم بأنها حقاً أخترت رجل حقيقي، راقبته بنظرها وهو يودع الرجال ليرحل فركضت للأسفل بسعادة، كان يصعد الدرج بتهكم حتى سمع صوت خطواتها السريعة فرفع نظره ورأها تنزل نحوه، فتوقف بمنتصف الدرج مُنتظر وصولها أمامه فوصلت أمامه وقالت بمرح: -.
– آنا ليا النص على فكرة كفاية اني جبتلك 100000 بحالهم فلحظة
– كتير 100000
سألها بهدوء فإجابته بعفوية قائلة: –
– طبعاً كتير جداً
– أهو في الدجيجتين اللي وجفناهم دول دخل حسابي في الجاهرة زيهم وإكتر هبابه
قالها وهو يصعد الدرج، فأجابته بذهول قوي ملحوظ: –
– أنت بتهزر صح
– ههزر ليه
قالها وهو يصل للأعلي وهي بجواره، فسألته بهدوء وفضول: –
– إيه بقي حكاية زهرة وحسام دي
نظر لها بهدوء وقال…
نظر لها بهدوء وقال: –
– أدخلي أرتاحي دلوجت وبكرة فريدة تحكيلك الحكاية
أشارت إليه بنعم مُبتسمة ودلفت لغرفتها، أستدار ودلف لغرفته هو الأخر.
أقترب صقر منها بغضب وهو يمسك من ذراعها بقسوة ويقول: –
– وبعدهالك مهتبطليش عمايلك دي
نظرت له بخوف وهتفت بشجاعة وهي تحاول أن تدفعه بعيداً عنها وتهتف مُردفة: –
– آنا معملتش حاجة أنت اللي أنسان متخلف ومختلفتش حاجة عنهم ولا عن حسام كلكم…
بتر حديثها بصفعة قوية على وجهها…
فتحت جالان عيناها بخوف وفزع مع انتفاض جسدها، تلتقط أنفاسها بصعوبة من هذا الحلم المُخيف ولما جاءها، أهو راودها لتحذر من صقر وقد يهينها هو الأخر ويضربها كما كان يفعل حسام، أيجب أن تتركه وتتجنب حبه الذي بدا ينمو بداخلها، أشاحت الغطاء عنها وأخذت أسدالها لكي تنزل للأسفل…
عاد من صلاة الفجر مع عوض ثم دلف عوض لغرفته المستقلة بجوار بوابة السرايا الرئيسية، كان يمضي قدماً للداخل ولمحها بطرف عيناه تمشي هناك مُرتدية أسدالها يبدو عليها الحيرة والخوف كانت كطفلة صغيرة خائفة من الذهاب للمدرسة ويضربها المدرس لكنها تريد الذهاب لتلهو مع أصدقائها، أقترب منها وهو يتفحصها من الخلف هادئة تماماً عكس قوتها التي تصطنعها أمام الجميع أعتقد بأنها خائفة بعد ما حدث لها…
كانت تمضي قدماً ناظرة للأرض بحيرة تفكر بحلمها المُخيف، لما راودها وجعل صقر يضرب كانت تفكر بعمق أحقاً حميع الرجال هكذا؟ أحقاً جميعهم يضربون ويستقوا على المرأة؟ لا ألف لا أخبرها عقلها بأنها لن تسمح بأن يهينها أحد آو يلمسها أحد حتى وأن كان رجل لن تسمح له بأهانتها، كانت تربت بيدها على ذراعيها تشعر بالبرد والهواء البارد فإذا بها تجد شئ قوي يضع على أكتافها وثقيل، أستدارت بهلع ووجده أمامها ووضع عباية أكتافه على أكتافها يدفئها من البرد القارس، نظر لفزعها بهدوء يحاول فهمه، عادت خطوة للخلف تبتعد عنه بعد حلمها الذي زرع الخوف منه بداخلها فهي هش رغم قوتها، فسألها بهدوء: -.
– بتعملي إيه اهنا في الوجت ده
– مفيش أنا طالعة أنام، عن أذنك
وفرت هاربة من أمامه حتى سقطت عبايته من فوق أكتافها، كان واقفاً ينظر عليها وهي تهرب منه خائفة ولا يعلم ماذا حدث لتخف هكذا أعتاد على قوتها وشراستها معه ثم دلف للداخل هو الأخر…
دلف حامد يركض في المنزل الكبير ويقول: –
– يا حاج ياحاج، ياابو الدهب ياكبير
صرخ به مجدي يقول: –
– أنا أهنا يابهيم، عامل خوتا على الصبح ليه
– مصيبة ياحاج، بس زينة جوي جوي
قالها حامد وهو يجلس على الأرض بسعادة بجوار قدمه ثم أكمل حديثه مُتمتماً: –
– صجر واد ولد أتجوز ياحاج، النجع كلته النهاردة مورهش سيرة غير الحديد ده وكيف أتجوز من غير عرس وزفة
أتكي على نبوته وقال بدهشة: -.
– أنت الحشيش اللي بتبلبعه لحس مخك ياحامد، صجر واد ولد هيتجوز أكدة من غير حتى ما يأخد رأي ولا يشورني مخصوملك يومين يابجرة أنت
– لا والنبي يااب الحاج، وبعدين هو كلامي ده النجع كلته بيجول الحديد ده وإن حصل مشكلة بينته وبين دار ابو زيد على موضوع التار الجديم
قالها وهو يقبل يده بخوف من الخصم، فجذب يده من قبضته ويقول: -.
– طب جوم يابوظ الاخس أنت جهزي العربية وتعال غيريلي خلجاتي خليني إروح أشوف كيف يعمل أكدة ومن غير رأي، غور
قالها وهو يتكيء على نبوته ويقف لكي يدلف لغرفته بالطابق الأسفل…
• مجدي ناجي أبو الدهب: – جد صقر عمره 88 عام كبير النجع يعيش وحده بمنزله مريض بالقلب
•حامد: – مساعد مجدي يراعاه بأخلاص ويجلب له أخبار النجع يومياً.
كان يجلس في البدرون منذ أمس يفكر كيف يعيدها له حتى فتح باب البدرون ودلف صقر مُرتدي بدلة رسمي وفي يده نبوته وشعره مرفوع للأعلي وخلفه عوض فقال بجدية: –
– وبعدهالك ياحسام، هتفضل تتنط أكده كل شوية لحد ما أجتلك فيها ولو عملتها مهبجالش تار عند حد
– آنا عايز مراتي وهأخدها وأمشي وماليش دعوة بيك
قالها حسام وهو يقترب منه بهدوء وخوف، فصاح به مُحذره قائلاً: -.
– مراتك مين، جالان مرتي وفي جسيمة جواز تثبت ده وكمان أنت شاهد على الجواز ده ولا نسيت، حذاري تجول مرتي دي تاني وإلا تمن الرصاصة اللي هجتلك بيها هتكون غالية جوي عليك ياواد عمي
أنقض عليه حسام يمسكه من جاكيت بدلته بقوة وهو يصرخ: –
– آنا اللي هقتلك ياصقر لو مرجعتليش مراتي
أبعده عوض وهو يصرخ به ويقول: –
– وااا أنت جنيت ولا ايه، بعد يدك عن جناب البيه، بدر يابدر.
دلف بدر ومسكوا الأثنين حتى خرج صقر وأغلقوا الباب عليه، فهتف وهو يصعد الدرج بحذر: –
– عاوزكم تروجوا على الأخر وبعدها ترموا فوسط النجع واللي له تار عنديه يأخده، حسام بلاويه كتير وكل اللي فنجع عاوزين يتشفوا فيه، وأنا رايح مصر هخلص شغل وأعاود
وصل لباب السرايا ثم أستدار لهم ونظر للأعلي نحو الدرج أراد رؤيتها قبل أن يرحل وقال بتنبيه: -.
– مدخلوش السرايا واصل غير بأذن من حريمها خليهم على رائحتهم واللي حصل معاوزوش يحصل تاني ياعوض
فتح له باب السيارة وهو يقول: –
– متقلقش جنابك
– وزع رجالتك بكل مكان في الجنينة معاوزش دبانة تفوت السرايا مفهوم
قالها وهو يركب في المقعد الخلفي، فأشار عوض له بإيجاب وأغلق باب السيارة وقاد به السائق للمطار…
كانت جالسة أمام المرأة تصفف شعرها وهي شاردة لم تنام طوال الليل بسبب منامها، هتفت قمر وهي تُلبس أطفالها بهدوء: –
– مالك ياجالان مش على بعضك ليه
– مفيش
قالتها بعد تنهيدة قوية، دق باب الغرفة ففتحت ووجدت فريدة تردف بأستياء: –
– الفطار جاهز تعالوا أفطروا
أشارت إليها جالان بالموافقة وتمتم: –
– حاضر هلبس وإحصلك.
– مفيش داعي صجر سافر مهيعودش النهاردة وحذر عوض ميدخلش اهنا و السرايا مفهاش رجالة حتى جوزك سافر…
قالتها فريدة وهي تأخذ الأطفال، أتسعت عيناها على مصراعيها بذهول وقالت بتلعثم: –
– سافر
نظرت فريدة لها بدهشة من ذهولها وملامح الحزن التي سكنتها من خبر مغادرته وتسألت هل أحبت أخاها فعلاً؟ ونزلوا معا للأسفل وهي حزينة بعد أن كانت خائفة ولم تلعب مع الأطفال، فسألت بفضول: –
– إيه حكاية زهرة دي بقي؟
تتنهدت فريدة بحزن وبدأت تروي لها ما حدث منذ تسع سنوات قائلة: -.
– أقولك ياستي زهرة دي بنت فاتح ابو زيد وخيت كامل اللي خطفك دا وكمال الله يرحمه لأن ميجوزش عليه غير الرحمة، حسام زمان جبل ما يسيب النجع والصعيد كلتها كآن بيدرس في الجامعة مع صجر في كلية التجارة، كان شايف ان صجر عنده كل حاجة وجدي مهيبخلش عليه بحاجة بواصل حب يثبت أنه عنده حاجة كيف صجر تماما وكانت الحاجة دي اللي مموجداش فصجر، أنه يعرف بنات الجامعة وفي اللي يعرف يعاشرها في الحرام وفي اللي تتطلع جدعة متناولهوش اللي في باله واصل، وجتها جدي جال أنه مستهتر ومينفعش يمسك حسابات ولا فلوس في يده وحرمه هو وعمي من الميراث، بس كان كاتب حج عمي بعجود صورية، وجتها حسام جابل زهرة في الجامعة وفي أول محاولة معاها ضربته بالجلم الموضوع كبر في دماغه وخصوصاً ان الجامعة كلتها عرفت وشافته بينضرب من حرمة وده عندينا هنا حاجة كبيرة جوا، جعد شهر كامل يخطط ويراجب لحد ماسنحت له الفرصة وخدها من الطريج بعدها لاجيناها في أرض زراعية مقتولة ومُغتصبة، فاتح كان هيجن مين عمل في بنيته اكدة بس واحدة زميلتها جالته ان حسام خدها من الميكروباص فعرف انه هو اللي عملها ومن هنا بدا التار والدم، كمال حاول يجتل حسام بس صابت عمي ابو حسام فكيف يحصل اكدة راح ابويا يأخد تاره فجتل كمال وجه كامل ياخد التار جتل أبويا وكل ده وحسام مختفي، جدي أتحسر على ولاده التنين وصابه القلب، أعيان النجع حاولوا يهدوا الموضوع لان وجتها أهل النجع كلتهم كانوا عايشين في رعب وخوف، كان الدور على صجر ينجتل بعد ما أتجتل أخوه فاتح فجالوا يجدم كفنه ويتصالحوا، فعلا جدم كفنه جدام البلد كلتها مكسور بس معندوش حل تاني وأتصالحوا وجدي طرد حسام من النجع والصعيد كلته بعد ما خسر ولاده بسببه وحرمه من كل الميراث، بعدها معرفناش حاجة عن حسام غير لما أتصل بصجر وجاله انه عاوز يتجوزك وإمكانياته متسمحش، صجر فرح فكر حاله اتصلح مادام في واحدة جدرت تخليه يتجوزها بس طلع غلطان لما أتصل يجوله انه طلجك الثلاثة ومكنش مر على جوازكم ثلاث شهور.
كانت تستمع لحديثها بصدمة اهذا من كانت تحبه او بالأحري توهم نفسها بحبه، كانت تعيش حقاً مع قاتل مُغتصب لعرض البنات، سألتها بهدوء مترددة: –
– صقر عمره ضربك
قهقهت فريدة من الضحك عليها بسخرية وقالت: –
– كأنك بتجولي صجر عمره ساب فرض صلاة، صجر عمره ما يضرب حرمة وكمان بيخاف على حريمه جوي جوي، آنا مهما أتخانج وأتعصب عليه وأغلط عمره ماضربني ده هو اللي بيرضيني كمان.
رسمت بسمة مُشرقة على شفتيها بعد أن طمأنتها من منامها المُخيفة وبالتإكيد ناتج من عقلها الباطل وخوفه من المستقبل، فسألتها بسعادة: –
– وانتي بقي عارفة كل المصايب دي وبتحبيه سي زفت دا ازاي ده ميتحبش
تحولت ملامح فريدة من الهدوء إلى الحزن المميت الذي ينبع من قلبها الصغير المحول إلى رماد ثم هتفت بخفوت: -.
– الجلب مبيختارش حبيبه، أنتي فاكرة لو حسام جالي وجال نتجوز انا هوافجه مستحيل اوافج آنا بس معرفاش أبطل أحبه…
– متزعليش بكرة ربنا يعوضك براجل يحبك وتحبيه ويصونك
قالتها جالان وهي تربت على كتفها ثم أكملت بفضول: –
– عشان كدة بقي صقر قبل بالفلوس امبارح
رفعت فريدة نظرها لها وقالت بخفوت: -.
– عشان يحميكي أنتي وأبنك لما ربنا يرزجكم بيه، صجر لو كان جتل كامل امبارح كان التار هيرجع وصجر معندوش غالي غير ولده لما يجي، كانوا هيستنوا سنين لحد ما يجي وتربي وتكبري وتصرفي ويجتلوا جدام عيناكي بعد ما تزرعي وترعي هم يحصدوه، كدة كان احسن
هتفت جالان بسعادة من تصرفه قائلة: –
– طب الحمد لله، هو هيرجع أمتي
لم تجيبها فبتر حديثها دخول مجدي وقفت بذهول وهي تقول: –
– جدي
صاح بها وهو ينظر ل قمر وأطفالها: -.
– ده الكلام صوح بجي وصجر اتجوز وخلف كمان من غير راي ولا أذني
– لالالا ياجدي خلف ايه دي جمر خيت جالان، دي مرات صجر، تعال أرتاح
قالتها وهي تأخذ يده، نظر لها وهي تلف جحابها وتقف هناك هادئة لم تصدر اي صوت، جذب يده من قبضتها بعنف وهو يقول: –
– بعدي أكدة، هو فين اخوكي ده اللي ملهوش كبير
أبتسمت جالان بسعادة بعد أن علمت بأنه سيقف معاها ضد حسام وذهبت نحوه مُبتسمة ثم قالت: -.
– تعال ياجدو أقعد وأنا هتكلم معاك شوية، فريدة حكيتلي كتير عنك
نظر لها بدهشة وذهب معاها وجلسوا في الجنينة وحدهم وحكيت الموضوع بأكمله فضرب نبوته بالأرض بغضب وهو يردف بجدية غاضباً: –
– طول عمره مستهتر وبايظ، وصلت معاه آنه يضربك انتي تنضربني ده حمار ما بيشوف، طالع لأبوه الله يرحمه عمره ما فهم في الحريم كيفي
ضحكت معاه بسعادة وهو يغازلها بحديثه، وقالت بخفوت: –
– يعني مش زعلان من صقر.
– صجر ميتزعلش منيه واصل، ده تربيتي آنا، بس تعرفي لو كان اتجوزك كمان مكنتش هزعل منيه واصل ليه بجي مشان انا طول عمري بجول اتجوز وهاتلي عيل يكملوا سلسال ابو الدهب وهو اللي مبيسمعليش وكمان مشان أنتي كيف الجمر البدر وروحك زينة كمان تتحب، وشكلك بيجول ان الزفت حسام ده تعباك جوي جوي
قالها وهو مُتكي على نبوته بذراعيه، فهتف بعفوية مُقلدة للهجته بسعادة: –
– جوي جوي ياجدي
فضحكا معاً.
في سوق النجع ووسط ضجته، وقفت سيارة عوض وأخرجه الرجال من صندوق السيارة وألقوا على الأرض وجسده ليس به جزء سليم من الضرب، فسأل أحد الفلاحين بدر : –
– حصل ايه
– ابن المحروج ده اتعدي على مرت جناب البيه بحديد ماسخ ميتجالش واصل، يلا يابدر
قالها عوض وهو جالس في مقعد السائق وعاد كما جاء، لم يشفق عليه أحد بعد أهانته لأمراة وليست بأي أمراة بل زوجة صقر الصعيد…
في المساء، نزلت تركض بسرعة جنونية بعد أن علمت بأتصاله، كانت تركض بأشتاق له وشغف لرؤيته وصوته الجهوري القوى، أخذت الهاتف الأرضي من فريدة بالقوة وهتفت بسعادة: –
– صقر
سمع صوتها الرقيق تناديه وتنطق بأسمه بتلعثم من شدة ركضها، أشتاق لها فيوم واحد، فأجابها بهدوءه المعتاد: –
– كيفك
– انا كويسة أنت عامل إيه؟
قالتها وهي تأخذ الهاتف وتذهب بعيداً، فضحكت فريدة عليها وذهبت، جلست على أقرب كرسي في زواية السرايا حتى لا يسمعها أحد وهتفت مُتمتمة: –
– هتتأخر
أجابها وهو يعود بظهره للخلف مُتكي على ظهر كرسيه أمام مكتبه: –
– هخلص الشغل اللي أهنا وأعاود يومين بالكتير
صاحت فيه بتمرد وتذمر تقول: –
– لا كتير يومين هو أنا مش خطيبتك وبكرة الفلانتين وأنا عايزة أتفلتن زي كل البنات ماليش دعوة.
ضحك بخفة عليها وهي تطلب منه أن يحتفل معاها بعيد آلحب وهو لا يعرفها سوى من أيام فقط، وقال: –
– فلانتين
عضت شفتيها بخجل ثم أكملت حديثها ببراءة: –
– آه وتجبلي هدية وورد كمان ماليش دعوة هم البنات كلهم احسن مني ولا ايه ولا أنا معنديش خطيب بقي
ضحك وهو يدير كرسيه ويعطي ظهره للمكتب بسعادة تغمره من طفولتها فقال مُردفاً: –
– هحاول بس موعدكش لان الشغل أهنا كتير جوي
فصرخت به وهي تقف من مقعدها وتقول: -.
– خلاص مش عاوزة حاجة خلي شغلك ينفعك
ثم أغلقت الخط بوجهه بأنفعال، كاد أن يتحدث لكنها أوقفته بغلق الخط شعر بأهانتها له حين فعلت ذلك وكأنها صفعته على وجهه، فوضع السماعة من يده وهو يشتاط غضب منها…
نظرت قمر و فريدة لها وهي تصرخ بالهاتف بأنفعال ومن ثم اغلقت الخط وصعدت لغرفتها باكية، فضحكت قمر عليها فهي كطفلة صغيرة مثل أطفالها حين تطلب يجب أن ينفذ وإلا ستبكي…
صباحاً، كانت تجلس على الأريكة الأرجوحة تراجع أحد المقالات قبل أن ترسلها للجريدة، و قمر تجلس معاها تراقب أطفالها الصغار وهم يلعبوا فرأت سيارته تدخل من بوابة السرايا فنظرت لها وهي غاضبة منه وملامحها تحمل شراسة ونار تكاد تلتهبه إذا رأته، فوقفت وأخذت الأطفال لتجعلهم يتحدثوا بحرية دون احراج من وجودها، رأها من نافذة السيارة تجلس هناك فأشار للسائق بأن يقف ثم ترجل من سيارته، سمعت صوت السيارة تتوقف فنظرت ورأته يترجل منها فأدارت رأسها ثم بدأت تجمع أغراضها لتدخل غاضبة منه وأستدارت فرأته يقف خلفها عاقداً حاجيبه بغضب ملحوظ من فعلتها وكيف أغلقت الخط بوجه رمقته بنظرة غضب باردة ثم حاولت المرور في طريقها ولكنه لم يعطيها اي فرصة وهو يعترض طريقها فصرخت به غاضبة: -.
– عديني يا ص…
بتر حديثها حين…
صرخت به غاضبة: –
– عديني يا ص…
بتر حديثها من فمها حين أخرج من خلف ظهره باقة ورد التوليب ذات اللون الموف وكبيرة إلى حد ما، فصمتت بدهشة وهي تنظر للورد ثم له وترمش بعيناها بذهول من عودته كما قالت وأحضر الورود لها كما طلبت..
هتفت بنبرة جادة وهو يمد لها الزهور قائلاً: –
– أتفضلي.
قوست شفتيها بتذمر من طريقته في تقديم الهدية لها وكيف يكون رجل بشخصية قوية هكذا ورجل أعمال يدير شركة ولا يعرف كيف يقدم هدية لها، ثم هتفت بأستياء قائلة: –
– ايه ده؟
– ورد كيف ما طلبتي
قالها ومازال يمد يديه لها، فوضعت ذراعها الأيسر على خصرها بأستنكار وقالت ببرود ورفض: –
– هدية مش مقبولة
نظر لها بعدم فهم مُنتظر مبرر لرفضها هدية طلبتها بذاتها، فقالت مُبررة رفضها: -.
– في حد يقدم هدية كدة على الأقل أبتسم ايه مبتعرفش تضحك، اخد هدية بالتكشيرة دي أعمل بيها إيه
حاول رسم بسمة خفيفة على شفتيه وهو يقول بهدوء: –
– أتفضلي
مدت الأوراق واللاب توب له وقالت بجدية: –
-أمسك كدة
فأخذهم منها مُجبوراً بعد أن وضعتهم على ذراعه بقوة ثم أخذت الورد تطوق باقته بيدها وهي تضمه لها تستنشق عبيره بسعادة وقالت مُبتسمة: –
– ميرسي ياصقر هابي فلانتين
– العفو.
قالها وهو يستدير يعطيها ظهره فضربته على ظهره بغيظ من رده البارد عليها وجاف خالي من المشاعر فأستدار لها بذهول من فعلتها فصاحت به بأستياء قائلة: –
– أسمها هابي فلانتين لما أقولك هابي فلانتين تقولي هابي فلانتين مش العفو.
تركته ودلفت للداخل غاضبة منه ومن رده ماسكة بالورود في يدها، دلف خلفها ينظر على تذمرها الطفولي على ردها بعد أن فعلت ما لا يستطيع أحد فعله حين ضربته بقبضتها على ظهره كطفلة متذمرة، أتجه نحو الدرج من أجل الصعود ليغير ملابسه فأوقفها صوت مجدي قائلاً: –
– صجر.
أستدار لجانبه ووجد جده يجلس على أحد الكراسي مُتكي على نبوته وعلى ملامحه الجدية والأستياء فعلم سبب هذا الأستياء بالتأكيد وجودها وما يقوله أهل النجع عنه وعن زوجته التي لم يراها أحد حتى الآن…
فذهب نحوه بصمت وهدوء ثم جلس بجواره مُنتظر آن يبدأ جده بالحديث، فقال بهدوء شديد: –
– ينفع تعمل اكدة من غير رأي ياعاجل انت
– عملت إيه ياحاج بس.
قالها بتهكم وضيق، فقصي مجدي حديثها عن ما حدث وبالنهاية خطبتهم حسب رغبتها، وأكمل قائلاً: –
– ينفع حرمة تمشيك على كيفها أكدة، تجولك نتجوز وخطوبة تجول امين من ميتي ياصجر مانا بجالي سنين بجول أتجوز وهاتلي عيال مسمعتش مني ليا
تتنهد بزفر من حديث جده وتقليله من شخصيته ورجولته ثم قال: –
– لا ياحاج أنا عملت أكدة مشان حسام أتحداني ووجف جصدي، مشان أربيه كيف يعمل اللي عمله ويايا.
مال مجدي نحوه بقربه وسأله بصوت خافت: –
– يعني البنية معجبتش وطمعت فيها لحالك
أرتبك من سؤال جده ثم أزدرد لعوبه بتوتر وقال بخفوت: –
– ايه اللي بتجول ده ياحاج، شكل بالك رايج أنا طالع أغير خلجاتي وأتسبح
فر هارباً من أمامه قبل أن يسأل سؤال أخر ويحرجه أكثر بحديثه ويفضح لسانه ما بدأ قلبه بالشعور به…
في المستشفي العام بقنا كان مُستلقي على سريره بعد أن أحضره أحد المزرعين وطهرت الممرضة جروحه وذراعه مُجبس بعد أن كسر، كان يفكر بأن ينتقم من صقر على ما فعله معه وسرقته لحبيبته، وأن ينتقم منها هي الأخر على رفضها له ورفض العودة له وأختيارها ل صقر بدلاً منه وحديثها بقسوة معه وشجاعة تتحداه، ظل يفكر جيداً كيف يبدأ الأنتقام؟ وبمن يبدأ أولاً؟ وجد نفسه لن يستطيع الأقتراب منها مادام صقر معاها وهي ببيته، توصل لشيء واحد قد يكسر صقر الصعيد أمام الصعيد بأكمله مُتمثل بأخته الصغري فريدة وبنفس الوقت هي من ستوصله لحبيبته…
جهزت الغداء مع فريدة وجلست على السفرة تأكل مع ملك و مكة دون أن تنتظره آن يهبط من الأعلى مع أخته للغداء، دلفت قمر من الجنينة فصاحت بهم بتذمر قائلة: –
– يخربيتكم هتفضحونا في بيت الناس، استنوا لما اهل البيت يجوا
– أنا أهل البيت وكفاية كمان، كلي ياملوكة امال زي روكا كدة
قالتها جالان وهي تطعم الأطفال بهدوء وبرود غاضبة منه، فقالت قمر بأحراج: –
– انتي بتعاندي مين ياجالان أنتي عقلك بقي أصغر من العيال دول.
– هملها دي بتعاند صجر
أتاها صوت فريدة من الخلف وهي تقف بجواره وتريد آن تشاكسها قليلاً كما هي تشاكس الجميع وتشاجرهم بدلالها دون أن يعترض أحد، نظرت نحوهم ووجدته يقف هناك ويستمع لحديثهم فهتفت بشراسة تخفي خلفها خجلها من حديثها هكذا أمامه وهي تقف: –
– اعانده ليه أنا هعمل عقلي بعقله، الحمد لله نفسي أتسددت.
نظر لها بغيظ من حديثها وهي تخبره آن عقلها أكبر من عقله وأن كان بينهم طفل فبالتأكيد هو هذا الطفل، ضحكوا الأطفال عليها وعلى لهجتها وهي تناقره ثم هتفت مكة ببراءة: –
– هههههههه خالته بتناقرك
فضربتها جالان على كتفها بغيظ من جملتها فركضت مكة نحوه وهي تقول بغضب طفولي منها بعد أن ضربتها: –
– الله أنتي بتناقري كل الناس حتى العيال الصغيرة هتعملي عقلك بعقلي.
تركتهم بغيظ وخرجت للجنينة، نظر لهم وأشار لهم بأن يبدو غداهم وخرج خلفها، بحث عنها بنظره ولم يجدها سأل عوض عنها فأخبرها بأنها ذهبت لمشتل الزهور، فذهب هناك وسمع صوت بكاءها وشهقات فأنقبض قلبه وبحث عنها ووجدها جالسة بالأرض وتضم قدميها لصدرها مُستندة عليها، أقترب خطوة منها فسمعت صوت قدمه ورفعت رأسها له، رأي دموعها تنهمر بغزارة بسبب حديث طفلة تمني بتلك اللحظة لو كانت حلاله لكان له الحق فمسح دموعها بأنامله وضمها له ليرضيها، أنخفضت رأسها للأرض مرة أخري جلس بجوارها على الأرض ثم هتف بهدوء مُتحاشي النظر لها: -.
– أنتي بتعملي اللي أنتي عاوزه ولو حد اتحدد وياكي تبكي كيف الصغار
– مالكش دعوة كله بسببك
قالتها باكية، فهتف بجدية: –
– بسببي انا، عملتلك ايه وعموما متزعليش اكدة وتبكي جومي مشان تتغدي
– مش جعانة
قالتها وهي تمسح دموعها أناملها بخفوت، فأجابها وهو يقف بهدوء: –
– جومي امال، خيتك هتتستحي تجعد تأكل ويايا من غيرك
تسمر مكانه حين مسكت بطرف كمه وهي تقف معه، نظر لها بحب ثم قال: -.
– تعالى وبعد الغدا هستناكي في المكتب عاوزك في حاجة
كان قلبه يحدثها في صمت بين ضلوعه ويسأله عن ما فعلته به، لا أدري ماذا فعلت بي وبقلبي منذ الوهلة الأولى التي رأيتها بها، كانت كرصاصة إخترقت صدري متجهه إلى قلبي وعلقت به فلم يستطيع أحد لمسها أو زعزعتها من مكانها وإذا حدث سيموت المريض وهو آنا، فهي أصبحت سبب حياتي بدونها سأرقد في قبري وحيداً جثمان فارق الحياة.
ذهبت معه بفضول عن سبب طلبه لرؤيتها وظلت شاردة تفكر بطلبه، رودها فكرة بأنه سيرفض الزواج منها بعد مجيء جده وحديثهم معاً، أنهت غداءها سريعاً بعد أن وقف ودلفت خلفه وجدته يجلس على مكتبه يباشر أعماله ويدون بعض الأرقام والأيميلات ناظراً إلى شاشة اللاب توب يتابع ما أرسله مديره من ملفات جديد وصفقات للشركة، هتفت بهدوء: –
– واضح آنك مشغول آنا ممكن أجيلك لما تخلص.
رغم فضولها القاتل حين رأته مشغول بعمله كان يجب أن تتركه يكمل عمله، فأجابه وهو يدون شئ أخر: –
– لا تعالي اجعد
وأشار لها على الكرسي المقابل لمكتبه وحين جلست أمامه، أردف مجدداً: –
– آن شايف آن هديتي معجبكيش واصل، مهحبتاش تحبي أجبلك حاجة تاني على ذوجك لو ذوجي مهيعجبكيش
أستغربت عن أي هدية يتحدث فهو لم يجلب لها سوي باقة ورد فعقدت حاجبيها بدهشة ثم سألته: –
– هدية أيه، الورد حلو شكراً عليه تعبت نفسك والله.
قالت جملتها بغيظ مكتوم بداخلها على بروده معاها، فقال بدفء نابع من عمق قلبه وهو يقف ويلتف حول مكتبه: –
– أنا جصدي اللي جوا الورد، كان فيه هدية أصغيرة جواه معجول مشوفتهاش، أنا فكرتها معجبتكيش كنت هطلبك واحدة غيرها مشان تفلتني كيف البنات ويبجي عندك خطيب
أتسعت عيناها بذهول من حديثه فقالت مُسرعة وهي تركض للخارج: –
– هشوف الهدية وبعدين أرد عليك.
كانت تركض بسعادة كطفلة صغيرة تريد الحصول على هديتها، دلفت إلى غرفتها وهي تتنفس بصعوبة من ركضت، مسكت بوكية الورد بيدها وهي تتفحصه وقلبها ينبض بقوة تفكر بهديته ماذا ستكون، سقطت سلسلة من الورد على الأرض وضعت الباقة على السرير وأنحنت تأخذ السلسلة فرسمت بسمة على شفتييها فور رؤيتها على هيئة قلب صغير…
ظل ينتظر ردها على هديته وما رأيها بها لكنها لم تعود له وتخبره شئ، أنهى عمله في المكتب وخرج ووجد عوض يدلف من بوابة السراية فسأله بتهكم: –
– على فين ياعوض أنا مش جولتلك متفوتش على السرايا من غير أذن
– وااا مهطلعش أنيم جنابك وشوفك محتاج حاجة ولا لا
قالها عوض بأستغراب فصاح به صقر بغضب وغيرة عليها: –
– لا مهطلعش في حتة، عيل أصغير أنا هتنيمه ولا إيه، وبعدين إياك ياعوض تطلع الدور التاني نهائي فاهم.
غمز له عوض بعيناه وهو يقول: –
– لا معيلش أصغير بس يمكن العيال الصغيرة اللي فوج هم اللي بيخافوا مني ولا حاجة
– لازم يخاف بخلقتك اللي تفزع دي
قالها وهو يستدير ويعطيه ظهره ثم صعد الدرج، منعه من الصعود معتقد بأنها ستأتي لغرفته كأول مرة، ظل ينتظرها آن تأتي حتى صلاة الفجر ولم تأتي فغير ملابسه وذهب إلى المسجد ليصلي…
خرج حسام من المستشفي وذهب للسرايا ينتظر خروج فريدة سلاح حربه ضدهم ومن ستقود معاركته حتى يهزمهم، كان يقف خلف أحدي الشجرات يتجنب أنظار رجاله حتى لا يروا…
نزلت على الدرج بدلال تدندن بسعادة رأته يجلس في الصالون يرتشف قهوته واضعاً قدمه فوق الأخري، سمع صوتها وهي تدندن فرفع رأسه للأعلي بسعادة تغمره من صوتها وراحة بالها، تأملها وهي تنزل أمامه مُبتسمة حتى وصلت أمامه وجلست بجواره وهي تقول: –
– أنت فطرت بدري كدة
– لسه
قالها وهو يحتس قهوته فعقدت حاجبيها بغضب من أهمال صحته وأحتساء القهوة بدون فطار وقالت: –
– يعني مفطرتش وبتشرب قهوة، أنا هحضر الفطار أستني.
وكادت آن تقف فأوقفه بصوته القوي وهو يقول بتوتر: –
– مجولتليش رأيك في الهدية
عاد لمقعدها ونظرت له بسعادة فأحمرت وجنتيها من الخجل وقالت: –
– عجبتني جدا ميرسي ذوقك حلو
فسألها بأستغراب: –
– أصل مشايفكيش لبسها
أشارت على عنقها من فوق حجابها بأبتسامة طفولية وقالت: –
– لبستها بس أنت مش هتشوفها عشان الطرحة بس هي جميلة، هجبلك الفطار.
كان يتأمل وجنتها وحجابها بشغف لرؤية سلسلته تزين عنقها، علم لما الحلال أفضل فأنتظارها لتبقي حلاله يزيد من حبها بداخل قلبه وشغفه لها أكثر، جاءوا الأطفال لها وهم يقول: –
– خالته عايزين كيك زي ما قولتي
ضحكت بسعادة معاها ووقفت وهي تقول: –
– عن أذنك هحضر الفطار وأعمل كيك للولاد
وأخذتهما ودلفت إلى المطبخ، فهمس بخفوت شديد مُحدثها دون أن تسمعه: –
– عجبال ما تعملي لولادنا..
كانت تقف معاها في المطبخ ودلفت قمر لها تساعدها في إعداد كيك لأطفالها الصغار…
دلف عوض إلى السرايا يركض بهلع وهو يقول: –
– يا جناب البيه ياجناب البيه، ياحناب البيه…
وقف صقر من كرسيه ماسكاً بيده فنجان قهوته وأتسعت عيناه حين رأوه يقف خلف عوض …
دلف عوض إلى السرايا يركض بهلع وهو يقول: –
– يا جناب البيه ياجناب البيه، ياحناب البيه…
وقف صقر من كرسيه ماسكاً بيده فنجان قهوته وأتسعت عيناه حين رأه يقف خلف عوض فهتف بأستغراب قائلاً: –
– أيمن إيه اللي جابك أهنا
– موضوع ميستناش دقيقة واحدة ومكنش ينفع في التليفون
قالها أيمن وهو يقترب منه بسعادة، فقال له يشير على المقعد: –
– تعال أجعد طيب، جولهم يحضروا الفطار للأستاذ
قطعه أيمن بسرعة قائلاً: -.
– مفيش لزوم، وكمان عشان نرجع قبل الليل
نظر نحوه بأستغراب من جملته يردف قائلاً: –
– تعاودوا أنتوا مين
– سناء معايا هي بتقفل العربية وجاية
قالها مُبتسماً، فأشار ل عوض وهو يقول: –
– ليل إيه ياراجل بس، روح ياعوض أعمل اللي جولتلك عليا وبعدها تطلع تحضر أوض الضيوف
– هو مش جنابك جولتلي متطلعش فوج واصل، دلوج أطلع ياعوض مطلعش بجي ها
قالها عوض بمكر، فهتف له بغيظ من مناقرته معاه الدائمة في كل وقت: -.
– لما نشوف هتطلع ولا هطلع روحك آنا من جتتك، غور
تذكر بأن حبيبته هي من في المطبخ ومعاها الأطفال وبالتأكيد تبتسم معاهم فشعر بغيرة عليها من أن يري رجل أخر بسمتها المُشرقة غيره فصرخ ب عوض قبل أن يصل للمطبخ وهو يقول: –
– استن يابهيم أنت، روح شوف الضيفة اللي برا وأركنلها أنت العربية آنا هجولهم يحضروا الفطار
قالها وهو يقترب منه مُتجه للمطبخ، فغمز له عوض وهو يقول بخباثة: -.
– بنفسك كمان، ماشي ياجناب البيه أصل المطبخ النهاردة فيه أكل حلو جوي جوي آنا خابر زين
قالها وهو يخرج هارباً بعيد عنه قبل أن يضربه بيده القوية، فجز على أسنانه من عوض ودلف لهم المطبخ يتنحنح بهدوء: –
– أحم أحم، خبري فريدة تجهز الفطار للضيوف اللي برا وساعديها مشان يلحجوا يفطروا قبل معاد الغدا
– حاضر.
قالتها ببسمة له، تفحصها سريعاً وعلى أنفها الشيكولاتة يبدو أنها تلعب بالكيك مع الأطفال ولا تطهيه، خرج مُسرعاً من وجود قمر ، جهزت الفطار مع أخته وخرجت فذهلت حين وجدته يجلس هناك مع أمراة أخري فنظرت نحوهم بغيظ وغيرة بعد أن تدفقت الدماء إلى رأسها وهي ترآه هناك معاها فصاحت به بغيرة مُشتعلة بداخلها عليه من امرأة أخري قائلة: –
– صقر.
أستدار لها وصدم من مظهرها وغيظها منه وهي تقترب منه كعاصفة الهلاك تكاد تلتهمه هو وهذه المرأة، فقال بهدوء: –
– نعم
وقفت أمام الجميع في الصالون وهي ترمق سناء بغيظ شديد وتقول: –
– الفطار جاهز
وقف بتوتر من نظراتها ل سناء وغيظ وقال لهم: –
– أتفضلوا ياجماعة.
ذهبوا نحو السفرة فمسكته من جلابيته من الخلف كمجرم أمامها وجذبته للخلف نحوها، أتسعت عيناه من فعلتها هذه معه وشراستها الدائمة وقال بعنف من أن يراه أحد موظفيه فيسخروه منه: –
– ايه اللي بتعملي ده
– مين دي
قالتها بغيرة وعنف فصاح بها بضجر من فعلتها، قائلاً: –
– مالكيش صالح وأطلعي أوضتك أحسن ومتخرجيش منها
فضربته على ظهره بقوة وغيظ شديدة من حديثه معاها وهي تردف بغضب مُنفعلة: -.
– مش طالعة في حتة ولا هتحرك من هنا ايه رأيك
تألم من ضربتها مُصدوماً من شراستها معه، فنظر أيمن و سناء نحوه فأبتسم لها أبتسامة مزيفة، وجلست على الكرسي تنظر عليها وهي تضع قدم على الأخري بأنفعال وتضرب بيدها على فخدها، ذهب نحوهم وهو ينظر للخلف عليها وهي تراقبه…
• أيمن: – شاب في ال35 من عمره يعمل في شركة الصقر للعقارات والبناء والتشييد كمدير لها يديرها بغياب صقر ويتابع معه كل شئ وكل ورقة، أرمل لديه طفل ذات السبع سنوات وزوجته متوفية
• سناء: – مديرة الحسابات بالشركة وتعمل مع أيمن في إدارة الشركة وكأنها مدير أعمال متزوجة ولديها طفلين.
على القهوة..
جالساً كامل مع رجاله بضيق يكتم غيظه بداخله وهو يفكر بما حدث بعد أن رفض الجميع شراء المحصول من والده ومرض والده بسبب هذا، فقال أحد الرجال بصدمة وهو ينظر في هاتفه: –
– وااااا بصوا أكده مش دي الحرمة اللي خطفناها
أعتدل كامل في كرسيه وهو يأخذ منه الهاتف بسرعة البرق ونظر للهاتف بصدمة وهو يقول: –
– يانهار مربرب ده صجر هيجتل اللي عملها
– ده لو مفكرش آنك أنت اللي عملتها.
قالها الآخر ينبهه لما هو قادم له من كارثة..
جهز بدر الشاي للرجال وهو جالس على الأرض في الجنينة ومعه عوض ، فجاء أحد الرجال ركضاً وهو يضع طرف عبايته في فمه ويقول بهلع: –
– عوض ياعوض
– واااا اللي سيبك البوابة ياواد المحروج أنت
قالها عوض وهو يمسك بندقته ليضعها على ظهره قبل ان يقف، فأجابه الرجل بهلع وهو يتوقف أمامه: –
– الحج ياعوض، مرت جناب البيه
وأعطاه الهاتف، فضربه عوض على ظهره بقوة وهو يقول: -.
– مالكش صالح بمرت جنابه، ياواد المحروج مش جولتلك متهملش مكانك…
بتر حديثه من فمه ولم يكمله حين نظر في الهاتف ورأي صورها وهي بملابس بيتها بدون حجابها ومُبتسمة، فقال بهلع وخوف من غضب الصقر وعاصفته الهلاكية: –
– واااا يا وجعة مربربة، انت عمرك ما تجبلي ابدا أخبار زين، غور الله يحرجكم انا اللي بتحط جدام المدفع كل مرة…
أخذه ودلف بخوف للداخل وجدها تقف على باب مكتبه وجسدها منحني قليل تحاول أن تسمع حديثهم و فريدة و قمر يجلسوا في الصالون يضحكوا عليها وعلى غيرتها عليه حتى في عملهم فأصبحت أفعالها تفضح حبها له فأفعالها وحدها تخبر الجميع بأنها وقعت في شباكه حد اللانهاية، فتنحنح عوض بأحراج قائلاً: –
– ممكن افوت لجنابه
وقفت بفزع حين سمعت صوته فمسكته من ذراعه تأخذه بعيد عن الباب ثم سألته: -.
– ميت الست اللي جوا دي ياعوض، وتعرف صقر منين، وايه علاقاتهم ببعض، قولي كل حاجة حتى لو تافهة وإلا هخلي جنابه يعلقك
أزدرد لعوبه منها بتوتر حاول رسم بسمة وهو يعلم بأن هذا الصقر هو الأخر يغار عليها ووقع في شباكها حتى آنه رفض صعوده للأعلي لأول مرة، وقال: –
– الهانم دي من مصر مؤظفة في شركة جنابه هي والأستاذ أيمن، على فكرة هي متجوزة وعنديها عيل أصغار.
تركته بلا مبالاة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بكبرياء مُتمتمة: –
– متجوزة طيب، ادخله ياخويا
رأت الهاتف في يده مفتوح على صورتها فأوقفته بذهول من وصول صورها له وصرخت بأنفعال شديد: –
– إيه القرف ده
– أصل أنا كنت…
كاد آن يخبرها ولكنها أوقفته هي بصراخها العالي فخرج من المكتب على صوت صراخها وأخته و فريدة يقفوا بجانبها ويشاهدوه الهاتف بصدمة، رفعت فريدة نظرها له بخوف ثم نكزتها في ذراعها بأن تكفي عن صراخها، هتف صقر بصوت مرتفع بغضب: –
– في إيه ياعوض، أنت ضايجتها ولا ايه
فأقترب عوض منه وأعطاه الهاتف وهو يقول: –
– جنابك الصور على تلفونات البلد كلتها، الظاهر ان الواد كامل واد المحروج ما هيتهدش غير لما نكسرله عضمه.
نظر للصور بصدمة فهو حتى الآن لن يراها هكذا والآن رأتها البلد بأكملها هكذا، فصرخت به بغيظ وهي على وشك البكاء: –
– كامل مين ده الزبالة حسام، صوري دي مع حسام بس ميعملهاش غيره عشان مرجعتلهوش، بس والله لاندمه على عملته السودة دي هو مكتفاش بكل اللي عمله فيا كمان شرفي
كادت آن تخرج فأوقفه بصوته الخشن بأنفعال: -.
– تعالي أهنا حجك هجبلك وجدام البلد كلتها كمان، تأخد رجالتك ياعوض وتجبهولي أهنا من غير ما تمد يدك عليه أنا عاوزه سليم، واضح انه مكفهوش علقك السبوع اللي فات وأنا بجي هخليلك أصغر عيل في البلد أرجل منيه، غور ياعوض…
فخرج عوض فهتف بحدة وغضب: –
– عن أذنك ياأيمن هغير خلجاتي عندي موضوع ميستناش، نكمل بعدين اطلعوا أرتاحوا، وأنتي أطلعي غيري خلجاتك دي مشان هأخدك مشوار.
وصعد بغضب مكتوم بداخله، وصعدت هي الأخر باكية بصمت على ما يفعله بها وكل يوم يهينها أعتقادت بطلاقها منه ستنتهي أهانته لها…
بحث عوض عنه في النجع بأكمله ولم يجده ولكنه يخشي العودة بدونه فيكون هو الضحية لعاصفة الصقر المميتة فظل يبحث…
توقفت سيارة أمام السراية ونزل منها كامل ورجاله وأنزله معاهم كما هو دون خدش واحد به، فهتف كامل بغضب وهو يريد قتله بيده: –
– احمد ربك آن لسه فيك نفس لان لولا المصيبة اللي خربتها دي كنت جتلتك لما لاجيتك بس دلوج لازم تجول لصجر آنك انت اللي عملتها مش إحنا
وأدخله للسراية فراه البواب معهم، فقال له كامل : –
– خليه وياك على ما اتحدد ويا البيه.
وتركه وحده ودلف للداخل، ذهب البواب يغلق البوابة أولاً فرأها تقف هناك فذهب نحوها، رأته يقترب منها فهتفت بغضب: –
– شايف زبالتك وصلتلك لفين ونزلت مستواك لأرض، لدرجتي متغاظ ومتكاد
– متغاظ ومتكاد أنا هوريكي المتغاظ ده هيعمل إيه، لتكوني فاكرني خايف من السبع اللي جوا اديني واقف اهو ومن غير خوف وريني هيعمل ايه
قالها وهو يقترب من أكثر فصاحت به بتحدي وكبرياء تستفزه إكثر: -.
– أديني مستنية اشوف هتعمل إيه يا عرة الرجالة، انا اهو وأنت هو وشوف مين اللي هيعمل وحياة كل اللي عملته لأقهرك وأذلك يا حسام وسط ناسك كلهم وبكرة تقول جالان قالت
مسكها من ذراعها بقوة وعنف وهو يقول لها: –
– أنا تعملي فيا، ورحمة أمي لأدفعك الثمن غالي ياجالان
فصاحت به بشراسة وعنف تخفي خلفها خوفها بجراءة اعتاد عليها منها، قائلة: -.
– عملت إيه ياحسام بيه آنا لحد دلوقتي معملتش فيك حاجة اما بقي الثمن اللي بتكلم عنه ده أنت اللي هتدفعه، وأنا اللي ينزل دموعي أنزل دمه قصدهم اوعاك تكون فاكرة آني ضحية هبلة هتروضها بمزاجك وبسهولة لا فوق من الوهم ده أنت أصغر من آنك تخليني ضحيتك لأنك ببساطة مش راجل أنت ذئب فهيئة بني آدم.
نزلت صفعة قوية على وجنتها فأحمرت بغزارة وظهر عليها أثر أصابعه فرفعت رأسها له بغضب ممزوج بألم وخوف، فمسكها من حجابها بقبضته بقوة كجارية لديه وقال: -.
– بكرة تشوفي يا جالان هعمل فيكي أيه واوريكي اللي مش راجل ده هيعمل فيك وفي جوزك اللي بتتحامي فيه إيه، وأياكي تفكري آنه يقدر يخبيكي مني آنا اهو قدامك لا قدر يمنعني من لمسك ولا حتى من ضربك ولو حبيت أقتلك دلوقتي هقتلك ومش هأخد فيكي يوم ببساطة هقول ردتها وهي زنت لما اتجوزت غيري من غير عدة
كانت تتألم من قبضته وألم وجنتها التي تورمت من قوة صفعته لها وبدأت ترتجف من الخوف بيده فصرخت به بغضب أكثر: -.
– ردت مين يازبالة انت، انت مطلقة الثلاثة مالكش ردة، انا زنت هقولك ايه ما هو واحد زيك مُغتصب وقاتل يقول أكتر من كدة
كاد آن يصفعها مجدداً لكن منعه صوت فريدة من خلفه قائلة: –
– أنت ياحيوان
نظر ورأها تقف بجوار أخاها وعيناه تشع غضب ووجهه كالنار بعد أن تتدفقت الدماء من جسده بأكمله حتى رأسه، أسرعت نحوه وجذبتها من يده وهي تبكي وتربت عليها قائلة: –
– معلش ياحبيبتي ده شكله ناوي على جتله النهاردة.
أقترب صقر بهدوء وخلفه كامل ورجاله، جذبها من ذراعها بقوة ينتزعها من أحضان أخته ومسك فك وجهها ينظر على وجهها وأثر يده وهي ترتجف في يده باكية مُتحاشية النظر له بخوف، شعر بخنجر يطعن في قلبه من رؤية وجهه متورم، لم يتمالك أعصابه أكثر فلم يشعر بنفسه سوي وهو يلكمه على وجهه بقوة وعلى ذراعه المُجبس دون رحمة، كان يسقط منه وهو يوقفه معاه يلكمه بقسوة حتى نزفت الدماء من وجهه وأنفاسه لا يستطيع تنفسها من شدة الوجع، كاد آن يقتله في يده فركضت نحوه بهلع وهي تمسك ذراعيه بضعف وتهتف باكية: -.
– صقر كفاية ده هيموت في أيدك
– خايفة عليه، أنا هدفنه النهاردة مهيكفوش مصيبة الصبح مشان يعمل غيرها
قالها وهو يحاول أبعادها عن طريقه، فهتفت بحزن وهي تشهق بقوة: –
-أنا خايفة عليك أنت.
جاء عوض برجاله ورأه على الأرض سايح في دمه لا يستطيع تحريك أصبع واحد من الوجع، قذف عباية نسائية ل عوض وهي تمسكه بخوف، فأخذها من يدها وأدخلها سيارته ونظرت من النافذة ورأت عوض يركبه على حمار بالمقلوب فضحكت رغم بكاءها وهو يجلس بجوارها وتقول: –
– هههههه أنت هتعمل فيه إيه
– مانا جولتلك هخلي أصغر عيل في النجع أرجل منيه.
قالها وهو يشير للسائق بأن يقود بهم، ظل يتحركوا بكل مكان في النجع وهو كما هو على ظهر الحمار مُرتدي عباية نسائية سايح في دماءه لا يستطيع الحركة آو رفع رأسه المنحنية، والجميع يشاهدوا ضاحكون عليه ويصوروه بهواتفهم ثم توقفوا فئ السوق أكثر أماكن النجع أزدحاماً، فنزل ومد يده لها فوضعت يدها فيده ونزلت، أقترب بها منه وهي خائفة من أن يضربها مجدداً أمام الجميع ثم هتف وهو يتوقف إمامه قائلاً: -.
– أخلعي جزمتك وأضربي بيها
قالها بلهجة أمرية لها وهو يخبرها بأن تسترد حقها ولا تخاف منه فهو هنا، فعلت كما طلب وضربته بقوة بحذاءها على رأسه، أنحني صقر نحوه وهو يقول: -.
– الراجل اللي يضرب بجزمة حرمة ميبجاش راجل، والست آللي صورها تنزل في كل حتة وهي بخلجاتها الناس هتنسي وخصوصاً لو كانت عملة راجل وسخ كيفك أكدة، لكن الراجل اللي يلبس خلجات حرمة ويلف البلد كلها محدش هينسي ولا بقى راجل، وأفتكر آني جولتلك اللي يمد يده على مرتي بجطعها له، عووووض.
ناده بصراخ وهو يستدير فمد له عوض ساطور كبير ومسك يد حسام وهو شبه غائب عن الوعي، نظرت بهلع له وهو يقطع كفه بنفسه فصرخت بخوف، تركه ولم يرعى أنتبه له فأخذها وعاد للسراية…
ظلت طوال الليل تفكر بما فعله وكيف وفي بوعده حين قال بأنه سيقطع يده إذا لمسها، نظرت ل قمر وهي نائمة بجوار أطفالها وأخذت حجابها بخفوت وخرجت من الغرفة بعد أرتدي حجابها ووقفت أمام باب غرفته وأذا بها تدق الباب بخفوت…
ظلت طوال الليل تفكر بما فعله وكيف وفي بوعده حين قال بأنه سيقطع يده إذا لمسها، نظرت ل قمر وهي نائمة بجوار أطفالها وأخذت حجابها بخفرت وخرجت من الغرفة بعد أرتدي حجابها ووقفت أمام باب غرفته وأذا بها تدق الباب بخفوت، فتح الباب ووجدها فقالت بهدوء وهي تنظر لعيناه: –
– ممكن أتكلم معاك شوية
– ممكن
قالها وهو يشير لها بيده لتذهب أمامه ثم خرج من باب الغرفة وأغلقه، نزلا للأسفل معا ثم إلى الحديقة وهي تقول: -.
– أنا متشكرة جدا على اللي عملته بس كان قاسي شوية
– لا جاسي ولا حاجة انا حذرته ميلمسش مرتي وإلا هجطعها وهو مسمعش مني
قالها وهو ينظر لها بجدية، فهتفت بهدوء ورقة تذيب قلبه أمام عيناها الزرقاء: –
– أنا ممكن اطلب منك طلب
أجابها وهو يضع يديه خلف ظهره متشابكين قائلاً: –
– ممكن
– قمر ينفع تشغلها عندك في الشركة، هي خريجة إدارة أعمال
قالتها بهدوء وهي تمضي قدماً بجواره، فسأل بفضول: -.
– أشمعنا، هي كانت بتشتغل ايه جبل سابج
عضت شفتيها السفلى بأحراج وهي تنظر للأرض ثم قالت بخفوت: -.
– مكنتش بتشتغل هي عايشة على معاش جوزها الله يرحمه بس يادوب على القد بيكفي مصاريف البيت، حاولت تشتغل بس مفيش شركة رضيت تقبلها من غير كورسات وتنمية مهارات وطبعا هي كأي أم متقدرش تدفع فلوس للكورسات وولادها محتاجين حاجة، وطبعاً هتقدم في المدرسة للولاد والمصاريف هتزيد عليها وبترفض تأخد مني اي مبلغ فقولت لو ينفع توفرها وظيفة تساعدها.
– ماشي هشوف الموضوع ده مع أيمن، حظها زين السكرتيرة بتاعتي أخدت إجازة مشان هتولد تيجي مكانها
قالها وهو يتوقف عن المضي للأمام، فرسمت بسمة على شفتيها بسعادة وشكرته ثم كادت آن تذهب فأوقفها بصوته وهو يقول: –
– ممكن اتحدد أنا بجي
أستدارت له بسعادة وقالت بحماس: –
– طبعاً أتفضل
أشار إليها على المقعد لتجلس فجلسا سويا ثم أردف بجدية: –
– اللي حصل الصبح، وطولت لسانك ويدك.
– أنا اسفة مقصدتش بس أنت عصبتني فيها أيه لما أقولك مين دي رد عليا وخلاص
قالتها بأسف وأحراج، فقال بهدوء شديد: –
– أنا خابر آنك مجصدكيش بس نفرض الضيوف كأنه شافوني وأنا بضرب وبتعامل زي الحرامية ممسوك من جفايا، الضيوف اللي هم موظفين عندي كآن هيبجي شكلي أيه؟
دمعت عيناها الزرقاء بندم شديد وأخفضت رأسها أرضاً ثم قالت بتلثعم: –
– أسفة مش هكررها تاني.
أشاح نظره بعيداً عنها حتى لا يضعف أمام دموعها، بكل مرة يري دموعها يتمني لو أستطاع لمسهم بأنامله وتجفيفهم بقبلاته لمنبعهم داخل عيناها الزرقاء…
هتف بدفء وهو يدير رأسه لها بغيظ من لسانه الذي أبكاها، قائلاً: –
– خلاص كفياكي بكي آنا معاوزكيش تبكي، أنا بجولك مشان تتعلمي
– ماشي عن أذنك.
قالتها وهي تقف وتخشي النظر في عيناه ثم ذهبت قبل أن يتحدث معاها، وضع يديه خلف رأسه وسافر في عالم خياله وقلبه بها حين يستيقظ في يوم ويجدها بين ذراعيه زوجته وحلاله فيضع قبلة على جبينها بحنان
– كان نفسي أعمل اكدة من أول لحظة شوفتك فيها اهنا.
قالها بدفء وهو يضع خصلات شعرها الذهبي خلف أذنها بحنان ويطوقها بذراعه الآخر، نظرت لعيناه بسعادة تشعر بنبضات قلبها وخفقاته المستمرة وهتفت برقة وصوت خافت يكاد يسمعه من هدوءها قائلة: –
– أقولك آنا كان نفسي في ايه من أول مرة شوفتك فيها
أبتسم لها بأشراق ثم سألها وهو يداعب خصلات شعرها بيديه الأثنين ناظراً لعيناها الزرقاء: –
– نفسك في ايه
طوقته بيدها الصغيرة بقوة وهي تردف بسعادة هامسة في إذنه: -.
– كان نفسي تأخدني في حضنك كدة
فطوقها بذراعيه بحنان ويمسح على ظهرها بلطف واضعاً قبلة رقيقة على عنقها…
كان في عالم من خياله الناعم ولحظاته الوردية معاها مُشتاق لها وللحظات تجمعهما معا، فاق من شروده على صوت عوض وهو يقول له: –
– الفجر ياجناب البيه
أشتاط غضباً منه ووقف بزفر منه يقول: –
– روح نام يا عوض ولا صلي
ذهب للداخل وهو ينفر من رأسه أفكاره الكثير بها وأحتلالها لعقله وقلبه…
خرج من غرفته بعد أن بدل ملابسه وتوضأ ليصلي الفجر في المسجد ثم سمع صوت خافت من الجوار ذهب لينظر فوجدها تقف هناك تعطيه ظهرها وتصلي بأطفالها الصغار مُتحدثة بصوت مرتفع قليلاً ليسمعوا صوتها ويرددوا معاها، وقف يتأملوهم مُبتسم على مظهرهم وأطفالها ينظروا عليها بأختلاس خوفاً منها معتقدين بأنها ستترك الصلاة وتعاقبهم فيضحكوا بخفوت واضعين يديهم على فمهم، أبتسم عليهم وذهب للصلاة…
كانت تُحمم طفلتيها الصغيرة في حوض الأستحمام وهم يلعبوا معاً بالماء والصابون، فدخل فقعات الصابون بعين مكة فبكت بألم مما ففزع قلب قمر عليها وهي تمسح على عيناها بحزن وألم قائلة: –
– خلاص ياملك بطلي تلعبي بالصابون دخل في عين إختك
أكملت أغتسالهم ثم خرجت بهم مُرتدين روب الأستحمام ذات اللون الوردية، فهتفت بأستغراب قائلة: –
– قاعدة كدة ليه يا جالان.
– مفيش بفكر، على فكرة أنا جبتلك وظيفة، كلمت صقر يشغلك في الشركة عنده
قالتها وهي تقف من مقعدها بملل من الجلوس في الغرفة تخشي الخروج من غرفتها ومقابلته، فصاحت بها قمر بأنفعال: –
– ازاي تعملي كدة ياجالان انتي غبية، أزاي تطلبي كدة من حد غريب
أستدارت لها جالان بذهول ثم قالت بأستغراب: –
– غريب صقر مش غريب ياقمر وبعدين آنا طلبت كدة عشان لاقيتك بدوري ومش لاقيه.
– ياحبيبتي مش غريب وخطيبك بس ميعرفش حاجة عنك غير اقل القليل افرضي فكر آنك طمعانة فيه وبدوري على الفلوس ده هيبقي جوزك مينفعش ياخد فكرة زي دي عنك
قالتها قمر وهي تلبس أطفالها، فهتفت جالان بحيرة: –
– لا طبعاً مش هيفكر كدة، صقر عقله مش كدة
ركضت ملك للخارج وخلفها مكة فذهبت خلفهم غاضبة…
– جولت إيه ياأيمن
قالها صقر وهو يقف معاهم في ساحة السراية فقال أيمن : –
– زي ما تحب، خليها تعدي عليا بكرة بالسي في وإن شاء الله خير
أجابه صقر بهدوء ثم قال: –
– تمام، وصلهم للمطار ياعوض
فودعهم وعاد للداخل، وجد الأطفال يلهو في الصالون فأبتسم عليهم وجلس في الصالون يراقبهم، فجاءت فريدة له ونظرت لبسمته وهو ينظر للأطفال ثم قالت: –
– ربنا يرزجك بزيهم ياخويا ويلعبوا حواليك كيفهم أكدة.
أقتربت منه الطفلتين وقالت مكة ببراءة: –
– حضرتك عندك بنت
فأشار إليها بلا فأعادت بسؤال أخر له: –
– طب عندك ولد
فأشار بلا لها فأردفت ملك : –
– كنا هنلعب معاهم من غير ما نضربهم، هو حضرتك مش مخلف
– لا بس لما أخلف ههملكم تلعبوا وياهم كيف ما تحبوا.
قالها وهو يمسح على رأسهم بهدوء ثم ذهب يبحث عنها بنظره خاشياً آن يسأل أخته عنها فعلم بأمر قلبه العاشق لها، كان يلتف حول ذاته باحثاً عنها في صمت لن يراها صباحاً على الفطار ولم يجدها في الحديقة تكتب مقالاتها وتعمل، بحث بشوق جنوني عنها ولم يخضع قلبه للوهلة واحدة من التوقف عن البحث يخبره عقله بأنها بغرفتها حتماً لمن قلبه مُشتاق لها بعد إحتلاله فأصبح تحت سلطتها وسيطرتها وحدها دون الخضوع لسيطرة عقله عليه…
كانت تقف في شرفة غرفتها مستندة بساعدها على سور البلكونة ماسكة بيدها مج نسكافيه شاردة في حديثه معاها ناظرة للأمام، فدلفت قمر عليها ووقفت جوارها فلم تشعر بوجودها وأبتسمت قمر عليها وهي تلعب بخصلات شعرها الذهبي المُنسدل على ظهرها، شعرت بها جالان ونظرت نحوها صامتة…
– الجميل بتاعتنا واقف في البلكونة من غير طرحة وسرحان فئ أيه.
قالتها وهي تداعب خصلات شعرها وتمسح على رأسها، فأجابتها وهي تستدير لها مُتكي يظهرها على السور: –
– فريدة قالتلي آن مفيش رجالة هنا كلهم عند البوابة
وضعت يدها على كتفها وقالت مُبتسمة: –
– وسرحانة في آيه ياست جالان
أستدارت وهي تلف للسور مجدداً وتقول بسعادة: –
– في أحلي من النيل تسحري فيه وتبصيله
نظرت على النظر الذي تطل عليه السراية من الخلف وضحكت قمر وهي تقرص وجنتها برفق قائلاً: -.
– مفيش أحلي منك ياجميل، هروح أشوف البنات وأسيبك تكملي سرحان
خرجت وتركتها تكمل شرودها واضعة يدها على وجنتها بحنان مُتكية عليها.
كان يمضي قدماً للأمام يفكر بها وما فعلته به بأختباءها عنه يوم واحد لأول مرة، فجلس على أحد المقاعد في الحديقة شارداً بها وإذا به يراها أمامه تقف في شرفتها شاردة وشعرها يتطاير مع الهواء الطليق واضعة يدها أسفل وجنتها وبيدها الآخري تمسك مجها، جلس يتأملها بقلب مُشتاق لها كان يبحث عنها والآن وجدتها كملاك واقف هناك بعيداً عنه…
رن هاتفها يقطع شرودها فأخرجته من جيبه وحدثت صديقتها، كانت تضحك بقوة في هاتفها مع صديقها وتتحرك في البلكونة ذهاباً وأياباً ومن تارة لأخري تبعد خصلات شعرها الناعم عن وجنتها رافعهم للأعلي فيبتسم هو عليها وهو يتأملها فأخرج هاتفه وجلس يلتقط بعض الصور لها وهي تضحك ومُبتسمة بأختلاس خوفاً من أن يراه أحد وهو كمراهق يراقب بنت الجيران في الخفي، كانت تضحك وهي ترفع رأسها للأعلي وأنزلتها فتسمرت مكانها حين رأته جالساً هناك وينظر عليها، أرتبك من نظرتها عليه لا يعلم أيهرب من أمامها أما يخبئ خلف المقعد الجالس عليه فأغمض عيناه يصطنع النوم، أغلقت الهاتف وهي تنظر عليه وهو لم يتحرك فدلفت للداخل لفت حجابها ثم ذهبت إلى الأسفل…
فتح عيناه بخفوت فرأها قادمة أمامه فهلع وأغمض عيناه بقوة، أقتربت منه بهدوء ورأته نائماً على المقعد فجلست على الأريكة بهدوء تأملته بصمت دون إصدار اي حركة أو صوت ثم أربتت على ذراعه بهدوء تقول: –
– صقر، صقر قوم نام فأوضتك
فتح عيناه مُتحاشي النظر لعيناه بخجل ودلف للداخل هارباً من أمامها…
– بجي صجر جطع يد حسام
قالها مجدي وهو يستمع لحديث حامد ، فأجابه بحماس: –
– ايوة ياحاج، بيجوله مد يده على مرت صجر بيه
– وكامل ايه اللي دخل في الموضوع
سأله وهو يرتشف الشاي بالنعناع، فأجابه بخفوت: –
– صجر كان مفكر آن كامل اللي عمل موضوع الصور فكان لازم كامل يثبتله انه بري، بس كيف كامل مسكه وهمله من غير ما يجتله
– يجتل حسام بطل حديدك ده وجوم من اهنا اكدة روح شيع لصجر جوله آني عاوزه أشوفه واتحدد وياك.
قالها بحزم وهو يمد له كوب الشاي، فأخذه من يده ثم ذهب إلى صقر ليبلغه رسالة جده…
جلست فريدة في غرفتها تبكي وتندب حظها وحظ قلبها الذي جعلها أسيرة حبه وواقعة في شباكه رغم عن افعاله وكيانه، تكتم صوت بكاءها خاشية آن يسمعها أحدها ويعلم بألمها وهلعت من مكانها حين سمعت صوت صراخها من الخارج…
كانت تقف في غرفة الصلاة في الأمام تصلي وطفلتيها بجوارها يصلوا مثلها مُرتدين نفس أسدال الصلاة الخاص بأمهما نفس اللون، وتنظر ملك على أختها وأمها فتشير لها مكة بأن لا تنظر عليها فتغضب أمهما وربهم الذي يعلمه عنه القليل من حديث أمهم فعادوا بنظرها إلى الإمام أرضاً وسمعوا صوت صراخها فركضوا الأطفال قبل أنتظر أمهم…
في غرفة مكتبه يباشر عمله وبجواره عوض يمسك له بعض الاوراق وهو يمضي عليها ويدون بعض الملاحظات ثم سمع صراخها وهلع من كرسيه فهو أصبح يستطيع تميز صوتها جيداً فخرج من المكتب ركضاً وخلفه عوض …
في غرفة مكتبه يباشر عمله وبجواره عوض يمسك له بعض الاوراق وهو يمضي عليها ويدون بعض الملاحظات ثم سمع صراخها وهلع من كرسيه فهو أصبح يستطيع تميز صوتها جيداً فخرج من المكتب ركضاً وخلفه عوض سمع صوتها يأتي من المطبخ فأسرع في ركضه ووجدها واقفة باكية والميكرويف يبث منه حريق وماسكة يدها بالأخري، أقترب عوض بهلع يحاول أطفاء الحريق آما هو أقترب منها ونظر ليدها التي أحمرت بشدة يبدو أنها تأذت، فمسك يدها برفق وأنقبض قلبه عليها بخوف ثم صاح ب عوض قائلاً: -.
– مش جولتلك أتغير المخروب دا
تألمت من يده وهو يمسك يدها حين صرخ ب عوض وضغط عليها قليلاً بدون قصد، فنظر لها على أنينها فترك يدها وهو يري دموعها وهي تحاول التوقف عن البكاء بوجع، أشاح نظره عنها وهو يهتف بحزم: –
– روح شيع للداكتور خلي يجي
– حاضر يا جناب البيه.
قالها وهو يخرج بهلع من غضبه ف عوض كأخته يرى مشاعره بعيناه ونظراته لها يعلم بأنه واقع في غرامها وأصبح لدي صقر الصعيد نقطة ضعف تتمثل بهذه المرأة التي أحبها وعشقها حد الجنون…
هتفت له بخفوت وهي تمسك يدها قائلة: –
– مفيش داعي للدكتور آنا هحط عليها مرهم وهكون كويسة.
كاد آن يتحدث ويخبرها بأنه يخاف عليها بهوس جنوني، لكن بتر حديثه دخول الجميع على صوت صراخها فشعر بالتوتر من وجودهم ومن ثم خرج وتركها رغم أنه بتلك اللحظة أكثر ما تمناه هو أن يضمها بين ذراعيه في أحضان يخفيها عن الجميع وعن نفسها حتى لا تتأذي من جديد لكنه مجبور على الخروج بعد حضورهم…
ذهبت قمر للقاهرة من جديد ومعاها أطفالها و جالان بعد شجار كبير بينها وبينه على تركها تذهب وحدها دون أن تخشي حسام، وقفت أمام المرأة لكي تتجهز، فدلف جالان عليها ثم قالت بأستغراب: –
– أنتي مش هتلقعي الأسود ياقمر، ياحبيبتي الحزن في القلب مش باللون
فأجابتها قمر بهدوء وهي تلف حجابها قائلة: –
– ياحبيبتي ده مش حزن بس الأرملة بتلبس على جوزها أسود، وروحي شوفي وراكي إيه عشان متأخرنيش.
– أسمعي بس لوني ياحبيبتي حتى عشان ولادك الصغيرين
قالتها جالان بأصرار، ثم تركتها ورحلت.
كان واقفاً مع السكرتيرة الخاصة به يعطيها ورقة وهو يقول: –
– لما نبيل يجهز الورق هيجبهولك، أبعتهولي وراجعي الايميلات قبل ما تبعتيها للأستاذ صقر
– لو سمحتي مكتب أستاذ أيمن فين.
جاءه صوت أنوثي رقيق من خلفه، أستدار ورأها تقف خلفه مُرتدية قميص نسائي باللون الكشميري وجيبه سوداء تدخل القميص من الامام بها وتلف حجابها الكشميري وشنطة سوداء وتمسك بيدها ملف، تذكر حين رأها في السراية وبالتأكيد هي من ينتظرها حسب أوامر رئيسه فهتف بجدية: –
– أنا أستاذ أيمن أتفضلي.
وذهب أمامها لمكتبه، ذهبت خلفه بإرتباك من مقابلتها وهل ستنجح أم لا، نزع جاكيته ووضعه على ظهر كرسيه ثم جلس على كرسيه بهدوء خلف مكتبه وأشار إليها بالجلوس وهو يرفع كم قميصه إلى ساعده
فهتف بلطف وهو يرفع سماعة هاتفه الأرضي قائلاً: –
– تشربي إيه الأول قبل ما نتكلم؟
– ميرسي ممكن نتكلم
قالتها بتلعثم وأرتباك واضح في نبرة صوتها وحديثها، فقال لها مُبتسم بتكلف ليخففي من توترها: -.
– متقلقيش أستاذ صقر موصي عليكي جداً وإن شاء مش هتخرجي من هنا غير بوظيفة، تشربي آيه بقي
أبتسمت بخفوت هادئ وقالت برقة تثير عقله بجمالها ودفء نبرتها وحديثها: –
– إذا كان ولابد ممكن قهوة مظبوطة
– أتنين قهوة مظبوطة ياحنان وأبعتيلي أستاذ نبيل
قالها بجدية وثقة ثم أغلق الخط ونظر لها وهو يغلق الملف الموضوع أمامه ثم قال بنبرة هادئة تحمل شئ من الجدية والصرامة: –
– حضرتك أشتغلتي قبل كدة عندك خبرة يعني؟
أزدردت لعوبها بأرتباك ثم تنحنحت بخفوت وقالت: –
– لا بس الأربعة سنين بتوع الجامعة نزلت تدريبات في شركات مختلف كنت في التسويق، وطبعاً لما أتجوزت مشتغلتش عشان البيت والولاد زي ما حضرتك عارف فمعنديش خبرة كبير بس بفهم تسويق.
كان يستمع لحديثها وهو ينظر في ملفها إمامه وعندما ذكرت أطفالها تبسم بسمة مُشرقة حين تذكرها وهي تصلي بهم وهو ينظروا عليها ويشاكسوها في صلاتها، نظرت لبسمة بحزن مُعتقدة بأنه يسخر منها ثم أردفت بخفوت: –
– في حاجة؟
رفع نظره لها ورأها الحزن وخيبة الأمل أحتله ملامحها الجميلة خالية من أي مساحيق تجميل فأبتسم أكثر غالباً تأتي الموظفة للمقابلة على أكمل وجه من الجمال والزين لتكون حسنة المظهر آما هذه المرأة جاءت بطبيعتها، فقال بجدية: –
– مفيش أفتكر حاجة ضحكتني مش عليك، طب أستاذ صقر سيب آمر آن حضرتك تستلمي السكرتارية بدل السكرتيرة بس أنا ليا رأي تاني.
ومد لها ورقة فأخذتها من يده ووجدتها أعلان عن حاجتهم عن موظفين مبيعات وتسويق وعلاقات عامة، فقال بثقة: –
– أعتقد التسويق هيكون أفضل ليكي بما أن حضرتك عندك نظرة عنه، ومعتقدتش آن أستاذ صقر هيمانع مادام وفرنالك وظيفة وده طلبه وكمان دي هتكون دايمة ليكي لكن السكرتيرة بمجرد ما السكرتيرة هترجع من الاجازة بعد شهر او سنة هنضطر نستغي عن حضرتك
– تمام.
قالتها وهي تمد يدها له بالإعلان، دق الباب ودلف نبيل له ومعه ملف والقهوة ووضعها أمامهما، فأشار إليه بالجلوس يقدمه لها: –
– نبيل أشطر موظف تسويق عندنا في عملاء بيطلبوا مخصوص بالاسم، ان شاء الله تدريب شهر واحد معاه هيتظبط عندك كل حاجة
أبتسمت له بتكلف وأكملت أجراءات العقد معاه…
كان يجلس في السراية يكاد يجن عقله بعد مغادرتها، لكنه لم يتحمل الأنتظار قلبه يخبره بأن يذهب ويحضرها ولكن ما رأه في شخصيتها ينبأه بأنها قوية لن تقبل بترويضها كأسيرة في سراية ولكنه حقاً يريدها من الشوق لها وليس أسرها كجارية بل مُشتاق لها في تلك الأيام القليلة التي مرت عليها بعيداً عنه أما شراستها تنذره بأنه إذا ذهب يطالب بعودتها ستلتهمه وتقتله فهي لا تسمع لصوت عقلها وحدها ولا تقبل بالترويض والخضوع لأوامر، تتنهد بألم يخرج من بين صدره وهو جالساً على كرسيه في المكتب ثم ضرب مكتبه بقبضته بعجز من الذهاب لها أو الفصح لها بما يخبأه لها في قلبه وفور لمسه لمكتبه تذكر شركته وعي سبب قوي بأن يذهب هناك من أجل مباشرة عمله بأتقان وأتنفض من كرسيه يخبر عوض بأن يحجز له على طائرة ذاهبة للقاهرة اليوم…
عادت من العمل في ال 8 مساءً كعادتها فركضوا الأطفال لها بسعادة وهم يقولوا: –
– خالته خالته شوفتي مامي جابتلنا ايه
ومدوا يديهم لها بالألعاب والحلوي فأبتسمت لهم وهي تخلع حجابها ثم ذهبت ل قمر في المطبخ، ووجدها واقفة تضع بعض الجبن والعصائر في الثلاجة..
قالت بعفوية وهي تضع رأسها على كتف قمر : –
– أش اش ايه كل ده أنتي سرقتي بنك يابت.
– لا أشتغل في التسويق، وكمان قبضوني مقدم والمرتب مغري جدا واضح إن جوزك موصي عليا جداً، أنا فرحانة جدا هقدر أدخل البنات مدرسة خاصة وأجبلهم كل اللي نفسهم فيه وإن شاء الله احوش اي مبلغ عشان المستقبل واللزوم
قالتها بسعادة قصوي تغمرها بسبب توفير كل ما يحتاجه أطفالها بدون الشعور بيُتم الأب أو نقصهم عن غيرها بشي، فأربتت جالان على كتفها بحب وهي تري سعادتها ثم قالت بمرح: -.
– ياسلام ياست قمر قولتلك مليون مرة صقر خطيبي مش جوزي، أنا هغير هدومي عشان نتعشي بقي لاحسن أنا جعانة نوم
ضحكت عليها بسعادة وقالت بعفوية: –
– طيب روحي بسرعة عشان الأكل هيبرد أنا جبته معايا وأنا جاية
تركتها وخرجت تكمل ما تفعله وتغمرها سعادة من أطفالها…
فتح أيمن باب شقته فقابلت مربية طفله وهي ترحل فقالت: –
– يوسف أتعشِ ونام
– ماشي شكراً
قالها وهو يدلف للداخل مُتجه إلى غرفة طفله ورأه في سريره نائم ويحتضن دميته فجلس بجواره ووضع قلبة على كفه بحنان ثم دخل أسفل الغطاء بجواره وطوقه بذراعيه بين صدره فعانقه أيمن في حضنه، فهتف يوسف بهدوء وهو يتشبث بوالده: –
– بابي آنت جيت متأخر ليه
– أنت صاحي بقي، قولي نمت بدري ليه ومذاكرتش ها.
قالها وهو يحمله ويضعه فوقه مُبتسم، فقال له: –
– الميس أديتني تلوني وأنا مبحبش ألون
فضحك أيمن عليه…
وصل إلى الفندق في القاهرة مساءاً، كان يقف بغرفته حائراً بين ان يذهب لها آما يبقي هنا بعد أن جاء من أجل شوقه لها فأنتهي مطافه بالبقاء مكانه دون الذهاب لها.
مرت الأيام وعقله يخشي الذهاب له وحالها كحاله مُشتاقة له وتطمأن عليه كلاهما يقتله شوق للأخر ولكنهما يعتزا بكبرياءهم، كانا الأثنين يصارع مشاعرهما، هو يخشي الحب والمشاعر آما هي تخشي الدخول بعلاقة جديدة مع رجل ويخذلها كالسابق، فمرت الأيام وكلاهما يعدوها بأنتظار وشغف جنونه كسجين سينال حريته بعد أيام معدودة فيعدها بأنتظار أحر من الجمر الملتهب مُشع حرارة شوقه…
كان يقف في ساحة القاعة ينتظرها مع ضيوف الذين أنحصروه في مؤظفين شركته وأخته مع جده فقط فجميع النجع يعلم بأنها زوجته فلم الزفاف، فتح باب القاعة فوق بمكانه المخصص أمام السجادة الحمراء في نهاية القاعة، فدلفت بفستانها الأبيض وحجابها التي زادها جمالاً وعيناها الزرقاء تشبثت به وحده حين دلفت، عدل من هيئة وهو يغلق زر جاكيت بدلته السوداء فأقدمت نحوه وحدها تمسك بباقة ورد بيضاء ويركض أمامها أطفال قمر وحين وصلت أمامه أقترب هو الخطوة الأخيرة ومسك يدها فصارت القشعريرة تداعب جسدها بأكمله وهو ينظر لعيناها غير مصدقاً بأنه تزوج من أمراة طلبته هي للزواج ووقع في شباكها منذ النظرة الأولى التي ألتقي أعينهم بها…
– دي أخت صقر
قالها نبيل بذهول وهو ينظر عليها وهي تجلس على الترابيزة مع قمر وجدها، فأجابه أيمن ببرود: –
– ومالك منبهر كدة ليه، وبطل تبحلق كدة دول صعايدة وعندها اللي يبص لحريمها بيعموه ها ولا أنت مستغني عن عيناك الجميلة آم نضارة دي
فنظر نبيل له بهلع وقال بعدم تصديق: –
– يعموه ليه، ده ببص بصة بريئة وجميلة ومؤدبة
قال كلماته الأخير وهو ينظر نحوها مجدداً مُبتسم، فهز أيمن رأسه يمين ويسار بلا مبالاة…
كان يجلس الجميع بسعادة حتى سمعه صوته العالي من الخلف بغضب وهو يقول: –
– أتجوزت مراتي ياصقر، سرقتها
وقف من مكانه بغضب شديد بعد أن توقفت الموسيقي ووقف الجميع، وهو يقترب نحوهم، وقفت جالان معه بخوف ومسكت يده قبل أن يذهب له بخوف
– أطلع برا ياحسام ووريني عرض جفاك وأحمد ربك آنك هتطلع على رجلك المرة دي.
قالها صقر وهو يقف بجانبها ويربت على يدها يطمأنها بحنان ويقلل من خوفها، فصاح به حسام وهو يقف على قرب ليس بقليل منه: –
– أديني مراتي وأنا هطلع برا ومش هظهر في حياتك تاني
أشتاط غضباً منه وهو يكاد يذهب له وهي تمنعه فصرخ به بغضب تحت أنظار الجميع: –
– وهي فين مرتك دي مشان اديهالك، شاورلي عليها بس أوعي أجطعلك التانية لما تشاور
أقتربت فريدة منه بغيظ وأحراج من أنظار الجميع وقالت: -.
– حسام عيب اللي بتعمله ده، الخلق بتتفرج علينا، ممكن تهملنا وتمشي
فصرخ الجميع بهلع مع صرختها حين أخرج من جيبه سكين ووضعه على عنقها وبذراعه الآخر ذات الكف المقطوع يقبض عليها من خصرها أمامه ويصرخ به: –
– أديني مراتي وأنا أديلك أختك.
وضعت يديها على فمها بخوف من جنانه، كاد آن يقترب منه لكن أشار له أيمن و نبيل وهم يقتربوا من الخلف بأن يثبت مكانه ويكمل حديثهم، تمالك غضبه عليه وهو ينظر عليه وعليها بعد أن بدأت البكاء بخوف من ما يحدث وألم قلبها على من تعشقه، ثواني قليلة وصرخت بخوف حين مسك الأثنين يده وأبعده عنها فركضت نحو أخاها بهلع ونظرت عليه و نبيل ذات الغريب عنها يلكمه بقوة ثم أشار ل صقر بأن يكمل عرسه وأخذه خارجاً هو و أيمن بعد أن أبرحه ضرباً، أخبرته بأن يكتفوا بهذا القدر ويذهبوا قبل أن تحدث كارثة أخري…
دلف إلى غرفتهم بالفندق وهي مُرتبكة تستحوذ عليها توتر قوي، فأستدارت تنظر له وكادت آن تخبره بشئ وأذا به يبتر حديثها بقبلة على شفتيها طويلة يتعمق بها فذهلت من فعلته وأبعده عنه وهي تخرج نفسها من بين ذراعيه، فهتفت بخفوت وخجل بعد أن أحمرت وجنتيها قائلة: –
– صقر…
لمس وجنتيها بأنامله للمرة الأولى وكأنه سجين مال حريته أخيراً بعد أنتظار طويل وشغف لها ثم هتف بدفء ونبرة صوته تكاد تسمعها وخو يقترب منها أكثر ناظراً لعيناها: –
– كان نفسي أعمل أكدة من أول مرة شوفتك فيها آما دخلتي عليا
أزدردت لعوبها بصعوبة وهي تستدير تعطيه ظهرها بأحراج وخجل شديد، طوقها بذراعيه ووضع قبلة على كتفها فوق فستانها فأنتفضت من بين ذراعيه وهي تنظر للأرض خاجلة منه فهتفت بتلعثم قائلة: –
– مينفعش.
– هو إيه اللي مهينفعش
سألها بأستغراب فأستدارت له لتخفي عن نظرها فقالت بخفوت شديد: –
– اللي انت عايزه النهاردة مينفعش حرام
كانت كلمتها الأخيرة كصور وقعت على قلبه أعليه الإنتظار مجددًا، فتنحنح بغيظ وقال: –
– اااه جولتلي، طب تصبحي على خير انا داخل اتخمد مشان مضامنش…
نظرت له بحزن فأبتسم لها بخفوت وأخذها بيده لغرفة النوم وخو يقول: –
– تعالى مشان تنامي
فضحكت عليه ودلفت معه…
وصل صباحاً للسرايا بعد طلب جده له بأستعجال فدلف للداخل ووجدت علامات الصدمة على وجه أخته والغضب يمتلك جده، قبل أن يتحدث نزلت الحكيمة وفور رؤيته رسمت بسمة على وجهها ثم قالت: –
– مبروك ياصجر بيه المدام حبلة.
وقعت تلك الكلمات على أذنه كالحجر الناري وصدمة كهربائية أنعشت قلبه بعد أن توقف مع تلك الكلمات، نظر نحوها بذهول بعد أن أتسعت عيناه على مصراعيها من الصدمة، فنظرت له بصدمة لا تقل عن صدمته وكادت آن تفقد وعيها من الصدمة وتجمعت دمعة في جفنا عيناها الزرقاء من الصدمة التي ألجمتها وهكذا هو ألجمته وهو واقف لا يستطيع نطق حرف أو الحركة عن من تتحدث هذه المرأة عن أخته هي المرأة الوحيدة في السرايا آما عن زوجته التي لم تراها الحكيمة ولا تفحص وهو لم يلمسها وسرعان ما جاءه الجواب حينما هبطت تلك الحية من الأعلي خلف الحكيمة تمثل على وجهها الكسرة والحيرة، فور رؤيتها لتلك المرأة أخرجت يدها من قبضته بصدمة تلجمها حد الموت، فهتف مجدي بعد خروج الحكيمة بصراخ: -.
– حبله ياصجر بيه منيك وجنابك رايح تتجوز غيرها عشية مش اكدة
لم يستطيع فعل شئ بصدمته سوي النظر لتلك الحية التي تقف أمامه وشعوره بخذلان حبيبته التي مازالت لا تعلم شئ عن حبه لها لا بل عشقه لها وحدها، نظر لها فرمقته نظرة من فوق للأسفل بعين دامعة وقلب مُتألم وصعدت للأسفل تركته بعد خذلان جعل بداخلها كتلة سودة بعد تجربتين كسروه قلبها من الرجال تلعن جميع الرجال بحسرة قلب…
– حبلة من مين.
سأل وهو يستعيد رشده من أجل حبيبته فهتفت بخفوت شديد: –
– شوفت ياجدي جولتلك هينكر مشان أتجوز
– حبلة منيك ياصجر بيه، أنت لازم تتجوزها مشان العيل ده إحنا مهنرميش لحمنا ودمنا بسببك
قالها مجدي بحزم وصرام، فصرخ بهما بغضب قائلاً: –
– أتجوز مين، دي زبالة وبنت أنا جربت منيكي ولا لمستك أنا أصلا شوفتك اخر مرة ميتي مش من خمس شهور
صرخت رقة بخوف مصطنع منه وهو يقترب منها وأختبت خلف مجدي، فقال صجر : -.
– أنا هثبتلك آنك زبالة وجدام الكل، اسمع ياحاج انا هحلل للي فب بطنها بس لما أجي أجولك مش ابني يبجي متفجش في طريجي واللي هعمله، لان دموع مرتي ويوم صباحيتها مش ساهلة ياحاج
جذبها من يدها وذهبوا للمستشفي وعاد للسرايا تاركاً عوض ينتظر نتيجة التحليل معاها، صعدت لمحبوبته فوجدتها جالسة على الأريكة بدون قطرة دموع في جفنيها ببرود تام فجلس بجوارها وقال بتهكم: –
– أنا هثبتلك…
بتر حديثه حين وقفت ببرود يقتله وهي تتجاهله وتقول بشراسة وكبرياء: –
– دي حاجة تخصك، أنا فاكرة كويسة ان جوازنا عشان أربي حسام وأذل وإن آنا اللي فرضت نفسي عليك على رجل معرفش عنه حاجة فمش من حقي اقولك دي مين ولا بتقول آيه، ياريت تقفل الموضوع لانه ميخصنيش وأنا متعاودتش أدخل في اللي ميخصنيش.
تركته في صدمة لجمته بحديثها وهي تخبره بأنه لا شي بحياتها وقلبها وليس سوي وسيلة لتأديب زوجها السابق فقط، تخبره بانها لا تهتم به وهي غارق في بحور عشقها حتى قطعت أنفاسه فركد جسده أسفل قاع حبها دون نجاة
فوقف هو الأخر يقول بذهول وقلب دهسته بقدمها من خلال قسوة حديثها معاه: –
– يعني إيه، عملتيني لعبة عنديك، تلعبي بها كيف ما تحبي
– انا مكدبتش عليك ولا خدعتك أنا من أول لحظة صريحة وواضحة معاك، لكن أنت…
قالتها بكبرياء تخفي خلفه فيضان من الوجع والألم تنهش في قلبها ثم صمتت بغرور حتى لا تضعف أمامه وأستدارت تعطيه ظهرها غاضبة منه مُتألمة فهي تعشقه حد الجنون وتكاد تفقد عقلها بهذا الخبر الذي وصلها بعد يوم واحد على زواجهم
– ماشي بس أنا بجي يهمني أفضل راجل شريف جدام الكل وكلها ساعة وأثبت للكل آني مغضبتش ربنا ولا زنيت مع واحدة زبالة زي دي.
قالها بكبرياء ووقار كاتماً بداخل صدره رصاصة أصابته فزنف بغزارة حتى توفي صاحبه…
دلف عوض للصالون ناظراً للأسفل بخيبة أمل ويمسك بيديه الظرف، فوقف صقر بهلع مسرعاً نحوه ويأخذ الظرف منه بسرعة وينظر للجميع بأنتصار ونظرات غضب نحو رقة ونظراته تخبرها بأن الموت جاء لها وما أن فتح الظرف حتى لجمتها الاجابة حين كانت أيجابية تثبت بأن الطفل أبنه من صلبه بنسبة 99,6%…
دلف عوض للصالون ناظراً للأسفل بخيبة أمل ويمسك بيديه الظرف، فوقف صقر بهلع مسرعاً نحوه ويأخذ الظرف منه بسرعة وينظر للجميع بأنتصار ونظرات غضب نحو رقة ونظراته تخبرها بأن الموت جاء لها وما أن فتح الظرف حتى لجمتها الاجابة حين كانت أيجابية تثبت بأن الطفل أبنه من صلبه بنسبة 99,6% تزحزحت قدمه للخلف بذهول من هذه الاجابة اللعينة التي ستفرقه عن حبيبته وتكسره هو وقلبه، أبتسمت رقة بخفة وهي تقول: -.
– النتيجة جالتلك آيه ياصجر ولدك صوح انا مهتبلش عليك
نظر مجدي و جالان بصمت ثم وقفت بعد أن علمت الإجابة من ملامحه والصدمة تحتلهم وصعدت للأعلي ونظروا عليها وهي ترحل تنذره بأن يستعد لرحيلها من حياته وقلبه، صعدت رقة لغرفة الضيوف منتظر خبر زواجها منه بعد ضغط جده عليه…
صاح بأنفعال وقد يجن عقله قائلاً: –
– ملمستهاش جسماً بربي ما جربت منيها ولا شوفتها حتى في النجع من 5 شهور كيف دي كييييف.
كان يصرخ بغرفة مكتبه مُحدثاً ذاته وهو يشعر بألم قلبه ليس لفعله هذا بل لوجع حبيبته تكابر وتصرخ بوجهه تخبره بأنه لا شي لها لكن عيناها تخبره بألم بداخل قلبها على وشك قتلها، حزن عيناها يكاد يلتهمه هو، فهتف عوض بحزن على حاله فسعد بغرامه لأمراة وتزوجها وما عساه شئ بعد أن تدمرت سعادة صاحبه وكبيره: -.
– أنا عارف ياجناب البيه، وهطجسلك عليها بنت المحروج دي وإن شاء الله نوصل لحل ولا للمحروج اللي عملها بس كيف النتيجة ايجاب ده أنا مهملتهمش لحظة كيف زوروها و لصالح مين
– هملني لحالي ياعوض هملني.
قالها وهو يسقط على كرسيه بضعف لا يستطيع فعل شئ وكأن ربه حرمه من لمس زوجته أمس لكي ترحل اليوم بعيد عنه بدون تفكير، أغمض عيناه بتعب مُستسلم لألم قلبه الذي يلتهم أحشاء صدره وضلوعه، أستدار عوض وخرج يغلق الباب بحزن…
كانت بغرفتها تبكي بحرقة وحسرة تلك الدموع التي خشيت نزولها أمامه وأصطنعت القوة، قلبها تحول لأجزاء متناثرة بين ضلوعها يصعب تجميعها من جديد بعد خذلانها، كانت ترتجف بقوة وكأنها ستقابل خالقها بتلك اللحظة، فتحت فريدة الباب ورأتها جالسة على الأريكة وتبكي كما هي فشفقت على حالها إمس كانت عروس تبتسم كحورية وسعادتها بزواجها كطير حلق في السماء وكأنها لأول مرة تكرن عروس وهو زوجها الأول ثم أغلقت الباب وعادت للخارج تفكر بما أصابهم…
– هو اللي بعتك تجول اكدة ياعوض
قالها مجدي وهو يشير عليه بنبوته ويهدده بقسوة، فصاح عوض بسرعة نافياً ذلك: –
– لا ياحاج، جناب البيه ميعرفش اني جيت، بس أنا محتاج دعمك وجناب البيه محتاجك في صفه أنت كبيرنا وكبير النجع كله
رد حامد عليه وهو يقف بجوار مجدي قائلاً: –
– أنت بتثبت ياعوض، ما تخوش في الموضوع من غير مجدمات الله.
– صدقني ياحاج، جناب البيه ملمسش بنت المحروج دي، جنابه مبيطلعش من السرايا من غيري واخر مرة جنابه جابلها كان من خمس شهور في السوج
قالها وهو يقترب منه ويجلس على الأرض بجوار قدمه، فقال مجدي بسخرية قائلاً: –
– يمكن كان بيجابلها بليل في السر
أشار عوض بلا وهو يقول: -.
– جنابه بينام وأنا على باب اوضته وبصحي يصلي الفجر مفيش يوم فاته أو يوم ملجتهوش في فرشته، أنا هجبلك جرر بنت المحروج دي بس البيت بجي كله حزن ومرت جناب البيه زعلانة وغاضبه وهي لسه عروسة وجنابه مكسور بسببها هي مشان زعلها، أنت مخابرش هو بيحبها جد ايه
أنحني مجدي عليه بخبث وسعادة وهو يقول: –
– هو جالك آنه بيحبها.
– لا مجالش بس باين عليها بيجعد يراجبها ويهمل الشغل اللي وراءه، ولما سفرت سافر وراها وجطع يد حسام مشانها وغيره كتير بيحبها وجوي كمان
قالها باسماً ل مجدي فأشار إليه بأن يذهب وسيفكر…
خرجت جالان من غرفتها بعد أن رسمت قناع الكبرياء على وجهها تخفي خلفه وجعها ثم هبطت للأسفل ووجدت رقة تجلس على السفرة وهي تأكل بشراسة فأتجهت نحو المطبخ بلا مبالاة لكن أستوقفها صوت رقة بغرور وهي تقول: –
– انتي بجي مرته ست الحسن والجمال
رفعت حاجبها بغرور لها وأبتسمت ساخرة منها، فأكمل رقة حديثها وهي تأكل: –
– بجولك إيه يابت أنتي هاتيلي عصير مشان أتغذي زين آنا شايلة ولازم أتغذي زين مشان ولدي.
– قومي هاتيه لنفسك معتقدش آن الدكتور قال آنك مشلولة ده قال حامل
قالتها بغيظ من أسلوب حديث رقة معاها، فوقفت رقة من مكانها وهي تصرخ بصوت عالي قائلة: –
– ان شاء لله أنتي اللي تتشللي ومتلاجيش اللي يحركك، انا عارفة دي جهرة جلبك من الحصل.
كانت نائماً على مقعد مكتبه كما هو منذ أمس من التعب وأستيقظ على صوت شجارهم، خرج من الغرفة وهلع حين رأها تحاول ضرب حبيبته وأخته تقف بالمنتصف تمنع شجارهم، ذهب نحوهم مُسرعاً وهو يحتوي حبيبته بين ذراعيه ويبعد رقة عنها بغضب فدفعها بقوة وسقطت أرضاً وهو يصرخ بها: –
– جنيتي أياكي ولا ايه، محدش جالك ان اللي يلمس دي بينجطع يده ولا أنتي متنازلة عنيها.
قال حديثه وهو يضم رأسها لصدره ويمسح على رأسها بحنان، حاول التحكم ببكاءها ومنعت يدها وهي تغلق قبضتهم بقوة حتى لا يتشبثوا به، تشعر بيده تمسح على شعرها بحنان، سرعان ما عادت لكبرياءها ودفعته بعيداً عنها وهي تصرخ به قائلة: –
– انت اللي إتجننت، ازاي ترميها كدة دي حامل
جثوت على ركبتها بحزن تردف بأنكسار: –
– أنتي كويسة؟
فدفعتها بقوة وشراسة وهي تقول بعنف: –
– مالكيش صالح.
جثو صقر على ركبته بهلع ويسندها من ظهرها لتسقط بين أحضانه وهو يقول: –
– مش بجولك مستغنية عن يدك
رمقها بنظرة غضب ونار تلتهمها، أخرجت نفسها من ذراعيه ووقفت بغرور متجاهله تماماً، جذب رقة من ذراعها بقوة وأوقفها وهو يناديه بغضب: –
– عوض يازفت ياعوووض
لفت حجابها بسرعة وصمت، دلف عوض للداخل بهلع وسرعة من نبرة صوته القوية فهتف بغضب وتهديد قائلاً: -.
– طلع البهيمة دي برا ولو رجلها خطت السرايا مرة تانية هقطع رجلك وخبرك من الدنيا كلتها، أما أنتي بجي عاوزك تلفي في النجع كلته وتجولي أنا حبلة من صجر ابو الدهب لحد ما تلاجي اللي يصدجك ونشوف مين ابو اللي في بطنك ده وجاية تلزجهولي بس يوم ما أعرف هو واد مين هجتلك انتي وأبوه وهو لأن دموع مرتي آللي واجفه دي آنا مبتهاونش فيها وأسالي مجرب.
ودفعها بقوة ل عوض بعد إنهاء حديثه، أتسعت عيناها بصدمة من حديثه وتهديده بقتلها هي وطفلها مقابل دموع زوجته العزيزة ومادام تفوه بتلك الكلمات فسيحققها عاجلاً ام أجلاً…
نظرت له بحيرة من ثقته بكل كلمة يتفوه بها وإن هذا الطفل ليس أبنه، لم تستطيع فعل شئ سوى الصعود بغرفتها غاضبة منه وتائهه في دوائر حيرتها بين الواقع وحديثه وقلبها…
– يعني أخوكي، مرته مقاطعه
قالها مجدي وهو يدخل من باب السراية معاها مُتكي بيده على نبوته ويده الأخري في يدها، فأجابته بحزن قائلة: –
– بجاله سبوع من ساعة ما رجع وهو بنام في المكتب مشان هي نايمة بأوضتهم
تمتم بخبث شديد قائلاً: –
– امممم في المكتب جولتلي وبجاله سبوع يعني شكل جوازه زي عدمه ومهيجبليش حته عيل يرفع أسم أبو الدهب
– بتجول إيه ياجدي هو ده اللي همك المهم نخلص من المصيبة دي.
قالتها بحدة وأستغراب، فجذب يده من يدها بعنف وقال بحزم: –
– مالكيش صالح أنتي، أجري ناديلي الواد حامد من برا هو آللي بينفعني ويفهمني أجرى، جال مصيبة جال هو في مصيبة أكبر من آنه ميخلفش
تركته بتذمر وذهبت تتمتم بحديث غير مفهوم وشجر شديد…
أتسعت عيناه بصدمة حين سمع طلبه وقال بعنف: –
– أنت بتقول آيه يانبيل تتجوز مين أختي صقر، اللي هو رئيسي ورئيسك
– ومالها أخته عورة يعني ولا ناقصة ايدي دي دي القمر، وبعدين مانت عارف ان الحاجة بدورلي على عروسة خلاص واديني لاقيت عروسة ومؤدبة مرفعتش عيناها فعيني مع أنها لاحظت نظراتي ليها، مش زي بنات اليومين دول اول ما تلاقي واحد بيبصلها تبصله ببجاحة وتضحك، أنا عن نفسي في أقرب فرصة هروح أكلمه.
قالها بأسرار وثقة من أختياره، فأجابه بعنف أكبر قائلاً: –
– يابني اخت صقر يعنى المستوى أعلي منك هتقبل بده، أنت بتشتغل عند أخوها
– هعيشها على قدي والله انا هتقدم بإمكانياتي عجبوهم يبقى ربنا بيحبني معجبهمش يبقى برضو ربنا بيحبني، أنا لا هكدب ولا هخبي عنهم حاجة
قالها بأسرار أكبر، ضرب أيمن كف على الأخر بذهول وحيرة…
– فهمتوا هتعملوا ايه يابجر أنتوا ولا أعيد تأتي
قالها مجدي بخفوت شديد حرصاً من أن يسمعه أحد، فأجابه حامد بحماس شديد: –
– أنا فهمت يابا الحاج هشربه لحد ما يتعمي وميحسش بحاجة واصل متجلجش هو أنا بعمل حاجة غير السطلان
فنظر نحو عوض بحزم ورمقه بنظرة غضب وتهديد ثم أردف بحدة: –
– وانت يا عوض
– أنا لا لا لا مجدرش أعمل أكدة في جناب البيه لا ده لو عرف هيجتلني
قالها بخوف من حديث مجدي فأجابه: -.
– هو أنا بجولك سمه آنا بجولك تطلعه لمرته لما حامد يدهولك، ثم انت منفسكش تشوف عيال، وبعدين بجي أنا متساريش وياك أنت تنفذ وبس يابجر مفهوم
صمت بخوف من صقر أذا علمه بما سيفعله به…
أخذت دوشها وخرجت من الحمام مُرتدية روب الأستحمام ثم دق باب الغرفة ففتحت وذهلت حين رأته مُتكي على كتف عوض شبه غائب عن الوعي، فور رؤيته لها أدار رأسه بأرتباك مُتحاشي النظر لها وقال بتلثعم: –
– جناب البيه تعب هبابه
أخذته منه بخوف عليه وأغلق عوض الباب، حاولت الثبات بقدميها حتى لا تسقط به أرضاً وتلف ذراعيها حول خصره بقوة وتناديه برقة وخوف عليه: –
– صقر مالك.
زحزحت قدميها للأسفل بضعف تحاول الوصول للسرير لتنازله عن عاتقه ورأسه مُتكياً على كتفها شبه غائباً عن الوعي ويسمع صوتها يداعب عينه ويديها مُتشبثة بظهره فقال بتعب وأرق: –
– جالان
وصلت للسرير به وشعرت بيديه تطوقها بحنان فأنتفضت بذهول وسقط جسدها به على السرير وهو فوقها وهي مُتشبثة به بخوف وقلق عليه فقالت بضعف: –
– صقر، حبيبي رد عليا، مالك.
رفع جسده قليلاً عنها وهو يتأمل وجهها بين ذراعيه لا تستطيع الهرب منه، رفع يده بتهكم يداعب وجهها بأنامله بدفء وينظر لعيناها الزرقاء وهي ثابتة لا تتحرك او تتفوه بحرف ترمقه بعيناها بشغف لم تراه منذ أسبوع سوى بالأسفل فحين دق الباب أعتقدت بأنها فريدة وليس هو، همس بخفوت شديد وهو يبعد خصلات شعرها عن وجنتها وعنقها قائلاً: -.
– أنا بحبك، بحبك يا جالان ومجدرش أزعلك من أول لحظة وأنا بحلم أخدك في حضني وألمسك بيدي…
سقطت رأسه على كتفها، كانت في وهلة من الذهول من تلك الكلمة آلتي نطقها أعادت الحياة لقلبها من جديد وجعله ينبض بقوة من أجله، ثلاث شهور وأسبوع منتظرة منه هذه الكلمة والأختباء بحضنه هكذا دون خوف أو توتر، شعرت بشئ دافئ على عنقها وسرعان ما علمت بأنه يقبل عنقها بدفء وحنان ومع كل قبلة يهمس بكلمة واحدة فقط: -.
– بحبك يا جالان
لم يخطأ بأسمها ولا مرة واحدة فقط مما يدل على صدق حديثه وحبه لها، لم تشعر بذاتها إلا وهي تشد بيدها على ظهره تجذبه لها أكثر تبادله مشاعره الصادقة بنفس قدسيتها، شعرت بيده تبعد روب الأستحمام عن كتفها ويقبله بحب وهدوء، فقالت بخفوت وحب: –
– وأنا بحبك ياصقر بحبك أكثر من نفسي وحياتي وعمري.
فرفع رأسه بحب لها ناظراً لعيناها ويمسك فك وجهها بيده وبأبهامه يحركه على شفتيها الصغار وهم يردفوا بأنها تحبه وتنطق أسمه فأبتسمت له وبريق عيناها الذي يخبره بحبها وعشقها له، فأنحني ببطئ شديد ليتذوق طعمهما من جديد…
جلس عوض في الحديقة في حالة ذعر ورعب خوفاً من ما سيفعله كبيره حين يستيقظ ويعلم بما فعله وكيف جعله يذهب لها وكله بسبب جده الخبيث الذي يريد أحفاد له دون أنتظار، تذكر حديث جده حين أعطي دواء ل حامد وأخبره بأن يضعه في الشاي الخاص به ليجعله يخضع لرغبته بقلبها ويتوقف عن خصامها وبكاءها وهي عروس باكية، فجعله على غير دارية بما يدير حوله أو ما يحدث معه…
– بجولك صجر واثجة ان العيل مش ولده وحلف آنه لما يعرف أبوه هيجتلنا احنا التلاتة، أتصرف بجي
قالتها رقة بخوف وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها، فأجابها ببرود قائلاً: –
– مش ده لو عرف التحليل اثبت آنه ابوه يعني ميقدرش يعمل حاجة
قالتها برهبة منه ومن جبروته وقسوته: –
– صجر مهيسكتش على ده وأنا مهستناش كتير أنا حبلة في الثالث عارف يعني إيه، يعني كلها شهر وبطني هتكبر وتبان يعني لازم نتجوز وبسرعة.
– رقة ياروح قلبي بذمتك في جوازة احسن من جوازتك من صقر ابو الذهب بجلالة قدره
قالها حسام بمكر وبسمة خباثة، فأجابته بسخرية: –
– أنت خلاص جوزتني صجر، صجر مهيتجوزنيش لا أنا ولا غيري، خابر ليه مشان بيحب مرته زي المجنون عامل عليها كيف الأسد وهو محابي على لبوته اللي يجرب منيها بيأكل بسنانه…
بتر حديثها من فمها حين مسكها من شعرها بقوة وهو يقول بأنفعال غاضباً: -.
– جالان مش مراته دي مراتي أنا وبتاعتي أنا لوحدي هي اتجوزته عشان زعلانه مني بس مستحيل تخيلي يلمسها او يقرب منها فاهم فترة لحد ما أرضيها وهترجعلي هي بتحبني أنا
– يبجي بتضحك على حالك، جالان بتحب صجر زي العيلة الصغيرة أنت مشوفتهاش بتبصلي كيف مشان جولت حامل منيه، كان نفسها تأكلني او تجتلني
قالتها بألم وجراءة من مواجهته، دفعها بقوة بعيداً عنه ثم قال بحدة: -.
– غوري روحي قولي للناس أنك حامل من صقر خلي النجع كله يعرف دول اللي هيخلوكي مرات صقر ابو الدهب وتربي ابنك كويس في عز وغني وتبقي مرات صقر بيه، غوري
أستدارت لتخرج من الطحونة ليلاً حتى لا يراها أحد ثم قالت مُحدثة نفسها: –
– وحياة امي ما يبقي الشعر ده على حرمة لو ماخلتيك ياحسام تتمني تراب راجل وصجر ده هو اللي هيجفلك…
أستيقظ صباحاً بألم في رأسه مصاحبة بصداع شديد، أستقلي على ظهره ووجد نفسه بغرفته وعليه الغطاء وصدره عاري وسريره بحالة فوضي عارمة، جلس بتعب وهو يمسح وجهه بكفه بتعب يحاول أن يتذكر كيف جاء إلى غرفته فهو لا يصعد هنا منذ أن غضبت منه وتجاهلته، مرت أيام قليلة ولم يصعد فكيف جاء لهنا، رفع نظره بتعب حين سمع صوت باب الحمام فرأها تخرج من الداخل مُرتدية عباية حريمي واسع ذات العديد من الطبقات وكمها بأسورة من المعصم منتهي بذيل طويل منسدل منها ليصل لركبتها وكلما حركت ذراعها كانت كجناح طير ملاكي بها، جلست أمام المرأة تصفف شعرها بهدوء وتجففه فأوقفها بسؤاله حين نطق مُحدثها: -.
– أنا طلعت أهنا ميتي
أستدارت له بصدمة من سؤاله فهل حقاً كان مريض وكيف لمريض ان يتتم زواجه، فنظرت له بتساؤل، فقال مجدداً: –
– يعني طلعت وحدي كيف وكيف خلعت خلجاتي.
قالها وهو يشير على ملابسه الملقية على الأرض، صدمة ألجمتها من أسئلته أحقاً هو فعل كل هذا معاها ولم يدير وبدون أرادته وكل كلمة نطق بها كانت بدون وعي وأعترافه بحبه لها كان رغماً عنه لعنت نفسها للخضوع له ومتبادلاته ما فعله وقررت نسي ما حدث كأنه لم يحدث مادام هو الآخر لا يتذكر فيجب أن لا تتذكر هي الأخر، أزدردت لعوبها وقالت بتلثعم وهي على وشك البكاء: -.
– مفيش، عوض جابك بليل كنت تعبان وقلعت هدومك كنت حران وحرارتك مرتفعة عملتلك كمادات وأديك خفيت الحمد لله عن إذنك.
وتركته وخرجت من الغرفة، وقفت خلف الباب وجهشت في البكاء بحزن بعد أن كانت تغمرها السعادة لإسعد ليلة في حياتها بها أبقت بين أحضان حبيبه وذراعيه عارمة بلمساته الناعمة لها وبحديثه كإنه نزل على وجنتها بصفعة قوية، لم يشكك بحديثها وأخذ حمامه ثم غير ملابسه ونزل للأسفل ولحسن حظها خوف عوض من غضبه لم يجعله يتفوه بحرف ويكذب حديثها له فأبقي صامتاً…
دلفت لمكتبه بعد أن طرقت باب مكتبه وفتحت الباب بعد أذنه بالدخول ووجدته على مكتبه بتهكم مغمض العيون مُتكي على ظهر كرسيه، فهتفت بحيرة وقلق: –
– حضرتك كويس
أجابها وهو يقف بتعب وتهكم قائلاً: –
– اه يامدام قمر، خلصتي الشغل بتاع البرج الجدي…
توقفت عن الحديث حين سقط على الأرض فاقد الوعي، فصرخت بهلع وهي تسرع نحوه…
وقفت تعد الفطار شاردة فيما حدث وقبلاته الناعمة لها ودفئه معاها وهو يتمتم بعشقه لها حد الجنون، فشعرت بشئ على وجنتها وحين لمست وجنتها وجدت دموعها تنهمر رغماً عنها فجففتهم سريعاً، دلفت لها فريدة ووجدتها كجسد بلا روح هادئة على غير عادتها وصامتة فأغلب أوقاتها تقف تدندن وتشاكس الجميع، تأملتها بحزن وأقتربت منه وهي تمتم بخفوت: -.
– صجر معملهاش ياجالان، صجر ميلمسش حرمة في الحرام، وعلى يدك اهو كنتي وياه في نفس البيت وعمره ما لمسك ولا مسك يدك غير لما بجيتي مراته، ثجي في جوزك ومدمريش حياتكم وأنتوا لسه عرسان
نظرت نحوها بعجز عن الحديث، فما يؤلمها أكثر لمسه لها بدون رغبته، خرجت من المطبخ ورأته يقف هناك مع عوض أنزلت رأسها أرضاً باكية، وأتجهت نحو الدرج وصعدت درجتين فصرخ عوض بهلع قائلاً: –
– حسبي ياست هانم.
كادت آن تسقط بعد أن صعدت على الصابون الموجود على الدرج لكنها سقطت ببن ذراعيه وعلى صدره الصلب، تشبثت به بدون أرادتها بخوف من السقوط وتقابلت عيناهم معاً، عيناه تخبرها بلهفته وخوفه عليها كانت تغلق قبضتها بقوة على عبايته تريد أن تبقى هكذا ببن ذراعيه وعلى صدره مُستمعة لضربات قلبه العاشق، أقترب عوض منها وصعد للأعلي يتشاجر مع زوجته آلتي وضعت الصابون أثناء تنظيفها للسراية، شعرت بيده تضغط عليها برفق وهو يطوقها بشغف لكونها بين ذراعيه فأبقت ساكنة بداخل صدره ناظرة لعيناه…
هتفت بحزن أستحوذ على روحها وتتأمل عيناه وعيناها تخبره بأن يبقيها هكذا بين ذراعيه: –
– صقر
كان ينظر لعيناها الحزينة وهو يلعن نفسه فهو سبب حزنها هذا وتواعد لهذه الحية بأشد أنتقام…
أفلتت نفسها من بين ذراعيه بأستياء من قلبها الذي يخضع له دائماً لا يرفض قربه بل يرحب به بصدر مفتوح بأستقباله ثم صعدت لغرفتها باكية…
كانت أمام غرفة الفحص بقلق ومعاها نبيل بأنتظاره خروج الطبيب من الغرفة، خرج من الداخل فأسرع نبيل له وهو يقول: –
– حصل أيه يادكتور طمني
– السكر واطي وعنده هبوط في الدورة الدموية ياريت بلاش جهد كبير ويرتاح شوية عشان الارهاق غلط عليه، لولا ستر ربنا كان زمانه دخل في غيبوبة سكر، عن إذنكم.
قالها وهو ينظر لهم بحزن ثم أستئذان منه، دلفت معه للغرفة بحزن وقلق عليه ووجده على سريره مستلقي في يده كانولا متصلة بالمحلول الطبي، فهتف نبيل بمرح قائلاً: –
– ينفع حركاتك دي، ها، في حد يخض القمر ده كدة
قالها وهو يغازل قمر بمرح ويشير بيده عليها، وأكمل حديثه بجدية: –
– خضت الست يامفتري شايف وشها أصفر أزاي، وبعدين خد بالك من صحتك عشان أبنك حتى.
أتسعت عيناها بذهول ألديه طفله؟ بلا هل متزوج؟، كانت تنظر عليه بحزن لا تعرف سببه أهو ذكر طفله آما على مرضه فعلي ماذا حزن قلبها ظلت تسأل نفسها عن السبب ولا تعلمه…
هتفت أيمن بقلق وهو يجلس على سريره قائلاً: –
– يوسف، معلش يا نبيل هتعبك معايا تروح تجيبه من المدرسة
صاح نبيل به وهو يقف من مقعده قائلاً: -.
– أجيب مين، أبنك أبو لسانين ده مبيطقنيش كأني مرات ابوه، بيشوفني كأنه شاف ابليس ويتعفرت لا ياعم آنا معنديش خلق لابنك ده رخم زي أبوه
إجابه أيمن بجدية وعنف وهو ينزع الكانولا من يده قائلاً: –
– خلاص هروح أجيبه آنا
– لا خليك أنا ممكن أروح
قالتها قمر بهلع وهي تقترب خطوة لتمنعه من نزع المحلول، رفع رأسه لها بذهول فقالت بخفوت: –
– أنا هروح هو في مدرسة أيه.
تنحنح بإحراج وأخبرها عن أسم مدرسة وكيف تذهب له فتبسمت له بتكلف وذهبت أوقفها قبل ان تخرج قائلاً: –
– هتروحيه والمربية في البيت معلش هتعبك
– لا عادي ولا يهمك
فذهبت بسعادة وتركته مع صديقه غاضب من رفضه لأجل الذهاب لطفله…
كان نائمة على مقعده خلف المكتب ومُتكي برأسه على المكتب وأسفل رأسه ذراعيه، كان يراها بمنامه وهي بين ذراعيه وهو يقبل جبينتها ثم وجنتها الحمراء من الخجل ومتشبث بذراعيه كطفلة صغيرة، عاشقة تأبي أبعاد حبيبها عنها لوهلة واحدة وهو يحيط رأسها بذراعه والأخر يستكشف نعومة خصرها النحيف ويتمتم مُحدثها قائلاً: -.
– انا بحبك ياجالان، بعشجك وبتنفسك وماسك فيكي كيف العيل الأصغير اللي ماسك يد امه، نفسي أعيش حياتي كلتها وياكي انتي، أنتي أحلي حاجة حصلت في حياتي كلتها
فتحت عيناها لتلتقي بعيناه العاشقة ثم رفعت يدها ببطئ ووضعتها على وجنته تتحسس لحيته بهيام ثم قالت برقة ودفء يثير حبه وقلبه: –
– وأنا بحبك ياصقر، بحبك أكتر من نفسي، ومن غيرك عمري كله وحياتي متساويش حاجة…
فتح عيناه بهلع وفزع من هذا المنام الغريب وتلك الأحلام التي باتت تراوده في الاوان الأخير منذ أمس وتأتي له صور متقطعة لهم معا وبقرب بعضهم مُحدثها عن حبه وهي هكذا، ، كنت يتسأل أي أحلام هذه أهي من عقله الباطن بسبب حبه لها وشوق لها آما ماذا؟
ذهبت للمدرسة وهي تبحث عن طفله الذي لا تعلم شكله، فسألت المُدرس عنه فقال بأستغراب: –
– حضرتك مامته
– لا، اه
قالتها بأرتباك منه خوفًا من أن يرفض أعطاها الطفل، تبسم لها وذهب يحضر لها يوسف وبعد قليل عاد به، فنظر يوسف له بحيرة ثم قال: –
– أنتي مين
جثوت على ركبتها بهدوء مُبتسمة له وقالت: –
– آنا زميلة بابا في الشغل، هو مشغول شوية فبعتني ليك
أجابها بضجر طفولي قائلاً: –
– بابي، هو عنده ستات حلوة في الشغل زيك.
ضحكت على غزله لها وأخذت حقيبته المدرسة من على ظهره وقالت: –
– اه شوفت في كتير، تأكل أيس كريم
أشار إليها بنعم وهو يمسك في يدها بسعادة، تبسمت له وأخذته من المدرسة…
في غرفة نومها كانت جالسة على سريرها بوضع الجنين تضم قدميها لصدرها ورأسها مُتكية على ركبيتها، ناظرة للسرير وأمام عيناها كل ما حدث بينهم غارقة في أفكارها به مُشتاقة لعناقه وضمه لها مجدداً وهمساته في أذنها التي تجعل القشعريرة مسيطرة على جسدها بأكمله، ودموعها تنهمر على وجنتها وتمسحهم بأناملها الصغيرة ثم أنزلت جسدها على السرير تستلقي عليه وتضم وسادته لصدرها بأشتياق…
ذهب لمنزله بتعب وأرهاق فدلف لغرفة طفله ولم يجده، بحث عنه كالمجنون ولم يجده فئ جميع أرجاء الشقة ولم يجد أثر له، تذكر بأنها ذهبت للمدرسة فأخرجه هاتفه وطلب من السكرتيرة رقم هاتف قمر وبعد قليل حصل عليه وأتصل بها…
كانت بغرفة نومها نائمة مع أطفالها و يوسف وتحكي لها حكاية قبل النوم فرن هاتفها فألتقطته بهدوء ووجدت رقم غريب، أعتدلت في جلستها وأجابت عليه: –
– آلو
– مدام قمر آنا أيمن.
قالها بنبرة قلق فأبتسمت تلقائياً وقالت: –
– آه، ازي صحتك دلوقتي
أجابها بهدوء يحاول السيطرة على قلقه: –
– الحمد لله أحسن، يوسف فين
نظرت ل يوسف وهو يلعب مع طلفتيها وقالت بسعادة: –
– عندي
سألها وهو يخرج ركضاً من باب شقته قائلاً: –
– طب ممكن العنوان معلش تعبتك
أعطته العنوان ثم أغلقت الخط معه ووقفت تجهز نفسه وتغير ملابس بيتها ثم ترتدي حجابها…
– مهتطلعش لمرتك ياصجر، دي زعلانة وبتبكي كل ما أروح اشجر عليها الاجيها بتبكي…
قالتها فريدة بترجي ليصعد إلى محبوبته ويطمأنها، فأجابها بحدة قائلاً: –
– مرتي بتبكي بسببي، وأنا مهطلعلهاش غير لما أثبتلها أني برئ ومجربتش من واحدة في حياتي كلها.
كان يتحدث بقسوة ولا يعلم بأنها تقف هناك تسمع حديثهما وهو يخبرها بأنه لم يذهب لها وسيتركها هكذا وحيدة فصعدت للإعلي باكية مجدداً، ليته يعلم بأن بكاءها من أجل شوقها له وليس لكل ما حدث معاهم…
دق باب شقتها فركض الأطفال أمامها وحاول فتح الباب ولم يفلحوا فجميعهم صغار ففتحت له وهي تقف خلفهم، عانق يوسف قدميه بذراعيه وهو يقول بسعادة: –
– بابي
وقفت ملك و مكة أمام أمها ينظروا عليه، فهتفت برحب وهي تقول: –
– أتفضل
– لا شكراً، كفاية تعبناكي معانا النهاردة
قالها وهو يبعثر شعر طفله، فقالت باسمة بعفوية: –
– طب اتفضل على ما أغير له الهدوم
دلف وجلس في الصالون مع أطفالها، سألته مكة بفضول طفولي: -.
– هي مامت يوسف فين، مجبتهاش معاك ليه
تبسم لهم ثم قال بهدوء: –
– مامت يوسف عند ربنا
ضربت ملك أختها على رأسها بغيظ وقالت: –
– زي بابي وأسكتي بقا، ثواني هنجيب لحضرتك حاجة تشربها ثواني
قالتها وكأنها امرأة ناضجة وليست طفلة ذات الخمس سنوات، وركضت مع أختها للمطبخ فخرج يوسف بعد أن بدل ملابسه وهي خلفه تحمل حقيبة مدرسته، فجلست قمر على المقعد ثم قالت وهي تبحث عن أطفال: –
– هم الولاد سابوك لوحدك.
قبل أن يخبرها أين ذهبوا جاءها الرد تلقائياً وحده حين سمعت صوت زجاج ينكسر، فزعت من مقعدها وهو الأخر ثم ذهبت للمطبخ ورأت ملك تقف على الكرسي وتضع الفراولة في الخلاط وهو يدور بدون غطاء فيخرج العصير منه على وجهها، أما مكة تحضر الكأسات من المطبخ وكسرت أثنين منها، زفرت بضيق منهم وهي تدلف للداخل بحذر من الزجاج وحملت مكة على ذراعيها بحذر حتى لا تنجرح من الزجاج وذهبت للأخري فحملتهما وأخرجتهم، ودلفت مجدداً تنظف فوضتهم وهو يقف على باب المطبخ مع طفله، فنظر ووجد يوسف يمسح العصير من وجه ملك ثم يربت على قدم مكة فضحك على خوف طفله عليهما، جهزت العصير وخرجت معاهم ومن ثم رمقت أطفالها بنظرة شرسة، فأبتسمت كلتاهما ليخفوا أحراجهما من فعلتهما ودلفوا لغرفتهم…
تتنهدت بقوة وزفر ثم قالت بهدوء: –
– متأسفة، بس لما وديته البيت ملاقتش مربيته فخوفت أسيبه لوحده عشان كدة جبته معايا
– حصل خير، ده أنا اللي متأسف على اللي حصل تعبتك معايا وأكيد يوسف جننك
قالها وهو يقف بهدوء ماسكاً يد طفله، أبتسمت وهي تقف معاه، تأمل بسمته الرقيقة مما زادت من حمرت وجنتيها وهي تنظر له بهدوء دون ان تتفوه بكلمة واحدة ثم ذهب بعد أن ودعها هو وطفله…
في صباح اليوم التالي، أمام منزل رقة كانت تقف وتمسك بيدها حقيبة السفر ثم طرقت الباب، فتح رقة الباب وأتسعت عيناها بذهول وقالت بتلعثم: –
– منال
دفعتها بأستفزاز ثم دخلت للداخل وقالت: –
– اه منال
– صجر شافك ولا لسه
قالتها رقة بصدمة حين رأتها تقف أمامها، فهتفت بثقة وهي تنظر حولها تتفحص المكان قائلة: –
– لا مشافنيش ولو شافني مش فارقة معايا أصلا…
ضحكت رقة بسخرية وهي تجلس على كرسيها بتهكم وتضع قدم على الأخري، وقالت ساخرة منها: –
– بس تفرج مع صجر لما يشوف حبيبة الجلب وحب حياته، تفرج لما يشوف الحرمة اللي بسببها فضل لحد دلوج يحرم كل الحريم عليا غير طبعاً ست جالان اللي اتجوزها عند في حسام واد عمه، بس اعتقد لو شافك أحتمال يطلجها دلوج…
ضحكت منال بسخرية أكبر وقالت وهي تجلس على الأريكة: -.
– غريبه دلوقتي بقي صقر حلو وعاوزه تطلق اللي أتجوزها عشاني، مش صقر ده اللي كان زمان وحش ووقفتي في طريق حبنا وقولتي لا أختي مش هتجوز اللي أبوه قتل أبويا، ولا أكتشفتي دلوقتي ان والد صقر مظلوم
وقفت رقة بأنفعال وقالت بعصبية: –
– مشانك أيه، ده مشاني آنا حبلة من صجر
وقفت منال بصدمة ألجمتها وقالت بتعلثم: –
– صقر أتجوزك.
– هيتجوزني غصب عنيه ده في عيل ياحبيبتي وده عرض حرمة وأنا لو جصدت اي حد من أعيان البلاد هيجوزهولي غصب عنيه، آنا بس صابرة عليه هبابه سبوع اكدة لو متجوزنيش من نفسه يبجي ميلومنيش
قالتها ودخلت لغرفتها دون النظر لأختها، سقطت منال على كرسيها بصدمة من هذا الحديث…
نزلت فريدة تركض من الأعلي وهي تصرخ بأسمه تناديه: –
– صجر، يا صجر ألحجني ياصجر
خرج من غرفة مكتبه على صوت صراخها فقال بهلع من صراخها: –
– في ايه
توقفت أمامه وهي تمسك في ذراعيه وتتنفس بصعوبة وخوف ثم أنهمرت دموعها، أردفت بتلعثم: –
– مرتك ياصجر، جالان مبتنطجش وجطعت النفس.
دفعها بهلع ثم ركض للأعلي بخوف على محبوبته وماذا أصابها، أنقبض قلبه بحديثها وكاد أن يسقط على الدرج من سرعته ولهفته عليها، وصل لغرفتها ووجدها على الأرض بمنتصف الغرفة فاقدة الوعي، مُرتدية عباية ستان ناعمة ضيق من الصدر وواسعة من الأسفل بكم وتظهر قدميها العارية من العباية وشعرها مسدول بجانبها، جثو على ركبته وهو يرفع رأسها على ذراعيه يناديها: –
– جالان، جالان ردي عليا.
حملها على ذراعيه ثم وقف بها يتجه بها نحو سريره وأنزلها عليه كانت حرارة جسدها مرتفعة بشدة جلس بجوارها يتأملها وهو يمسح على رأسها بحنان ثم وضع قبلة على جبينها وذهب بنظره ليدها فأخذها بين أحضان كفيه، دقائق ودلفت فريدة ومعاها الطبيب، خرج وتركه مع أخته…
كان يقف على باب الغرفة في حالة يرثى بها مُستند على الحائط بضعف يشعر بأنها تعاقبه الآن بقسوة على ما حدث بسبب تلك الحية فمرضها قد يقتله بدون الحاجة لرصاصة تخترق صدره أو سم يلتهم معدته. ، وبجواره عوض، خرج الطبيب من الغرفة فنظر نحوه وقال: –
– خير يا داكتور…
– خير يا داكتور طمني هي زينة
أجابه الطبيب وهو يقطع له الروشتة باسماً بتكلف له: –
– متجلجش ياصجر بيه المدام زينة هي بس عنديها حمي آنا أديتها حجنة هتخفض الحرارة وإن الله مع الكمادات والعلاج ده هتكون زينة وتجوم بسرعة
أخذ منه الروشتة ثم مدها ل عوض وقال بقلق عليها: –
– مع الداكتور ياعوض وتجيب العلاج ده وياك وأنت معاود، متشكرين ياداكتور
– على أيه يابيه ده شغلي.
قالها الطبيب مُبتسماً له ثم نزل مع عوض ، دلف لغرفته لكي يرآها ويطمأن عليها ويخمد نار القلق التي أشتعلت بقلبه العاشق، كانت تجلس بجوارها وهي نائمة تمسح على شعرها برفق وحين دلف أبتعدت عنها لكي يراها هذا العاشق ويطمئن عليها فجلس هو بجوارها وتناول يدها بين كفيه ثم وضع قبلة رقيقة على جبينها وأبقي صامتاً، خرجت فريدة من الغرفة وتركته مع حبيبته، فهمس بأذنها بضعف وعجز وهو يراها مريضة بأبسط مرض يصاب به اي شخص قائلاً: -.
– جالان، الف سلامة عليكي ياحبيبتي ياريت كنت أنا وأنتي لا ياجلبي، نفسي تجومي بالسلامة ياروحي وتصدجي إني ملمستش حرمة ولا هلمس غيرك أنتي بس وربنا يعلم ويشهد على حديدي دي وأني مستحيل ازني مع واحدة وتحمل مني مستحيل ياجلب صجر من جوا، فالعاشج لا يخون يامعشوجتي ( فالعاشق لا يخون يا معشوقتي) نفسي تصدجي لانك كيف ما بيجولوا من ورايا أنتي بجتي نجطة ضعفي بس ميعرفوش ان جوتي منيك برضو، جومي ياجلبي بالسلامة واوعدك أدفع الكل تمن اللؤلؤ اللي بينزل من عيناكي دي.
فور أنهاء حديثه معاها وضع قبلة على عيناها الباكية دوماً من أجله وبسببه، سمعت حديثه لها ولكنها لا تقوي على الحركة أو حتى على فتح عيناها، ظل بجوارها يفعل الكمادات لها وهي نائمة شبه فاقدة الوعي…
في النادي كانت تجلس على الترابيزة وترتشف كأس من العصير وتكمل بعض عملها بأوراق الشركة فجاءت لها ملك تركض باكية وخلفها أختها التوأم تبكي هي الأخري، تركت القلم من يدها وأستدارت لهم فقالت بهلع وقلق كم تكره رؤية دموع أطفالها فلأجلهم وحدهم فعلت وستفعل الكثير: –
– حصل آيه يا ملوكة، بتعيطوا ليه
– مامي الواد ضربني وأخد بلونة مكة.
قالتها وهي تبكي وترتجف بطفولية تشبها فوقفت قمر بغضب لتري الطفل الذي ضرب أطفالها، ذهبت معاهم إلى بائع المثلجات ولم تجده ووجده أيمن بطفله يتشاجر معه
– هو اللي ضربهم وطالما هو اللي بدأ ميزعلش
قالها يوسف بصراخ وأنفعال طفولي لوالده، فركضت الطفلتين له، رفع نظره ورأها تقترب منهم غاضبة بشدة
– آنا جبت مامي هو راح فين عشان تضربوا ها.
قالتها مكة وهي تبحث حولها، فأجابها يوسف بحماس وهو يصنع حركات الملاكمة لها قائلاً: –
– آنا موته ضرب، فرمته راح جرى يعيط
ضحكت رغم غضبها حين رأت حركاته وحديثه، نظر لضحكتها الساطعة كأشعة شمس تنير حياته، خجلت من نظراته فأخفضت رأسها وهي تبعثر شعرات طفلتها بأحراج فأبتسم عليها…
أستيقظت جالان مساءاً بتعب وتشعر بجسدها مبلل من حبيبات العرق بعد أنخفاض حرارتها، شعرت بثقل على رأسها وشعرها فوضعت يدها ووجدت منشفة مبللة على رأسها وذراعه مُمدد على شعرها فجذبت شعرها بخفوت حتى لا يستيقظ منها ثم نظرت له وهو نائم بجوارها على السرير بوضعية جلوسه ورأسه مُتكية على ذراعه فوق شعرها بجوار رأسها وكأنه يخشي ان تهرب منه فيحيطها بذراعيه ورأسه، تأملته بعشق يلتهب بين ضلوعها كما أشتاقت لرائحته ورائحة ملابسه ودف حضنه، أشتاقت لأنفاسه، أفلتت ذاتها من بين ذراعيه دون ضجة بكل هدوء حتى لا يستيقظ وذهبت لأخذ حمامها وتنظف جسدها من حبيبات العرق الكثيفة ثم أرتدت منامتها القطنية القصيرة تصل لركبتيها وتركت أقدامها النحيفة عارية وذراعيها هكذا، خرجت من الحمام بعد أن جففت شعرها قليلاً بالمنشفة ورأته كما هو نائماً لم يشعر بحركاتها وبُعدها عنه، عادت مجدداً مُبتسمة لحضنه بين أسوار ذراعيه كانت سجينته وأنفاسه كانت حراسها حتى لا تهرب أسيرته الجميلة ولكن هذه المرة هي من تطوقه بذراعيها فجذبته نحوها من خصره بهدوء ثم أستنشقت رائحته بعمق ورفعت رأسها من حضنه ووضع قبلة رقيقة على زواية شفتيه وعادت لصدره تنام بداخله…
– مش هتبطل شقاوة لا وكمان بتتخانق أنت بتشوف أبوك بيتخانق
قالها أيمن وهو يجهز العشاء لطفله، فأجابه يوسف حينما جلس على السفرة قائلاً: –
– هو اللي ضربهم اسيبه يضرب لوكا يعني وملوكة وكانوا بيعيطوا ولما اشوفه هأديله عقلة موت
جلس أيمن بضجر ووضع الأطباق وصرخ به قائلاً: –
– آنا مش عايز خناق ومشاكل في النادي مفهوم وإلا مفيش تدريب ولا ماتشات كورة تاني مفهوم.
– أنت وحش وشرير آنا مبحبكش وعايز مامي زي ملك ولوكا وكل صحابي انت ظالم آنا مش عاوزك انا عاوز مامي زي صحابي
قالها ببكاء من أنفعال والده عليه ثم ذهب إلى غرفته غاضباً ويبكي دون أن يأكل من طعمه شئ، ذهل أيمن من طلب طفله بأم له كباقي الأطفال بسنه، ترك الطعام دون ألتهمه وذهب خلف طفله ولم يفتح له فزفر بضيق من تمرد طفله..
مع بروز الشمس صباحاً فتح عيناه بأرهاق من وضعية نومه الخاطئة وجدها بين ذراعيه متشبثة به وهي غالقة قبضتها على ملابسه بقوة كطفل رضيع في أحضان أمه، أبعد خصلات شعرها عن وجنتها يتحسسها ليري حرارتها أنخفضت آما مازالت معشوقته مريضة وفوجدتها عادتها لطبيعتها فأبتسم بخفوت على شفاءها ببهجة وأنزل نظره إلى ذراعيها وجدهما عاريين فأنتبه لملابسها أهي أ ستيقظت حقاً وغيرت ملابسها وليس فقط بل عادت له ولم تنفره بعيداً أو تهجره كلا بل عادت لحضنه وتشبثت به، ظل يربت على خصلات شعرها وهو يفكر بفعلتها هذه حين عادت له هل تفتح الأبواب التي تبعده عنها؟ هل هدمت الحواجز التي بُنيت بينهم؟ هل حقاً قصدت بفعلتها بأن له الحق بلمسها وأخذها في حضنه دون خوف من رفضها ومنعها له؟..
لم يشعر بذاته وضربات قلبه سوي وهو يقبل مل أنش في وجهها بخفوت شديد يخشى ان تستيقظ عصفورته الجميلة لكن لا محال للأمر أستيقظت جميلته وهو يقبل عيناها بشفتيه فشعر بحركة عيناها الضعيفة أسفل شفتيه فأبتعد قليلاً وأنفاسه تداعب وجهها لكنه ذهل شدت على ملابسه بقبضتها تمنعه من الأبتعاد عنها فإذا كان هو مشتاق لها لهذا الحد فهي تشتاق له حد الجنون والهوس به، تقابلت عيناهما العاشقة معاً فعلت صوت أنفاسه مُداعبة أنفها بدفئها، كانت تتمتع برؤية عيناه المشتاقة لها وبريق عشقها الذي يسكن قلبه وحديثه لها أمس وهو يقسم بربه إنه لا يفعل ولم يقترب من أنثى غيرها وكم يعشقها بجنون، رفعت رأسها قليلاً للأعلي وهي تتعلق بعنقه فرأها تقترب منه مُطالبة بتذوق شفتيه ففر هارباً منها حينما قام من سريره بعيداً عنها فجلست بسريرها صادمة من فعلته منذ قليلاً كآن مشتاق لها وينعم عليها برزق قبلات ناعمة لأجلها، بعد أن أحمرت وجنتيها من الأحراج لأول مرة تطلبه هي وخذلها فأخفضت رأسها خاجلة منه وما فعلتها، تنحنح بهدوء مُتحاشي النظر لجميلته كما هي فائقة الجمال بعيناها الزرقاء وشعرها الذهبي المنسدل طويلاً على ذراعيها العاريين وقال بهدوء: -.
– متهمليش دواءك
ومن ثم فر هارباً من الغرفة، وضعت الغطاء فوقها وهي جالسة خاجلة من ذاتها ومن فعلتها وتضرب رأسها بقبضتها غاضبة من نفسها وشوقها المعلون بعد أن أصاب قلبها بلعنة الحب الأبدية له…
في الشركة كان يقف مُنفعلاً من تصرفات طفله مؤخراً في الأيام الماضية وهو يطالب بأم له تحن عليه في أوقات أنفعال والده
– أعمله أيه اجبله ام منين هي بتتباع
قالها بأغتياط من طفله، أجابه نبيل بتفاهم قائلاً: –
– طبيعي يابني هو طفل بيبص لكل أصحابه في السن ده
أستدار له بأستنكار وقال بهدوء: –
– عارف بس أعمل ايه اجبله ماما منين ذنبي بقي ان أمه ماتت وسابتلي قرد بلسانين.
وقف نبيل بهدوء بعد أن دق باب مكتبه ثم دخلت قمر أثناء حديثه حين قال: –
– تتجوز يابني هو الجواز حرام
توقف مكانها بالمنتصف عن المضي قدماً نحوهم بصدمة ألجمتها وحزن دخل قلبها وكأن أحدي طفلتيها أصابها شئ…
زحزحت قدمها بصعوبة حتى وصلت لمكتبه وأعطته الملف وفرت هاربة بدون أن تتفوه بكلمة وعيناها سكنتهم دمعة حزينة…
أستغرب فعلتها أين بسمتها الساحرة التي تنير دنياه ويومه؟ فذهب تفكيره بها بدلا من طفله وتمرده…
خرجت منال من غرفتها ورأت أختها تستعد للخروج فقالت: –
– على فين
– مالكيش صالح واصل، همليني في حالي
قالتها رقة بأستنكار وخرجت من المنزل منفعلة من مجيء أختها بدون أنذار تدمر عليها ما تخطط له…
كانت تجلس في الصالون تكتب أحدي المقالات وسمعت عوض يتنحنح أمام باب السرايا ويناديه فوضعت حجابها ووقفت..
– جناب البيه أهنا، بنت المحروج دي عاوزه تجابله
قالها بغيظ من رقة فخرجت مُنفعلة منها آما هو دخل لمكتبه يخبره بطلبها لرؤيته…
خرجت جالان للحديقة مُنفعلة كلبوة شرسة تكاد تلتهم رقة بعيناها ثم وقف أمامها تعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت بكبرياء: –
– نعم عاوزه اية، مش قولنا مش عاوزين نشوف خلقتي دي هنا.
– آنا معايزكيش أنتي، آنا طلبت صجر وأستنيت عليه سبوعين كمان اهو ومفيش رد منيه جولت اجي اشوف رأسي من رجلي وأعرف هيتجوزني ولا أخد بعضي وأطلع على العمدة واعيان البلاد ونمشيها محاكم وجضايا
قالتها رقة بطريقة مُستفزة أثارت غضبها أكثر على الأقل يجب أن تتحدث بلطف أو ندم على فعلتها هذه وحملها بدون زوج سواء حقيقي أو لا على الاقل تتحلي بالحياء والأدب في حديثها فصرخت بها بأستياء وأحتقار منها: -.
– يتجوز مين، جوزي مش هتجوزك غير لما نتأكد آنه منه فعلا يعني تولدي وناخد الواد احنا فمستشفي برا ونعرف هو ابنه ولا تزوير ياست الحسن والشرف
– هتجوزه غصب عنك وعن الكل ده اوديه في داهيه وبكرة لما اتجوزه وابجي مرته هكسرلك مناخريك اللي شايفة نفسك بها
قالتها وهي تدفعها من كتفها بغضب بعد أن أخبرتها بأنها لن تتنازل عن زوجها ولن يتزوج غيرها.
– أطلعي برا سمعتي برا بيتي وأوعي تفتكري آنك تقدري تقربي من جوزي ولا حتى آنا هسمحلك بده فاهمة جوزي لا
قالتها جالان بتحدي وشراسة كما أعتادت على الوقوف أمام عدوها…
نظرت لها رقة بأغتياظ وهي تجز على أسنانها ثم أقتربت منها وقالت: –
– جوزك اللي بتحددي عنيها ده هبجي جوزي انا كمان وغصب عنيه فاهمة أنتي
صدمت حين نزلت صفعة قوية على وجنتها من كف جالان وقالت لها بأنفعال: –
– ده بعينك آنك تقربي من جوزي.
كادت رقة آن تتحدث لكن أستوقفها صوته من خلف هذه اللبوة بعد أن سمع حديثهم وحديث حبيبته عنه وأنها لن تتنازل عنه لأي شخص وتثق به وطعنها بتزوير الحمل أدخل السعادة والأمل على قلبه وأعاده للحياة مجدداً، فقال بغيظ وهو يأخذها من كتفها يبعدها عن هذه الحية حتى لا تلمسها أو تدفعها مجدداً: –
– مش جولتلك متعتبش باب السراية دي تاني، ولا انت مبتفهمش يا بهيم.
كان يوجه حديثه ل عوض مُنفعل بعد أن رأها تلمس محبوبته وتدفعها، فأخذها عوض للخارج بسرعة خوفاً من غضبه، دلفت للداخل مُبتسمة من طردها…
كان يرتشف كوب من الشاي بالنعناع كعادته ثم قال بحيرة: –
– مر ثلاث أسابيع اهو مفيش خبر، تفتكر محصلش حمل ياواد
أجابه حامد بأهتياج سريع خوفاً منه: –
– ياحاج هو الحمل هيظهر في وجتها لسه هبابه خير بإذن الله
نكزه بنوته في ركبته وقال: –
– لما نشوف ياخبيتي.
أخبرها بأن هناك عريس من أهل البلد يريدها وتقدم لخطبتها فصعدت لغرفة جالان لتشاورها ولم تجدها لكن سمعت صوتها تستفرغ بالحمام ذهبت لها ورأتها تخرج فقالت بقلق: –
– مالك ياخيتي
– مفيش
قالتها جالان بتعب وهي تجفف وجهها بالمنشفة، فأدارت فريدة لها وقالت بقلق: –
– كيف دي أنتي صفرة كيف
الليمونة، آنا هشيع للحكيمة
كادت آن تذهب فمسكتها جالان من ذراعها تستوقفها وقالت: –
– مفيش داعي آنا عارفة آنا عندي آيه.
فسألتها فريدة بهدوء وعي تمسح لها وجهها وترأها أمامها مرهقة وتبدو عليها التعب الشديد شاحبه اللون: –
– عنديك ايه، لتكوني…
أشارت أليها بحزن شديد وقالت: –
– آه حامل
ذهبت لسريرها وجلست فهتفت فريدة بسعادة وهي تقترب: –
– متوكد من دآ يعنى آنا هبجي عمته
– متأكدة الحيض مجتش بقالها أسبوع وسألت قمر على أعراض الحمل معظمها عندي نوم كثير وتعب في بطني وضهري كل ما أتحرك…
– طب زين زين الحج أفرح جدي ده صجر هيفرح جوي.
قالتها وهي تقف لكي تنزل، أمسكتها من ذراعها بأرتباك وقالت: –
– يفرح ايه بس ده مصيبة عنده، صقر ميعرفش انه..
صمتت بخجل ثم أخفضت رأسها بأحراج شديد وقالت: –
– صقر ميعرفش انه قرب مني، بصي آنا مش فاهمة ازاي بس هو مش فاكر حاجة خالص من اللي حصل ولو عرف اني حامل ممكن يحصل كارثة
– ماهو مصيره يعرف ده جوزك وده حمل.
قالتها فريدة بحزن شدة على حال هذه المرأة التي لم تستطيع السعادة بخبر كهذا كأي فتاة تحلم بروح بداخلها وقطعة من حبيبها تحملها في أحشاءها، عضت جالان شفتيها بأنكسار وقالت: –
– انا مش هقوله أصلا وهو مش هيعرف لاني انا…
عضت جالان شفتيها بأنكسار وقالت: –
– انا مش هقوله اصلاً وهو مش هيعرف لأني أنا مش قدر أقول، أخوكي راجل صعيدي تخيلي أروح أقوله أنا حامل وبالنسبة هو ملمسنيش وكمان جنين عمره أسابيع يعني أنا خونته وأنا على ذمته، أروح أقوله دلوقتي ممكن بعصبيته يضر حياة الطفل وده لا يمكن أسمح به
جلست فريدة بعد أن أستمعت لحديثها وقالت بحيرة: -.
– حديدك كله صوح بس هنعمل إيه لازم يعرف ده سبوع كمان هتكوني حبلة في شهر يعني كمان 8 شهور هتولدي ولو نزل واد سابعة هتبجي مصيبة أكبر مهنقدرش نخبي
وقفت جالان تفكر فيما حدث تفكر كيف تعلمه بما حدث وتحتفظ بطفلها فهو قطعة من حبيبها بداخلها كيف تتنازل عنه ثم قالت بمكر نساء وقلب عاشقة مُشتاقة: -.
– يبقي معنديش حل غير آني أكسر الحواجز اللي بينا وأحاول امهدله الموضوع أو أفكره بأي طريقة، بس لحد ما أعمل كدة اوعاكي تقولي لحد دي فيها طلاقي وياريتها تيجي عليه هو بس ومبيقاش قتل
– متجلجيش مهجولش لحد واصل، هروح بجي أجهز العشاء أنتي لازم تتغذي زين
قالتها ثم خرجت من الغرفة، أتصلت ب قمر في بمثابة أخت لها وتزوجت من قبل قد تنصحها أكثر من فريدة الفتاة العذراء التي لا تعلم شئ عن الزواج.
– ياخبتك ياجالان وقولتله لا ياحمارة ليه، ماكنتي قولتله حصل بينا كذا وكذا اهي جت على دماغك
قالتها قمر بسخرية من غباء أختها الصغري دائماً تفتعل المصايب وتبكي، فأجابتها بنرفزة حادة فهي بورطة الأن: –
– وأنا كنت أعرف منين أن هيحصل حمل من مرة، قعدت ثلاث شهور مع حسام وربنا مأرادش المرة دي من أول مرة لبست
خرجت قمر من غرفة أطفالها بعد نومها وأغلقت الباب وهي تقول: -.
– ارادة الخالق ياحبيبتي، سيبك بقي من الهبل اللي فدماغك ده وأستن لما يفتكر او او او، كل دقيقة بتمر خطر على علاقتكم لأن أول ما الشهر التاني يبدأ اعراض الحمل هتظهر أكتر وأكيد جوزك هيلاحظ التعب عليكي خصوصاً آن مطلوب منك تنامي اول شهور عشان الحمل يثبت، أنتي الصبح ميطلعش عليكي غير وأنتي في حضن جوزك أزاي دي طريقتك أنتي وأنتي اللي تعرفي ازاي تصالحيه وتجيبه لحد عندك، المهم الليلة ولما تولدي نبقي نقول ان نزل قبل أسابيع مش فارقة كتير المهم السكوت دلوقتي غلط وخطر على علاقتكم.
جزت على أسنانها بأغتياط ويأس ثم قالت بأستياء: –
– واجيبه ازاي بقي، صقر مبيطلعش الاوضة طول مانا فيها، قوليلي أعمل أيه
قهقهت قمر عليها وقالت بسخرية لتثير غضبها وتفعل شئ تلك العاشقة: –
– أنتي هبلة آنا اللي هقولك مفاتيح جوزك أيه، هقولك تعملي آيه ويارب ينفع ويسترها معانا ومتأخديش كف على وشك من الصعيدي…
دلفت للطحونة متنكرة بملابسها حتى لا يعرفها أحد وفور دخولها أظهرت وجهها وهي تصرخ به: –
– هتعمل إيه ياسي زفت آنا بطني بدأت تبان وصجر مناويش يتجوزني، الواد ده ولدك ولازم تتجوزني وتعترف به كمان
صرخ حسام بوجهها بأغتياظ قائلاً: –
– أنتي عارفة أني مش هتجوزك يبقي تهدي كدة وتسمعي اللي هقولك عليه وتنفذي بالحرف
– أشجيني ياعرة الرجالة
قالتها بأنفعال، فرمقها بحدة وقال: –
– هقولك يامؤدبة…
دقت باب الغرفة ثم دلفت ورأتها ترتدي قميص نوم أسود قصير وعليه روب بكم وتغلق رابطته وواقفة أمام المرأة تصفف شعرها ووضعت قليلاً من مساحيق التجميل..
هتفت فريدة بذهول من جمالها وما تفعله قائلة: –
– العشاء جاهز ولا مهتتعيش انت كمان
أستدارت لها بتساؤل وقالت بخفوت: –
– صقر قالك مش هيتعشي
– اه متعصب جوي باين عنديه مشكلة في الشركة معاوزش يتحرك من المكتب.
قالتها بشفقة على أخيها، فأبتسمت بسعادة ثم أتجهت نحو باب الغرفة وهي تقول: –
– ماشي كويس
أستوقفتها فريدة من يدها وقالت بحزم: –
– تعال أهنا أنتي هتطلعي من أوضتك أكدة، جوزك راجل صعيدي لو شافك أكدة هيجتلك فيك وتبجي مصيبة لو عوض دخل وشافك أستري نفسك
قرصتها من وجنتها وقالت بمكر: –
– دي مهمتك بقي مدخليش عوض السرايا لحد ما أطلع.
خرجت من الغرفة، ضربت فريدة بيديها على فخديها خوفاً من أخاها وركضت خلفها تخشي ان يدخل عوض ويراها ويقتلهم العاشق الصعيدي الغيور…
كان يباشر عمله على مكتبه بضيق من تلك المشكلة التي حلت بشركته ويلقي ببعض الأوراق على الأرض من أغتياظه وعجز عن الوصول لحل، دلفت لمكتبه ورأته يقف أمام مكتبه ويمسك بأنامله قلم وورقة يقرأها ويعلم على بعض النقاط بها، أقتربت بهدوء منه مُحرجة من ما ستطلبه منه وكيف تطلبه وهو يهاجرها ولكن هناك طفل يستحق ان تسعد أمه بوجوده كباقي الأمهات ويدللها زوجها من أجله، كانت تستمد قوتها من طفلها الصغير ذات عمر الاسابيع فقط وتصارع خجلها وهو لا يشعر بدخولها أو أقترابها منه، أنحني ليجلب ورقة من الأرض وتسمر مكانه حين رأها تجثو على ركبتها وتمسك الورقة معه وبقميصها وروبها الشفاف وعنقها ظاهر بوضوح أمامه وقدميها عارتين وملابسها تظهر له جسدها التي تخفيه وشعرها منسدل على ظهرها وذراعها الممدود، وقف وهي معه وهما صامتان لكن عيناهما تقول الكثير وتحتضن بعضهم، فهي جاءت له بالوقت المناسب لتريح أعصابه وتهدا من روعه ليفكر بأتقان دون غضب…
هتفت بخفوت وهي تحاول أن تجمع شجعتها قائلة: –
– فريدة قالتلي أنك مش هتتعشي وعندك مشكلة.
كان صامتاً لا يجيب عليها يتأملها جيداً من القدم للرأس، وصل بعيناه لشفتيها ورأها تعضهم بخجل منه فأثرت رغبته بتذوقهم وشوقه لها، كنت تنظر للأرض خاجلة من نظراته بعد أن صمت ولم يجيبها وصدمت حين أنقض على شفتيها يقبلهم بشغف وتلذذ ويديه تجذبها له من خصرها النحيف فتشبثت به بقوة حتى لا يفر منها كعادته أو يهرب وبادلته قبلته، دقيقتين وهو يتلذذهم بشوق لوصوله لهم وأبعدت عنهم يتركهم ويهبط بقبلاته لعنقها حتى تأخذ أنفاسها التي كادت تنقطع، كانت تشعر بدفئه وراحته التي أشتاقت لهم بجنون، وشعر برغبته تقوده للمزيد وأستكشف كل أنش بها، فأبتعد عنها كعادته مما أنزل الحزن على ملامحها وأدخله قلبها وهي تراه يهرب مجدداً ويذهب لكرسيه خلف المكتب، تجمعت دمعة في جفنيها من فراره منها ولما يهرب بكل مرة بعد أن يفعل بها الكثير وبقلبها الضرير بحبه، وجدته يمسك عبايه أكتافه من فوق الكرسي كأنه ينذرها بخروجها وذهلت حين أقترب منها وألبسها عبايته ثم حملها على ذراعيه ثم سرق قبلة سريعة من شفتيها وخرج بها من الغرفة وكأنه يخبرها بأنه لم ينتظر ان يظهر براءته لها ولم ينتظر ان يعود لها مرفوع الرأس فهو عاشق حد الجنون لها وقد تحمل بعدها قدر الإمكان وفوق طاقته وعكس رغبة قلبه، صعد بها لغرفتهم وفور دخوله من الباب أنزلها وهو يقتحم هدوء تلك الكرزتين اللتان لم ينطقا بحرف واحد، أقتحم سكونهم بشفتيه ويديه تنزع عنها العباية فيسقط معاها روبها أرضاً وهي تعود للخلف مقابل أقتربه وتتشبث به بقوة روح مشتاقة لساكنها عاصفة مشتاقة لهدوءها وسط الرياح، نزلا على السرير وجاءت تلك الصور المتقطعة له ولما فعله سابقاً فأبتعد عنها رافعاً جسده للأعلى، تعلم بأن اليوم لم تعطيه الفرصة للهروب فجذبته لها كآن معاها وبين ذراعيها ولم يشعر بها كآن في عالم أخر غير العالم مع أحلام اليقظة وهو يري ما حدث سابقة، أنتهزت الفرصة بذكاء وأبعدته عنها بقوة وهي تسحب الغطاء تخفي جسدها العاري فنظر لها بأستغراب فقالت بقسوة مصطنعة: -.
– شكلك بتفكر في حاجة مهمة، مش زي المرة آللي فاتت كنت كلك معايا عقلك وقلبك وجسمك وروحك كلك
صدم من حديثها فجذبها من ذراعيها بقوة وهو يقول: –
– المرة اللي فاتت آنا كنت لمستك جبل أكدة
– أسأل روحك، وتسالها ليه مانت بتنام وتصحي ناسي أنت عملت ايه.
قالتها بحدة وهي تتشبث بالغطاء، فهذه فرصتها لكي تخبره بأنه فعلها سابقاً فهناك جنين ينمو بداخلها ولم تتنازل عنه وعن كونها ستصبح أم وهو أب، قام من السرير وهو يرتدي جلابيته بصدمة ويقول: –
– بنسي كيف دي، آنا عمري ما نسيت حاجة ويوم ما أنسي هنسي إني نمت مع مرتي، متي كان المرة اللي ف…
صمت بصدمة ألجمته حين تذكر تلك الصور المتقطعة أحقاً فعلها سابقاً وهذا هو دليله، أهو حقاً لمس حبيبته ونسي ليلتهم الأولى التي بمثابة ليلة عمرهم وحياتهم، مسح على وجهه بصدمة وغيظ من عقله بالتأكيد جرحها بقوة حين نسي فعلته وأبكاها فهو يعلم حبيبته تبكي على اي شئ…
تتهند بقوة من بين ضلوعه سمعت صوت تنتهدت من مكانها فرفعت رأسها له بأستياء وأنحنت تلتقط ملابسها غاضبة منه فشعرت بيديه تحيط ظهرها وخصرها بهدوء ثم جذبها لصدره فأرتطم ظهرها العاري الذي يشبه الصحراء الهادئة بصدره فأبقت صامتة وساكنة بين ذراعيه فقالت: –
– صقر.
أسكتها بقبلة ناعمة على ظهرها البارد بشفتيه الدافئة فأبتسمت بسعادة فإذا علم بوجود طفلها الأن فلم يستطيع المعارضة أو أثارت أي مشكلة وخلاف بينهم، أستدارت له بين ذراعيه وهو يطوقها ورفعت يداها تحسس لحيته ووجنته ثم قالت بهمس شديد ودفء: –
– صقر كفاية بُعد ياحبيبي آنا معرفش أنت ليه بعيد عني
كان يستمع لحديثها وهي تناديه بحبيبي، فهتف بخفوت مُستغرب حديثها: –
– حبيبك.
أبتسمت بخفوت شديد ومسكت رأسه بين كفيها وقبلت حبينها وهو تقول ( حبيبي ) ثم قبلت وجنته اليسري وقالت (روحي) ثم وجنته اليمني وقالت (قلبي) فنظرت لعيناه فجذبها له أكثر وقال: –
– بحبك ياجالان بحبك جد الكون كلته وببجي نفسي أفضل واخدة أكدة في حضني مخبيكي من الكل..
عانقته بسعادة وقوة كادت آن تخترق صدره وتختبي بداخله وهمست بأذنه قائلة: -.
– وأنا بحبك ياصقر ودموعي دي كلها كانت من شوقي ليك مش من زعلي منك آنا متأكدة آنك معملتش كدة ومبشكش فيك ولو بواحد في الميه والله…
أبعدها عنه وهو يقول بشغف: –
– تعالي بجي أقولك آنا، ايه اللي ميتنسيش العمر كلته…
قهقهت ضاحكة عليه وهو يجذب الغطاء عليهما ويسكت ضحكاتها بقبلاته…
جهزت أطفالها للخروج بيوم أجازتها من العمل وذهبت بهم للنادي اولاً وطبلت فطار لهم، نظرت ملك خلف أمها وقالت بسعادة وهي تترك سندوتشها: –
– يوسف جه
جاء نحوهم ركضاً وخلفه والده فقال بسعادة: –
– كنت هزعل لو مجتوش زي ما أتفقنا
وقبلهما الأثنين بدون خجل أمام والدتهم ووالده فضحكت قمر عليه طفل ذات الست سنوات يهوي اللعب مع أطفالها ودائماً يحدثوها عنه، فتنحنح أيمن بهدوء وأحراج ثم قال بغيظ: -.
– عيب يايوسف آنا علمتك تبوس البنات
– روح شغلك آنا هقعد مع طنط وصحابي
قالها وهو يختبي من والده خلفها وكأنه يخبرها بأن تحدث والده ليبقيه معاها، هتفت بخجل منه قائلة: –
– أتفضل أفطر معانا
جلس يوسف بسعادة بجوار الطفلتين وقال بعفوية: –
– اه نقعد نفطر معاهم
فجلس بخجل من تصرفات طفله وهو حائراً في سر تعلق طفله بتلك الطفلتين رغم الكثير من أصدقاءه، فطروا معانا وهم الاثنين يرقبوا الأطفال وحديثهم، فقالت ملك : -.
– يعني مش هتروح المدرسة النهاردة
– لا أجازة، طنط خلي ملوكة ولوكا يجوا المدرسة معايا هعرفهم على صحابي و والله هخلي بالي منهم
قالها بترجي طفولي وهو يمسك يدها برجاء، فضحكت عليه بسعادة من حركاته الطفولية ثم قالت: –
– لسه صغيرين ياحبيبي لما يكبروا شوية هوديهم
ضحك عليها وهي تتحدث مع طفله وجاء لهم النادل فدفع هو الحساب بدلاً منها، وقفت تجمع أغراضهم فوقف يوسف بحزن شديد يقول: –
– أنتوا هتمشوا.
– اه مامي هتودينا الملاهي
قالتها مكة بسعادة، رفعت ملك رأسها ل أيمن وقالت بترجي: –
– عمه خلي يوسف يجي معانا الملاهي
– مرة تانية ياحبيبتي عشان منزعجش ماما معانا
قالها وهو ينظر ل قمر بعد أن جاءته فرصة لقضاء اليوم معاها مُصاحبة ببسمتها، فأردفت بسرعة وعفوية: –
– لالا مفيش أزعاج آنا ممكن أخده معانا
– وتسبوا ابوه لوحده يعني
قالها بهمس لها حتى لا يسمعوا الأطفال مبتسماً لها، فضحكت له بخجل وقالت: -.
– ممكن تيجي معانا
فضحك عليها وعلى وجنتها الحمراء وذهبوا معاً…
فتحت ستائر الغرفة لتدخلها أشعة الشمس الذهبية تنير غرفتهما كما أنار اللّه حياتهم وأستدار له ثم قالت بعفوية: –
– صقر قوم ياحبيبي يلا
وضع الغطاء على وجهها بعد أن أزعجته أشعة الشمس المصلطة على عيناه، أقتربت منه بتذمر وجلست على حافة السرير ثم أبعدت الغطاء عنه وتردف بتذمر منه: –
– قوم بقي عشان تلحق صلاة الجمعة، يلا ياحبيبي آنا جهزتلك الحمام
أدار رأسه للجهه الأخرى وقال بصوت مبحوح أثر نومه: -.
– الساعة كام دلوج
– 10ونص يذوب تأخد حمام ونفطر قوم بقي ياحبيبي متتعبنيش
قالتها وهي تربت على كتفه وتيقظه، ففتح عيناه بتعب وقال: –
– متعبكيش مش أنتي اللي منيماني وش الصبح
خجلت من حديثه فأحمرت وجنتيها وقالت بخجل: –
– قوم بقي هفطر وأسيبك وبعدان آنا عاوزة سمك
فتح عيناه على مصراعيها ثم رفع حاجبيه لها وقال: –
– سمك ده اشمعنا بجي
– الله نفسي في سمك حرام، قوم بقي ياصقر اومال.
قالتها وهي تبتعد عنه بإرتباك، قام من مكانه وذهب خلفها، شعرت بيه يحتضنها من الخلف ثم يقبل عنقها ويردف بدلال: –
– صباحية مباركة ياحبيبتي
نكزت في صدره بذراعها وهو خلفها وقالت: –
– مانت بتعرف تقول أهو
كاد آن يتحدث لكن أستوقفه طرقات الباب دفعته بعيد عنها وذهبت لتفتح ووجدت فريدة وعلى وجهها علامات صدمة فسألتها بقلق: –
– مالك يافريدة
نظرت خلفها ورأته يقف بمنتصف الغرفة فقالت مُحدثه: -.
– صجر في واحدة عاوزة تجابلك تحت
نظرت له بغيرة ثم لأخته وسألتها بينما تضع يديها على خصرها: –
– واحدة مين دي وعاوزه ليه وتعرفه منين، اكيد ست زفته رقة
جاء من الداخل يربت على كتفيها بهدوء وقال: –
– مين يافريدة
أزدردت لعوبها بصعوبة وهي على وشك هدم حياتهم معاً بعد أن أصلحتها أمس بصعوبة وقالت بتلعثم: –
– أختها منال.
أتسعت عيناه بصدمة ألجمته حتى سقطت يده عن محبوبته وهي تقف بالمنتصف لا تفهم سر صدمته، أدخلها ومنعها من النزول وهي تكاد تنفجر من الغضب والغيرة عليه، دلف للحمام ليستحم قبل نزوله ولم تستطيع الإنتظار أكثر بعد أن علمت بأن هذه الضيفة حبيبته السابقة فخرجت من الغرفة ونزلت ووجدتها هناك تعطيها ظهرها…
أردفت جالان بأغتياظ ونفاذ صبر وهي تقترب منها قائلة: –
– أفندم.
أستدارت منال لها وأتسعت عيناها على مصراعيها وهكذا جالان نظرت نحوها بصدمة من رؤيتها أهذه زوجته التي سمعت عنها من البلد كلها وإختها تحارب، أحقا أختها تقف أمام صديقتها الوحيدة فقالت: –
– جالان، معقول أنتي مرات صقر
– أزيك يامنال واحشتيني
وعانقتها برحب وقوة لأشتياقها لها فبادلتها منال العناق بشغف وقالت وهي تبتعد: –
– وانتي كمان واحشتيني، أنتي مراته
أشارت لها بنعم ثم قالت بغيظ: -.
– استني بس هشوف الهانم اللي جاية تسأل على جوزي وأجيلك
تبسمت منال أبتسامة حزينة ثم أستوقفتها حين قالت مُردفة: –
– ربنا بيحب صقر عشان يبعتك له بعد كل المعاناة دي، آنا عرفت اللي حصل من أختي رقة
أفلتت جالان يدها من يد منال بعنف وصدمة ثم قالت عاقدة ذراعيها أمام صدرها: –
– أختك أنتي اللي عملت كدة، رقة أختك وأنتي حبيبته، تصدقوا لعبة جهنمية المفروض أرفع لكم القبعة مثلاً.
ذهلت منال من حديثها وأنفعالها، كان يقف في الخلف يستمع لحديثهم ثم تتنهد تنهيدة قوية من بين صدره وأقترب خطوة منهما وهو يري حبيبته تكاد تموت من الغيرة والضغط على أعصابها ونفسيتها بصدمات متتالية لكنه توقف حين صرخت منال وهي تمسكها من يدها
– أنتوا عايزين مني إيه أرحمو…
كنت تتحدث بأنفعال وجسدها يهتز فمسكتها من ذراعيها وهي تردف بقلق: –
– جالان.
وإذا بها تسقط منها فاقدة الوعي، فهلع نحوها بجنون وذعر ومسكها قبل أن تسقط أرضاً، كانت يده تحتويها بهلع دون الاهتمام بوجود منال، وضعت فريدة يديها على فمها بصدمة فهذا يعني بأن أخاها سيعلم بما يخفوا عنه وطفله الذي خلق برحمها، أربت على وجنتها بهلع قائلاً: –
– جالان، حبيبتي ردي عليا
كان جسدها مُرتخي على الآخر بين ذراعيه، حملها على ذراعيه وهو يصرخ بأنفعال: –
– عوض، أنت يابهيم.
دلف عوض مسرعاً وحين رأها على ذراعيه بدون حجابها أخفض نظره عنه أرضاً، فأكمل حديثه وهو يصعد بها: –
– شيع للداكتور بسرعة يازفت أوعاك تعاوج
ذهبت دون أن تحدثه بعد أن رأت صديقتها هي من تقف أختها أمام سعادتها، عادت لبيتها فوجدت أختها شاردة بتفكيرها فسألتها بأغتياظ: –
– بتفكري في آيه
فأجابتها بحيرة دون وعي قائلة: –
– بفكر أنزله
قهقهت منال من الضحك بسخرية وتهكم تعتقد بأنها تمزح ثم قالت: –
– تنزليه كمان.
وقفت وهي تصرخ بغيظ وحيرة لا مفر منها: –
– أنا هنزله لازم تساعديني
أتسعت عيناها بدهشة من طلبها وهي تخبرها بأنها ستقتل روح بداخلها وطفلها، فأجابتها بذهول وأستياء: –
– وصقر مش خايفة لما يعرف آنك قتلتي أبنه يقتلك، صقر مستحيل يسمحلك بده، ولا هو مش ابن صقر، قوليلي مين أبوه الحقيقي وأنا أقدر أساعدك بدل ما تنزليه وصعب ده جنين عنده شهور صعب تجهضي
صرخت رقة بها غاضبة وعي تدخل لغرفتها: -.
– نجطيني بسكوتك بجي مادام هتجضيها أسئلة
زفرت بضيق من أختها بعد أن تأكدت بأنه طفل أحد أخر ويجب أن تعلم من هو…
كان يقف بجوار الطبيب وهو يفحصها وهي تمسك بيد أخته خوفاً من ما سيقوله الطبيب بعد قليل، أبتسم الطبيب له وهو يقف يستدير له قائلاً بسعادة: –
– مبروك ياصجر بيه هتبجي اب، المدام حامل.
أتسعت عيناه بصدمة على مصراعيها وتزحزحت قدمه للخلف بدون أرادته وسقط نبوته من يده من لجمته بصدمة وقعت على قلبه أوقفته عن النبض سالبة منه الحياة، ذهب نظره لها بصدمة فأزدردت لعوبها الجاف بخوف من نظرته لها التي تكاد تقتلها فأختبئت بحضن فريدة خوفاً من غضبه صباحاً كانت حبيبته والآن تكاد تكون قتيلته
– ياريت بس بلاش نرفزة وعصبية خطر على الطفل في اول الحمل دي محتاجة راحة وياريت تتابع مع داكتور بجي.
قالها الطبيب بهدوء بعد أن رأي الصدمة على وجهه بدل الفرحة بخبر كهذا ثم أنصرف، لم يشعر بنفسه سوي وهو يجذب أخته من ذراعها بقوة ثم أخرجها من الغرفة بغضب وأنفعال، شهقت بخوف من غضبه حين أخرجها من حضن أخته وأخرجها وكأنه سيقتلها ولا يريد من أحد أن يمنعه، أستدار ينظر لها وأخذ يقترب منها وهو ينزع عبايته عن أكتافه ويستعد لقتلها وهي ومن تحمله بأحشاءها…
شهقت بخوف من غضبه حين أخرجها من حضن أخته وأخرجها وكأنه سيقتلها ولا يريد من أحد أن يمنعه، أستدار ينظر لها وأخذ يقترب منها وهو ينزع عبايته عن أكتافه ويستعد لقتلها هي ومن تحمله بأحشاءها هذا ما كانت تعتقده فقامت من سريرها بهلع وذهبت لزواية بالغرفة، توقف مكانه فقالت بخوف: –
– صقر والله مش عملت حاجة غلط مش ذنبي آنك مش فاكر والله أبنك أنت وربنا شاهد
صاح فيها بأغتياظ قائلاً: -.
– إيه اللي نزلك تحت آنا جولت أيه مش جولتلك متتطلعيش من الاوضة بتخرجي ليه، خدتي أذن من مين مشان تنزلي تحت وعوض يشوفك أكدة ها
أبتسمت بداخلها آكل هذا من أجل غيرته ورؤية عوض لها بشعرها وبيجامتها، هتفت بدلال لتثير غضبه أكثر قائلة: –
– عادي هي أول مرة، طب ده عوض لما جابك ليا الليلة ايها كنت بروب الحمام بس.
هرع نحوها مسرعاً بأغتياظ وغيرة تكاد تلتهمها فهربت من مكانها وهي تقف فوق السرير وتقول ضاحكة بقوة لا تستطيع التوقف من الضحك عليه لأول مرة تري غيرة رجل صعيدي: –
– صقر براحة أنت هتأكلني بعدين آنا هعرف منين أن عوض اللي بخبط على باب أوضتي
ركضت من فوق السرير وهو يقترب غاضباً ويقول: –
– فتحتي الباب بروب الحمام ده أنا هجطع خبرك
أختبأت منه بداخل الحمام وهي تقف خلف الباب وتقول: -.
– صقر أعقل أومال هتموتني آنا وأبنك نهون عليك
لم يجيبها وجلس على الاريكة ينتظرها آن تخرج وحدها، ظلت واقفة خلف الباب ولا تسمح صوت ضجة له أو أي شئ علمت بأنه ينتظرها بمكر حتى يقبض على فريسته، نظرت حولها بحيرة ورأت روب أستحمامها فضحكت بخبث…
ظل ينتظر خروجها صامتاً حتى يقبض على فريسته ويعاقبها بأرادته كما يشاء فسمع صوت أرتطام شئ بالداخل ومن ثم فتحت الباب وجسدها يهتز بعد أن أخذت حمامها وأرتدت روب الأستحمام فهلع نحوها بخوف عليها وهي تمثل التعب من حملها وتصطنع الإصابة بدوران شديد نتيجة ركضها، مسكها من يدها ويده الأخري حول خصرها يساندها وهو يقول: –
– مالك ياجالان، مسمعتيش الداكتور جال ترتاحي بلاش مجهود.
ضحكت بداخلها وقلبها يتراقص على ساحة ضلوعها بين صدرها على صقر الصعيد الذي وقع في فخها فأرخت قدميها مما جعله يشد عليها بيده حتى لا تسقط منه، رفعت رأسها على كتفه فقرأت الخوف بعيناه أحقا يخف عليها بهذا القدر، فرسمت ضحكة على شفتيها وهي تفلت نفسها من ذراعيه وتقول: –
– صقر والله مش قصدي عوض هو اللي بيشوفني كدة نصيبه وقدره الاسود.
زفر بضيق من جعله لعب بين ذراعيها تفعل به الكثير كما تشاء فأستدار يخرج من الغرفة فركضت خلفه بحزن وهي تقول: –
– صقر استني لو سمحت صقر.
رمقها نظرة حادة حين وصلت لباب الغرفة بمعني أياكِ والخروج من الغرفة بهذا الروب، توقفت بخوف منه تنظر نحوه بأستياء لم يستطيع تحمل نظرتها وحزنها بعد أن أخبرها الطبيب بخبر يجعلها في أقصى درجات السعادة وكونها ستصبح أم قريباً فأقترب منها مجدداً بخطوة مسرعة وضمها لصدره يخبأها به فطوقته بذراعيها بقوة وأشتياق فتقدم بخطواته وهي تعود للخلف ثم أغلق باب غرفته بقدمه…
في ملاهي دريم بارك، كانت تقف بجواره مُبتسمة تلوح لأطفالها بيدها وهم على ظهر الاحصنة الخشبية وبجوارهم يوسف ويضحكوا بسعادة تغمرهم ثلاثتهم، فشعرت به يجذبها بخفوت من ظهرها ليجعل رجل عابر يمر دون أن يصطدم بها أو يلمسها فأشاحت نظرها عن الصغار ونظرت له بخجل بعد أن أبعد يده عنها، فتبادلا نظرات تفيض من أعجاب قوي مُقبل على التحول لحب طاهر دون أي مصالح أو كذب وتسلية، نظرات تفضح لكلاهما ما سكن قلوبهم والفضل لعمل جمعهم معا بأكبر قدر ممكن من الساعات وأطفال صغار يرغبوا بوجودهم معاً، لم يشعروا بالوقت الذي مر عليهم ناظرا لبعضهم إلا والصغار جاءوا لهم و يوسف يمسك بكلتا يديه الطفتلين وكأنه مسئول عنهما، أشاحت نظرها عنه بخجل وهي تنظر للأسفل نحو الصغار فهتفت مكة بسعادة وهي تشير على لعبة السيارات: -.
– مامي نركب دي بقي
نظرت لها وأبتسمت ثم ذهبت هناك معاهم ودلفوا الأطفال معه يركبهم بالسيارات ثم عاد لها فهتف بهدوء قائلاً: –
– ملك شبه باباها مش كدة
– لا الإثنين شبهي إيه مش باين
قالتها بعفوية، فنظر لها بهيام وقال بغزل: –
– لا باين آنهم نجوم السماء وحته من القمر.
تبسمت بخجل منه وهي تنظر نحوهم فضحك عليها وهو يقترب خطوة منها حتى أرتطم كتفه بكتفها فأبتعدت هي خطوة لليمين ومن ثم أقترب هو نحوه لليمين يشاكسها، جاءوا الأطفال يطالبوا بالفشار فذهبوا جميعاً ليشتروا وفطلب أيمن الفشار للأطفال وغزل البنات لها بعد أن رأها تنظر له بطفولية في عيناها تكاد تدفنها بداخلها بعد أن تصنعت حياة الأب والأم لطفلتيها، نظرت له وهو يعطيه لها بدهشة ومن ثم أخذته بروح طفلة أخرجها هو بعد أن كانت أسيرة بين ضلوعها وكما تعشق الأنثى رجل يخرج طفولتها معه وله دون خجل، ركضوا الأطفال نحو لعبة السفينة يرغبون بركبوها فذهبوا خلفهم يبحثوا عنهم ووجدوا يوسف و ملك أما مكة لم تجدها معاهم بالصف فهرعت تبحث عنها كالمجنونة وسقط من يدها ما تبقي من غزل البنات وهو الآخر يبحث عنها بهوس بعد أن رأي دموع حبيبته تنهمر على وجنتيها وهي تكاد تفقد صوابها، ترك لها يوسف بصاحبتها وركض يبحث عن طفلتها المفقودة ولم يجدها فتوجه لمكتب الأمن يعلموهم بأنه فقد طفلته ويبحث عنها، لم تتحمل البقاء في أنتظاره فركضت وهي تحمل ملك على ذراعها بخوف من فقدها وتمسك بيد يوسف بيدها الآخري والأطفال بدأوا في البكاء مثلها مُحدثينها قائلين: -.
– فين لوكا، آنا عاوزة لوكا ياطنط، مامي فين مكة.
حديثهم يفقدها صوابها أكثر وأكثر، عاد يوسف لمكانها حيث تركها ولم يعد يجدها فهرع يبحث عنها وكل من يراهم يشفق على حالهم وفقد طفلتهم، ألتقي به وهي تبكي بأنهيار فأخذ ملك منها وهي على وشك السقوط من خوفها فلا تقدر على حمل طفلة بحالها هذا، تذكرت شئ حين علمت أطفالها إذا فقدتهم ذات مرة لا يتحركوا من مكانها وحتماً ستعود لهم وتجدهم، هرعت لحيث فقدت طفلتها الصغيرة ولم تجدها فسقطت أرضاً باكية، جثو على ركبته يربت على ظهرها بحنان وهي تبكي قائلة: -.
– أنا عايزة بنتي، أيمن هاتلي مكة آنا عاوزها والنبي.
كانت منهارة تماماً وتخبره بأن يعيد لها طفلتها الصغيرة فأشار لها بنعم وهو يربت على كتفها، رن هاتفه برقم رجل الأمن يخبره بأنه وجد طفلة صغيرة باكية، وقفت وذهبت معه مسرعة دقائق وخرج لها من غرفة الأمن بصحبة طفلتها الباكية حالها لا يختلف عن حال والدتها، فركضت نحوها تعانقهم وتقبل كل أنش في وجهها بشغف تطفي نار الفقد والخوف بقبلاته وعناق طفلتها رسم بسمة على شفتيه بسعادة على إعادة مكة فهو سبب أنشغال أمها عنها فكان يحدثها ويغازلها فأنشغلت عنهما…
دق باب غرفة فريدة وأنت بالدخول فوجدت جالان مشتعلة من الغضب ووجنتها حمراء بعد أن تدفقت جميع دمها إلى رأسها من الاغتياظ فوقفت من مكانها بخوف قائلة: –
– ايه صجر طلجك ولا إيه
– مين منال دي وحكايتها إيه مع صقر وسابها ليه وإيه آللي رجعها احكيلي كل حرف عارفة لو خبيتي عني حاجة أنتي حرة والله ما هحكيلك حاجة ولا هقف معاكي فموضوع العريس آللي صقر جايبه.
قالت حديثها بأنفعال شديد وغيرة على حبيبها بعد عودة حبيبته السابقة، ضحكت فريدة عنها وعلى غيرتها عليه ثم أخذتها من يدها وهو تقول بعفوية: –
– حاضر بس من غير عصبية مشان النونو الداكتور جال النرفزة غلط عليكم انتوا التنين، أجعد وافردي ضهرك هروح أجبلك عصير برتجال عملته مشانك وبعدها نحكي ونتحدد للصبح.
في دقائق معدودة غادرت فريدة الغرفة وعادت بكأس العصير وجلست بجوارها على السرير وبدأت تقصي عليها حكاية حبه الاولي قائلة: -.
– من 8 سنين اكدة منال كان عنديها 17 سنة كانت بتحب صجر جدا وهو روحه كانت فيها وفي يوم متعرفيش ايه اللي حصل ابوها أتجتل بليل ولسوء حظهم ابويا كان راجع من الاقصر وشافوا وطبعا كالعادة اللي يبلغ عن جريمة اول المشتبهين فيها كلهم جاله آنه ابويا اللي جتله وكان في خلاف في شغلهم سابق خدوه دليل ادانة ابويا ومن هنا بدأت العلاجة تتهز وبعد شهرين اثبتنا براءة ابوه راح صجر يتجدم لها أختها ست رجة رفضت وجالت لا مهحطش يدي في يده ومهتجوزش اختي، وبعد شهر في عز ما صجر كان بيحاول يرجع العلاجة بينهم ويجنع رجة بجوازه من منال، منال نفسها أختفت ومحدش عرف عنها حاجة بالنسبة له هي اتنازلت عنيه بدل ما تخوض الحرب وياه، صجر كان بيحبها بجنون ولما سابته غرست سكينة في جلبه وجتها صجر حرام على نفسه الحريم كلتها ومن يومها وهو لوحدي وعايش اهنا مبيدخلش السرايا دي ست غيري ومرت عوض مشان النضافة ولأول مرة ست تفوت على السرايا بعد كل السنين دي كانت أنتي، صجر كان حريص جدا على تعامله مع الستات حتى في شغله كان حريص اي اعلان لطلب مؤظفين بيكتب يشترط ذكور وجليل جدا لما تلاجي ستات في الشركة…
كانت تأكل الفاكهة وهي تستمع لحديثها ثم قالت بتفاهم بعد أن وضحت الأمور لها: –
– هربت منال على القاهرة ودخلت الجامعة وسكنت في المدينة الجامعية واتعرفت عليا وبقينا صحاب واتوسطلها تشتغل معايا في الجريدة وبعدها أتجوزت رئيس الجريدة وخلفت ولد منه وسميته صقر ودلوقتي لما جوزها مات راجعة تدور على حب العمر اللي هو جوزي وطبعاً لاقيت أختها بتقول آنا حامل منه فمينفعش تتجوز واحد المفروض جوز اختها صح
– هي اتجوزت؟
سألتها فريدة بدهشة أهي تزوجت وأنجبت صقر هل مازالت تحبه حقاً والآن ستقبل على تدمير حياته مع صديقتها…
أجابتها بلا مبالاة وغيظ ثم تحولت لهجتها لتردد وخوف على حياتها قائلة: –
– اه أتجوزت وسميت صقر ها مخدتيش بالك، تفتكري صقر ممكن يرجعلها بجد ويوجعني آنا خصوصا أنها سميت صقر وده دليل عنده انها لسه بتحبه.
كانت تحدثها بخوف من هدم حياتها مع حبيبها، فأربتت فريدة على كتفها بشفقة على حياتها لما يكثر بها المشاكل والكوارث من جميع الاتجاهات، كان يقف خلف الباب يستمع لحديثهم وعلم ماحدث مع منال وزواجها لكنه لم يهتم بل ما أثر أهتمام خوف محبوبته على علاقتهم وشكها بمقدار حبه لها، فهي مازالت لا تعلم مدي حبها بداخل قلبه وعقله مازالت لا تعلم بأن لأول مرة يكون لديه نقطة ضعف يخف عليها من الجميع هكذا، دق باب الغرفة وتصطنع الجهل بحديثهم وقال بحدة: -.
– مخدتيش دواءك ليه ها، انا مش جولت متهملهوش واصل مشان صحتك
– حاضر هأخده كنت بكلم فريدة في موضوع
قالتها بحزن، أقترب منها بغيظ لما حبيبته حزينة هكذا لسبب لا وجود له فهو حقاً يحبها هي ولا يرغب بأمراة غيرها لما هي حزينة وخائفة كأنه يخونها حقاً، حملها على ذراعيه بدلال وصاح بأخته قائلاً: –
– بعد اكدة روحلها أنتي الاوضة، الداكتور جال ترتاح، البت دي زعلتك.
سألها وهو ينظر لعيناها فأشارت له بلا وهي تلف ذراعيها حول عنقه، فقالت فريدة بأغتياظ: –
– والله ما زعلتها ولا جت جنبها أنت بتدلع مرتك على حسابي
-تدلع كيف ماهي عوزة مرتي وتعمل اللي يريحها
قالها ليشاكس أخته ويدخل الفرح على قلب حبيبته لكي يزيل الخوف منه، فزفرت فريدة بضيق منهما وقالت: –
– طب اطلعوا برا اوضتي بجي، روح دلعها في حتة تانية انا مناجصة فجعت مرارة بجي.
ضحكت جالان عليها وهي تدفعه في ظهره وهو يحملها فتأمل ضحكتها بسعادة ووعد قلبه بأن لا يزيل بسمتها تلك أبداً وستظل تُرسم على شفتيها مادام حياً يرزق…
كان يجلسوا معا بالمطعم بعد نهاية يومهم بالملاهي، وطلبا الطعام للأطفال ولهم، رأي بعيناها أثر الخوف وتنظر نحو أطفال برهبة بعد أن كانت ستفقد أحدهما اليوم قطعة من قلبها شعرت بيده تربت على يدها فنظرت ليده الموضوعة على يدها فوق فخدها أسفل الترابيزة حتى لا يراهم الأطفال فشعرت بطمأنينة تسكن قلبها ويهدا من روعته ثم رفعت نظرها له فأبتسم لها بسعادة، جاء النادل ووضع الطعام وبدوأ جميعاً بتناوله أما هي فكانت خاجلة وهي تحاول تجذب يدها اليمني من يده اليسري لتأكل مثلهم لكنه يشد عليها بقوة ولا تقوي على التفوه بكلمة واحدة أمام الصغار فأبقت ساكنة، هتفت ملك بأستغراب قائلة: -.
– مامي كلي
– ها حاضر ياحبيبتي، كلي أنتي
قالتها وهي تجذب يدها من يده ولكنه يسيطر عليها بقوته، وقف يوسف من مكانه فترك يدها فورآ فضحكت عليه أهو يخشى طفله كل هذا القدر، جاء يوسف لها وقال: –
– طنط إنا ممكن آجي معاكي البيت وألعب مع ملوكة ولوكا
فأجابته بهدوء مُبتسم له قائلة: –
– ممكن طبعا
– لا يا يوسف عيب.
قالها بحدة وهو يقف يذهب للمرحاض ثم وقف أمام المرأة ينظر إنعكاس صورته إلى متى يرغب بها ويمنع نفسه، إلى متي سيخفي مشاعره تجاهها، كان يسأل نفسه أكثر من سؤال حتى وصل لجواب نهاية ينطوي على زواجه بها يجب أن يحدث وبأسرع وقت ممكن…
في مكانهم المعتاد داخل الطحونة صاح بها بغضب قائلاً: –
– معملتيش اللي قولتلك عليه ليه، ولا مش عاوزة تتجوزي صقر والبلد كلها تعرف فضحتك
– مشان صجر مهيتجوزنيش، عايزني افضح نفسي بنفسي وفي الآخر مهيتجوزنيش، أنت لازم تتجوزني
قالتها بحدة وهي تقترب منه، فقال لها بسخرية: –
– وانتي عارفة اني مش هتجوزك
أبتسمت له بمكر شدة وقالت بلهجة تهديد: -.
– يبجي هروح لحبيبة الجلب جالان هانم واجولها جوزك اللي بيدعي الشرف وعوزك يوم ما جوزك المحلل نام معايا مشان مستحملش طفسته لانه راجل طفس ومبيحبكيش لانه لو بيحبك مكنتش عمل عملته السودة دي وهو بيجوزك محلل مشان يردك وابجي وريني بجي هتعمل ايه لما افضحك جدامها وصجر يعرف انك ابو الواد وعاوز تلبسهوه أجل ما فيها يجطع رجبتك المرة دي.
كانت تحدثه بتهديد وشراسة لتجبره على الزواج فأثرت غضبه بحديثها عن حبيبته كما يعتقد بأن هذا حب ودهشت حين جذبها من ذراعها بقوة وإذا بصفعة قوية نزلت على وجنتها من يده فصدمت من فعلته وهي تضع يدها على وجنتها فوق أثار أصابعه التي بدأت في الظهور على وجنتها من قوة صفعته، توقف لسانها على الحديث ولم تستطيع تحرك جسدها والفرار من بين ذراعيه فقط تنظر لعيناه بحزن وكسرة وكيف يهينها هكذا ألم تكتفي روحها من الأهانات سابقة ليهينها مجدداً الم يكتفي بسلب شرفها وأذلالها أمام صقر تطلب منه الزواج وسترتها على جريمة لم يفعلها وكسرتها أمام أختها..
صاح بأغتياظ في وجهها وهو يضغط بيده على ذراعها قاصداً ألمها: –
– عملتي كدة ليه ها
تأوهت من الألم بسبب قبضته ثم جمعت شجاعتها وأردفت بأنفعال قائلة: –
– عملت إيه حملت، بتضربني كأنه ذنبي لوحدي ولا أنا جبته لوحدي…
نظرت لعيناه بحسرة تخفيها بهم ثم نزعت يدها من يده بقوة ورفعت رأسها بكبرياء فهو لم يختلف عن الماضي ويهينها وقالت بكبرياء: -.
– جدامك يومين يا تكتب عليا يأما هطلع على السرايا وصجر هيعرف يخليك تتجوزني غصب عنيك أو يجتلتك ووجتها هكتب ورقتين عرفي للناس وأجول أني مرتك وهيجيب برضو حجي رجعلي
فرت هاربة من أمامه قبل أن يقتلها حقاً وتركته بين حيرته وهي تضغط عليه بحبيبته وقوي صقر وقد يفعلها حقاً، ظل يفكر ويفكر ولم يجد حل سوي أسكتها سكتة أبدية ولا تنطق بحرف واحد، فيجب أسكتها ودفن السر معاها في قبر واحد…
دلفت فريدة لمنزل جدها وهرعت نحوه بسعادة فسألها بجدية: –
– السعادة دي بتجول آنك وافجتي على العريس أخيراً
– عريس أيه بس ياجدي، دي مرت صجر اخويا حبلة، اللي نفسك فيه اتحجج ياجدي وهنشوف ولاد صجر
قالتها بأستنكار من سؤاله فضحك بسعادة وهو يقف مُتكي على نبوته ويقول: –
– جولتي حبلة، جومي لما نروح نشوفها.
وقفت معه بسعادة وهي تمسك بيده وذهبوا للسراية معا ولم يعلم أحد أن هو سبب سعادتهم بفضل عقله الشيطاني الخبيثة بعد فضل الله ونعمته عليهم…
كان يجلس في غرفة مكتبه يباشر عمله وهم بالصالون يضحكوا ويتحدثوا حتى دلف عوض بهلع إلى مكتبه يخبره بوجود الشرطة في منزله وتطلب بالقبض عليه، خرج للخارج والجميع خلفه ثم سأل بجدية: –
– خير ياحضرة الظابط
– والله مش خير واصل ياصجر بيه، آنا معايا آمر بالجبض عليك بتهمة جتل المجنية عليها رقة النجار.
قالها ضابط الشرطة بهدوء، أتسعت عيناها على مصراعيها بصدمة لا تقل عن صدمة الجميع وصدمته وفورا أمساك العسكرين به سقطت وسط الجميع فاقدة الوعي اي لعنة هذه أصابت حياتها تجعل الكوارث فقط من تأتي لها وتحل بهم، أستدار ينظر عليها وأتسعت عيناه بخوف حين رأي الدماء تلوث ملابسها من الجزء السفلي تنذره بفقد طفله اي عذاب هذا أصابه ليتهم بجريمة لم يفعلها وأذلاله وسط الجميع بدخول الشرطة منزله وفقد طفله وزوجته لا يعلم ماذا أحل بها، حاول الذهاب لها لكن منعه الشرطي وأخذه دون أن يطمن عليها وهي على الأرض والدماء تسيل بغزارة والجميع يبكي بحالة هستيرية لا يعلم ماذا يحدث بدقائق أصبح مجرم وفقد طفله…
في القسم
كان يقف يصرخ بالجميع دون خوف او رهبة منهم بعد رؤية حالة زوجته وحبيبته قائلاً: –
– جولت لجنابك معملتهاش، جتلها ليه هستفاد أيه من جتلها
– هتسكتها أنها متفضحكش في البلد كلها آنها حامل منك
قالها ضباط الشرطة بضجر من صوته المرتفع، فضرب مكتب الضابط بقوة وغيظ ثم تتنهد بقوة وقال بزفر: -.
– يا باشا إحنا صعايدة منرميش لحمنا لو زي مبتجول اكده الولد ولدي وعاوز أخرسها أجلها هرميها في السرايا لحد ما تولد وبعدها تروح لحال سبيلها، وبعيد عن الفروض بجي ده مش ولدي وأنا ملمستهاش…
دق باب المكتب ودلف العسكري يحمل بيده كارت ثم قال: –
-محامي المتهم برا
– دخله
قالها الضابط وهو يعود بظهره للخلف بغرور ثم أكمل حديثه موجه ل صقر : –
-اهو المحامي جه يمكن تتكلم وتبطل حجج.
زفر بضيق من طريقة حديثه ثم دلف المحامي الخاص ب صقر مُبتسم له…
في المستشفي
يقف الجميع في حالة ذعر وصدمة من ما حدث وقلق على هذه المرأة الحامل، أتصلت فريدة ب قمر كما فعل عوض وأتصل ب أيمن ليرسل المحامي له، وبعد ساعة ونصف دلفت قمر بأطفالها ووجدت فريدة وحدها بأنتظارها
سألتها قمر بقلق شديد: –
– حصل أيه يافريدة، جالان مالها
– كله من بنت الكلب اللي أسمها رجة بس هنعمل إيه اذا كان ربنا خدها في ايدينا إحنا ايه نعمله.
قالتها بضجر باكية بخوف، جلست قمر بجوارها على المقاعد الحديدية أمام غرفة العمليات وتقصي عليها فريدة ما حدث…
– يعني مفيش دليل واضح إن موكلي هو اللي قتلها لا شاهد شافه بيعمل ولا حتى السكينة عليها بصماته، اومال حضرتك قابض عليه ليه
قالها المحامي بجدية، فأجابه الضابط بغرور قائلاً: –
– بس في طفل وتحليل موجود في مكتب المتهم يثبت انه والد الطفل وده سبب كافي آنه يقتلها
نظر المحامي ل صقر ثم قال بجدية: -.
– مجرد احتمال والتحليل مزور وده هيثبت من تقرير الطب الشرعي، وأرجو من جنابك الافراج عن موكلي لنقص الادلة على ذمة القضية كمشتبه به وليس الجاني…
كانا يقفان أمام مكتب الضابط حائرين لا يعلموا ماذا يحدث بالدخل وقد تأخر المحامي عنهما ساعتين ثم خرج وخلفه صقر فسأله أيمن بقلق: –
– عملت إيه
– افراج على ذمة القضية بصعوبة الضابط مُصر آنه القاتل
أجابه المحامي ، فقطع حديثهم وأسئلتهم بسؤاله: –
– جالان فين
أجابه نبيل بهدوء: –
– في المستشفي
خرج ركضاً من القسم أمامه بالتأكيد حدث لها شئ جعلهم يأخذوها للمستشفي، أحقاً فقد طفله…
دق باب منزلها وفتحت بتعب فوجدت طفلها الصغير صقر ومربيته، عانقها الطفل بأشتياق قائلاً: –
– مامي، مامي واحثتني
حملته على ذراعيها بشوق وهي تقبل كل أنش في وجهه وقالت بهدوء: –
– أدخلي
أغلقت الباب وهي تدلف للداخل به وهو يقبل وجنتها بسعادة آما هي تشرد فيما حدث وسجن صقر حبيبها الذي لم تناله ولم يكتبه القدر لها وأسمت طفلها بأسمه…
دخل للمستشفى ركضاً وخلفه نبيل و أيمن وقلبه غرق في بحور قلقه عليها وتوقف أمام الغرفة بهلع ويراهم جميعاً يبكوا فسأل بخوف: –
– جالان فين الداكتور جال أيه
أجابته قمر باكية بقلق قائلة: –
– في العمليات ادعيلها ياصقر والنبي ربنا يقومها بالسلامة.
كاد آن يسقط من الصدمة ماذا حدث للحبيبته لكي يدخلوها غرفة العمليات، من هذا الذي يسعي لدمار حياتهم؟ سيقتله حتماً إذا عرفه، ألم يكتفي بقتل طفله قبل أن يأتي للحياة والنور…
دقائق من وصله وخرجت من غرفة العمليات ذهب ركضاً خلفها إلى غرفتها فتركوا جميعاً معاها، جلس على الكرسي بجوارها وتناول يدها بين كفيه ولم يشعر إلا بدموعه تنهمر على وجنته بضعف ويقبل يدها بحنان، دلف الطبيب وخلفه الممرضة فمسح دموعه بسرعة وهو يدير رأسه ثم قال بتلعثم: –
– طمني ياداكتور هي كيفها دلوج؟
– أطمن ياصجر بيه هي زينة والجنين كمان زين وصحته عال العال بس ممكن تستني برا مشان النفس والاوضة هنا حريم مينفعش تستني وياها.
قالها بهدوء وهو ينظر على باقي المرضي النساء، أتسعت عيناه على مصراعيه بذهول طفله بخير حقاً، رحم الله قلبه هو وحبيبته وحفظ طفله ليخفف من ألم حبيبته، خرج من الغرفة وحجز غرفة لكبار المرضي خاصة لها ليبقي بجوارها دون أن يمنعه أحد، دلف للغرفة معاها أقتربت الممرضة والممرض لحملها ووضعها على سريرها فمنعهم ثم حملها هو بين ذراعيه وسمع صوت تأوهاتها من الألم فأنزلها برفق على سريرها…
أردفت الممرضة بتحذير قائلة: –
– براحة ياحضرة، مرتك عاملة عملية
خرجت مع صديقها، فجلس بجوارها على السرير يربت على رأسها بحنان ويده الآخر على بطنها مُشتاق لطفله بعد أن شعر بفقده، سمع صوتها تناديه وتنهمر دموعها ببطئ: –
– ص، ق، ر
يعلم أنها خافت حين رأت العساكر يأخذوه بتهمة قتل وهذا سبب دموعها فهمس بأذنها بدفء: –
– عيون صجر، أنا هنا ياروحي مههملكيش واصل.
كانت تجلس بجوار قمر تحدثها بأرتباك من نظرات عيناه المتشبثة بها بجراءة دون خجل أو خوف من إخيها الصعيدي لكن لم تقوي على رفع نظرها نحوه فتبسم عليها وهو يلاحظ أرتباكها رغم أنها لم تنظر له لكنها تفرك أصابعها ببعضهم دليلاً على توترها من نظراته، أنتبه أيمن لنظراته فهتف ل ملك ومكة قائلاً: –
– روحوا لمامي خليها تفتحلكم العصير
ذهبوا الأطفال، فنظر له وهو ينكزه في ذراعه قائلاً: -.
– أنت معندكش دم الرجل لسه جايبنوا من القسم وعلى ذمة قضية قتل ومراته في المستشفي بتموت وأنت بتنيل إيه، ده وقت معاكسة الله يحرقك
– خليك في عيال المدام أنت، وسيبني في حالي متقطعش عليا
قالها نبيل وهو ينظر لها يأبي ان يشيح عيناه عنها دقائق، وقفت فريدة بتذمر وضيق من نظراته ثم قالت: –
– خليكي أنتي آنا هروح أجبلهم أكل شكلهم جعانين جوي.
ذهبت فتتنهد بأرتياح ثم ذهب خلفها، سمعته ينادي عليها وأستدارت له وقالت بتعابير وجه جادة بجحود: –
– نعم خير
نظر لها بذهول من قسوتها وقال: –
– آنا قولت اجي معاكي لأحسن حد يعاكس القمر ولا يضايقه
ضحكت له بسخرية وأشارت على عوض وقالت بتهديد: –
– لا متجلجش عندينا أهنا اللي بيعاكس حرمة بطير رجبته من على جتته، تحب تطير رجبتك بجي
أزدرد لعوبه ثم قال بأرتباك وهو يضع يده على رقبته: –
– رقبتي آنا ليه وأنا مالي.
– ماهو واضح إن المحروس بيعاكس
قالتها بأحتقار ثم ذهبت فضحك عليها وقال مُحدثاُ نفسه: –
– لا المحروس عاوز يتجوزك ياجميل فين صقر…
أستدار يبحث عنه لكي يخبره بأنه يريد الزواج من أخته…
فتحت عيناها ببطئ ووجدته بجوارها يمسك يدها اليمني بين كفيه ونائم عليها بتعب، تفحصته وهو نائم منتظرها ثم تذكرت ما حدث فرفعت يدها اليسري تمسح على رأسه بحنان مُداعبة خصلات شعره، شعر بيدها ففتح عيناه بتعب وحين رأها تنظر له وأستيقظت أعتدل بلهفة ثم قال بحنان: –
– حمدالله على سلامتك ياجلبي، في حاجة بتتوجعك
حاولت الجلوس فساعدها وهو يضع الوسادة خلف ظهرها ثم قالت بخفوت: –
– حصل آيه، هم خادوك ليه.
– مشكلة بسيط ياحبيبتي متشغليش بالك، المهم تخلي بالك من الواد ده
قالها وهو يمسح على رأسها بيده ويشير على بطنها قاصداً طفله، تذمرت عليه وقالت بتمرد: –
– واد مين آنا هجيب بنوتي زي القمر زي قال واد قال
فضحك عليها رغم تعبه ثم أنحني قليل ليكون بمستواها ثم همس بأذنها بخفوت شديد يغازلها بحب: -.
– بنوتة بنوتة مادام هتبجي شبه الجمر ده وأنا مهخليش حد يشوفها ولا هجوزها لواحد يسرجها مني آنا هخليها ويايا وبتاعتي لحالي
قهقهت من الضحك ثم تلاشت ضحكات وهي تنظر له بوجه عابث ثم قالت بتحذير: –
– هتبور بنتي لا أنا هخليها جوا أحسن بجي.
قرصها من وجنتها ثم ضم رأسها له فأسكنتها على بطنه وتشبثت بخصره بذراعيها فرغم مزحهما معاً يعلما جيداً بأن هناك فراق يقف على بُعد خطوة منهما يكاد يحرم كل منهما من الآخر، كان يمسح على رأسها بحنان وعقل شارد في حل لتلك المصيبة وهذا الفراق، ثم دلفت فريدة و قمر وبيد كل منهم طفلة، فأعتذار منهم وخرج ل أيمن و نبيل ليجد حل معاهم، تحدثوا كثيراً معاً وحكوا لها الأطفال عن يوسف ووالده فرمقت قمر بنظرها بخبث ومكر وحين ناموا الأطفال على السرير الآخر من التعب، مسكتها من ذراعها وهي تغطي الأطفال وقالت: -.
– إيه اللي سمعته ده مش كان الجواز عيب وحرام وكفرتيني لما قولت لوني وبلاش الاسود
– وهو حد جاب سيرة جواز دلوقتي
قالتها قمر بأستنكار وتصطنع الجهل وهي تذهب من أمامها، فسألتها جالان بغيظ وغرور مصطنع: –
– ده على أساس آن الموضوع آيه ها، عموماً آنا مش هحسد ولا هقر آنك وقعت مدير الشركة والواد موز وحليوة وعيناه خضراء وابيضاني مش هقر خالص
– مين ده اللي حليوة وموز وعيناه خضراء وابيضاني.
قالها صقر وهو يشتعل من الغضب والغيرة وهي تتغزل برجل أخر غيره، أتاها صوته وهو يقف على باب الغرفة فضحكت قمر بسعادة كانت تشاكسها ولكن مشاكستها أصابتها هي وهو يكاد يفترسها بعيناه الغيورة، رفعت نظرها له بصدمة ألجمتها من حديثه ووجوده الغير متوقع فوضعت يدها على بطنها وصرخت مصطنعة الألم، وقفت قمر وهي تأخذ فريدة وتخرج للخارج تاركين للصقر فريسته يفعل بها ما يشاء، أقترب منها بقلق كالمعتاد فقلبه العاشق يقع بفخها مجدداً وسألها بهلع: -.
– أنتي زينة، في حاجة بتتوجعك أجبلك الداكتور
تشبثت بيده بقوة وقالت بألم مصطنع وهي تكتم ضحكاتها بصعوبة: –
– لا أنا هنام وهبقي كويسة، نيمني ياحبيبي
– ماشي نامي ومتتعبيش حالك
قالها وهو يساعدها في النوم، فوضعت الغطاء على وجهها بخوف منه وهي تضحك بصمت فهربت من عقابه لها بحبه لها…
دلف حامد ركضاً لمنزل مجدي ثم جلس بجواره فسأله بفضول: –
– عملت إيه يابجم
أجابه بتلعثم شديد وهو يلتقط أنفاسه: –
– اخد نفسي الاول ياحاج
نكزه بركبته بغيظ وهو يقول: –
– ما تنطج يازفت أنت، أنت هتنجطني
– محدش في البلد شافها مع راجل ولو حتى صدفة بس اليوم اللي أتجتلت فيه كان خارجة من الطحونة المهجورة اللي في أول البلد ما أنت عارفها ياحاج
أردف حامد بهذا الحديث بجدية، فسأله مجدي بأستغراب قائلاً: -.
– في الطحونة بتعمل إيه في وجت متأخر اكدة؟
هتف حامد مُجيب على سؤاله بجدية: –
– معارفش بس الواد محسن الجهوجي جالي ان في راجل بيدخل جبلها بهبابة ويخرج بعدها بهبابة شافه مرتين بس هو مين ميعرفش بيدخل متخفي
– مش بجولك غبي وحمار كمان، ماهو الراجل ده هو السر ياواد المحروج تجب وتغطس وتعرفهولي كيف معرفش بس لو مجبتليش خبره هجيب انا خبرك سامع
قالها مجدي بتهديد وغيظ وهو يضربه على رأسه، فأجابه: –
– حاضر ياحاج حاضر.
تركه وذهب سريعاً، جلس مجدي يفكر بهدوء عن من يفعلها، من يستطيع القتل بهذه السهولة في بلدهم…
عاد للسراية بها ومعه الجميع فصعد للأعلي أولاً بها ليجعل تنال قسط من الراحة كما قال الطبيب ثم نزل لهم ودلف لغرفة مكتبه ومعه عوض فقط فقال بجدية: –
– سمعت هتعمل ايه
– بس أنا معاوزش أطلع الجبل، أجولك هبعت بدر ومعه واحد من الرجالة
قالها بأرتباك وخوف من الجبل، فصاح صقر به بغيظ: –
– جولت أنت وتجيب وياك مختار مفهوم ومتعاوجش وتجلجني
– حاضر ياجناب البيه.
قالها عوض بطاعة لأمره ثم خرج من الغرفة، دلف نبيل و أيمن فقال أيمن بهدوء: –
– آنا من رأي نقعد مع المحامي ونسمع منه الموقف القانوني ايه ونسبة اتهمك واثبات التهمة عليك آيه، الحلول الموجودة ايه ونعملها
تنحنح نبيل بجدية ثم أردف قائلاً: –
– لا بقي آنا عندي حل تاني، آنا من رأي بقي صقر يروح يقابل أختها ومادام بينهم حب قديم بقي يلين دماغها وتشهد…
قطعه أيمن بعصبية شديدة وضجر: -.
– آه وتشهد بإيه زور مثلاً، اسكت ياأيمن
– زور آيه، أنا قصدي أنها أختها أكيد تعرف عنها حاجة آو سمعتها بتتكلم مع حد أو لاقيت رقم على تليفونها حاجات من دي.
كانت تلك أجابة أيمن عنه، كان صامتاً يستمع لأقتراحاتهم له ويفكر مع عقله وحده بعيداً عن الجميع، دلفت فريدة تحمل بيدها صنية وعليها القهوة لهم، تأملها وهي تقترب نحوهم وحين تقابلت عيناهما رمقته بنظرة حادة ووجه عابث ثم أشاحت نظرها عنه، أستدار ينظر ل صقر وهو واضع رأسه بين كفيه بحيرة وعجز عن إثبات براءته، قال بحماس: –
– صقر بقولك آيه آنا عاوز أتجوز أختك.
سقطت الصنية من يدها بذهول من الصدمة آلتي ألجمتها بجملته وأتسعت عيناها على مصراعيها ثم فرت هاربة للخارج، أردف صقر بتهكم قائلاً: –
– البعيد معندوش دم صوح، هجول إيه يعني أخوها هيتحسب وأنت عاوز تتجوزها
– دي جريت
قالها بذهول من رد فعلها، فضحك أيمن ساخراً وقال بأغتياظ: –
– ماهي شايفة واحد حمار معندوش دم عايزها تعمل أيه؟
تركهم بزفر وضيق وخرج من المكتب…
وصلت المربية لمطار الأقصر ومعاها يوسف ووجد أيمن بأنتظارها وحين رأه طفله ركض نحوه فجثو على ركبته يعانق طفله بسعادة ثم حمله على ذراعيه…
أخذ حمام دافئ ليهدأ أعصابه قليلاً ثم خرج مُرتدي بنطلون وصدره عاري وعلى كتف المنشفة ثم جلس على الأريكة بتعب، أقتربت منه بتعب من ألم جسدها منذ أيام أجرت جراحة برحمها لإزالة ورم وحينما أقتربت منه رفع نظره لها بأرق ومسك يدها يساندها حتى جلست بجواره ثم تناولت المنشفة بيدها وبدأت تجفف له شعره بحنان وعيناها تحتضن عيناه ذهلت من رد فعله حين جذبها له يعانقها بقوة ويستنشق عبيرها تعلم جيداً بأنه يحتاج لهذا العناق أكثر من أي شئ خصيصاً لأنه يشعر بأنه سيفارقها عن قرب إذا ثبتت الجريمةعليه حتى لو لم يفعلها..
عانقته بحزن وخوف من الغد وهو على وشك أخذه منها وحرمها هي وطفلها منه، دفن رأسه بعنقها ثم شعرت بدموعه الحارة تنهمر على عنقها…
دلفت لغرفة أختها وهي تبكي بحزن تنظفها مع المربية ووجدت ظرف أبيض أسفل الدولاب لم يظهر منه سوي سنتيمتر واحد فقط أخرجته وتركت من يدها المكنسة الكهربائية ودهشت حين فتحته ووجدت النسخة الأصلية من تحليل النسب واسم الوالد حسام…
سقطت على السرير بصدمة وهي تمسك بأناملها ورقة التحليل بدون تصديق وأزدردت لعوبها بصعوبة وهي تملك دليل براءة حبيبها وأدانة حسام، كانت تعلم بأنه لم يفعل جريمة كتلك سواء كانت زنة أو قتل، تتنهدت بقوة وهي تفكر تذهب له أما للشرطة وأذا ذهبت له هل ستخطأ صديقتها بفهمها وتعتقد بأنها ذاهبة لسرقة زوجها، وضعته في الظرف وتركته على السرير بعد أن حسمت أمرها بالذهاب لصديقتها جالان وأعطاها دليل براءة زوجها، دلفت إلى غرفتها تغير ملابسها بسرعة ثم عادت وهي تفتح الهاتف لكي تتصل ب جالان وذهلت بصقعة كهربائية أصابت جسدها من الصدمة حينما أختفى الظروف من فوق السرير بحثت عنه كثير كالمجنونة فهو سيخلص حبيبها من حبل المشنقة وتهم لم يفعل وسيعيد له هبيبته وكرامته وسط الجميع، بحث فوق السرير وأسفله ولم تجده وكأنه تبعثر في الهواء كما تبعثر هواء الدخان ولم تستطيع رؤيته متناثرة في الفضاء فأخذته الرياح بعيداً…
تعقدت الأمور أكثر عليه فلم تجد الشرطة دليل يبثت براءته كما ظهر تحليل الطبي الشرعي مزور كالسابق يبثت بأنه والد الطفل مجدداً…
كان يجلس معاها على الترابيزة بغرفتهم ويفطروا سويا وهو يطعمها بنفسه، هتفت وهي تقف وتزدرد لقمتها قائلة: –
– كفاية كدة بجد شبعت على الآخر
جذبها من يدها وأجلسها على فخديه وطوقها بذراعه الأيسر ثم أردف بلطف وهو يقطع البيض لها بالشوكة قائلاً: –
– البيضة دي وبس.
رفع يده أمام شفتيها فهزت رأسها له بدلالية ثم قالت بتذمر ترفض الطعام كطفلة صغيرة: –
– تؤ تؤ مش عاوزة
– مشان خاطري ولا أنا ماليش خاطر عنديك
قالها وهو يشير بالشوكة أمام شفتيها، فهتفت بدفء وهي تنظر لعيناه بحب قائلة: –
– عشان خاطر صقر.
وأكلتها منه برفق فلوثت شفتيها بصفار البيضة قرب رأسه منها ثم أحتضن شفتيها بشفتيه وهو يتذوق طعمها بالبيض فضحكت وهي تلف يديها حول عنقه بسعادة وتبادله القبلة، ترك الشوكة من يده ثم وضعها على خصرها بحنان فقطعهم صوت طرقات على الباب بقوة، أبتعد عنه ثم أنزلها من فوق قدمه وذهب يفتح الباب فوجد أخته تبكي بخوف وتقول: -.
– صجر الظابط تحت وعاوزك وبيجول آنك جتل رقة وفي أدلة ونبيل وإيمن معه تحت وهو بيجول آنه هيجبض عليك
تلاشت السعادة اللحظية التي عاشها منذ قليلاً مع حبيبته وقال بجدية وأنكسار: –
– طيب أدخلي أوضتك وأنا هغير خلجاتي وأنزلهم.
أغلق باب الغرفة فوجدها تقف أمام السرير مُبتسمة بسعادة تغمرها فلحظات بسيطة معه كفيلة بأن تسعدها وتأخذها لعالم أخر بهيامه وعشقه هي ملكته وهو ملك هذا العالم يسكنه هما معا وحدهما ملك وملكة بدون شعب من البشر بل شعبهما قبلات لا تحصي وجيوشهما أحضان لا تعد آما عن تعليماتهما وأوامرهما فهي عشقهما، كانت منحنية قليلاً للأمام ترتب السرير وشعرها منسدل على الجانبين مُرتدية قميص نوم نسائي قصير يصل لركبتيها وعليه روبه الخاص تغلق رابطته بكم شفاف واسع ويظهر قدميها العارتين، تأملها بشغف فقد جاء الفراق لهم وسيفقدها لا يعلم كم الزمن ومتي سيعود وينتهي فراقهم كل ما يعلمه أن حان وقت الفراق وستبدأ ألم الفقد والوحدة…
– مين ياصجر، فريدة
قالتها وهي ترتب الوسادات، فوجدته يلف ذراعيه حول خصرها ويحتضنها من الخلف بشغف وكأنه يودعها ثم قال مُردفاً: –
– اه، آنا هخرج شوية مش عاوزك تتعبي حالك، وتخلي بالك من حالك ومن النونو الصغير على ما أرجع
أستدارت له بدلال وقالت باسمة له: –
– أنت هتتأخر ياحبيبي، آنا هنام لحد ما تيجي.
وضع قبلة على جبينتها بحنان ويده اليسري حول خصرها واليمني بجانب عنقها ويربت بأبهامه على وجنتها اليسري بدفء فأغمض عيناها تستمتع بقبلته ونعومتها ثم أبتعد عنها وقال بأنكسار: –
– اه هتأخر هبابه
– ماشي ياحبيبي هستناك
قالتها بحب وهي تربت على صدره بيدها، أخذ ملابسه ودلف إلى الحمام ليغير ملابسه، دقائق ودق باب الغرفة ففتحت بهدوء مُبتسمة وقالت: –
– ايوة يافريدة.
– جولي لصجر يستعجل أومال الظابط مستعجل وعاوز يطلع يأخده من هنا
قالتها فريدة بتلعثم وهي تبكي، أتسعت عيناها على مصراعيها بصدمة أهو كان يودعها الأن ويوصيها على طفله، ماذا يريدون حقاً من حبيبها وحياتي لما الجميع يسعي لدمار حياتها وعلاقتهما، أتاها صوته من الخلف وهو يقترب من الباب قائلاً: –
– أنا جاي اهو.
أربت على كتفها بحنان يطمئنها رغم أنه قلق ولا يعلم إلى أين ذهبت التحقيقات ومتي سيعود ثم خرج من الغرفة نادته وهي تخرج خلفه باكية بعد أن أنهمرت دموعها على وجنتها: –
– صقر.
نظر لها بجدية بمعني ( أياكي والخروج من غرفتها بتلك الملابس التي تظهر جسدك حبيبتي ويراكي أحد ) فتوقفت بخوف منه وهي تبكي بحزن شديد بعد أن غرست سكينة بقلبها مع رحيله، أخذوه منها مجدداً ولكن تلك المرة لم يعود اليوم فغاب عنها يومين وثلاثة والأيام تمر وهو لا يعود سرقوه جميعاً منها فسلبه منها روحها وقلبها وأصبحت على وشك فقد طفلها من قلة التغذية وأرق جسدها بضعف…
أستيقظت صباحاً وأخذت حمامها ثم ذهبت لأطفال أيقظتهم ثم أخذتهم للحمام فهتفت ملك بحماس شديد: –
– مامي هاتي يوسف يستحم معانا
– عيب يا ملوكة أنتوا بنات.
قالتها وهي تنزع ملابس أطفالهم وتضعهم بحوض الأستحمام وبعد أنتهاءها من حمامهما أخرتهم وعاد ب يوسف تحممه مثلهم ثم خرجت لتصلي الظهر معاهم وقفت في غرفة الصلاة في المنتصف أمامهم وثلاثتهم خلفها وبدأت الصلاة وهم خلفها يلهو معا ويضحكون بخفوت حتى لا تسمعهم وتغضب…
خرج أيمن من غرفته وذهب لغرفة الأطفال ليري طفله وام يجدهم جميعاً ذهب يبحث عنهم وبمجرد أقترابه من الدرج سمع صوت همسهم فأقترب أكثر وفتح باب الغرفة فوجدتها تقضي فرض ربها آما الاطفال يقفوا خلفوا ويلهوا معاً ثلاثتهم، دلف بهدوء ووقف خلفهم بتعابير جدية صارمة حتى رأه الأطفال، نظروا نحوه بأرتباك وخوف ثم أستداروا يصلوا معاها بجدية وخوف منه، أنهت صلاتها وأستدارت لهم مُبتسمة فوجدته يقف في الخلف مُتكي بظهره على الباب واضعاً يديه في جيبه متأملها، نظرت له باسمة بعفوية، وقف يوسف بسعادة وطفولية وجلس على قدمها، فصرخت مكة بأغتياظ قائلة: -.
– قومي، مامي خليه يقوم عشان أقعد آنا
– أستني بس أنا هفهمك
قالها يوسف بطفولية وكأنه رجل كبير يتحدث ويشير بيديه لها بأن تنتظر، فهتفت ملك بعصبية: –
– اتفضل فهمنا
قالتها وهي تقف وتضع يديها في خصرها، أردف ببراءة وهو يتشبث ب قمر قائلاً: –
– أنا ولد واحد هعرف أقعد على رجلك براحتي لمن أنتوا على فكرة اثنين من هتعرفوا تقعدوا مع بعض هتفطسوها.
ضحكت قمر على مبرره وهكذا والده على ذكاء طفله يفعل ما كل يريد حتب أمهما يسرقها بذكاء، أشارت لطفلتيها بالجلوس بجوارها، فجلسوا بجوارها وهو على قدمها وبدأت تقصي عليهم قصة سيدنا محمداً وهي تعلمهم فروض دينهم وكيف هناك عقاب وجنة ونار، وقف يستمع لها لحديثها وعقله يسأله هل سيجد أم لطفله أفضل من هذه المرأة، خرج من الغرفة حين توقفت بمنتصف القصة…
– طنط كملي حصل أيه بعدها، مامي كملي بقى.
هكذا كان طلب الأطفال فكانت أجابتها أجمل لها ولكن لا يريدوها: –
– لما نبجي نصلي العصر هكملكم الباقي
إرتدت أن تشجع هؤلاء الأطفال على الحضور وقت صلاة العصر ليعرفوا ما يريدوه، خرجت من الغرفة ووجدته يقف أمام الغرفة ينتظرها، فقال وهو يقترب بهدوء: –
– ممكن أتكلم معاكي شوية
أشارت إليه بنعم، وذهبت معه للأسفل فئ الجنينة.
جلس في زنزانة السجن وهو يفكر من فعلها وتذكر حديثه مع مختار
– يا صجر بيه آنا بجولك ان اللي عملها مش حد منينا نهائي وعموما هدور
قالها مختار بثقة، فسأله بضيق شديد وأستياء: –
– مين هيعملوا غير ولاد الجبل، أسمع يا مختار الموضوع ده مبخرجش عن رجالتك، دور عليه أنت من ريسهم والمسؤول عنيهم يبجي تعرفلي مين عملها ومين اللي طلب منه يعملها
هز مختار رأسه بحيرة شديدة وقال: -.
– عيني ليك بس أنا متأكد آنه مش من رجالتي بس هدورلك برقبتي
وضع يده على وجهه بضيق وعجز لكن أكثر من يؤلمه أشتياقه لمحبوبته والفراق الذي سلك طريقه نحوهم، كان كالجبل صامداً لا يخشي شئ ولا ينهار أبدا حتى أقتحمت حياته وجعلت من نفسه أقوي نقطة صغف له…
دلف للمطبخ بهدوء دون إصدار اي ضجة ووجدتها بالداخل تجهز الطعام للجميع، أنحنت قليلاً للأمام وفتحت الفرن تخرج منه طاجن السمك ووضعته على الترابيزة بسرعة من سخونته على يدها، رأته يقف هناك مُتكي على باب المطبخ بكتفه يراقبها بنظره، فهتفت ببرود تخفي خلفه خجلها من نظراته وتلك القشعريرة التي تصيب قلبها قبل جسدها من توترها بوجوده: –
– ثواني والغداء يكون جاهز.
قالتها وهي تحضر الاطباق، فأجابها بعفوية وهو يقترب: –
– آنا مسألتش على الغدا، وعموما تسلم أيدك، بس أنا جاي أسأل على إجابة طلبي
رمقته بنظرة حادة وقالت بجحود مُستاءة منه ومن عدم تقديره لما يحدث حولهم ولأخيها: –
– طلب آيه، مش لما صجر يعاود بالسلامة الأول، لو مستعجلش جوي اكدة روح طلعه براءة وهاته بعديها بس ممكن أجولك جوابي
– أطلعه أزاي دي أنتي شايفني الشيخة خديجة المغربية.
قالها نبيل بأغتياظ مصطنع من حديثها، أستدارت تعطيه ظهرها ثم تبسمت بخفوت عليه وأكملت ما تفعل بعد أن خرج مُنفعل من حديثها ونظرتها الشراسة له…
جلست على المقعد أمامه في الجنينة بعيداً عن مسامع آلجميع ورمقته بصمت مُنتظرة منه بدأ الحديث، إزدرد لعوبه بتوتر حينما كانت عيناه تناظرها بشغف وسعادة ثم جمع شجاعته وقال بهدوء ممزوج بنبرة جادة: –
– تتجوزني ياقمر.
أتسعت عيناها على مصراعيها بذهول من طلبه ثم وقفت هاربة من أمامه بعد أن شعرت بخوف من الخضوع للتجربة مرة أخرى وكيف ستتجوزه وأطفالها ماذا ستفعل هل ستهملهم وتهتم به، مخاوفة كثيرة سيطرت على قلبها وعقلها، وقف هو الآخر بالمثل وذهب خلفها ركضاً حتى وصل لها ومسكها من معصمها يديرها له فقال بأستغراب: –
– أنتي رايحة فين.
– بص آنا مش هتجوز تاني، مقدرش أجيب لبناتي زوج أم معرفش هيعاملهم أزاي ومقدرش أتجوز راجل وأخلف منه بعدها يسبني ويمشي لأي سبب وأقعد آنا أربي تاني لوحدي…
كانت تحدثه بتلعثم وبدأت عيناها تزورها بعض حبيبات اللؤلؤ حتى أنهمرت دموعها على وجنتها من الخوف فقط طلبه للزواج فتح جروحها آلتي ترممها بصعوبة من أجل طفلتيها، أقترب خطوة منها ووضعت يده على وجنتها وهو يمسح دموعها بأبهامه ويقول: -.
– متخافيش ياقمر مفيش أي حاجة من الحاجات دي ممكن تحصل، بناتك هم بناتي وربنا يشهد وعالم آنا هعاملها ازاي زي يوسف أبني وأكثر، وأنتي هحطك جوا نن عيني مستحيل ازعلك مني
ظلت تنظر لعيناه وهو يحدثها بدفء ويمسح دموعها بأنامله، جذبت يدها من قبضته ثم أبعدت الأخري عن وجنتها وهربت من أمامه باكية حائرة بين رغبة قلبها الذي يسعد بوجوده بجوارها والطمأنينة التي تتلخص لها فعيناه وبين عقلها الخائف من البداية مجدداً…
كانت تجلس على الأريكة وعلى قدميها جهاز اللاب توب وتباشر عملها بشرود وعقلها يفةر إلى أين أختفي الظروف ومين أخذه، جاء طفلها الصغير وهو يقول ببراءة: –
– مامي أعمليلي ملكب ( مركب)
وأعطاها ورقة، نظرت بذهول للورقة وهي دليل براءة حبيبها وعودة كرامته أمام آهل البلد، أخذتها منه بسعادة ثم صاحت منادية مربية طفلها وجاءت إليها فقالت بأستعجال: –
– خلي بالك من صقر آنا خارجة ومش هتأخر، روح ياحبيبي العب في أوضتك.
خرجت مسرعة من المنزل بعد أن التقطت هاتفها…
دلفت مكة و ملك إلى غرفة جالان فلم يجدوها بالغرفة عادوا للخارج يبحثوا عنها فوجودها بغرفة الصلاة ساجدة لربها وتبكي بقوة وصوت شقهاتها يملي الغرفة بأكملها مع أنتفاض جسدها من كثرة البكاء، أشارت مكة لأختها بالصمت واضعة سبابتها فوق شفتيها ثم أخذتها من معصمها للخارج وأعادوه أغلق الباب عليها كما كان، كنت تبكي بألم تعتصر قلبها من شدة الفراق وأشتياقهما لها، تعلم بأن ربها لن يخذلها فدعوتها دعوة مظلم لم يرتكب حبيبها أي شئ يستحق أن يعاقب عليه فلم العقاب لم تستطيع فعل شئ له سوى الاستنجاد بخالقها رب الكون فوحده من يستطيع مساعدته وفك كربها، كانت دعوات غير مفهومة مُغمغمة بها وسط بكاء الشديد…
ذهبت منال لمديرية الأمن وقدمت للضابط التحليل ثم أخبرت بحديثها المستمر وصمتها الدائم عندما تسألها عن والد الطفل، كان دليل قوي أستغله المحامي الخاص به أثبت براءته وقذف الجريمة على حسام وبالأخص وصف القهوجي للرجل ألذي يأتي للطحونة ليلاً لم تكن صفة واحدة به، قصير وهو طويل القامة، نحيف وهو جسده رياضي ذو عضلات بارزة به، نال براءته من تلك الجريمة وفور خروجه أتصل نبيل من هاتف صقر ب فريدة يخبرها ببراءة أخيها وهم في طريق عودتهم للسراية بعد أن مال حريته المطلقة مشتاق لمحبوبته الشرسة رغم بكاءها، يقلق عقله عليها أكثر من ذاته فهي تصطنع القوة رغم أنها من الداخل هشة تماماً تشبه العصفور مكسور الجناح لا يستطيع الطير والتحلق في السماء…
دلفت فريدة إلى غرفة أخيها ولم تجدها بداخل فذهبت نحو الشرفة ووجدتها تجلس على الأريكة الأرجوحة تضم قدميها لصدرها ورأسها مُتكية على ركبتيها وتلف ذراعيها حولهما باكية بصمت بعد أن تعقدت الأمور عليهما وأخذه مجدداً منذ يومين ولن يعود لها، أخذوا منها روحها وحبيبها ويطلبون منها تناول الطعام والشراب اي حجود هذا فهل يعتقدون بأنها تستطيع فعل شئ بدونه وفي غيابه وأي غياب هذا مؤلم ومُخيف يرعب قلبها ويعتم حياتها، هتفت فريدة بسعادة: -.
– جالان
– اممم
هكذا أجابتها فقط بأنين لا تستطيع الحديث، جسدها وعقلها يأبوا فعل كل شئ بعد رحيله وهو كل شئ لها، شفقت فريدة على حال هذه المرآة منذ أن تزوجت ولم تنال قسط صغير من السعادة، رأت سيارة أخاها تدخل السرايا وتقترب فأشارت عليها وهي تقول: –
– أنا جيت أجولك ان صجر خد براءة وجه كمان.
رفعت رأسها بسعادة طفولية وعيناها تلمع ببريق الأمل ثم وقفت وهي تنظر للأسفل ورأته ينظر من سيارته بهيبته ووقاره مع أيمن و نبيل، رفع نظره للأعلي ورأها تقف هناك بذهول وركضت للداخل فعلم بأنها ستأتي له ركضاً دون أرتدي حجابها أو الاهتمام بطفله الموجود في أحشاءها والألم التي ستصيبها بعد الركض فأشار لهم جميعاً بالوقوف مكانهم وعدم الدخول فزوجته تحرم عليهم جميعاً رؤيتها هكذا، دلف وحده ورأها تركض على الدرج بسعادة غمرت قلبها بوصولها وأثر دموعها على وجنتها لم تجف بعد، مُرتدية منامتها القصير تصل لركبتيها وبنصف كم وشعرها منسدل على ظهرها، توقفت مكانها بالأعلي تنظر لعيناه وهو يبادلها المثل ناظراً لها بأشتياق لرؤية بسمتها المُشرقة التي تنير حياته ودنياه، فأسرعت بالركض مجدداً فركض هو الآخر نحوها بسعادة وشغف حتى ألتقيا معاً وأرتطم جسده بجسدها الصغير يحتويه بين ذراعيه وأحضانه وهي تتشبث به بقوة وسعادة حتى لا يهرب مجدداً ويبتعد عنها، أبقت بداخل حضنه دقائق وهو ينزع عبايته عن أكتافه ويضعها على أكتافها خوفاً من أن يدخل أحد ويري محبوبته وفاتنتها الفائقة، ظلت تحيط خصره بذراعيه وأبعدت رأسها قليلاً تسأله بشغف: -.
– مفيش حبس تاني صح، مش هيأخدوك مني تاني
وضع قبلة على جبنتها وهو يمسح على وجنتيها بأبهامه بحنان وينظر لعيناها ثم يردف بخفوت ودفء قائلاً: –
– مفيش حبس، مفيش حاجة تاني غير سعادة وفرح وعد ياحبيبتي مفيش غير السعادة هتدخل بيتنا ومحدش يقدر يخفي الضحكة الحلوة دي تاني أبدآ
عادت لحضنه برأسها وهي تقول بهيام: –
– وأنا مصدقة ياحبيبي، آنا بحبك أوي ياصقر.
– وأنا بحبك ياجلب صجر بس نطلع بجي مشان في ناس واجفة برا مينفعش نهملهم أكتر من اكدة
قالها بحنان وهو ينحني قليلاً ويرفعها على ذراعيه فتسقط العباية من فوق أكتافها، فيكمل حديثه بغزل وهو ينظر لشفتيها ثم عيناها وفي الأخير على عنقها الحليبي: –
– ينفع أكده يعني، بجولك الناس والضيوف هنعمل ايه بجي يرضيكي يعني نهمل الجمر ده لحاله يعني أنا ميرضنيش، ايه رأيك نخلي الناس تستني هبابه بجي ولا ايه.
قهقهت ضاحكة عليه وهو يصعد الدرج بها وتلف ذراعيها حول عنقه وتهز قدميها العارية فوق ذراعيه بطفولية ثم وضعت قبلة على وجنته اليمني وقالت بعفوية وأشتياق جنوني له: –
– يستنوا هبابه ايه قول يستنوا أسبوع أسبوعين شهر ميضرش برضو
قهقه ضاحكاً بصوت مرتفع لأول مرة بخارج غرفته، وهو يشد على ذراعيه بقوة حتى التصقت بجسده أكثر وقال بغزل وهو يغمز لها بعينه اليسري: –
– يستنوا هم وراهم حاجة.
دلف لغرفتهما فأنزلها أرضاً تقف أمامه وهو يمتلك وجهها بين كفيه ويحرك أبهامه على وجنتيها بنعومة وهي ساكنة هادئة بين ذراعيه تنظر لعيناه فقط بأشتياق ذلك الزوج من العيون الذي أوقعها يوماً ما في عشقه، أقترب ببطئ شديد وهو ينظر لعيناها الزرقاء بهيام وأنحني قليلاُ نحوها ثم وضع قبلة على جبينتها فأغمضت عيناها بأستسلام له ورفعت يديها تتشبث بملابسه وتربت على صدره بنعومة، أنهمرت قبلاته الدافئة من جبينتها إلى وجنتيها ثم كل أنش في وجهها طبع عليه قبلاته متتالية ناعمة تغمرها أشتياقه لها وهو يسكن القلق بعد أن كاد يقتل قلبه وعقله عليها، أستسلمت له بشغف وهي تتشبث به بقوة حتى حان دور شفتيها لتنال بعض القبلات مثل الباقية فبادلته القبلة بدفء، أقترب بخطوات ثابتة وهو يحيط خصرها بقبضتيه وهي تعود للخلف حتى وصلا للسرير فأجلسها عليه وهو لم يفصل قبلته فأبتعدت عنه تطالب ببعض الهواء بعد أن كتدت أنفاسها تنقطع، فداعب خصيلات شعرها بيديه وعاد مجدداً بعمق أكبر وشغف أكثر وهي كالسمكة التي عادت للمياة بعد أن وشكت على الموت مُستسلمة تماماً له بعشق مُستحوذ على قلبها وعقلها بل على كيانها بأكمله…
دلفت لغرفة مكتبه صباح اليوم التالي بعد أن طلب رؤيتها، هتفت بعفوية: –
– أيوة ياصجر طلبتني
– اه عاوز أسمع رأيك في موضوع جوازك من نبيل، موافقة ولا لا، هو مستعجل على رأيك
قالها وهو يقف مع كرسيه ويلتف حول مكتبه ليقف أمامها، فأجابته بجدية قائلة: -…
أجابته بجدية قائلة: –
– آنا مموافجاش ياصجر، اللي ميجدرش ظروف البيت والناس اللي حواليه وكل اللي همه نفسه وبس يبجي هيفضل طول عمره ميهموش غير حاله بس، ده مجدرش ان مرتك بتموت وفي العمليات وأنت مجبوض عليك وجعد يعاكس فيا ويجولك عاوز اتجوزها، هو في اكدة، آنا معاوزش اتجوزوا ياصجر وياريت متجبرنيش، أنت عمرك ما أجبرتني على حاجة جبل سابج…
أستدارت مرة أخرى وعادت لغرفتها خارجة من مكتبه كما عادته بعد أن رفصت الزواج منه وهكذا أعجابه لها، يبث دائماً من عيناه حينما يقع نظره عليها، تتنهد بقوة من بين ضلوعه وخرج خلفها فوجدت جالان تجلس على السفرة وتأكل بشراسة من الأطباق الموجودة أمامها، أقترب منها بهدوء وعقله مشغول بأخته وزواجها، وقف خلفها ثم قال بهدوء: –
– صباح الخير، صحيتي ميتي
– صباح النور ياحبيبي، صحيت من ساعة كدة.
قالتها باسمة وهي ترفع رأسها للأعلي تحدثه، داعب وجهها بأنامله ثم قال بخفوت: –
– ايه كل ده أنتي عازمة حد على الواكل وياكي
ضحكت بطفولية عليه وقالت: –
– لا ياحبيبي ده أنا وبنوتي
أنحني قليلاً ثم وضع قبلة على جبينتها وقال بهدوء: –
– ألف هنا على قلوبكم أنتوا الاتنين.
تبسمت له بسعادة، تركها وخرج إلى الحديقة يرتشف كأس الشاي الأخضر فجاء إليه نبيل بحماس ليستمع إلى كلمة واحدة تنير حياته حينما يخبره بأن محبوبته موافقة على دخول حياته وتنيرها ببسمة منها حينما يستيقظ صباحاً ويراها بجواره بين ذراعيه، جلس بجواره مُبتسماً وقال بحماس شديد: –
– ها قالت ايه؟، طمني؟
أشار ل عوض بأن يسكب الشاي له وقال بهدوء: –
– أشرب بس الشاي الاول وبعدين نتحدد.
أخذ كأس الشاي منه وعيناه منتظرة الأجابة، فقال صقر بأستياء من أخته: –
– الجواز جسمة ونصيب يانبيل…
أتسعت عيناه على مصراعيه بصدمة غير متوقعة، أهي حقاً رفضته وأغلق جميع الأبواب بوجهه، ترك كأس الشاي من يده وهو يحدق بالفراغ بذهول بعد أن أنكسرت روحه وتلاشت بسمته من فوق شفتيه ثم وقف بهدوء شديد دون أن يتفوه بكلمة واحدة وأستدار يرحل، نظر نحوه بشفقة على حاله يبدو على نظراته آنه عاشق لها فماذا سيصيب قلبه برفضها؟..
دلفت جالان إلى غرفة قمر فوجدتها جالسة على المقعد شاردة بتفكيرها في عالم أخر لم تشعر بشئ حولها ولا حتى بدخول جالان للغرفة، أقتربت منها بخفوت شديد ماشية على أطراف أصابعها وحين وصلت بجوارها نكزتها في كتفها بقوة وهي تقول: –
– قمر
فزعت من وجودها وضربتها لها ثم قالت بأغتياظ: –
– خضتني، هو الحمل جننك
– آنا طول عمري مجنونة بس أنتي اللي مش واخدة بالك.
قالتها وهي ترفع قدميها على الأريكة، ثم أكملت حديثها بجدية: –
– مادام بتحبيه قولتي لا ليه
– آنا، مين قال آني بحبه، مستحيل
قالتها بهلع وتوتر شديد وهي تقف من مكانها، فأجابتها جالان بثقة وهي تقول: -.
– بتحبيه، مادام بتفكري فيه يبقي بتحبيه ليه بقي تقولي لا وخصوصاً ان بناتك واخدين عليه وبيحبوه وكمان أبنه بيحبك، يعني الولاد مش هيكونوا مشكلة خالص ما بينكم وعمرهم صغير، بناتك محتاجين أب وبكرة لما يروحوا المدرسة هيقولوا فين بابا زي زمايلهم، ويوسف محتاج أم قدامه
– متحاوليش تقنعيني لأنه قفلت الموضوع تماماً خلاص
قالتها وهي تفتح الدولاب وتجمع أغراضها، فسألتها جالان بذهول وهي تقف: –
– أنتي بتعملي أيه؟
أستدارت تنظر لها بأستياء ثم أردفت قائلة: –
– أيمن ونبيل ماشين هنمشي معاهم، شكل فريدة كمان رفضت الجواز من نبيل عشان مُصر يمشي النهاردة
– كتكم البلاوي حد يلاقي عرسان زي الورد ويقول لا
قالتها وهي تتجه للخارج ذاهبة للأخري كي تعلم لماذا رفضته هي الأخرى؟
قفز من فوق سور السرايه وهو يرتدي عباية رجلي ويلف حول وجهه وشاح يخفي ملامحه، كان حذر بحركاته حتى لا يلاحظه أحد من رجال صقر، تخفي في ظل الشجرة ينظر للرجال بأنتبه فرأي صقر يقف هناك فأشتاط غضب وغيظ ثم أخرج من عبايه مسدساً وهو يجز على أسنانه ثم مدد ذراعه أمامه فصوب مسدسه نحوه…
كان يقفوا جميعاً يودعوهم قبل رحيلهم للقاهرة، قالت قمر بعفوية: –
– خلي بالك من نفسك ومن النونو
– حاضر.
قالتها جالان مُبتسمة فعانقتها بسعادة، وقف صقر مع أيمن و نبيل يُحدثهم ببعض أمور الشركة فهتف بجدية: –
– أعمل بس اكدة، وأنا يومين كدة هجي اشوف الصفجة دي
– تمام
قالها أيمن وهو ينظر عليهم يستعجلهم، ركضوا الأطفال مع بعضهم يلهوا بسعادة طفولية حول بعضهم، أما نبيل كان يشيح نظره بعيد عنها غاضباً من فعلتها معه…
وسط حديث الجميع ولهو الأطفال ذهلهم جميعاً صوت أطلاق رصاص ورصاصة أخترقت صدره فسقط أرضاً تحت أنظار الجميع، أتسعت عيناها بصدمة على مصراعيها وهكذا طفله الصغير حين ركض نحوه مُناديه: –
– بابي…
ركضوا رجال صقر نحوه فقتل أحدهم وفر هارباً خارج السرايه ثم على دراجة نارية وهرب، ركضت قمر نحوه وهي تبكي صارخة بأسمه بعد أن أنهمرت دموعها الحارة على وجنتيها…
نصف ساعة وكانوا في المستشفي ومنها إلى غرفة العمليات وجلسوا جميعاً بأنتظاره، كانت تبكي بصمت وتحتضن طفله الصغير بين ذراعيه، خرج من غرفة العمليات إلى غرفته فبكت بخفوت شديد من أجل أطفالهم، نكزت جالان صقر في ذراعه فنظر لها..
هتفت هامسة له بأذنيه قائلة: –
– يلا نمشي، قمر هتقعد معه
– عيب نهمله جبل ما يفوج ونطمن عليه
قالها وهو ينظر له بأغتياظ من طلبها، فأجابته مُستاءة: -.
– عيب أيه، الدكتور قال انه كويس لو حصل حاجة هي هتتصل بينا، ده أنت هتأخد ثواب
– هأخد ثواب مشان ههمله لحاله
قالها بتهكم ساخراً من حديثها، زفرت بضيق صامتة…
كانت تجلس في الأستقبال بالخارج، مُتحاشية النظر له وهو جالس أمامها عيناه مُتشبثة بها بغيظ وغضب شديد من رفضها لها، رفعت نظرها له ووجدته كما هو ينظر عليها دون توقف فنظرت لعيناه بقلق وتساؤلات كثير تدور بعقلها، ماذا كان سيحدث إذا أصابته هو تلك الرصاصة؟ هل كانت ستبكي ك قمر وترتجف أم كانت له تبالِ له بشي؟..
كانت عيناه تقرأ عيناها وتساؤلاتها الواضحة، آما عيناه كانت تسأل سؤال واحد، لماذا؟، أنهمرت منها دمعة حارة عليك وجنتها فمسحتها بسرعة شديدة خافضة رأسها للأسفل، ظلا صامتا فقط نظرات متبادلة فقط تفضح ما يخبأه كلا منهما إلى الآخر…
أغلقت باب الدولاب وهي تربط رابطة روبها بعد أن غيرت ملابسها وأستدارت تنظر نحوه حينما كان جالساً على السرير مُمدد جسده، سألته وهي تقترب: –
– تفتكر مين اللي عملها
أجابها وهو يمسك يدها حين وصلت أمامه لكي تصعد لفراشها: –
– حسام، الرصاصة دي كانت جاية ليا أنا بس نصيبه هو اللي خدها
فزعت بهلع وهي تجلس بجواره وقالت غاضبة: -.
– ليك أنت، ألف بعد الشر عليك ياحبيبي يارب هو، بلغ البوليس عنه عشان يعينه حراسة ليك اكيد هيحاول تاني
أمتلك وجهها ببن كفيه بحنان وقال ناظر لعينيها بدفء: –
– متجلجيش ياروحي، آنا مهستناش لما يعملها تاني، وخصوصاً ان دلوج اشول كل ما يجي يصيب هيصيب غيري
نظرت لعيناه بخوف ثم قالت مُمسكة بيده بحنان: -.
– صقر بلاش تتحداه، آنا مقدرش أعيش من غيرك أو حتى استني يحبوا يقولولي جوزك اضرب بالنار، فكر فيا آنا وأبنك وحياتي عندك
جذبها لصدره وهو يطوقها ثم وضع قبلة على جبينها برفق وقال مُغير مجرى الحديث: –
– أخبر النونو إيه؟
أبتعدت عنه بسعادة ورسمت بسمة مُشرقة على شفتيها ثم قالت مُربتة على بطنها بدلال: –
– كويس بيسلم عليك
أقترب منها يحيط خصرها بيديه وهو يقول بأثارة: –
– وريني أكدة أطمن عليه بنفسي.
المستشفي على السرير المجاور له وضعت الغطاء على الاطفال بعد نومهم ورفضهم بالعودة للسراية بدونها سمعت انيني صدر من حنجرته بتعب فاستدارت له ووجدته يفتح عيناه ببطىء شديد تبسمت بسعادة وهي تجلس على المقعد المجاور له ثم هتفت بعفوية: ايمن انت فوقت؟
يوسف قالها بتعب شديد وصوت مبحوح من اثر البنج فاجابته بسعادة يوسف هنا اهو متقلقش المهم انت تقوم بالسلامةحاول الجلوس فمنعته بقوة وهي تقول بتحذير شديد وقلقل عليه ملحوظالدكتور مانعك من الحركة الرصاصة جت جنب القلب ربنا عالم بحالي قصدى حالنا نظر لعيناها بهدوء وهو صامتا يتاملها لبرهة من الوقت وعيناها على وشك البكاء ملوثين بدموعها الحارة كما ملتهبين من شدة الاحمرار كانت عيناها كفيلة بان تخبره بقلقها عليه وحبه الذي يسكن قلبها ولا تبوح به.
نظر ليدها الموضوعة على حافة السرير ثم لها وقرب يده من يدها يحتضنها بدفء ويطمئن قلبها فبقت ساكنة تماما ناظرة لعينه بحب شديد فابتسم لها وكانت بالمقابل تعطيه بسمه مشرقة علىشفتيها ثم رفعت يدها الاخرى ووضعتها فوق يديهم المتشابكة وكان فعلتها تخبره بترحبها بودوده فيحياتها وتستقبله برحب شديد…
كانت نائمه بين ذراعيه تعطيه ظهرها مطوقها بذراعيه واصابعهما متشابكة معا فتحت عيناها بتعب من التفكير وهي تشعر بقبلاته الدافئة على كتفها العاري استدارت له فنظر لعيناها بحب وهو يداعب خصلاتشوفت ده اللى انا عاملة حسابة انك تدخل في مشاكل معه انت خايف على نفسك ياسيدى انا خايفة عليك احنا محتاجينكاجابها بهدوء شديد ونبرة حادة قائلة:.
-متخافيش مهيعملش حاجة تاني هو عمل مرة والدور عليا انا اعمل اشاحت الغطاء عنها باغتياظ والتقطت روبها ترتديها ووقفت بغضب فسالها باستغراب رايحة فينملكش دعوة ولحد ماتطلع فكرة الانتقام دى من دماغك انت في حالك وانا في حالي.
قالتها وهي تتجه نحو الباب بغضب ذهب خلفها ركضا ومسكها من معصمها فنفضت ذراعها بقوة من يده وخرجت من الغرفة غاضبةمنه ويتملكها الخوف عليه بقوةنظر على باب الغرفة بضيق وتنهيدة قوية خرجت من ضلوعه وهو يضع يديه على جبينه باغتياظ وضجر استيقظت صباحا اخذت حمامها ثم ارتدت عباية استقبال بكم طويل وتركت شعرها مسدول على ظهرها ووضعت رابطة شعراها ثم خرجت من الغرفة رأته يركض امامها معه اخاها نحو الدرج ذهبت خلفهم ولم تفهم شئ من حديثهم حينما قال صقر وهو اتحرج لوحده يعني كيف دي معرفش ادينا رايحين نشوف الموضوع ده بس انا شاكك انه شاكر عشان ياخد مننا مشروع المدينة الجديدة.
قالها نبيل وهو يخرج هاتفه من جبيتة الذي لن يتوقف عن الرنين منذ الصبح وظهور الشمس خرجوا من السراية ومن الى السيارة وذهبوا الى القاهرة صعدت للغرفة جالان لم تجدها بحثت بجميع الغرف وراتها بغرفة قمر نائمة على السرير متشبثة بالغطاء ايقظتهم برفق فجلست معاها بارق فقالت لهامتعرفش حصل ايه؟ سالتها باستغراب وهي ترفع شعرها على شكل كحكه دائرية حصل ايه في ايه صجر طلع يجري على الصبح ليه وكمان نبيل معه بيجولوا حاجة اتحرجت معرفش ايه قالتها وهي تنظر لها كالبلهاء جاهلة مايحدث اتسعت عيناها على مصراعيها وهى تمطي جسدها بتكاسل وقالت بصدمة اتحرقت؟
اكيد حصل حاجة في الشركة انتفضت من السرير بذعر تبحث عن هاتفها لكى تحدثه وتعلم ماذا حدث؟ ركضت إلى غرفتهما ثم التقطت هاتفها فتوقفت اصابعها قبل ان تضغط على الاتصال وتذكرت شجارها معه ويجب ان تبقى على موقفها ثابتة حتى يتوقف عن انتقامه تركت الهاتف ثم جلست على السرير بقلق مستحوذ عليها وصل الى مصنع المواد الخام للبناء في القاهرة ووجده محترق باكمله لن يتبقى منه شىء دون حريق يبدو ان نبيل محق فهذه الحريق بفعل فاعل حقا ووضع يده على وجهه بغضب شديد من خسارته لبضاعة بهذه الكمية ترك نبيل مع الشرطة وذهب الى الشركة ليفكر بحل لهذه الخسارة وهو على وشك خسارة اكبر وهي مشروع المدينة الجديدة.
جسلت في الصالون مع فريدة وهتفت بقلق وهي تعطيها الهاتف يلا كلميه نظرت فريدة للهاتف ثم لها وقالت بشك من امره اانتى متخانجة وياه صوح اه اكيد صوح ده انتى كنتى نايمة في اوضة جمر اتخنجتي وياه صوح عملك ايه ضربتها جالان على ركبتها بقوة واغتياظ شديد منها وهي تستجوبها في حين هي ستموت قلقا عليه وفضولها سيقتلها ماذا حدث له ليركض هكذا فقال تمر دفة انت مالك ها اتصلي وانتى ساكتة واياكى تقوليله ان انا اللى قولتلك تتصلي انت هتقوليله انك قلقانة عشان خرج يجرى فاهمة.
هو انتى دائما كده تضربي طب والله مانا متصلة بجد هاووقفت من مقعدها بتذمر وقفت جالان باستياء منها وقالت باستفزاز يثير غضبها بت تعالي اتصلي بدل مانا اتصل بنبيل واقوله فريدة قالت ياتصلي عسان قلقانه عليكجاءت لها ركضا وهي تصرخ بها قائلة لا خلاص استنى هنا هتصل ونصوم ثلاثة ايام حسبي الله ونعم الوكيل في المفترى والظالم ضربتها جالان على راسها برفق تردف بانتظار قائلة ماشى اتصلي وبعدين نشوف الدعوة دى وازاى تحسبنى عليا اتصلت برقم مكتبه بالشركة كان يجلس على طاولة الاجتماعات بغرفة مكتبة مع نبيل وسناء يباشر عمله وهو يحاول معاهم الوصول لاقل قدر من الامكان في الخسائر فرن هاتف المكتب تجاهله وهو ينظر للاوراق.
وقف نبيل وهو يمسك ورقة في ديه وبيده الاخرى رفع سماعة الهاتف ويكمل حديثة مع صقر بالطرقة دى هنخسر تمن البضاعة مرتين بكت من صوته والقت السماعة من يدها فضربتها جالان مرة اخرى وهي تعطيها سماعة الهاتف مجددا فاخذتها وازدردت لعوبها فسمعته يعيد كلمته مجددا الو ممكن اكلم صجر قالتها بتلعثم علم من المتصل من صوتها تجاهل ضربات قبله التي تسارعت مع صوتها وقال بحزم استاذ صقر عنده اجتماع دلوقتى طب قوله فريدة عاوزاك بعد اذنك قالتها بكبرياء من جدته في حديثها فاجابته باستنطار شديد من كبرياءها مردفا يا انسه فريدة بقولك في اجتماع مينفعش…
بتر حديثة صقر وهو يشير له بيده بامه قادم ثم وقف من مقعده فقال بجدية ثواني استاذ صقر جاى صرخت به غاضبة منه قائلة ماكان من الاول كاد ان يرد عليها بانفعال لكن اوقفه صقر وهو ياخذ الهاتف منه وقال بجدية ايوة يا فريدة عاوزة ايه دلوج؟
ايه ياصجر مش تتصل تطمنى عليك وتقولى كنت طالع الصبح اكدة ليه قالتها وهي تنظر ل جالان فاجابه بعدوء وحزم مشكلة في الشركة عاوزة حاجة اجابته بارتباك من زوجته لا عاوزة سلامتك انا بس جلجت لما لاجيتك طالع الصبح اكده سالها بخفوت وهو يعطى ظهره ل نبيل جالان جارك اعادت كلمته لتسمعها هي قائلة جالان اشارت لها بسرعة بلا وانها نائمة فقالت له بتوتر جالان لا دى نايمة تعبانه من الحمل صحيت الصبح وفضلت ترجع وبطنها وجعها عملتها شوربة دافية ونامت طيب خلي بالك منيها لحد ما اعاود قالها بقلق عليها ثم اغلق الخط.
فصرخت بها باغتياظ والله انتى ظالمه هو جاعد هناك جلجان عليكي وانتى هنا جبلة مبتحسيش بت اسكتى خالص بدل ما اضربك قالتها وهي تفكر بما حدث معهعلم ايمن بما حدث فترك المستشفي وذهب للسراية ولم يجده بها واخبرهم بما حدث بالفصيل تركتهم جميعا وصعدت لغرفتها باكية فليس باي مشكلة بلكارثة حلت بشركتة في شركة الدميري للعقارات دلف ضياء إلى مكتب شاكر وهو يقول العملية تم زى ما حضرتك امرت بالظبط رفع نظره عن الورق الموجود على سطح المكتب ثم قال بانتصار كويس جهز ورق المناقصة بقى عشان نبعته الوزارة اكيد هيدوره على شركة تنفذ المشروع بعد ما صقر ينسحب لعدم وجود مواد للبناء.
تمام جاهز من امبارح يافندمقالها ضياء وهو يقدم له الاوراق واضعها امامه على سطح المكتب تنوالها بين يده بسعادة وقهقه ضاحكا بسرخية من صقر ذهب إلى شقته في القاهرة.
بعد مرور ثلاثة ايام بالشركة دون نوم يفكر في حل وجميع الاقتراحات التي قدمت له تحتوى على خسارة كبرى لهاغلق باب الشقة وخلفه واستدار فصدم حينما وجد شقته في حالة فوضى عارمة وكأن احد تسلل لها بدون اذنه وزادات صدمته عندما راها على الارض فاقدة الوعي وتنزف بغزارة من الاسفل وتلوث فستانها بلون الدم واسرع تحوها بهلع ورفع راسها عن الارض بيديه وهو يناديها جال انفتحت عيناها بصعوبة واضعة يديها على بطنها بخوف على طفلها بعد ان فقدته حقا هذه المرة تشعر به وبفقده فقالت بصوت مبحوح يكاد يسمعه باكية وتتالم من جسدها المنهك صقر اب، ن، يانهت جملتها وفقدت الوعي بين ذراعيه مصاحبها سقوط ذراعها من فوق بطنهانظر لها وهي لا حول ولا وقوة بها ثم الى بطنها احقا فقده تلك المرة؟
ضم راسها إلى صدره بخوف عليها ثم حملها على ذراعيه وخرج ركضا من الشقة بها إلى المستشفى واقل من ساعة وخرجت الديكتورة وقالت باسفل لاسف مقدرنش ننقذ الطفل حضرتك جبتها وهو ميت بالفعل في رحمها..
ربنا يعوض عليك، كلماتها كفيلة بقتل روحه وجعله يرغب بالانتقام لمحبوبته وطفله، متى وكيف جاءت من الصعيد الى هن؟ لماذا تركت بيتها وجاءت بدون اذنه؟ لا يدرى اى اجابة لاسئلته لكنه يعلم شئ واحد بان هناك من اقتحم منزله وتعجي على زوجته وقتل طفله برحمهاويجب ان يعثر عليه ذلك الوغد الحقير الذي تجري وفعل ذلك بالتاكيد هو حسام وحده من يرغب باذيت زوجته اما شاكر فهو يرغب بشركته وخسارته لا عائلته.
رن هاتفه الخاص بأسمه أخته فأجابها بهدوء من صدمته التي ألجمته بها الطبيبة الأن: –
– نعم يا فريدة
– أنت عاودت البيت ياصجر، كنت عاوزة أطمن على جالان
قالتها بهدوء وهي تصعد لسريرها تستعد لنومها، سألها بأستفسار عن سبب حضورها للقاهرة: –
– اه وصلت، هي جت ليه من غير أذني ولا حتى تسألني
توترت من سؤاله وقد حذرتها جالان من الحديث معه لكن خوفها من أخيها أكبر من تحذيرها فقالت بتلعثم شديد: -.
– مشان تتطمن عليك بعد ما أيمن جالنا على المصيبة اللي حصلت وتكون جارك، كانت جلجانة عليك جوي ياصجر، أنا عارفة أنكم متخانجين بس صدجتي ياصجر هي بتحبك جوي وأنت أهم حاجة فحياتها متجساش عليها يااخويا، خيتي حبت تشيل معاك الهم وتساندك.
كان يستمع لحديثها عن محبوبته وهو يدخل لغرفتها ويراها نائمة على سريرها، تأملها وعلى أذنه الهاتف ويسمع لأخته كما تعشقه هذه الزوجة المتمردة وعشقها له جعلها تأتي ركضاً له وتفقد طفلها الذي ستبكي عليه بشدة حين تستعيد وعيها، أغلق الهاتف بوجه أخته ثم جذب مقعد وجلس بجوارها، تناول يدها بين كفيه ومن ثم وضع قبلة في قلب كفها بحنان…
فقد قسى عليه القدر فحين تستيقظ سيظل بجانبها يدعمها ويؤاسيها أما سيذهب لشركته ليحل الكارثة التي حلت بها ويجد مخرج لها أما سيذهب للبحث عن من تسلل لشقته وأقتحمها ومن ثم قتل طفله وأذي زوجته، من أين يجب أن يبدأ…
نزلت فريدة الدرج صباحاً ووجدت قمر تجهز أطفالها للعودة إلى القاهرة فسألتها بحزن: –
– أنتي كمان هتمشى ياجمر
أبتسمت لها بإحراج شديد وقالت: –
– اه غصب عني في شغل كتير في الشركة بسبب اللي حصل
أشارت إليها بنعم وهي تهز رأسها وخرجت تنهيدة قوية منها ثم قالت مُردفة: –
– ماشي
نكزتها فريدة في ذراعها تشاكسها وقالت غامزة لها بعينها: –
– مش كنتي وافقتي على نبيل كنتي هتيجي معانا بدل مانتى قاعدة لوحدك.
– أمشى ياجمر أنا غلطانة أصلاً
قالتها وهي تدفعها برفق من ذراعها، فضحكت قمر عليها وذهبت بأطفالها ومع أيمن وطفله…
– عشان غبي ومتخلف
قالها ضياء في الهاتف بغضب شديد لأحد رجاله، فأجابه الرجل بأغتياظ: –
– أنت قولت أنه في الشركة هعرف منين أن مراته كانت هناك وأنت قايل أنها في الصعيد هشم على ضهر أيدي
صرخ ضياء به بضجر شديد وهو يقول: –
– عشان متخلف، لاقيتها مسبتهاش ومشيت ليه لازم تضربها وياعالم عملت أيه فيها
نظر شاكر نحوه بذهول، رد عليه الرجل بغرور شديد: -.
– هكون عملت فيها أيه يعني، واحدة ظهرت قدامي وأنا بكلمك عايزني أعمل أيه ضربتها وجريت
سأله ضياء بشك من حديثه ولهجة غروره: –
– متأكد أنك معملتش حاجة تانية
– ياعم قولت معملتش حاجة أغنيهالك
قالها بحزم ثم أغلق الخط، أستدار ضياء ل شاكر ثم قال بخفوت: –
– الواد الغبي اذي مرات صقر، وهي دلوقتي في المستشفي فقدت طفلها
كان ينظر في اللاب بحزم فضحك ساخراً ثم قال: –
– أحسن صقر يستاهل.
صمت ضياء واضعاً يده أمامه وبدخول رهبة شديدة من صقر حين يعلم ما حدث وأنهم سبب ما حدث لزوجته وطفله…
أستيقظت بتعب وهي تتذكر ما حدث فرأته بجوارها نائم على حافة السرير ويديهم متشابكة معاً، هتفت بصوت مبحوح تقظه من نومه: –
– صقر، صقر
فتح عيناه بذعر حينما سمع صوتها ثم وقف من مكانه وهو يقترب أكثر منها يردف بقلق: –
– حمد الله على سلامتك، كيفك دلوج
سألته بحزن ممزوج بنبرة خائفة وهي تجلس بصعوبة فساندها: –
– أبني حصله حاجة صح؟ مفيش نونو ياصقر صح؟ أنا حسيت به بيسبني.
ضم رأسها لصدره برفق وبدأ يربت على ظهرها بلطف ثم قال: –
– ربنا هيعوضنا بغيره ياحبيبتي، وهجبلك حجه من اللي عملها
أجهشت في البكاء وجسدها ينتفض من الخوف وشدة بكاءها فتشبثت به بكلتا يديها فقال لها بحزن شديد: –
– كفايك بكاء بجي، هتتعبي أكتر
– صقر أنا ليه كل حياتي كدة ومفيش فرحة ليا بتكمل
قالتها وهي تتشبث بقميصه وتلف ذراعيها حول خصره بقوة، اكتفي بوضع قبلة على رأسها بحنان…
أتصل ب عوض ليرسل أخته للبقاء معاها أثناء غيابه فهناك كوارث تحل بشركته وقد يخسرها بالمقابل، جاءت فريدة ووجدت نبيل بأنتظارها، وقفت تنظر عليه من بُعد بأرتباك ثم جمعت شجاعتها فحسمت أمرها وتقدمت منه بثقة، نادته مرة وأخري ولم يجيب عليها فأربتت على ظهره بأناملها، أستدار لها وهو يتحدث في الهاتف..
توقف عن الحديث وظل يحدق بها أعتقد اأنه يستطيع تجاهلها وتجاهل شوقه لها لكنه مُغرم بها وعاشق لا محال له ستفضحه عيناه وتبوح له عن ما لا يستطيع لسانه البوح به، ظل يحدق بها بدون توقف أو ترمش عيناه، خجلت من نظرته فأخفضت رأسها أرضاً خاجلة من نظراته ما تبوح به، سألته بصوت عاذب: –
– صجر كيفه دلوج؟
أردف بأغتياظ من سؤالها: –
– مش الأول تقولي أزيك ولا عامل أيه؟ أتفضلي.
أتجه إلى الأمام قبل أن تتحدث أو تتذمر فذهبت خلفه بغيظ من تجاهلها هكذا، فتح باب السيارة لها ولم ينتظر أن تركب بل تركه مفتوح وذهب ليركب هو الأخر، توقفت أمام سيارته وهي تشتعل من الغيظ فأغلقت الباب وركبت في الخلف فقال لها: –
– أنا مش سواق خصوصي لجنابك
أردفت بأستياء وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر من النافذة قائلة: –
– لا سواق خصوصي أن كان عجبك، مش عجبك أنزل والله.
شغل محرك سيارته حينما كان يزفر بضيق منها فقالت بكبرياء: –
– صجر كيفه؟ مجاوبتنيش؟
لم يجيب عليها، نكزته في ظهره بغضب شديد وهي تكمل حديثها: –
– مش بتحدد وياك
نظر لها وهو يقود ثم قال بغرور: –
– والله أنا كسواق خصوصي مش مسموحلي أتكلم مع جنابك
رن هاتفه بأسم أيمن فأجابه بهدوء: -.
– ايوة، اه الملف معايا هوصل أنسة فريدة وبعدها هوصله، ياسيدي متقلقش أنا ليا حبايب هناك كتير وهيقبلوا، اه متقلقش ده لعبتي مش هدي لشاكر فرصة يفوز علينا ويضحك الشاطر اللي يضحك في الأخر، ماهو صقر بيلعب على نصيب أنسة فريدة وده هيصدم شاكر، ان شاء الله مش هتأخر ساعة بالكتير وأطمنك، تمام مع السلامة
أغلق الخط فسمعها تضحك عليه ثم قالت بسعادة وهي مُتكية على ظهر مقعده: –
– أيه دا شكلك زين جوي وأنت واثج من حالك.
نظر لها نظرة سريعة فصرخت بوجهه بهلع: –
– حااااااسب
نظر أمامه بهلع فوجد سيارة ظهرت من العدم أمامه وتعترض طريقه، قال لها بتحذير: –
– أياكي تخرجي من العربية فاهمة.
نزل من السيارة فأقترب رجلين ملثمين نحوه ثم جذبه بفوة وبدأ العراك بينهم وهو يقاومهم ويسدد لهم لكمات قوية، ذهب رجل ثالث لسيارته رأته وهي تختبي فالأسفل يبحث عن الملف فنظرت ليديها وهي تحتضن الملف بين قبضتها فأخفته أسفل المقعد ثم صرخت بقوة حين رأها الرجل، سمع صوت صرختها فأستدار لها ورأي الرجل يخرجها من السيارة كاد أن يسرع لها فمسكه رجل الأخر مع صديقه وقال: -.
– إحنا مش عاوزين أذي لحد أدينا الملف وإحنا نديلك القطة وعليها بوسة من غير خدش واحد أنما هتماطل يبقي تترحم عليها…
نظر لها فرأها بدأت تبكي بخوف وهو يضع سكين على رقبتها وأنهمرت دموعها، فأشار إليه بنعم وذهب نحو صندوق سيارته وأخرج لهم ملف مزور أبتعدوا الرجال إلى سيارتهم بها وحينما ركوبوا جميعاً دفعها الرجل بقوة له، فركض نحوها وركضت هي نحوه بخوف حتى أرتطم جسدها به ولفت ذراعيها حول خصره طوقها بذراعيه بخوف شديد عليها ثم يربت على رأسها بحنان ويقول: –
– متخافيش خلاص
أبتعدت عنه بذعر وهي تتفحصه بقلق ثم قالت: -.
– أنت زين؟ دا شلفطتك على الأخر
نظر لعيناها بسعادة تغمره ثم قال بتهكم: –
– قلقانة عليا
ضربته في ذراعه بغيظ ثم قالت: –
– أنت رخم، وديني لصجر
تركته وعادت إلى السيارة فتبسم عليها ثم ذهب خلفها…
علم الجميع بفقدها لطفلها لسبب مجهول لم تخبرهم عنه، عاد صقر للشركة يحاول أن يحل هذه المشكلة وتعويض الخسارة، دلف نبيل للمكتب ومعه حسين أحد مؤظفين الشركة وقال بسعادة: –
– لاقينا حل…
عاد من عمله في نهاية اليوم مُنهك من التعب والأرق، دلف لغرفته فوجدها نائمة في فراشها وتحدق بعيناها في السقف أصبحت كوردة ذبلت وعلى وشك الموت بعد أن فقدت طفلها، نزع جاكيت بدلته وأقترب منها يمسح على رأسها بحنان فنظرت له بوجع وجذبت نفسه نحوه واضعة رأسها على فخده بتعب ثم قالت: –
– صقر أنا تعبانة، مخنوقة أوى حاسة أني حد تاني غير نفسي
أنحني نحوه قليلاً ثم وضع قبلة على جبينها بلطف وقال بخفوت: -.
– ألف بعد الشر عليكي ياروح جلبي
رفعت رأسها له بضعف ثم يدها إلى لحيته البسيطة تتحسسها بحنان ثم قالت بخفوت: –
– أنا بحبك ياصقر أوي، بس أنا من يوم ما دخلت حياتك وهي بايظة وكل يوم مصيبة ومشاكل نازلة على دماغك زي الرز، لو أنا السبب نسيب بعض، أنا حاسة أني خربت حياتك كلها…
تسلل إلى شرفة شقته ملثم بوشاح يخفي ملامح وجهه ونظر للداخل من الباب فوجده يجلس بجوار محبوبته جالان التي سرقها منه فأخرج سكين من جيبه ثم أدخلها من الباب يحاول فتحه وهو يشتاط غضب وأنفعال من قربه منها هكذا…
وضع يده اليمني بجوار عنقها بدفء فنظرت لعينيه مباشرة تفحصتهم وهم يحملون بداخلهم جبل من الهموم كبير وهو مازال صامداً، رفعت يدها ببطئ شديد ووضعتها على وجنته اليسري بحنان ثم قالت بنبرة دافئة ناعمة: –
– أنا بحبك ياصقر أوووي و مش قادرة أشوفك كدة، قولي أعمل أيه عشان أساعدك وخفف عنك شوية
وضع يديه على يدها بحنان ثم أردف بعذوبة قائلاً: –
– عاوزة تساعديني بجد؟
أشارت إليه بنعم فأجابها بحنان قائلاً: -.
– خليكي جواري على طول، حبني، خديني في حضنك، نامي في حضني وأسمع دجات جلبك وأنفاسك، أضحكي لما تشوفني خليني أشوف ضحكتك على طول، دى الحاجة الوحيدة اللي عاوزك تساعديني بيها.
أبتسمت له ثم جذبته لها تعانقه بدفء عناق مليئة بمشاعرها المقدسة النابعة من قلبها العاشق فطوقها هو الأخر بكلتا يديه لكن لم تدوم لحظتهم كثير حيث قطعهم دخول حسام لغرفتهما من الشرفة، أبتعد عنها بعد أن فزعت من الخوف تشبث بيدها وهو ينظر له بغضب شديد وكيف جاءته الجرأة بأقتحام غرفته هكذا ثم وقف وهي تمسك بيه بخوف…
– المرة دي محدش هيوحشك عني، لا رجالتك اللي بتتحامي فيهم ولا حتى البوليس.
قالها حسام وهو يمد يده نحوهم بالسكين، فهتفت جالان بخوف وهي تمسك ذراعيه وتقف خلفه: –
– أنت أتجننت ياحسام، هتقتل ابن عمك
ضحك ساخراً من حديثها ثم قال بتهكم وهو ينظر لها: –
– ابن عمي، تصدقي ضحكتني، ابن عمي اللي سرق مراتي وقطع ايدي ودمر حياتي
أجابه صقر بجدية وهو يضع يديه في جيب بنطلونه بثقة: –
– أنا مسرجتش مرتك، أنت اللي جبتها لحد عندي وجولتلي أتجوزها وهي معوزكش ودلوج دي مرتي واللي عنديك اعمله.
أشتاط غضب منه فمسك السكين بغضب وقوة وأقترب منه بسرعة ينقض عليه فدفعها صقر بعيداً عنه حتى لا تتأذى ومسك يده ثم لكمه على وجهه فركله حسام بقدمه في بطنه، وضعت يدها على فمها بخوف حين ركله، أعتدل صقر في وقفته ثم أقترب منه وثني ذراعه بقوة حتى سقط السكين منه أرضاً ولكمه بقوة مرة تلو الأخري حتى سقط أرضاً ثم جلس فوقه يلكمه بغضب، حاول حسام التخلص من قبضته لكن لم يستطع، نظر بجواره ورأي السكين فمد يده بقوة يحاول الوصول له وأذا به يلتقطها بعد معاناة، جرح ذراعه الايسر بها فإذا بها تصرخ…
أبتسم صقر له بسخرية وهو يكبت ألمه بداخله ولكمه بدون توقف في وجهه حتى تعب من اللكمة وفقد وعيه، ركضت نحوه بخوف شديد تتفحص وهي تردف بخوف: –
– انت كويس؟
– اه أجعدي على السرير
قالها وهو يبتعد عن حسام ثم أتصل بالشرطة وقيد يديه و سحبه خارج غرفتها وأنتظر وصول الشرطة حتى جاءت له وأخذته بتهمة جديدة أضافت الى ملفه…
دخل لغرفتها بعد رحيل الشرطة وجدتها تجلس على الكرسي تنتظره وبمجرد دخوله وقفت بهلع تركض نحوه بهلع ثم مسكت ذراعه المجروح وقالت: –
– يلا نروح المستشفي
– ممستاهلش ياجلبي دا خدش أصغير
قالها وهو يمسح على رأسها بحنان، رفعت كم قميصه بقلق فشهقت بقوة حين رأت جرحه وقالت بألم كأنها هي المُصابة: –
– كل ده مش مستاهل
حدق بها بجدية ثم قال: –
– خلاص يا جالان وبعدين.
أخذته من يده بأغتياظ وجعلته يجلس على الأريكة وأحضرت صندوق الأسعاف الأولية ثم جلست بجواره ونزعت له قميصه تطهر له جرحه وباتت دموعها تنهمر من عيناها، كان يتأملها بصمت شديد وهو ناظراً لملامحها بهيام، رفعت نظرها له على سهو ووجدته شارداً بها وبعيناها فتوقفت يدها عن الحركة وما تفعله، أحتضنت عيناها عيناه بحب ممزوج بألم لجرحه وخوف لم يتلاشي من داخلها من ما حدث فكانت عيناه تنقل لها رسالة عاذبة تنبع من قلبه وتتحدث عيناه بها من خلال نظراته، رسالة واحدة فقط تكفيها عن العالم بأكمله [ بالنسبة لي الوطن ما بينتهي عند بقعة جغرافية على الخريطة، فوطني داخل عيناكِ وإينما تكونيً معشوقتي، أي وطني هو أنتِ وفي بعدك آنا غريب، عابر، لاجئ لا وطن له ] شعرت بأنفاسه تداعب عيناها مع أنفها بسبب قربه الهادئ نحوها، يقترب بخفوت شديد وبدأت يده تتحرك تتشبث بذراعيها أما عن عيناه كانت غارقة في بحور عيناها فشعرت بقبلة عاذبة تقبل عيناها الباكية من خوفها عليه تساعدها في هدوء روعتها لكي يتلاشى خوفها المُستحوذ عليها فأبقت ساكنة بين ذراعيه مُستسلمة لحنانه الناعم، أخفت جسدها بين ذراعيه مصاحباً بسقوط دموعها اللؤلؤية، يعلم بأنها بتلك اللحظة لم تكن بحاجة سوي لهذا العناق الصغير الدفء يحتويها بلحظة خوفها…
في اليوم التالي بمنتصف يومها الروتين والعمل، ولجت لغرفة مكتبه بعد أن أستأذنت بالدخول وقالت بعفوية: –
– أستاذ أيمن كنت عاوزة أستأذن ساعة ممكن
رفع رأسه لها بعد أن سمع صوتها وعلم بوجودها فوجد وجهها عابث رغم عفويتها فوقف من مكانه وألتف حول مكتبه متجه نحوها لكي يعلم سبب عبث حبيبته الواضح بملامحها…
سألها بهدوء مع أقترابه نحوها بخفوت وقلق بسيط: –
– مالك؟، حصل حاجة؟، حد زعلك؟
– لا، بس مديري في القسم مش راضي يديني ساعة أذن لازم أروح أجيب يوسف من المدرسة وهو متعصب ومش طايقلي كلمة
قالتها بعبوثية شديد من غضبها بسبب طريق حديث مديرها، مسك يدها اليمني بين كفيه يربت عليهم بحنان ثم قال مُردفاً: –
– طب متزعليش، أنا هكلمه دلوقت أقوله بس متكشريش كدة، في قمر يكشر برضو
أشاحت نظرها عنه بدلال ثم جذبت يدها منه ثم قالت بجدية مصطنعة: -.
– أوعي كدة أحنا قولنا لما نتجوز أمسك براحتك، هي وكالة من غير بواب
رفع حجابيه لها بذهول مُبتسماً على تذمرها ثم أقترب خطوة أخرى نحوها حتى أصبح لا يفصل بينهم شئ سوى سنتيمترات قليلة وقال بنبرة دافئة ولهجة عاشق وصل لأقصى درجة من العشق وعذوبته: –
– قريب ياقمرى تبقي بتاعي لوحدي ومالكش بواب غيري
ومن ثم غمز لعيناها بغزل فضحكت رغماً عنها ضحكة أنارت حياته ويومه فقال لها بهيام هامساً بأذنيها: -.
– طب أجري من قدامي بقي، عشان لو فضلتي قدامي دقيقة كمان مش هستني بعد الجواز، عشان القمر بيحلو.
قهقهت ضاحكة عليه ثم فرت هاربة من أمامه حين خطي خطوته الأخيرة الفاصلة بينهم خوفاً من جملته وأن يفعل شئ بها قبل زواجهما، تبسم عليها رغم بلوغها سن الرشد ورغم كونها أم لطفلتان ألا أنها مازالت بحيويتها وحياءها، تخجل وتبتسم، تدلل وتهرب كطفلة عاشقة وكأنه عشقها الأول ولم تعشق من قبل ولم تتزوج، عاد لمكتبه مجدداً يكمل عمله…
نزلت فريدة من العمارة تحضر لهم بعض الأغراض من السوبر ماركت فأتصلت جالان على هاتفها فقالت: –
– فريدة هاتي معاكي فاكهة وبيبسي عشان صقر جايب معاه ضيوف بليل
توقف عن المشي وسألتها بحماس وأشتياق لهذا الرجل الرجولي وهي تتذكر كيف كان يضرب ويعارك الرجال من أجلها وحين عانقت ودفء حضنه: –
– ضيوف مين
– نبيل وأيمن وقمر جاية في الطريق بالأطفال، اه صح بالمرة هاتي حاجات حلوة للولاد عشان يتسلوا على ما نطبخ.
قالتها بلا مبالاة وهي تعد لها مشروب ساخن، فتبسمت فريدة فور ذكر أسمه وقالت بسعادة قصوي: –
– حاضر وعاوزة حاجة تاني فكري اي حاجة
أتسعت عين جالان على مصراعيها بذهول ثم قالت بتساؤل: –
– ايه الحماس ده كله يابت اشحال أنا منزلكي بعد خناق كان ناقص الجيران تحوش بينا
نظرت أرضاً بخجل ثم أكملت مشيها وقالت: –
– خلاص بجي جلبك أبيض يا جميل
– ماشي، متتأخريش بقي عشان مقلقش عليكي وعشان أطبخ قبل ما العيال يجوا جعانين.
قالتها تنهي حديثها معاها بتحذير ثم أغلقت الخط وعادت لما تفعل، تبسمت فريدة بسعادة عامرة مصاحبة بتنهيدة بأرتياح من قلبها فهي ستراه اليوم وستكفي عيناه برؤيته وتخمد نار شوقها المُشتعلة بداخل قلبها…
– أحنا كدة خلصنا والمناقصة بقيت بتاعتنا رغم الخسارة بس أن شاء الله تتعوض في غيرها
قالها أيمن وهو يجلس معه على طاولة الأجتماعات بعد أن قدم له ملف بالميزانية والخسائر التي وقعت عليهم ولكنه نجح في تجاوزها بأقل قدر ممكن من الخسائر، دلف نبيل عليهم وهو يقول: –
– مش هنمشي ولا ايه أنا جوعت، مش كفاية أسبوع كامل مفيش راحة
وقف صقر من كرسيه وهو يتجه نحو مكتبه يلتقط جاكيته من فوق كرسيه مُردفاً بهدوء: -.
– هنمشي أهو
أرتدي جاكيته ثم ألتقط هاتفه ومفاتيحه وخرج معاهم…
في شقته، كان الأطفال يركضون هنا وهناك خلف بعضهم وثلاثتهم يشاهدون مسلسل أمام التلفاز ويأكلون الفاكهة أما فريدة كانت تأكل الفشار وتضحك بقوة مثلهم…
فتح باب الشقة بالمفتاح ودلف وهو معاهم فتوقفوا مكانهم وهم يشاهدونهم يتأملوا ضحكهم على المسلسل، تنحنح صقر بحدة فوقفت من مكانها وتبسمت له ثم أقتربت نحوه ترحب بزوجها فأعتذر منهم ليغير ملابسه فدلفت خلفهم، ركضوا الأطفال نحو أيمن ويضحكون له، وقف نبيل يتأملها وهي تضحك وتأكل منتبه لها وهي تختلس النظر له بطرف عيناها تخشي النظر نحوه مباشرة فوضع يده في جيبه بدلال مُبتسماً لها فخجلت منه ولم تستطع فعل شئ سوى الهروب من نظراته المثبتة عليها فوقفت من مكانها ثم وضعت بولة الفشار على الطاولة وذهبت هاربة منه ناظرة أرضاً فأعترض طريقها حينما وقف أمامها حاولت العبور منه لكنه منعها مراراً وتكراراً…
تذمرت عليه بضيق رافعة نظرها للأعلي بداخل عيناه فتبسم لها صرخت به بأغتياظ تخفي به خجلها منه قائلة: –
– عديني بجي
– مليش مزاج واحشتني وعاوز أشوفك وأشبع منك
قالها بغزل وهو يغمز لها بعيناه فنكزته في ذراعه بخجل بعد أن توردت وجنتيها وزاد من حمرتها، تردف قائلة: –
– أستحي ياأستاذي، وأتحشم في حديدك المساخ ده
– دا حديد زي السكر، دا مساخ دا.
قالها بغزل أكبر فدفعته بعيداً عنها بأغتياظ منه وهو يزيد من خجلها فضحك عليها وقال مُحدثاً نفسه: –
– هتجوزك تطلعي تنزلي هتجوزي برضو…
خرج صقر لهم وهي خلفه وجهزت العشاء مع النساء وجلسوا معاً وهي تهرب من نظراته بلعبها من الأطفال…
أستيقظ شاكر صباحاً على صوت هاتفه بأسم ضياء فأجابه: –
– خير يا ضياء على الصبح
– صقر بينتقم يافندم…
كان الحريق بكل مكان والنيران تأكل كل ما يقابل مُشتعلة بداخل المكان دون توقف في تزايد مستمر وصرخاتها بكل مكان والنار تحيطها من جميع الأتجاهات فلم يكن بوسعها شئ سوي السقوط أرضاً تصرخ بأقوي ما لديها تطلب النجدة وأن يساعدها أحد وينجدها من هذا الحريق، بدأ الدخان يقبض على صدرها فتنقطع أنفاسها ببطي مصاحبة بدوران شديد أصاب رأسها ورؤية مشوشة تعتم عيناها فنادته بعجز مُستنجدة به بضعف: –
– ص ق ر…
كان الحريق بكل مكان والنيران تأكل كل ما يقابل مُشتعلة بداخل المكان دون توقف في تزايد مستمر وصرخاتها بكل مكان والنار تحيطها من جميع الأتجاهات فلم يكن بوسعها شئ سوي السقوط أرضاً تصرخ بأقوي ما لديها تطالب النجدة وأن يساعدها أحد ينجدها من هذا الحريق، بدأت الدخان يقبض على صدرها فتنقطع أنفاسها ببطي مصاحبة بدوران شديد أصاب رأسها ورؤية مشوشة تعتم عيناها فنادته بعجز مُستنجدة به بضعف: –
– ص ق ر…
فتح عيناه بأرق بعد أن أستيقظ على صوت صراخها بجواره، وجدتها تدير رأسها يمين ويسار صارخة بأسمه أمتلك يدها بيده ثم يده الأخر يربت على وجنتها بحنان مُناديها: –
– جالان، حبيبتي.
فتحت عيناها بفزع شديد وهي تصرخ بأسمه باكية ولؤلؤات عيناها تنهمر على وجنتيها فنظرت له بصدمة مُرتجفة من خوفها بهذا الكابوس الذي راودها، كان يمسح على رأسها بيده فأقتربت منه تعانقه بقوة مُتشبثة به بكلتا يديها، طوقها بذراعيه وهو يردف بدفء قائلاً: –
– أهدي ياحبيبتي ده حلم، متخافيش أكدة انا جارك
هتفت بصوت مبحوح وهي تتشبث بملابسه قائلة: –
– ده مش حلم ده كابوس، صقر متسبنيش.
عاد لنومه وهو يأخذها بحضنه ويربت على ظهرها، أخبأت نفسه بين ذراعيه فجذب الغطاء عليهما ثم شعر بيدها تمسك يده وتتشابك بأصابعه تساءل كثير عن هذا الكابوس الذي فزعها هكذا وجعلها ترتجف ولكنه لم يجرأ على سؤالها مباشرة عنه، شعر برأسها تثقل على ذراعه فأدرك أنها عادت لنومها فوضع رأسه على رأسها وعاد لنومه…
كانت جالسة بغرفة أطفال فسألتها ملك بفضول طفولي: –
– يعني أنتي هتبقي عروسة
– أسمها هجبلكم بابي، مش أنتوا عاوزني بابي
قالتها بلطف وهي تمسح على رأسهما بيدها، فأجابتها مكة ببراءة: –
– اه عشان العيال في الحضانة عندهم بابي وأحنا لا وبيجي يأخدهم من الحضانة
تبسمت لهم ثم قبلت يد كلاهما الصغيرة بحنان أم ثم قالت: –
– هيبقي عندكم بابي وأخ كمان تلعبوا معاه.
فوقفت مكة من مكانها تشيح عنها الغطاء ثم عانقت أمها واضعة قبلة رقيقة على خدها ثم قالت: –
– مامي أنا بحبك أوووي قد البحر الكبير كله وملوكة كمان بتحبك زي
تبسمت على طفلتيها تلك النعمة التي رزقها ربها بهما وضمتهم الأثنين ليها بحب…
كعادتهما يتشاجران على أقل الأسباب وأتفهها وهو بالداخل نائم لا يبلي لهم والأطفال يضحكون عليهما…
– قولتلك مش هتيجي معانا، تيجي معانا الفرح ليه ها
قالتها جالان بتذمر عليها، فصرخت بها فريدة قائلة: –
– هروح بالعند فيكي جمر عزمتني
ضحكت منها ساخرة وقالت بتهكم: –
– قمر، أنتي بتتضحكي على مين يابت ده أنتى هتموتي وتروحي عشان نبيل، مش عليا ده أنا فقسكي وحافظكي، الكلمتين دول تضحكي بيهم على أخوكي الأهبل.
جاءها صوته الرجولي بقوته من خلفها حينما سمع جملتها الأخيرة فقال: –
– متشكر يامرتي يامؤدبة، الأهبل بجي هلبس ومهيستناش حد فيكم، عشان جولتلكم ألبسوا من بدرى
أتسعت عيناها بأرتباك حين سمعت صوته، وقفوا الأثنين وكلا منهما ركضت لغرفتها لكى تتجهز للذهاب قبل أن يغضب حقاً ويذهب بدونهم…
أعد لنفسه قهوته وجلس يحتسها فخرج عليه يوسف أولاً مُرتدي بدلته وجلس بجواره ومن ثم خرجت الطفلتين التؤام ماسكين بيد بعضهم مُبتسمين بسعادة لأمهما وحصولهم على أب لأول مرة منذ ولادتهما، أنهي قهوته ثم ولج إلى غرفته فرأها تقف أمام المرآة تجفف شعرها المبلل بالأستشوار مُرتدية روب الأستحمام، أقترب منها وهو يحمل بدلته ويقف أمام المرآة خلفها فقالت بأستعجال: –
– أنا هلبس بسرعة أهو.
كادت أن تذهب من أمامه فأوقفها وهو يمسكها من معصمها ويجذبها له، نظرت له بدلال وقالت بخفوت: –
– ممكن تلبس بسرعة عشان هنتأخر وقمر لوحدها
حبس أنفاسها الدافئة بقبلة ناعمة ويديه تحاصر خصرها النحيف فأستسلمت له بشغف مُشتاقة لحبيبها ويديها تتشبث بتيشرته واضعة أحدهما فوق قلبه، فتح باب الغرفة ودلفوا الأطفال ومن ثم أبتعدت عنه بخجل وتوردت وجنتها بلون الدم من الخجل أما هو فتبسم بخفة لهم ثم سألهم: -.
– عاوزيني حاجة؟
تبسموا الأطفال عليهم وقالوا في وقت واحد: –
– خلاص هنروح لطنط فري تلبسنا الجزمة
خرجوا ركضاً لغرفة فريدة، تبسم لها وهو يديرها لها مجدداً مداعباً خصلات شعرها بيده يردف بحنان أملاً بمستقبلهما القريب قائلاً: –
– عجبال ما تجيبلي أميرة صغيرة تجطع علينا لحظاتنا
ضحكت له بسعادة وقالت: –
– ربنا يعوضنا ياحبيبي وأنا راضية أنها تقطع علينا وتنام وسطنا كمان
وضع قبلة على جبينها بلطف ثم قال بخفوت: -.
– أن شاء الله، ألبس بجي بسرعة.
تركها ودلف إلى المرحاض وأخذ حمامه وعندما خرج تسمر مكانه من الدهشة مُنبهاراً من جمالها وهي تقف بمنتصف الغرفة مُرتدية فستانها السيموني بكم شفاف وأسفله بدي يخفي ذراعيها واسع، حاول كتم ضحكاته بصعوبة من الأطفال ثلاثتهم وهم يلعبون بحبيبته فكانت مكة تمسك رابطة فستانها من الخلف تحاول ربطها و ملك تقف على الكرسي تضع لها أحمر شفايف أما يوسف يلعب هناك بأحد الادراج يختار لسندريلاته حذاءها، توقفوا جميعاً فور رؤيته وركضوا خارجاً أقترب منها ضاحكاً ثم قال وهو يتفحصها: -.
– أيه ده اللي عملوا فيكي؟
أبتسمت له بطفولية وقالت بجنان مُشتاقة للحظة تلعب بها طفلتهما هكذا: –
– بيلعبوا، بلبسوني زي ما أنا لبستهم.
مسحت أحمر الشفايف وأعادت وضعه بمهارة ثم لفت حجابها وذهبت تحضر حذاءها فوجدته يقف أمام المرآة يربط رابطة عنقه فأقتربت منه بحب حتى وصلت أمام وتبسم حينما مسكت رابطته تربطها له وهو يتفحص ملامحها فضحكت برفة حينما أقترب خطوة منها حتى ألتصق بها ولف ذراعيه حولها أعتقدت أنه سيحضنها لكنها ضحكت أكثر حينما مسك رابطة فستانها من الخلف وربطها لها بينما هي تربط له رابطة عنقه، فرت هاربة من بين ذراعيه وأحضرت جاكيته وساعدته في أرتدته ثم خرجت للأطفال ووجدتهم مع فريدة…
وصل للقاعة فوجد نبيل بأنتظاره، ترجل صقر من سيارته أولاً ثم ذهب للباب الأخر يفتحه لزوجته فترجلت وفتح الباب للأطفال ونزلوا واحد تلو الأخر…
كان يقف بلهفة مُشتاقاً لأميرته الصغيرة منتظر ترجلها من السيارة، نزلت أخرهم مُرتدية فستان أزرق اللون بكم شفاف وتلف حجابها الفضي، أزدرد لعوبه بصعوبة من جمالها كما أنه تسمر مكانه ولم يسمع حديث صقر له، أنتبه صقر لنظره المثبت على أخته حاول التحكم بأعصابه وغيرته الصعيدية فهو يدرك جيداً أنه يستحق أخته وهي يستحق قلبه، هو خير الناس معرفة ب نبيل وأخلاقه فعندما أرادها تقدم لها لكنها خذلته برفضها ويبدو أنه أذا طلبها مجدداً الأن ستركض له بالموافقة، أخذته جالان للداخل وتركتها…
تقدمت بخجل من نظراته لتدخل خلف أخاها فأستوقفها وهو يعترض طريقها، رفعت نظرها له وإذا به يحتضن عيناها بعيناه العاشقة فشعرت بيده تحتضن يدها مما أدي لقشعريرة جسدها بالكامل وزادت ضربات قلبها، تبسم لها فأشاحت نظرها عنه ودلفت معه صامتة…
رحب الجميع بالعروسين وعقد القران، شعر بأحدهم يجذبه من ذراعه فأستدار ووجد نبيل فقال بأشمئزاز: –
– ايه يانبيل؟
– أنا عاوز أتجوز أختك
قالها بلهفة وأستعجال، أتسعت عيناه على مصراعيها بذهول ثم قال بخفوت: –
– ده وجته يعني؟ وبعدين ما هي جالت لا
أبتسم له بثقة وقال: –
– لا هتوافق المرة دي
– لما أروح أشوف الموضوع ده
قالها وهو يتركه ويعود لأصدقاءه…
ذهب لها وأخذها من يدها للخارج فقالت بتذمر منه: -.
– ايه؟ أنت زودتها جوي
– تتجوزيني؟
قالها حينما كان ينظر لها نظرات عاشق ويربت على يدها بحنان، خجلت منه وتبسمت بينما وجنتيها أحمرت من الخجل وطلبه المفأجي وزادت دقات قلبه له فقالت بخجل: –
– طب جول لصجر
– قولتله قالي هي قالت لا
قالها وهو يتمسك بيديها، تبسمت له وقالت مُبتسمة وهي تشيح النظر له: –
– لا مهجولش لا روح جوله
ضحك بسعادة تغمره وقال مُردفاً: –
– يعني موافقة؟ خليكي مكانك متتحركيش هجيبه وأجي…
ركض من أمامها بسعادة وسرعة، دقائق وعاد لها به يمسكه من يده وتوقف حيث وصل لها وقال بعفوية: –
– أهي قالت موافقة، هتجوز أمتي
صدم بجملتها حين قالت بجدية وقسوة: –
– أنا مموافجاش ياصجر، وخليه مالهوش صالح بيه واصل…
تركتهما وذهبت، صدمة ألجمته بقوة منذ قليل كانت موافقة وترغب بالزواج منه ماذا حدث ولما قالت ذلك لا يدري شئ…
دلف صقر إلى غرفته مساءاً فوجد الغرفة فارغة علم بأنها بغرفة الأطفال كاد أن يذهب لها لكن أستوقفه صوت أشعار رسالة بهاتفها تجاهله ولكن أعاد تكرر وصول الرسائل ذهب نحوه وألتقط الهاتف وأذا بصدمة تلجمه حين رأي كلمة واحدة (واحشتيني ياجوجو ) من المرسل { أحمد البرنس } رسالة كفيلة بقتل قلبه ومشاعره…
دلف صقر إلى غرفته مساءاً فوجد الغرفة فارغة علم بأنها بغرفة الأطفال كاد أن يذهب لها لكن أستوقفه صوت أشعار رسالة بهاتفها تجاهله ولكن أعاد تكرر وصول الرسائل ذهب نحوه وألتقط الهاتف وأذا بصدمة تلجمه حين رأي كلمة واحدة (واحشتيني ياجوجو ) من المرسل { أحمد البرنس } رسالة كفيلة بقتل قلبه ومشاعره، ولجت إلى الغرفة مُبتسمة وهي تردف بسعادة أثناء غلقها للباب خلفها قائلة: –
– ناموا ياحبيبي.
أستدارت له ووجدته واقف بمنتصف الغرفة مكانه ماسكاً بيده هاتفها ووجهه شاحب صامتاً، أقتربت منه بأستغراب وقالت: –
– مالك ياصقر
نظر لها بقلب جاحد أراد صفعها على وجهها في حين هي تبتسم وهو يشتاط غضب من تلك الرسائل والرجل الذي يتغزل بها وهي تبادله الحديث، وضع الهاتف أمام عيناها ثم قال بنبرة قاسية ولهجة حادة تكاد تقتلها من قوتها: –
– ايه ده؟ مين الأستاذ اللي بيحب فيكي ده أكدة عادي؟ بتخونيني ياجالان.
نظرت نحو الهاتف وهو يتحدث بذهول مما أدي لأرتباكها منه لكن جملته الأخيرة جعلت عيناها تتسع على أخرهما وأشاحت نظرها عن الهاتف ناظرة له بصدمة فهو رجل شرقي وليس ذلك فقط بل صعيدي يكاد يقتلها في تلك الحالة، أزدردت لعوبها بصعوبة من الخوف منه ثم فرت هاربة من أمامه فذهب خلفها…
تحدثت وهي تهرب منه بعيداً: –
– صقر أستن هفهمك، في سوء فهم في الموضوع
صاح بها بأغتياظ ونيران تلتهب بين ضلوعه قائلاً: -.
– سوء فهم، ده بيجولك واحشتيني ياجوجو
ذهب نحوها بعاصفة الموت ليقتلها عندما يصل لها، فهربت منه تركض إلى زواية الغرفة وتقول بخوف وهلع: –
– ياصقر أفهم والله دى ست متجوزة مش راجل…
بتر حديثها حينما أقترب منها، نظرت حولها بخوف منه بينما أصطدم ظهرها بالحائط وأقترب أكثر يحاصرها بالحائط فلا مخرج لها لتصبح سجينته بينه وبين الحائط، نظر لعيناها بغضب شديد وأحمرت وجنته بينما ظهرت خطوط عرضية على جبيته بسبب عقده لحاجبيه بقوة، أزدردت لعوبها مُرتجفة من خوفها وغضب هذا الصعيدي وهي تعلم بأنه يغار على حريمه بجنون فماذا سيفعل بها وهي حبيبته وملكة قلبه ثم هتفت بصوت مبحوح قائلة: -.
– صقر والله دى صاحبتي بس هي كاتبة الأكونت بأسم جوزها، أنا مش بخونك…
وضع يديه في جيبه بلا مبالاة وهو يتفحصها ويستمع لحديثها، حاولت التحكم به وأزالة غضبه فرفعت يديها المُرتجفتين ببطئ ثم وضعتهما على صدره برفق وقالت بخفوت هامسة له بدفء: –
– أنا بحبك وفي نظرى مفيش رجالة في العالم كله غيرك
– وصاحبتك بتجولك واحشتيني ياجوجو؟
سألها بغيرة شديدة فأجابته بدلال وهي تدخل يديها في جيبه لتحضن يده بهما: -.
– والله صاحبتي، أنت عارف أني بحبك أنت صح.
شعرت بأصابعه تتشابك مع أصابعها بحنان ثم أقترب خطوة واحدة منها فتبسمت له وهي تصعد بقدمها فوق قدمه ثم نظرت لعيناه نظرة دافئة وناعمة تفيض بجمال عشقها الذي يشبه ورود الياسمين وسط البستان ورفعت رأسها للأعلى ومن ثم أطبقت شفتيها على شفتيه بدفء فتبسم عليها وأخرج يده من جيبه يحاوط خصرها ويمشي بها نحو سريرهما وهي تقف على قدمه وتلف ذراعيها حول عنقه تتشبث به بحنان، لم يتجاهل غيرته بل وثق بحديثها دون التأكد منه أذا كانت أمراة أم لا فحديثها وحده ثقة له…
ضحك بسعادة تغمره وقال مُردفاً: –
– يعني موافقة؟ خليكى مكانك متتحركيش هجيبه وأجى…
ركض من أمامها بسعادة وسرعة لكي يحضر أخاها فوقفت تنتظره بخجل شديد لكنها سعيدة بوجوده وكونه تقدم بطلبها للزواج مجدداً ويحق لها الموافقة عليه لتصبح زوجته، سمعت خطوات حذاء نسائي بكعب يقترب منها فرفعت نظرها بلا مبالاة فوجدت فتاة في سنها تقترب منها مُرتدية فستان قصير يصل لركبتها ضيق وبقط وشعرها المموج مسدول على الجانبين، أشاحت نظرها عنها فهي لا تعرفها وتحرج من النظر لها فتوقفت الفتاة أمامها ثم قالت ألاء وهي تنظر على الأتجاه الذي ركض نبيل به وقالت بأشمئزاز: -.
– أنتى تعرفي نبيل؟
نظرت لها بدهشة من معرفتها به فسألتها فريدة بفضول وغيرة: –
– انتى تعرفيه؟
ضحكت ألاء ساخرة ثم قالت بتهكم: –
– اعرفه، أعرفه كويس أوي ونصيحة متحبهوش عشان هو ميستاهلش هيلعب بيكي لغاية ما يوصل للي عاوزه وبعدها هيرميكي من غير رحمة، أنا كنت زيك كدة في يوم من الايام مجنونة بحبه ومبعملش حاجة غير عشان أسعده وبعد ما علقني بيه قالي مش عاوز أكمل بعد ما سلبي أعز ما أملك أكيد فاهمة.
نظرت لها بصدمة من حديثها وهي تروى عليها قصة مؤلمة فسألتها بصوت مبحوح غير مصدقة ذلك: –
– نبيل، نبيل عمل كدة؟
– ده ذئب حيوان لشهوته بس
قالتها بحسرة مصطنعة ثم ذهبت، فجاء لها مع أخاها نظرت له بصدمة من ما سمعته الأن أهو يرغب بجسدها فقط كغيرها ولم يحبها، أهي حقاً حمقاء لتغرم بذئب مثله؟، توقف أمامها مع أخاها وقال بعفوية: –
– أهي قالت موافقة، هتجوز أمتي.
شعرت بخنجر مسموم يغرس في صدرها ينزع قلبها من بين ضلوعها مع جملته هذه…
كانت تجلس فريدة بغرفتها باكية وتحتضن وسادة تكتم بها شهقاتها القوية خوفاً من أن يسمعها أحد ويشفق عليها، تشعر وكأنها بعالم قاس يهوى عذابها ويتلذذ من بكاءها مُستمد قوته من رؤية دموعها تنهمر على وجنتيها ف تباً لقسوته التي لا ترحم قلبها الضعيف، لم تشعر بشئ سوى بصفعة قوية نزلت عليها منه فأتسعت عيناها على مصراعيها بذهول وصدمة ألجمتها أحقاً هذا حبيبها من فعل هذا بها وكسرها؟ أهو من صفعها بدم بارد دون أن ترمش له عين أو يتحرك جفن عيناه؟ أحقاً لم يوقفه قلبه عن قسوته عليها؟ كيف يعشقها ويقسٍ عليها هكذا؟ أنهمرت دموعها الحارة على وجنتيها بعد أن شعرت بتجمد جسدها مكانه وكأنه شل من الصدمة والخذلان ألم وحزن ممزوج بالخذلان والكسرة، متاهات مشاعر كثيرة متتالية معاً في أن واحد تستحوذ عليها وعلى قلبها وهي لا تملك شئ لتفعله ولا تستطيع حتى الهروب منه فكانت ضحية لقلبها العاشق تحت قسوته وحجود قلبه الذي لم تراه من قبل فأستسلمت لفراقهما وبعدها عنه كما أنها رفضته وأخرجته من حياتها أبدياً رغم رغبة قلبها به وتشبث هذا القلب بالعشق الذي يغمره ويسكن قاعه، تأبى فراقه وتخشي رحيله لكن لا تملك شئ سوى نزعه من قلبها بقسوة كما قسى هو عليها دون رحمة ولن تغفر له خطأه حينما لعب بأوتار قلبها عازفاً عليه سيمفونية مشاعر الحب بمهارة وإتقان ولم ينتبه وقتها بأن قلبها ينزف مع كل لحن يصنعه بقلبها…
دق باب غرفة النوم بعد أن أنتظرها ما يقرب نص ساعة بينما قال: –
– قمر أنتى نمتي ولا ايه؟
كانت في حالة توتر رهيب لأول مرة تكون معه وحدهما وزوجته وأصبح لديه الحق بكل شئ فأصبحت هي له، أغلقت قبضتها بهلع على ملابسها وهي جالسة على الفراش حينما دق الباب عليها يستعجلها فأنتفض جسدها من التوتر ثم أجابته من الداخل بخجل شديد وصوت مُرتبك: –
– لا صاحية
– صاحية أيه ياحبيبتي؟ هو أنا بشوفك نمتي ولا لا؟ أفتحى الباب.
قالها بدهشة من ردها، فأجابته مُردفة بعد أن وقفت خلف الباب مباشراً: –
– طيب بس غمض عيناك
ضحك عليها ثم قال بغزل: –
– أغمض ايه؟ هو أنتى أول مرة تتجوزى، النهاردة بالذات مينفعش غمض دى
صاحت به وهو يزيد من ربكتها وتوترها بأغتياظ تحذره: –
– مش هفتح
– خلاص خلاص أديني غمضت بس خدي أيدي بقى لأحسن أقع وأنا ماشي.
قالها بعفوية وهو يغمض عيناه مطيعاً لحديثها فأجابته بالموافقة ثم فتحت الباب له وهي ترتجف ليس خوفاً بل توتراً من وجوده وضربات قلبها العاشق تزيد الأمر صعوبة عليها ثم مسكت يده بحنان لتأخذه كما طلب، شعر ببرودة يدها حين لمسته فأصطنع اغلاق عيناه حتى وصلت به لمنتصف الغرفة فأبتسم بخبث عليها ومكر رجال وهو يمثل عليها السقوط فتشبثت بذراعه بقوة وهو يتقدم للأمام بتمثيل ماهر حتى أسقطها فوق السرير وهو فوقها فشهقت بقوة من الخجل وقربه منها هكذا شاعرة بأنفاسه الدافئة تداعب وجهها فحركت يدها ببطئ شديد تحاول أغلق روبها مجدداً، تأمل وجهها بصمت سائد بينهما وشعره الأسود لأول مرة يراه ناعم وطويل وبعض خصلاته على وجنتها وجبينتها من سقوطها المفاجئ معه، حرك يده برفق يبعد خصلات شعرها عن وجهها وهي تنظر له فقط وقلبها يكاد يتوقف من كثرة نبضه وتشعر بحرارة جسدها تزداد عكس من قبل كان بارداً أم الأن تشعر بسخونته وحر شديد، وضع قبلة على وجنتها اليسري بنعومة فأغمضت عيناها بينما تغلق قبضتها على مفرش السرير فأبتعد عنها مُبتسماً ثم حملها على ذراعيه فشهقت مجدداً وسألته بخجل: -.
– أنت هتعمل أيه؟!
– أنا هعمل مصايب ومش مطلوب منك غير بعد تسع شهور بالظبط من دلوقتي تجبيلي أميرة صغيرة تنور حياتنا
قالها وهو يدخلها تحت الغطاء فأشاحت نظرها عنه بخجل، ولج تحت الغطاء معاها مُطوقها بذراعه والأخر يتحسس وجهها بسعادة غير مُصدقاً بأنها أصبحت له وملكه والأن زوجته وحبيبته معه بتلك اللحظة…
ضمها لها بحنان وبادلتها العناق ثم شعرت بقبلات متتالية على عنقها البارد بنعومة و رقة دافئة كأنفاسه فأغمضت عيناها بأستسلام له ولليلتهما الأولي معاً مليئة بمشاعرهما وحبهما الذي نشأ من خلال أطفالهما فكانت دافئة كقلوبهم الدافئة بعشقهما…
كان نبيل يقود سيارته كالمجنون بدون توقف وعقله شارد بالتفكير في ردها الذي تغير بلحظة دون معرفة عن سبب تغيره، قلبه يتألم منها وينزف دماء ويتساءل لما تلعب به وبقلبه هكذا؟ أهو لعبة لديها توافق عليه وقت ما تريد وترفضه وقت ما تريد؟ تحبه كما تشاء وتكره متي تشاء؟ شعر بأنها تلعب بمشاعره دون توقف ولم تبالي بأنها تجرحه بكل مرة تفعل هذا به، كادت سيارة تصدم سيارته لكنه تفادها بصعوبة فأصطدم بالحائط، ألتقط أنفاسه بصعوبة شديد وهو ينظر للحائط أمامه..
ترجل من سيارته بتعب بعدما جرح ذراعه ونظر لسيارته وكيف تتدمرت بسببها وبسبب شروده بها وجرحها له بلعبها بقلبه، فأشتاط غضباً منها وضرب أطار سيارته بقدمه بغيظ وتواعد لها بالأنتقام لكل ما فعلته بقلبه وكسره وأهانته أمام أخاها، وعد قلبه بالثأر له منها وجعلها تندم على كل لحظة جرحته بها، أصر على تحويل قلبه إلى حجر صلب لا ينكسر أو يتأثر بها مجدداً وفيجب عليه التوقف عن حبها والتخطيط للأنتقام منها..
أشار لسيارة أجرة ثم ركب بها لتأخذه للمنزل وهو يكمل شروده فأدرك بأن لن يكسر المرأة إلا إذا تزوج حبيبها من أخرى وهو يعلم بأنها تحبه وسيكون حبها له هو نقطة الأنتقام منها…
جهزت الفطار للجميع ثم جلست معه ومع الأطفال يفطروا سويا فسألها وهو ينظر للخلف: –
– فريدة مصحيتش لسه
– لا دخلت لها نايمة في سابعة نومة، كل يا يوسف
قالتها جالان وهي تطعم الأطفال، لاحظ بأنها لم تأكل شئ منذ جلوسها فسألها صقر: –
– مبتأكليش ليه؟ كلي
ثم وضع بيضة أمامها فأشاحت رأسها وقالت بأشمئزاز: –
– هأكل كمان شوية بس بلاش بيض قرفانة منه ومن الفراخ.
نظر لها بذهول وهي تطعم الأطفال أصبحت في الأوان الأخيرة تقرف من أكل تحبه وتستفرغ من رائحة العطر الخاص بها رغم عشقها له وأنتقاءها له دوماً، أحقاً زوجته حامل بمولود جديد؟ أحقاً جاء عوضهم عن ما فقدوه فقال بهدوء: –
– مالك ياجالان؟ لو تعبانة نروح للداكتورة نطمن عليكي
– أنا كويسة ياحبيبي مفيش داعي
قالتها وهي تطعم يوسف بنفسها، فأردف بجدية قائلاً: –
– مفيش داعي كيف دى، نروح بليل نطمن.
وقفت بتذمر عليه راكضة إلى المرحاض لتستفرغ مجدداً ما بمعدتها رغم أنها لم تأكل شئ فذهب خلفها بقلق عليه ثم خرجت له وقال بقلق عليها وهو يمسك يدها يساندها: –
– أسمعي الكلام بجي، بليل هعاود بدري أوديكي للداكتورة
نزعت يدها من يده ثم قالت بضجر من أصراره: –
– ياصقر قولتلك مفيش داعي أنا عارفة أنا عندى ايه
نظر لها بشك وقال: –
– أنتى…
بترت حديثه بضجر من أصراره على الذهاب للطبيب حينما قالت مُردفة: –
– حامل، أرتاحت.
تبسم بسعادة بعد أن نبض قلبه من فرحة كان بأنتظارها ويطلبها بصلاته بتكرار وبدموع حارة، أقترب يعانقها من فرحته فدفعته بعيداً عنها بخجل ثم قالت بأحراج وصوت مبحوح: –
– صقر الولاد واقفين
ضحك بأحراج ثم وضع قبلة على جبينتها ودلف لغرفته يتمالك نفسه قبل أن يخطأ أمام الأطفال فتبسمت عليه وذهبت نحو الأطفال…
– صقر بقي محطوط بين رضا أخته وصاحب عمره وفي الغالب هيخسر نبيل عشان أخته
قالتها ألاء بجدية وهي تجلس بأحد النوادي الليلية، فأتاها صوته عبر الهاتف يقول: –
– متأكدة ولا هتخيبي ظنى فيكي
ضحكت ضحكة ساخرة بمياعة ثم قالت وهي تأخد كأس الخمر من النادل: -.
– عيب عليك هو أنت بتكلم تلميذة، الست ميوجعهاش غير الراجل اللي يفكر فجسمها بس وفريدة بان عليها أووي الكسرة، نظرة عينيها وأنا بكلمها بتقول أني دبحتها بدم بارد وربنا ما يوريك مكر الحريم
– ماشي هتلاقي باقي المبلغ اللي أتفقنا عليه في نفس المكان والخط ده تتخلصي منه نهائي، مفهوم
قالها بجدية وخشونة، فأجابته ببهجة: –
– مفهوم ورقمي الأساسي معاك لو أحتاجتني في أى وقت كلمني وأنا تحت الأمر، باى.
أغلقت الخط وعادت لحياتها الفاسدة ترقص وترتشف الخمر مع أصدقاء السوء مثلها بعد أن دمرت حياة أثنين وكسرت قلوبهما من أجل المال فقط، عادت لرفاهيتها كأنها لم تفعل شئ ولم تظلم قلبين وفرقت بينهما…
مر أسبوع وهي بغرفتها لم تخرج منها بعد أن ذبلت روحها وكسر قلبها، دلفت جالان إلى غرفتها وصعقت حينما، فصاحت صارخة صرخة قوية بأقوي ما لديها…
مر أسبوع وهي بغرفتها لم تخرج منها بعد أن ذبلت روحها وكسر قلبها، دلفت جالان إلى غرفتها وصعقت حينما وجدتها تقف على الكرسي وتلف حول عنقها وشاح مُعلق في النجفة تحول الانتحار وأنهاء حياتها بقلب مجروح يحمل سذاجتها البريئة، فصاحت جالان صارخة صرخة قوية بأقوي ما لديها وهرعت نحوها مُسرعة تحاول إيقافها من تلك المعصية التي تحاول فعلها مسكتها من قدمها بخوف وهي تصرخ بها وتضربها بهلع على قدمها قائلة: -.
– أنتى أتجننت يا فريدة بتغضبى ربنا، أنزلى يابت
نزعت الوشاح عنها باكية ثم نزلت وصاحت بها قائلة: –
– اه أتجننت، حياتى وأنا حرة فيها
– طب والله لأقولك لصقر لما يجى على جننك دا
قالتها بأغتياظ منها ومن تصرفاتها ثم أكملت حديثها بجدية: –
– حصل أيه ياهانم عشان تفكرى في الموت ها، سابلك العيال ومشي
جلست على السرير تبكى ثم قالت بأنكسار: –
– اتريقي ياجالان أتريقي
– اللهم ما أطولك ياروح.
قالتها بزفر منها ثم أخذت تنهيدة قوية وذهبت تجلس بجوارها مُربتة على كتفها بحنان وقالت مُردفة: –
– حصل أيه يافريدة؟ أحكيلى ياحبيبتى؟ صقر زعلك في حاجة؟
أشارت إليها بلا ثم قالت بنبرة حزن قوية: –
– لا مش صجر، صجر مبيزعلنيش
رفعت جالان يدها بهدوء وأدار رأسها بلطف ثم قالت بدفء: -.
– ولما صقر مبيزعلكيش، أنتى ليه عاوزة تزعليه وتموتى نفسك؟ في أيه في الدنيا يستاهل تفكيرك في الموت؟، أحكيلى ياحبيبتى لو عندك مشكلة نحلها سوا..
– جلبي بيوجعنى جوى ياجالان..
قالتها وهي تجهش في البكاء ثم قصيت عليها ما حدث وما قالته تلك الفتاة، كيف كانت سعيدة بطلبه للزواج منها مجدداً؟ وكيف رفضته؟
صاحت بها جالان بأغتياظ من سذاجتها وقالت: -.
– مش بقولك مجنونة، في حد يصدق الكلام دا، وحتى لو صح مفكرتش ليه البت دى هربت لما شافت نبيل بدل ما تواجه اول تعرفه أنها كلمتك
صرخت بها بقلب مجروح باكية: –
– وانا أشعرفنى بجى..
– عشان غبية، أمسحى دموعك دى وانا لما صقر يرجع هسأله كدة بطريقة مش مباشرة، كتك القرف نكدتى عليا وأنا حامل
قالتها تشاكسها لترسم بسمة على شفتيها من جديد…
عاد أيمن لمنزله مساءاً بعد يوم طويل شاق من العمل، دلف إلى شقته فوجدها تجلس تذاكر لأبنه وتعلم أطفالها الحروف الأبجدية، أقترب منهم ثم وقف خلف كرسيها وقال: –
– مساء الخير
لم يجيب عليه أحد منهم، فأعادها بنبرة أقوى لتجيب عليه هي بهدوء: –
– مساء النور، أحنا بنذاكر دلوقتى أدخل غير هدومك
– بتذاكروا، أنا أهم لما أجى تسيبوا كل اللى فأيديكم وتوقفوا تسلموا عليا.
قالها بأغتياظ من جملتها وهو يغلق لهم الكتب، أبتسموا الأطفال عليه فوضع قبلة على يد ملك ثم مكة وبعدها يوسف وتبسم بسعادة أكبر فحان دور حبيبته أقترب منها هو ووضع قبلة على جبينها ومن ثم همس بأذنيها حتى لا يسمعوا الأطفال: –
– واحشتينى..
ضحكت بخجل له ثم قالت بخجل: –
– أحم، غير هدومك بقي على ما أحضر العشاء.
دلفت للمطبخ تسخن الطعام وتركت الأطفال يلهو معاً بينما وهو أتجه إلى غرفته ليغير ملابسه وعندماوخرج وجد أطفالهم الثلاثة على الأريكة ويشاهدون الكرتون فذهب لها في مطبخ…
كانت تقف تحضر الأطباق فشعرت بيديه تطوق خصرها النحيل ومن ثم يحتضنها من الخلف، فنكزته في صدره بذراعها وقالت مُتمتة: –
– عيب ياأيمن، أفرض حد من الولاد دخل..
– وماله مراتى وواحشتنى عيب ولاوحرام.
قالها وهو يتشبث بها أكثر فتذمرت عليه تحاول أفلت جسدها من قبضته بخجل منه ومن أن يراها أحد من الأطفال..
أردفت بأغتياظ شديد منه وهي تهرب من قبضته قائلة: –
– وبعدين معاك، أنا كفاية عليك جنان العيال طول اليوم هتيجى أنت كمان تجننى معاك
– سلامتك من الجنان ياقلبى
قالها وهو يقترب منها لكن قطع حركته صوت طفله وهو يقف خلفه قائلاً: –
– طنط قمر أنا عاوز أشرب
أستدار له بأنفعال ثم سأله: –
– أسمها أيه
– طنط قمر.
قالها وهو يذهب لها يريد منها بعض الماء، كاد أيمن أن يصرخ به لكم أستوقفته هي حين قالت بهدوء: –
– أحنا قولنا أسمها ايه يايوسف
– مامى، سورى نسيت
قالتها بتذكر وهو يضرب جبينته بطفولة حين تذكر، فضحكت عليه وأعطي كوب المياه ثم رمقت أيمن بنظرها وقالت: –
– خرج الأطباق عشان الولاد جعانين
دلفوا طفلتيها بسعادة وهم يقول ببراءة: –
– مامى، هاتى نخرج الأكل.
أعطتهم الملاعق يخرجوها وأستدار تضع الطعام في الأطباق ثم أخذها منها وترك لهاوقبلة سريعة على عنقها البارد ثم خرج فضحكت عليه بخجل بينما ضربات قلبها بدأت في الأسراع والتزايد منه ومن رقته المفرط معاها…
أغلقت الدولاب برفق وهي تقول: –
– يعنى ايه متعرفش
– هعرف منين أنا أذا كان نبيل بيعرف بنات ولا لا، أنا اللى أعرفه أن مالهوش في الطرج دى، وان كان عجبتك واحدة كان أتجدم لها…
قالها وهو يمدد جسده على السرير بتعب، فسألته بفضول شديد وهي تجلس بجواره: –
– يعنى مفيش واحدة عجبته قبل كدة
تتنهد بغيرة عليها وهي تحدثه منذ أن عاد عن رجل أخر ثم قال بحذر: -.
– وأنا أشعرفنى، بس كل وجته مجضيه جدامى في الشركة وتعاملات مع الحريم بحرص جدا ورسمي
– أمال مين البلوة دى يارب
قالتها مُحدثة نفسها بحيرة فشعرت بقبلة على عنقها دافئة، فتذمرت عليه وهي تبعده عنها قائلة: –
– ياصقر ركز معايا بس، نبيل…
بتر حديثها بأغتياظ منها قائلاً: –
– جر أيه ياجالان، نبيل نبيل في ايه، ما أتصلك بيه بالمرة
قوست شفتيها بحزن منه ثم قالت بهدوء مصطنعة الغضب منه: -.
– كدة ياصقر بتتعصب عليا وكمان وأنا حامل..
أستدارت تعطيه ظهرها بدلال مصطنعة الحزن منه، أقترب منها وهو يمسكها من كتفيها ثم قال بحب: –
– حقك عليا ياجلب صجر، متزعليش بجى…
– تؤتؤ زعلانة.
قالتها بتذمر وهي تحرك كتفها تبعد عنه ذراعه، تبسم عليها وهي تشبه طفلة صغيرة تدلال على قلبه بأفراط شديد وتثير رغبته بهذه الطفلة التي تسكن ذراعيه وعبيرها النارد مُستحوذ على أنفه، فكانت تثيره بكل شئ وجميع حواسه تخضع لها بدون تفكير…
شعرت به يجذبها بلطف ويجعلها مستقلة على السرير أمامه وهو بجوارها يحيطها بذراعيه أحدهما على خصرها والأخر على حول رأسها، نظرت لعيناه بصمت شديد وساكنة تماماً دون حركة واحدة، وهو يبادل النظر لعيناها يحتضنهم برفق ومن ثم مسك يدها بيده ووضع قبلة في قلب كفها ثم نظر لعيناها مُجدداً وأنحنى عليها قليلاً حتى أصبح بقربها وأنفاسهم مختلط مع بعضها لم يفصل بينها شئ ثم وضع قلبة على جبينتها ثم على شفتيها فأستسلمت له مُبادلة له تلك القلبة الرقيقة وهي ترفع ذراعيها للأعلى تلفهم حول عنقه بدلال…
أبتعد عنها قليلاً بعد ان كادت أنفاسه تنقطع ثم قال هامساً لها في أذنها وهو يقبل أذنها الصغير: –
– بحبك
طوقته بحنان تاركة له عنقها يكتشفه كما يريد بشفتيه الدافئتين وقالت مُتمتمة: –
– وأنا بحبك ياصقر
شعرت بيده تتسلل إلى جسدها فأغمضت عيناها بشغف وأستمتاع…
أخبرتها جالان بحديث أخاها عنه فتردد كثير وهي تمسك هاتفها مضئ على رقمه بعد أن أخذته خلساً من هاتف أخيها، وفي نهاية الأمر ضغط على زر الأتصال…
جاءها صوته عبر الهاتف يقول بجدية: –
– الو، الو…
جمعت شجاعتها وقالت بصوت مبحوح: –
– الو، نبيل
علم بأنها محبوبته المتمردة من صوتها ولكن تجاهل معرفته بها وقال بهدوء: –
– ايوة، مين معايا
– أنا فريدة.
قالتها بتلعثم شديد وأرتباك، فقال ببرود شديد يقتلها ويؤلم قلبها أكثر: –
– اه اهلا وسهلا ياأنسة فريدة خير؟
دمعت عيناها من قسوته عليها فكبت حزنها والمهاوبداخل صدرها ثم قالت: –
– أحم ممكن أجابلك؟
أغمض عيناه بغضب فهو الاخر مُشتاق لها بجنون ولكن لا يجب أن يشتاق لها فقال بقسوة: –
– لا معنديش وقت، وكمان مش عاوز أشوفك أنا خرجتك من حياتى نهائى…
منذ تلك المحادثة وهي أعتكفت بغرفتها لا تخرج ولا تتحدث، تذبل روحها كل يوم عن السابق ويضعف جسدها من قلة الطعام كما ينحف أكثر…
أما هو يشتاق بهوس لها أصبح كالمهوس بها لكنه يقاوم تلك المشاعر ويكبت أشتياقه لها مصطنع الصمود والقوة، يذهب لعمله يومياً وكأن شئ لم يحدث ولم يهتم بها وبما يحدث معاها، يكتفى فقط بمراقبة أيميلها على موقع الفيس بوك ولكنها تختفي منه كل يوم أكثر من السابق لا تكتب شئ أو تحدثه…
صرخت بأغتياظ منه قائلة: –
– يعنى أسيب الشغل وأروح عشان جنابك نسيت تأخد الملف، شاغلة أنا في بيت أبوي.
– يا جالان بجولك مهينفعش أعاود معايا ناس مهمين، روحى هاتي وعاودى لشغلك
قالها صقر بجدية بينما يجز على أسنانه حتى لا يراه ضيوفه…
– خلاص ياصقر، هتنيل أروح أصل أنا فيا حيل أروح وأرجع وانا حامل
قالتها بأنفعال ثم أغلقت الخط بوجهه بأستنكار…
تحدث ضياء في الهاتف بأمر من شاكر مع ذلك الرجل الذي أقتحم شقة صقر وتسبب في قتل طفله السابق في رحم أمه: –
– فهمت هتروح الشركة عادى وتدخل بثقة من غير خوف على أنك موظف جديد مقدم على وظيفة وعندك أنترفيو، هتوصل لسكريترة صقر هتديك سي دى هتجبها وتجي
– وهخرج من الشركة عادى ولا الأمن هيلاحظوا أنى مدخلتش الانترفيو، سيبنى أدخلها بمزاجى بقي واللى أنت عاوز هيكون عندك.
قالها بثقة من مهارته ثم أغلق الخط وجهز ملابس خاصة بشركة متخصصة في المصاعد وصيانتها…
توقف في سيارته أمام الشركة وأجرا أتصل بشريكه من داخلوالشركة ليسبب عطل بالمصعد فيسمحواوله بالدخول…
بنفس الوقت وجلت فريدة إلى الشركة تحمل الملف بعد أن أخبرتها جالان بالذهاب بدل منها وضغطت على زر المصعد ثم دخلت وضغطت على رقم الطابق (15)…
ضغط نبيل على زر المصعد من الطابق (4) ليصعد إلى مكتب صقر ففتح الباب وصدم حين رأها بالداخل فتقابلات عيناهم معاً وكان الصمت سيد الموقف لم يتحرك حركة واحدة من مكانه فإذا فعلها ودلف معاها حتماً سيضعف لها، أغلق باب المصعد فأنهمرت دموعها لا تعلم ماذا حدث بوقتها سوى توقف المصعد مكانه…
كان شريكه الملثم يقف بالأعلى يحاول أن يسبب عطل لكن صعق حينما أنقطع منه حبل المصعد…
صرخت بخوف حينما سقط جسدها أرضاً مع سقوط المصعد من الطابق الرابع إلى الأسفل…
كان شريكه الملثم يقف بالأعلى يحاول أن يسبب عطل لكن صعق حينما أنقطع منه حبل المصعد…
صرخت بخوف حينما سقط جسدها أرضاً مع سقوط المصعد من الطابق الرابع إلى الأسفل، كانت ترغب بالموت سابقاً فجاءها الآن على سهو…
كان يقف مكانه شارداً بالتفكير بها بعد أن ظهرت أمام من العدم فجأة وكيف ذبلت حقاً حبيبته وشحب وجهها بينما نحف جسدها أكثر فسأوقف شروده حينما سمع ضجة المؤظفين يتحدثون بهلع وذهول عن سقوط المصعد الغير متوقع فأتسعت عيناه على مصراعيه بينما ركض كالمجنون فحبيبته هي من بداخل المصعد رغم كل ما فعلته به وأنتهكها لمشاعره وجرح قلبه بالنهاية الحقيقة الوحيدة التي تسكنه هي أنها حبيبته وستظل حبيبته ولن يستطيع الهروب من هذه الحقيقة…
فر ذلك الرجل هارباً بعد أن سقط المصعد منه بدون قصد فقط أراد أيقافه لكن حدث ما لا يتوقعه بينما سقط المصعد أرضاً، خرج من الشركة كالمجنون هارباً قبل أن يعلم أحد بأنها فعلته ويقتله صقر بعد أن سمع من الجميع بأن أخته من بالداخل…
كانت سيارة الأسعاف تقود على الطريق بطريقة جنونيه بعد أن أخبروه السائق بأنها على وشك ترك الحياة، فكانت مُدمرة نهائياً لم يتبقي بها جزء بدون جرح والدماء تسيل من كل أنش بها بغزارة فقدت الكثير والكثير…
كان يجلس صقر صامتاً يحاول التماسك والصمود ليستطيع أنقاذ طفلته الصغيرة فمنذ أن ولدت وهو المسئول عنها كأبنته التىةلم ينجبها والأن تريد الذهاب وتركه…
أما ذلك العاشق نبيل كان بجوارها بداخل سيارة الأسعاف ويمسك يدها بكلتا يديه باكياً عليها بخوف من أن تتركه حقاً ناظراً لوجهها التي لا يستطيع تحديد ملامحه من الدماء وعليه أنبوب التنفس الصناعى، أهذه حقاً حبيبته..
لو كان يعلم بأن القدر سيختار فراقهم، وأن الموت سيسلك طريقه نحوها ما كان ليترك ثانية واحدة من وقته تذهب هباً في خصامها، بل كان سيحاول، سيحارب، سيعافر من أجل فهم قلبها ولما الخوف منه الذي رأه بعيناها بتلك اللحظة، لكان سيفعل كل شئ مباح بل والمحال من أجل أن يحتوي قلبها حقاً بلحظة ضعفها وخوفها..
لكنه مثل كل البشر تماماً لا يعلم الغيب، فلو كان يعلم بأنها ستفارق الحياة كما فارقته هو وقلبه لكان لم يتركها وهلة واحدة بعيدة عنه، لكان مسك يدها بكلتا يديه ثم يجفف دموعها الحارة التي تشبه حبات اللؤلؤ المُتساقطة من جفنيها الساحرين، لكان أربت على قلبها برفق قائلاً لها: -.
– لا بأس صغيرتى فأنا بجوارك ولن أتركك لحظة واحدة، لا بأس محبوبتى سأفعل كل شئ ليكن كل شئ كما تريدى وترغبي، سأكون حارسك يا أميرتى الصغيرة، ووالدك يا طفلتى المُدللة، ومُراهقك يا مُراهقتى المجنونة، ومُروضك يا فتاتى المُتمردة، وصديقك الذي ترغبين بوجوده ياصديقتى، ورجلك يا إمرأتى الوحيدة الأولى والأخيرة، وزوجك يا زوجتى الأولى والثانية والثالثة ثم الرابعة والأخيرة ف بيكى سأكمل كل حقوقي الشرعية، فقط لو كنت أعلم بالغيب فلم أتركك لحظة حتى لا تذهبي غاضبة، باكية، مُجروحة، مُكسورة كطير كسر جناحه ولم يستطيع الطير بدون جناحه، ذابلة ياوردتى، لكنى كنت أحمق تركت للخصام والغضب والقسوة ذلك اللصوص مكان بيننا فتمكنوا من قلبينا وروحنا ومن ثم سرقك الموت والقدر منى، كم كنت أحمق حين تركت يديك ورحلت فكان يجب على وقتها ضمك إلى صدري فتجهشي بالبكاء فوق ضربات قلبى وتستمعى لصوت دقاته بدلاً من الرحيل عنكِ.
حقاً كان أحمق حينما ترك للمتاهات الحياة مكاناً بينهم فتفتت قلوبهم بقسوة البُعد ومن ثم تقتل روحها حزناً وروحه قهراً حين سلبته روحه وحبيبته إلى عالم أخر لن يتمكن من الذهاب لها سوى برغبة خالقه فقط ووقت ما يريد الخالق..
ذرفت دموعه الحارة بغزارة عليها وهي يتحسس وجنتها ويربت عليها قائلاً: -.
– فريدة متسيبنيش، أنتى عارفة أنى بحبك ومقدرش على بعدك، فوقي ياحبيبتى وأنا والله مش هخاصمك تانى ولا أبعد عنك لحظة واحدة بعد كدة…
بتر حديثه هلع الطبيب حين أنخفضت كل مؤشراتها الحيوية وهكذا نبض قلبها تستعد بالفعل للرحيل وكأنها تخبره بأنه قتلها حقاً حين هاجرها ورفض لقاءها بقسوة فكانت ستخبره بما حدث كما أخبرتها جالان لكنه هو من رفض هو من هجرها أولاً والأن حان دورها في هجره، توقفت سيارة الأسعاف أمام باب المستشفي ثم أنزله سريرها بسرعة وركض الطبيب مع الممرضين بهلع شديد دافعون سريرها بسرعة البرق يريدوا النجاح بوصولها لغرفة الجراحة وهي على قيد الحياة..
كانت جالان تنتظرهما في المستشفي بعد أن أخبرها صقر بمازحدث وأسم المستشفي المتجهين إليها وحين رأتها على السرير بتلك الحالة والجميع يركض بها صدمت بقوة وكادت أن تسقط لكن شعرت بيده تمسكها من كتفها قبل أن تسقط فنظرت نحوه بأعين دامعة فلم يتفوه بكلمة واحدة فقط أكتفي بأخذها والدخول خلف صغيرته بها، كانت تنظر لعيناه وهو يمشي بجوارها وكيف يتحكم بتلك الدموع ولم تخطأ هي وتنهمر من جفنه، توقف الطبيب بالسرير حين توقف القلب منه قبل وصوله لغرفة الجراحة فنظر نبيل له بصدمة ثم إليها أحقاً تركته…
تركت صقر يدها بصدمة ألجمته أهى ذهبت، طفلته الأولى ومُدللته الصغيرة ذهبت…
فعل الطبيب أنعاش لقلبها بيديه مراراً وتكراراً ولم تستجيب له، جاءه الممرض بجهاز صدمات القلب وبعد محاولات عاد النبض ضعف فأخذ حقنة كبيرة الحجم من الممرض وضربها بقوة في القلب ثم أكملوا ركضوهم لغرفة الجراحة وبدأت الجراحة…
جاء أيمن بعد أن أنهاء كل أجراءات الدخول فوحده الآن من يستطيع التحكم بأعصابه فهى أخت لأحدهما وحبيبة للأخر وكلاهما بحالة يرثي بها، جاءت قمر لها وجلست بجوارها تربت على كتفها
– قمر أنا السبب، أنا اللى بعتها هناك، صقر كان عاوزنى أنا، أنا اللى بعتها
قالتها جالان بينما تبكى بقوة بصوت خافت تخشي أن يصرخ بها وهو بتلك الحالة كما تخشاه حقاً هذا الصقر لأول مرة تخف منه هكذا..
أردفت قمر بحزن شديد بينما تمسك يدها بحنان: –
– ياحبيبتى دا القدر، ربنا كتبلك تبعتيها عشان دا قدرها المكتوب، أنتى مكنتيش تعرفي حاجة محدش بيعرف الغيب، أدعيلها تقوم بالسلامة بس..
أجابتها باكية عيناها بينما جسدها يرتجف بقوة: –
– يارب، يارب تقوم بالسلامة…
مر أكثر من ست ساعات عليهم وهي بالداخل لم يخرج أحد ولم يدخل أحد، لا يعلموا ماذا يحدث لها هناك؟.
خرجت الممرضة من الدخل ركضاً ومعاها الطبيب بهلع، فسألهم صقر: –
– خير ياداكتور، طمنى كيفها خيتى
– أحنا محتاجين نقل دم فوراً نزفت كتير، وفصيلتها نادرة مش متوفر ومنها حالياً في المستشفي.
قالها الطبيب وهو ينظر لهم، فأجروا جميعاً تحليل بسيط لمعرفة نوع الفصيلة لكلا منهم وكأن أولهم نبيل ولم توافق معاها أحد، فحان دور تلك المرأة الحامل بطفله، جلست جالان امام الطبيب بخوف ليس خوف منه بل خوف من أن تكون سالبة مثلهم وتفقد هذا الفتاة المتمردة…
كانت نتيجتها الوحيدة أيجابية فسعد الجميع، بقدر فرحته بأنها ستنقذ طفله بقدر أضعاف مضاعفة خوفاً عليها وهي وطفله…
أخذوه منها الدماء بكثرة تحت رغبتها بعد أن وقعت أقرار بأنها ستتحمل المسئولبة وحدها، ظلت في سريرها ممنوعة من الحركة حتى لا تفقد وعيها من الضعف…
فتح الباب فجاة بسرعة ثم ركض الجميع فهى شبه متوفية بدون الأجهزة، أستوقفهم نبيل يسأل: –
– أنتوا واخدينها على فين
– على العناية المركزة طبعاً
كانت تلك الأجابة التي صدرت من الممرضة وهي تسرع بها مع الأخرين…
أخبرهم الجراح بأنها مازالت في مرحلة الخطورة ويجب عليهم الأستعداد لأى شئ بما في ذلك الأسوء كما أنها دخلت بغيبوبة لا يعلموا لأى مدى ولكن بخبرته العملية ينذر بأنها طويلة الأجل…
عاد أيمن وزوجته لمنزلهما بعد أن أخبروهم بعدم الأنتظار ولم يتبقي معاها سوى ذلك العاشق فقط، أما صقر ذهب لغرفة محبوبته الصغيرة فلم يستطيع العودة وترك قطعتين من قلبه هنا أحدهما تصارع الموت والأخر تصارع أعراض بسيطة كالأنخفاض الضغط وفقر الدم بعد ان تبرعت لها بالكثير..
دلف إلى الغرفة مُنهك لأبعد الحدود فوجدها تبكى والممرضة تواسيها محاولة أطعمها شئ وهي ترفض بعد ان علمت بحالة هذه الفتاة وكما تعتقد بأنها السبب بكل ذلك…
أشار للممرضة بأن تذهب فذهبت ثم جلس على المقعد المجاور لها وتحدث أخيراً فقال بضعف لأول مرة يظهر به: –
– كلى يا جالان.
أشاحت الغطاء عنها بهدوء وحاولت النزول من سريرها فكادت أن تسقط، وقف بهلع عليها يساندها وأعادها للجلوس بسريرها فحقاً تستحق بأن تكون بهذا الضعف بسبب عنادها، جذب مقعده نحوها أكثر ثم نظر لعيناها بصمت
هتفت بصوت مبحوح بينما تتحدث بتلعثم شديد قائلة: –
– صقر أنا عارفة أنك زعلان منى وأنى السبب فكل دا وكان لازم أجى أنا بس أنا والله مكنتش أعرف أن كل دا هيحصل…
بتر الحديث من فمها عندما قال بهدوء: -.
– فكنتى عاوزة تكونى مكانى صوح، يمكن ربنا عمل اكدة مشان أبننا يفضل عايش جواكى، وأنا مجولتش أنك السبب ياجالان…
صمتت ولم تعقب على حديثه، وقف من مكانه وأقترب نحوها ثم رفع رأسها له بحنان وقال: –
– كلى ياجالان، لأنى مهستحملش أخسرك أنتى وأبنى كمان، بلاش تفكيري كتير أنا مبفكرش فكل دا ولا هفكر أنك السبب أنا مؤمن ياجالان، وعارفه أنه مكتوب لفريدة في اللحظة دى والمكان دا
– صقر أنا…
أرادت أن تتحدث بينما تزداد دموعها في الأنهمار على وجنتيها فأنحنى نحوها قليلاً وأوقفهما بقبلة ناعمة على عيناها ثم أستقام ظهره وضمها إلى صدره فتشبثت بخصره بكلتا ذراعيها ضعيفة وخائفة…
أنتشر خبر ما حدث وحالتها في البلد بأكملها وجميع الجرائد والقنوات فهو ليس بأى شخص..
ركضت ألاء من أصدقاءها بينما تلهو معاهم فتوقفت عن الركض حين سمعت الخبر بالتلفاز، نظرت له بصدمة أهذه تلك الفتاة نعم هي..
هي الفتاة التي دمرت قلبها بقلب بارد دون أن تشعر بأى رحمة نحوها…
خرج من غرفة الطبيب معاها بعد أن اخبره بأن حالتها الصحية لا تتقدم بل تسوء أكثر، وصل إلى العناية المركزة فرأي فتاة تقف هناك وتضع على رأسها طاقية تخفي ملامح وجهها عن الجميع وتبكى بضعف وأنهيار بينما تضع يدها على الزجاج ناظرة على أخته من الداخل..
-في حاجة يا صقر.
قالتها بينما تنظر له بأستغرب، فلم يجيب عليها بل أقترب أكثر من الفتاة وبجواره جالان لم تفهم شئ، توقف فجأة حين رأى وجهها هي تلك الفتاة آلاء التي أستخدمها شاكر من قبل للوقوع به لكن ماذا تفعل هنا؟ هل تعرف أخته؟ أما تعمل مُجدداً مع عدوه عليه؟ لوهلة توقف تفكيره عند نقطة محددة هل لها يد بما حدث لأخته؟..
أقترب أكثر وحين وقعت عيناها عنه صدمت بقوة فهو سيقتلها حقاً؟ حاولت الفرار منه فركض نحوها ومسكها من ملابسها كل ذلك تحت أنظار زوجته وهي لا تعرف شيء..
سألها بأغتياظ وغضب: –
– أيه اللى جابك اهنا؟
لم تستطيع أجابته من الخوف فحين حاولت سابقاً سرقت عمله أخبرها بأنه سيقتلها أذا رأها مرة أخرى…
جمعت شجاعتها لكى تتخلص منه وقالت: –
– أنا كنت بطمن على فريدة صاحبتى
قبض على ملابسها بيده بقوة وهو يقول: -.
– فريدة متعرفش أشكالك، تعرفيها كيف؟
كادت أن تنقطع أنفاسها بيده فتدخلت جالان وهو يمسكها بأحكام وهي تحاول الفرار منه..
حاولت مراراً وتكراراً أفلتها من قبضته القوية وعيناه تشع ناراً من الغضب والقسوة تستحوذ على كيانه فكانت عيناه كفيلة بأرعبها منه وتمنى الهروب من أمامه قبل أن يقتلها بغضبه ويفترسها ذلك الصقر المُخيف وتصبح فريسته ولا تستطيع التخلص منه حتى ينقض عليها يلتهمها، لم تشعر جالان سوى بصفعة قوية نزلت على وجنتها بيد حبيبها فأتسعت عيناها بصدمة قوية من فعلته فهو فعل تماماً كما كان يفعل حسام بها، يعلم بأنها تعشقه ولكنها لن تغفر ذلك له أبداً فهى لا تقبل بأهانتها هي وأنوثتها من أى شخص مهما كان ومن ومن كان حتى لو كان حبيبها وتعشقه..
نظر لها بجحود قلب دون أن يهتم بمشاعرها وكبرياءها الذي جرحه للتلو بفعلته، ناظراً نحو الممر التي هربت تلك الحية منه…
جلست على مقعدها صامتة تعلم بأنه فعلها بدون قصد وكان قصده تلك الفتاة وهي من تحركت لتنزل صفعتها عليها هي لكنه لم يعتذر أم يتحدث لها بل تركها كأنه لم يفعل شئ أحقاً لم يهتم لأمرها بل هذا كله بسبب حالة أخته وحديث الطبيب عنه، ظلت بجواره ساعتين ولم يتحدث لها فوقفت بحزن شديد وعادت لبيتها وحدها، لم تعلم بأنه كان خلفها يراقبها حتى وصلت لبيتها بسلام فهو يدرك خطأه لكنه لا يعلم كيف يعتذر عنه…
خرجت من المرحاض الخاص بغرفتها فشهقت بقوة حينما رأته يقف أمامها ويديه تحيط بخصرها جاذبها له، فقالت بتذمر من أفعاله: –
– أنا هقطع الخلف على أيدك
فأجابها بينما يضع قبلة على جبينها: –
– بعد الشر عنك ياقلبي، لا أنا عاوز قرد صغير كدة يجي يلعب مع العيال اللى برا دول ويجننهم زى ماهم مجننينا معاهم
تذمرت عليه بدلال بينما قالت وهي تبعد يده عنها: –
– قرد أنا مبجبش قرود عايز تجيب قرود هاتهم لوحدك.
ذهب خلفها بهيام وسعادة من دلالتها ثم مسكها من كتفها وهو يقف خلفها وقال بقرب أذنها: –
– بلاش قرد نجيب أميرة صغننة تلعب وتطنطت وسطهم وأدلعها على الأخر، أخر العنقود بقي
– عاوز أميرة على اللى عندك هتقدر عليهم أزاى
قالتها قمر بدلال مُبتسمة على حديثه، فأجابها بحب: –
– هقدر بس هاتيها أنتى ومالكيش دعوة، ثم أنا عاوزة حتة منك ومنك وياسلام بقى لو تجيبهملى توأم
أستدارت له بذهول وقالت بأنفعال رقيق مثلها: -.
– توأم أنت عاوز تموتنى أنا هقدر على خمسة أزاى ما أفتحها مدرسة أحسن ولا أقولك خليهم فريق كورة أحسن
– وماله ياقلبي نفتحها مدرسة
قالها بسعادة ضاحكاً عليها بينما بيده تفتح رابطة روبها فصمتت مُستسلمة لأفعاله فشعرت بقبلاته على وجنتها ثم عنقها فتشبثت به بحنان، فهى الأخرى ترغب بطفل صغير من هذا الزوج المجنون بها…
كانت نائمة بفراشها غاضبة منه ومريضة من حملها الذي بدأ في شهره الثالث أى بدأ طفلها بالتكوين داخلها، شعرت بحركة بجوارها أيقظتها وعندما فتحت عيناها صدمت حينما وجدت باقة ورود بجوارها على السرير، أخذتها وبحثت حولها عنه ولم تجده، خرجت كطفلة صغيرة تبحث عنه فسمعت صوت صنبور المياه بالمرحاض، فتحت الباب فجأة فوجدته يغسل رأسه بالحوض فضحك عليها رغم ألمه فهى لم تتغير مازالت تقتحم حياته وخصوصيته، أخذ المنشفة يجفف رأسه ثم خرج فخرجت خلفه تقول بسعادة: -.
– صقر دا عشانى..
لم يجيب عليها وذهب يصفف شعره، فقالت مجدداً بغرور طفولىوهى تحتضن باقة الورد إلى صدرها: –
– يلا قولى أسف عشان أسامحك على طو…
بتر حديثها فجأة حين أستدار لها وأمتلك وجهها بين يديه واضعاً شفتيه فوق شفتيها، أتسعت عيناها بذهول من فعلته..
كان يتعمق بقبلته ويجذبها أكثر نحوه فوجدت نفسها تترك باقة الورد من يدها وتسقط منها أرضاً بين قدمهما ثم ترفع يدها تتعلق بعنقه…
في ذات الوقت اللى كان هناك من يعتذر بطريقته وهناك من يلهو مع محبوبته..
كانت هي هنا تستعد للفراق وترك حبيبها فتعاقبه على قسوته عليها ورفضه للقاءها، كانت تخبره بأنه رفض لقاءها والآن هي ترفض البقاء معه..
كانت تريد ألمه بقدر ما ألمها وتقسي عليه كما قسي هو عليها فتفتت له قلبه لجزئيات صغيرة متناثرة لا يستطيع جمعها، أستعدت للرحيل منزهذا العالم القاسي كما أستعدت روحها لفراق هذا الجسد فتذهب لعالم آخر بينما يذهب هو لقبو مغلق ويبقي وحيداً هناك، بدأت الأجهزة تنذر الجميع بأنها رحلت حقاً فالجميع لا يهتم لها وتركوها هنا وحيدة فتعاقبهم هم جميعاً بالرحيل…
كان نائماً على فراشه ورأسه على فخدها بتعب عاقداً ذراعيها فوق صدره مغمض العينين، تسمح بيدها على رأسه بحنان فكيف لصقرها بأن يضعف هكذا، أبعدته عنها ثم نزلت من الفراش وأخذت قميصه أرتدته وفرت هاربة إلى الخارج حتى لا تصدر صوت وتقظه، أخذت حمامها وغيرت ملابسها ثم عادت إلى الغرفة ووقفت تلمم ملابسهم المتناثرة في كل مكان، ألتقطت باقة الورد ووضعتها على الطاولة بأبتسامة وقطع بسمتها رنين هاتفه فتذمرت بأغتياظ فهو لم ينام منذ أسبوع وما حدث والآن يقظه الهاتف…
فتح عيناه بتعب ثم ألتقطت هاتفه وحين رأى رقم المستشفي أتنفض من مكانه…
دخل ركضاً للمستشفي وهي خلفه تتحرك ببطئ من ألم بطنها وطفلها، وصل لغرفتها ووجد الطبيب يخرج فسأله بخوف: –
– خير ياداكتور طمنى والنبي هي كيفها؟
– الحمد لله لاحقنا على اخر لحظة أدعولها
قالها الطبيب ثم رحل، جلس على المقعد أمام الغرفة بصمت فجلست بجواره صامتة لكن مسكت يده بيدها بصمت فأغلق قبضته على يدها يستمد منها القوى ليبقي صامداً…
– يعنى أنتى عاوزة أيه دلوقتى
قالها شاكر بغضب منها، فصاحت به قائلة: –
– عاوزه ربع مليون جنيه، صقر شافنى ومش هيسكت ولو عاوزنى أسكت يبقي تدفع
– يعنى دا أخر كلام عندك يالولو
قالها وهو يمسك ذقنها بيده، فأبعدته عنها بأشمئزاز وقالت بتحدي: –
– اه أخر كلام عندى
نظر لعيناها ونظرة التحدى بدون خوف منه ثم سألها: –
– يعنى مفيش حل تانى وتسكتى
– لا، أنا مستنية المبلغ بليل في نفس المكان.
قالتها ثم رحلت من المكتب غاضبة، فنظر ل ضياء بصمت بأشار إليه بنعم…
ركبت سيارتها وقبل أن تتحرك رأت ذلك الرجل يركب سيارته فعلت بأنه يخطط لقتلها لأسكتها بدل من الدفع، تبسمت عليه وقالت: –
– مبقاش ألاء أن ما خدت حقى منك ياشاكر الكلب
قادت سيارتها وهو خلفها ينتظر الفرصة لتخلص منها…
خرج صقر من المستشفي بعدأن أتصل به عوض يخبره بأنه جاء إلى القاهرة ومعه بدر وجده، وقف مع عوض يستفسار منه عن جده…
كانت تقود بأغتياظ منه وهو يذهب خلفها أينما ذهبت فقررت القبض عليه بدل من أن يقبض هو عليها، ذهبت للمستشفي فرأت صقر يقف هناك ومعه رجلين فتبسمت وذهبت إلى الكافى المجاور ثم نزلت من سيارتها واضعة الهاتف على أذنها مصطنعة الحديث به ثم مشيت بالجوار وهي تراه يمشي خلفها فذهبت للمستشفي وحين أقتربت منه صرخت تستنجد ب صقر فلم يعري لها أهمية لكنها أشعلت ناره حين قالت: -.
– صقر حوش الراجل دا عنى عاوز يقتلنى زى ما قتل أختك…
للحظة توقفت كل حواسه أهو حقاً قتلها، أهى كانت محاولة قتل ليس قدر؟
صدم من فعلتها وركض بخوف منه، فأشار ل عوض بأن يحضره، فركض خلفه هو و بدر، نظر لها بغضب فهتفت بهدوء: –
– أنا هقولك كل حاجة…
ذهبت قمر إلى مدرسة يوسف بعد أن أستعدتها المديرة، دلفت إلى المكتب فوجدت أطفالها يقفوا ومعهم طفل أخر في حالة فوضي ويبكى
– عجبك كدة يامدام قمر، ولادك أشقياء زيادة عن اللزوم، شايفة عاملوا في زميلهم أيه
قالتها المديرة بعنف بينما تشير على الطفل بيدها
أردف يوسف بأغتياظ من هذا الطفل قائلة: –
– هو اللى وقع أكل ملك عشان مرضتيش تلعب معه
– يامامى هو اللى غلط وكمان ضرب يوسف.
قالتها ملك بأنفعال طفولى، فأجابت مكة بسعادة قصوى: –
– بس أحنا مسكتناش لما ضربه أدينله عقلة أحنا الثلاثة خليناه كفتة يامامى
– شوفت يا مدام قمر ولاد حضرتك
قالتهاالمديرة بأنفعال من حديث هؤلاء الثلاثة، وضعت قمر بدها على جبينتها بخجل من أفعال أطفالها ثم قالت بأحراج: –
– أنا متأسفة جدا لحضرتك أوعدك أن اللى حصل ميتكررش تانى أبداً
نظرت المديرة لها ثم للأطفال وعادت بنظرها لها وقالت: -.
– أتمنى ذلك لأن لو حصل تانى أنا مش هرجعلك أنا هفصلهم نهائى أحنا مدرسة أنترنشول مينفعش فيها خالص الأسلوب دا
صمتت قمر بينما رمقتهم بنظرة حادة…
دلف إلى المخزن مع عوض فوجده مقيد أمام وهي معه، جلس على مقعد وقال: –
– ها مين هيحكيلى اللى حصل الأول؟
قصت هي أولاً عليه ما طلبه شاكر بالتفرقة بينه وبين نبيل عن طريق كسرة أخته بحديثها وأنه هو من قتلها لكنها لا تعلم شئ أخر، فنظر للأخر بصمت يحاول التمسك به حتى يعلم كل شئ، فقال له: –
– كدابة محصلش حاجة من دا كله
– متأكد إنه محصلش
قالها وهو ينحنى قليلاً للأمام له، فقال ببرود: –
– اه.
– حلو أنا مش مستعجل معاك لأخر النهار لو مغيرتش رأيك هخليك تحصل فريدة بنفس الطريقة…
قال له ذلك ثم ذهب ببرود.
ولجت قمر إلى شقتها وهم خلفها، فقالت بأغتياظ: –
– عاجبكم كدة، ينفع اللى حصل دا
– يامامى هو…
قالها يوسف فصاحت به تقطعه: –
– أخرس خالص، يامامى هتقول أيه أنكم بلطجية بتضربوا الولاد في المدرسة ولا هتقولى يامامى ولاد الشارع متربيين عنكم، ينفع المنظر اللى شوفته دا تضربوا وتقطعلوا الهدوم كمان
– هو اللى وقعلى الأكل يامامى الأول
قالتها ملك بحزن وخوف من صراخ أمها، فأجابتها قمر بأنفعال: -.
– كنتى تقولى للميس بتاعتك وتأكلى مع أخواتك أو تنزلى تشتري أكل من المدرسة، لكن لا أزاى سيادتكم عاملين لى عصابة
أردفت مكة بحزن وهي تنظر لأمها: –
– طب ما هم ساعات بيضربوا يوسف فيها أيه
– فيها قلة أدب وعدم تربية، لما تضربوا صحابكم فىةالمدرسة يبقي أقعدكم منها وتصيعوا في الشارع…
قالتها بغضب وهي تنظى لهم ثلاثتهم، كاد أن يتحدث يوسف لكنها قاطعتهم بجدية وحدة قائلة: -.
– أتفضلوا على أوضكم مش عاوزة أشوف وشكم لحد ما بابي يجى مفهوم
– مفهوم مامى
قالوها ثلاثتهم وهم ينظروا للأرض بحزن من أغضب أمهم ثم دخلوا ثلاثتهم إلى غرفة واحدة لكي يبقوا معاً حتى عودة والدها الذي سيغضب هو الأخر منهم وسيعاقبها بشدة أكثر من الأنفعال عليهم…
نظرت عليهم وهم يدخلوا من أمامهم وتذكرت طفلها التي علمت صباحاً بوجوده في أحشاءها وستكون أمها مُجدداً..
فوضعت يدها على بطنها بحنان وقالت بتذمر: -.
– وأنت كمان هتنضم للعصابة دى…
خرجت جالان من الغرفة بأستعجال لكى تذهب للمستشفي فأستوقفها مجدي وهو يقول: –
– على فين يا جالان؟
-راحة المستشفي ياجدو
قالتها، فصاح بها بأغتياظ وهو يقف بتعب: –
– راحة فين خوشي جوا أومال أنتى حبلة مهينفعش تتحركى أكدة كل شوية
– مينفعش ياجدو لازم أروح
قالتها بأصرار فصرخ بها مجدداً: –
– أسمعى الحديد أومال وفوتى على جوا، أجعدى في فرشتك
تذمرت عليه وهي تدخل للداخل غاضبة فهى تريد الذهاب لتبقي بجوار زوجها…
كان يرمقها بنظرة غضب وأغتياظ فضحكت ساخرة منه ثم قالت: –
– شكلى حلو
أجابها بانفعال شديد بعد أن نظر ل عوض وهو يراقبهم: –
– مرتاحة كدة عجبك عمايلك السودة دى
– عمايلى أنا سودة وعمايلك أنت أيه بنبي، واحد جاى يقتلنى عايزنى أسمي عليه ولا أقوله أتفضل والنبي أقتلنى، تستاهل عشان أنت راجل واطي زى اللى مشغلك
أجابته بنبرة قوية ثم رفعت حاجبها بغرور وأستكملت حديثها: -.
– أنا أخرتها قرص ودن صغير وصقر هيسيبنى لكن الدور والباقي عليك أنت والكلب اللى مشغلك
دلف صقر عليهم فقال بتهكم: –
– متأسف مضطر أجطع حديثهم الجميل دا بس أنا صبري خلص، جررت أيه
سأله الرجل بأستياء شديد من أجباره على الحديث: –
– وأنا أضمن منين أنك مش هتغدر بيا؟ أضمن منين أنا أنك هتسيبنى بعد ما تأخد اللى عاوزه؟
– أنا أضمنلك دا
قالها بنفاذ صبر وهو يجلس على المقعد، فسأله الرجل بأستنكار: –
– وأنا أضمنك أنت منين؟
صاح به بغضب بينما وقف من مكانه: –
– نعم يا روح أمك، أنت فاكرنى بتساير معاك…
بتر الرجل حديثه بخوف من عصبيته وغضبه حين قال: –
– خلاص هقولك، أنا عملت حاجتين أثنين، واحد أنى أدخل شقتك وأسرق منها الملفات وأثنين…
قطعه صقر بأستغراب وحدة: –
– يعنى انت اللى سقطت مرتى
تنحنح الرجل بتوتر وهتف مُردفاً: –
– أحم، من غير قصد هي اللى ظهرت قدامى وأنا رايح على أن الشقة فاضية.
مسكه من قيمصه من فوق صدره بكلتا يديه بأنفعال شديد ثم صاح به بغضب: –
– دا نهار أبوك أسود، وكمان جتلت فريدة
– لا والله أنا مقتلتهاش ولا أعرفها، أنا مدخلتش الشركة حتى وقتها، والله ما قتلتها الواد اللى يحرقوا بدل ما يعطل الاسانسير وقعه مش أنا
قالها بسرعة وهو يرى عيناه تشع غضب منه ويكاد يقتله فأراد أنقاذ روحه من يد هذا الصقر…
دلف إلى الشقة مساءاً فلم يجد أطفاله بأنتظاره كعادتهم ولا زوجته، ولج إلى المطبخ ورأها تقف تعد العشاء لها، أقترب منها بهدوء…
شعرت به خلفها فأستدارت له فوجدها تبكى مما جعل قلبه ينقبض من صدره فسألها بذهول: –
– مالك ياقمر؟
قصت عليه ما حدث من أطفاله وخصامها لهم ولم يأكلوا شيء منذ عودتهم من المدرسة فرغم شجارها معاهم فهى أم تتألم لألم أطفالها وتبكى عندما يبكوا، مسح دموعها بأنامله ثم قال باسماً لها: -.
– طب متزعليش أنا هروح أشوفهم
– ماشي
قالتها ثم ذهب هو لأطفاله ففتح باب الغرفة وصدم حين رأي…
فتح باب الغرفة وصدم حين رأي ثلاثتهم على سرير واحد متشبثين ببعضهم البعض نائمون فأعاد غلق الباب ثم ذهب لها وجدها بالمطبخ تطهى الطعام لهم فقال بحيرة: –
– قمر الولاد نايمين أصحيهم وأعاقبهم
– تعاقبهم أيه أنا باعتك تجيبهم يأكلوا دول مأكلوش حاجة من الصبح، روح صحيهم يا أيمن
قالتها وهي تحمل الصنية بيديها فقال لها بأستجابة: –
– حاضر هصحيهم.
أخذ منها الطعام وذهب إلى غرفتهم معاها ثم وضعه على السرير الآخر وحاول أيقظهم برفق فزعوا ثلاثتهم وعندما رأوا والدهم فتذكروا غضب أمهم منهم، فأردف يوسف بتوتر قائلاً: –
– بابي أنا مقصدتش أزعل مامى بس هو اللى…
بتر حديثه قمر بحنان أم قائلة: –
– تعالوا كلوا الأول
– ميتكررش تانى اللى مامي قالتلى عليه دا، لو سمعت أن عملتوا مشاكل في المدرسة تانى هنقلكم منها وكل واحد في مدرسة لوحده.
قالها أيمن بحزم فأجابوا ثلاثتهم بخوف أن ينفذ حديثه: –
– أول وأخر مرة يابابى مش هتتكرر تانى والله
تبسم لهم بخفة ثم قال وهو يقف من مكانه: –
– تعالوا كلوا وبعدين ناموا، أنا رايح أغير هدومى
تركهم وخرج فأقترب من قمر معتذرين أولاً ثم تناولوا طعامهم…
وصلت للمستشفي مع مجدي بعد العديد من المحاولات في أقناعه بالموافقة، كانت تمسك يده مُساندة له وهو يتحدث معاها بتذمر على موافقتها..
رأت الطبيب يخرج من غرفتها فأسرعت له تسأله عن حالتها: –
– يا دكتور لو سمحت..
أستدار لها وتبسم بأمل ثم قال: –
– حضرتك تباع فريدة، هي فاقت الحمد لله كنا لسه هنكلم أستاذ صقر
– فاقت الحمد لله، يعنى هي كويسة دلوقتى صح
قالتها بسعادة وهي تسأله، فأجابها مُبتسماً: -.
– أحنا نحمد ربنا أنها فاقت وتجاوزت مرحلة الخطر، أن شاء الله تتحسن قريب ومادام فاقت يبقي الأمل كبير، عن أذنك تقدري تدخلي ليها بس بلاش تعب وكلام عشان صحتها
أشارت إليه بنعم ثم دخلت مع جدها لها فرأتها كما هي على سريرها والأجهزة متصلة بجسدها الضعيف وعيناها مفتوحتان فأسرعت نحوها تعانقها برفق شديد ثم جلست بجوارها وأتصلت ب صقر تخبره بهذا الخبر الذي سيعيده للحياة مُجدداً فترك كل شيء بيده وذهب لها…
كانت نائمة على سريرها صامتة تماماً وتفكر بتلك الجملة التي سمعتها من الممرضة فور أفاقتها وحوارهما القصير حين قالت: –
– أنتى فوقت، الحمد لله دا خطيبك هيفرح جداً لما يعرف..
– خطيبي…
سألتها بأستغراب وتعب فأجابتها مُبتسمة: –
– اه ربنا يخليكم لبعض مسابكيش لحظة واحدة من ساعة ما دخلتى المستشفي ودايما دمعته على خده وعلى طول بيوصينى نخلي بالنا منك…
كانت تفكر به أحقاً كان هنا بجوارها؟ أحقاً كان يبكي من أجلها؟..
ظلت تفكر وتفكر به رغم تعب جسدها، شعرت بشيء على يدها أستوقف شرودها نظرت بصعوبة بجوارها فوجدت صقر يقبل يدها ومن ثم يربت على رأسها بحنان ويردف قائلاً: –
– ألف حمدالله على سلامتك يا فريدة، ياريت كنت أنا وأنتى لا ياخيتى
– بعد الشر عنيك ياصجر
قالتها بتلثعم شديد مُحاولة رسم بسمة على شفتيها…
فتح باب الغرفة ومن ثم ولج نبيل بسعادة يتلقط أنفاسه بصعوبة شديد من كثرة الركض الذي ركضه حتى يصل لها بأقصي سرعة وعيناه متشبثة بها وحدها دون خجل من أخاها وجدها، فعادت روحه له من جديد بعد معاناة شديدة وأنتظار طال وصله…
وقفت جالان بأحراج ثم أخذت زوجها وجده للخارج تاركة خلفهم هذان العاشقان وحدهما على أمل أن يعودوا كما كانوا قبل أن يأتى لهم الوجع بألمه…
دلفت لغرفتها بعد أن أطعمت أطفالها وجعلتهم يخلدوا للنوم من جديد ثم أغلقت باب الغرفة فشعرت بيديه تحيط خصرها النحيل مُحتضنها من الخلف فضحكت عليه برقة ثم قالت بدلال: –
– أستن بس يا أيمن أنا عاوزك في موضوع
– بعدين بقي كفاية مواضيع النهاردة
قالها وهو يديرها له واضعاً قبلة على وجنتها فصاحت به بينما تفلت نفسها منه: –
– يا أيمن أستن أنا عاوزة أقولك على خبر كدة
هربت منه بعيدًا بنهاية الغرفة فسألها بتذمر: -.
– عاوزة تقولى أيه قولى بسرعة
جلست على السرير ثم قالت بعفوية: –
– تعال أقعد جنبي الأول
أقترب منها مُتذمراً ثم هتف بأستياء: –
– أدينى قعدت أهو نعم
أشارت بيدها على بطنها بحنان بينما تقول له بدلالية: –
– أسمع هنا كدة
أشار على بطنها بيده ثم قال بأستغراب: –
– هنا
– اه
قالتها مُبتسمة له فأنحنى لبطنها مُستمعاً ثم أبتعد وقال: –
– مش سامع حاجة، أيه جعانة
– أنت سمعك وفهمك قليلين على فكرة.
قالتها حينما وقفت غاضبة منه، فمسكها من ذراعها ثم جعلها تجلس على قدمه وقال: –
– أستنى بس، هسمع تانى
وضع رأسه على بطنها ولم يسمع شيء لكن عقله أخبره بالمقصود من هذا فزوجته وحبيبته حامل بطفل لهم، أبتعد عنها مُندهش ثم نظر لها وقال: –
– أنتى حامل؟
أشارت إليه بنعم مُبتسمة بسعادة فتبسم هو الأخر بينما قال: –
– حامل بجد، يعنى أنا هبقي بابا
قهقهت ضاحكة عليه ثم قالت بعفوية: -.
– أنت بابا لثلاث عفاريت هي أول مرة تكون بابا
– بس منك حاجة تانية، بصي مفيش حركة خالص وأنا هتصل بالمربية بتاعت يوسف تيجى تأخد بالها من الولاد ومنك
قالها وهو يقف ويحملها على ذراعيه ثم ينزلها على السرير برفق، فضحكت عليه وقالت: –
– وأيه كمان
– متتحركيش من السرير خالص خليكى مرتاحة
قالها بسعادة تغمره فضحكت عليه ثم جذبته لينام بجوارها ووضعت رأسها على صدره بحنان ومن ثم يطوقها بذراعيه بحب…
– ألف حمدالله على سلامتك يافريدة
قالها بخفوت شديد وهو يربت على يدها فجذبت يدها من قبضته بغضب وأدارت رأسها للجهة الآخرى، فهتف بحزن: –
– أنا عارف أنك زعلانة منى بس وحياتك عندى كل كلمة البنت دى قالتهالك كدب وأسالى صقر أخوكى البنت دى أعترفتله بكل حاجة وأنها متعرفنيش ولا أنا أعرفها، أنا همشي بس المهم أنتى متتعبيش تانى.
وقف نبيل بحزن شديد لكى يرحل فشعر بيدها الصغيرة تلمس أنامله فنظر نحوها ووجد دموعها تنهمر على الجانبين، أقترب مُسرعًا نحوها ومسح لها دموعها بأسف ثم هتف بحنان: –
– بس متعيطيش يافريدة أنا مقدرش أشوف دموعك كفاية أنى مستحمل شوفتك في الحالة دى ياريتنى كنت ركبت معاكى الأسانسير كنت حميتك بين درعاتى ولا يحصل فيكى كدة ياحبيبتى
– أنا أسفة.
قالتها بصوت مبحوح يكاد يخرج من بين شفتيها، فأربت على يدها بحنان مُبتسماً لها…
أستيقظ صقر فجراً من نومه على صوت جالان وهي تقظه فهتف بصوت مبحوح نائماً: –
– نامى بجي جالان
– صقر أنا جعانة
قالتها بحزن شديد بينما هو يطوقها بين ذراعيه، فتح عيناه لها ثم نظر لها وقال بخفوت: –
– جعانة دلوج
أشارت إليه بنعم، تتنهد بأغتياظ منها ثم قام من فراشه مُتجهًا للخارج…
جهز لها بعض السندوتشات والسلطة، دلفت فريدة إلى المطبخ وهي تحدث نبيل على الهاتف فشهقت بفزع حين وجدته، أخذ الصينية ثم أستدار ليخرج وقال بلا مبالاة: –
– جوليله يروح ينام وراءه شغل كتير جوى بكرة ومعاوزش تأخير واصل
ضحكت عليه ثم قالت بعفوية: –
– سمعت مديرك جال ايه روح نام بجى
– تصبحي على خير ياقلبي
قالها نبيل بحنان فأجابته بدلال: –
– وأنت من أهله، متنساش بكرة العشاء عندينا مشان تتفج مع صجر على الفرح.
أردف بحزم وجدية قائلاً: –
– أنسي أيه مستحيل، أنا مستني بكرة بطلوع الروح عشان أحدد الفرح وأتجوز ونخلص
قهقهت ضاحكة عليه ثم أغلقت الخط معه…
دلف إلى غرفته فلم يجدها وضعها الطعام على الطاولة وخرج يبحث عنها في أرجاء الشقة ولم يجدها عاد إلى غرفته فرأها تخرج من الدولاب مُرتدية قميص نوم أحمر طويل وعلى رأسها طاقية بابا نويل وشعرها مسدول على ظهرها ومُبتسمة له أقترب منها بذهول ثم قال بأستغراب من تلك الزوجة المجنونة: –
– أيه اللى عاملة في نفسك دا ياجالان
هتفت بلهجة مرحة ودلالية بينما وضعت يديها على صدره قائلة: –
– happy new year ياقلبي.
ضحك عليها وهو يتفحصها بنظره من القدم للرأس فسألته بصوت دافيء: –
– شكلى حلو يا حبيبي
– كيف الجمر فسماءه
قالها بحنان وهو يطوقها بذراعيه فوضعت قبلة على وجنته بحنان ثم هتفت برجاء ونعومة: –
– ممكن تنسي ضغط الشغل ومشاكله النهاردة
– ممكن ياحبيبتى، أنتى مش جعانة صوح
قالها ثم حملها على ذراعيه فقالت بعفوية: –
– لا خلاص شبعت ههههه
– أنا بجى لسه مشبعتش ومهشبعش غير لما أكل التورتة بتاعتى دى.
هتف بذلك بينما ينزلها على السرير ويداعب خصلات شعرها بأصابعه…
دلف أيمن إلى مكتبه بسعادة وهو يقول: –
– مبروك علينا ياصقر المناقصة وإفلاس شاكر، البنوك حجزت على كل أملاكه بعد ما فلس وخدنا منه الخمس صفقات دول
– الله يبارك فيك بس الفرحة الحجيجية ياأيمن أنى خدت حجى منه وبالجانون، حج ولدى اللى جتله في بطن أمه ومحاولة جتل فريدة ودمارى وكله بالجانون
قالها صقر بينما يجلس على مقعده خلف المكتب بسعادة
– ومبروك كمان جواز فريدة ربنا يتمملها على خير.
قالها وهو يجلس على الكرسي المقابل للمكتب، فأجابه صقر: –
– الله يبارك فيك ياأيمن عقبال ما تفرح بولادك
– الله يخليك، بس اللى محيرنى أنت ليه سبت الزفتة اللى أسمها ألاء دى مع أنك سجنت شاكر والراجل بتاعه
سأله أيمن بفضول، فأجابه بتهكم: –
– آلاء دى أخرها تأخد مبلغ وتروح تقول كلمتين توجع بيهم الناس في بعض، لكن متأذيش ولا توصل لجتل حد وهتعيش حياتها أكدة ومهتتغيرش
– اممم قولتلى بقي.
قالها أيمن بفهم ثم تركه وخرج من المكتب…
في قاعة كبيرة بالقاهرة كان الجميع منتظر ظهور العروسين وكان صقر يقف مع أيمن يستقبل الجميع حتى فتح باب القاعة الآخر ودلف العروسين فكانت فريدة تشبه الحورية فريدة من نوعها في كل شيء وفاتنة بفستانها الأبيض واضعة يدها في يده مُبتسمة بسعادة تغمرها وكأنها تعيش بعالم آخر، وقفت جالان بجوار زوجها ناظرة عليها بفرحة تسكنها وتلك الفتاة العنيدة رغم تمردها تزوجته بالآخر فوضع صقر يده حول كتفها فتشبثت بذراعه الآخر بحب…
تمت بحمدلله

خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇

تعليقات